الحديدة.. قلعة الساحل التهامي في وجه العدوان

أنس القاضي / صدى المسيرة

هذا العدوان الأمريكي السعودي، شاملٌ لكل الـيَـمَـن، ولم يُمْسِ تنوُّعُنا الجغرافي والثقافي والاجتماعي عنصرَ ضُعف كما اشتهى المُعتدون، بل برز عُنصرَ قوة، أظهرت معهُ كُلّ محافظة ومنطقة يمنية طريقتها وسماتها وخصوصيتها في المواجهة، وها هي المناطق الساحلية لا تقل شأناً في المواجهة عن المناطق الجبلية، إذ تُعتبر الحُديدة مِن أهم مُحافظات الساحل التهامي الـيَـمَـني، ومنذ بداية العدوان الاستعماري كانت محطّ أنظار العدو، وكانَ إسقاطهُا يعني إحكام قبضة الحصار وانتصار العدو في معركة التجويع والإفقار، ويعني فتحَ باب لإنزال جنود الغزو والاحتلال والمرتزقة من مختلف جنسيات العالم، إلا أن الحديدة الساحلية التي عُرفت ببساطة وطيبة أهلها، أظهرت من إنْسَـانها البسيط وصيادها بطلاً في المواجهة وجبلاً في التحدي، ولم تُستهدف سواحلُ أي بلد كما استهداف سواحل الحُديدة، التي ركّز المُعتدون على استهداف صياديها؛ لأن قوّتها تكمن في إنْسَـانها؛ ولأن معركتهم مع الإنْسَـان الـيَـمَـني ولو كان بقارب صيد وشباك، وليست فقط مع القوات المسلحة من جيش ولجان شعبية.

 

استهدافُ المنشئات الصناعية

في الأسبوع الأول للعدوان قصفت الطائراتُ الأمريكية مصنعَ الألبان، لتفتتح بمصنع الألبان وميناء ومطار الحديدة، مشروع استهداف القطاع الصناعي الذي كان يتنامى في مدينة الحُديدة؛ لتصنع معاناة إنْسَـانية مرافقة للحصار ولتدفع بالجياع والعاطلين إلا العمل كمرتزقة مع عصابات العدوان، إلا أن هذا لم يكن في الحديدة، فاستمرت الطائرات الأمريكية في استهداف المصانع والمعامل تدميراً للاقتصاد تجويعاً للشعب وانتقاماً من الأهالي الذين أثبتوا صُمُوداً حتى وصلت وحشيةُ المعتدين إلى قصف جزر الصياديّن وقصفهم إلى قوارب الصيد، مُرتكبةً المجازر الوحشية؛ لتثنيهم عن أداء مهمتهم الوطنية ومسئوليتهم الاجتماعية في توفير لقمة العيش لأسرهم وفي وتوفير طعام الأسماك للشعب، وفي عمارة الساحل الـيَـمَـني بالحياة، الذي يُريده المُعتدون منطقة عسكرية خالية من الحياة.

 

هذا وقد قصف المعتدون مخازنَ الأغذية ومصنع البلاستيك في منطقة كيلو 7، كما قصفوا مصنع الثلج بمنطقة كيلو 16، ومصنع درهم للمشروبات الغازية في منطقة المراوعة، واستهدف الغارات مزارع الأبقار والمواشي بمنطقة الكدن بمديرية باجل، كما استهدف العدوان مصنع إنتاج وتكرير الملح، ومصنع شركة العودي للصناعات العامة، ومصانع المياه والمشروبات، وغيرها من المنشئات الصناعية العامة والخاصة، وليست آخر جرائمهم استهداف منشأة راس عيسى النفطية الهامة في مطلع هذا العام، كما تضرر القطاع السياحي من الفنادق والاستراحات في شواطئ الحُديدة، بفعل قصف العدوان لهذه السواحل، وانخفاض القدرة الشرائية.

الحياة مُستمرة

رُغم استهداف طيران العدوان الأمريكي السعودي لوسائل الإنتاج ومصادر معيشة المواطنين في الحُديدة، إلا أن الحياة ما زالت مُستمرة، فما زال القطاع العام الحكومي الذي نجا من القصف يعمل ويستلم الموظفون الحكوميون رواتبهم، وجولة قصيرة في صباح الحُديدة، تشير إلى الحياة بكامل فيضها التهامي، في البوافي والمطاعم والدراجات النارية وحركة السير المزدحمة وجموع الطُلاب الذاهبين إلى المدارس، وخروج الفلاحين إلى مزارعهم، ومداومة بقية العمال العمل في مصانعهم التي لم تُقصف بعد، والتي تضطر إلى أن تضيء الانارات في المساء حتى الفجر مقدمة الحجة ومنبهة العدوان بأن هذهِ منشآت صناعية لا يجب قصفها.

 

الانتصاراتُ الأمنية والحراكُ المجتمعي المقاوم

انتصارات أمنية كبيرة حققتها القوات الأمنية واللجان الشعبية الأسبوع الماضيَ في مداهمة أوكار خلايا تنظيم القاعدة واكتشاف مخازن أسلحة كبيرة كانت مُعدة لإشعال فتيل الحرب في هذهِ المحافظة، هذه الانتصارات الأمنية عكست ارتياحاً شعبياً من قبل أبناء المحافظة وهم ينزعون إلى السلام والعمل والحياة.

 

تشكّلت اللجان الشعبية في الحديدة بعد انتصار ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر وتهرُّب الأطراف السياسية من تنفيذ اتفاق السلم والشراكة، وتمدّد القاعدة، في تلك الفترة كانت مُعظم قوات اللجان الشعبية من خارج المُحافظة؛ نظراً لأهمية الوقت في المحافظة على المحافظة من السقوط في أيدي القاعدة، ولكن الملاحظ اليوم أن معظم اللجان الشعبية في الحُديدة هم من أهالي الحُديدة، تميزهم بشرتهم السمراء.

 

هذا وتشهد الحديدة منذ بداية العدوان حراكاً اجتماعياً فاعلاً في مواجهة العدوان، منذ الوقفات القبلية والشعبية لتفويض قائد الثورة حتى تجهيز قوافل الدعم لقوات الجيش واللجان الشعبية في الجبهات، وكان آخر قافلة النصر المقدّمة من أبناء مديريتي (الحالي _ الميناء _ الحوك) المقدمة للجيش واللجان الشعبية في الجبهات المرابطة في مواقع الشرف والبطولة، يوم أمس الأول الثلاثاء.

هذا واختتمت فعاليات المعرض السنوي للأعمال الفنية والتشكيلية والذي نظّمه مكتبُ التربية والتعليم خلالَ الفترة من 24 يناير – 2 فبراير الجاري تحتَ شعار (معاً ضد العدوان).

وفي الاختتام ألقى القائم بأعمال المحافظ علي بن علي القوزي كلمةً أشاد فيها بدور مكتب التربية والتعليم بالمحافظة وما قام به من أنشطة في المعرض من خلال مشاركة طلاب وطالبات المدارس في المديريات بأعمالهم الفنية التي جسّدت آثار العدوان على بلادنا.. مؤكداً دعمَ قيادة المحافظة لكافة الأنشطة التي تكشف الجرائمَ البشعة التي يرتكبُها عدوانُ التحالف الأمريكي السعودي. وفي سياقٍ مُنفصلٍ سقط شهيدٌ و4 جرحى في غارة على المجمع الحكومي في المدينة وغارة على مطار الحديدة.

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com