من وحي خطاب السيد، الاكتفاء أولاً

|| مقالات || رشيد الحداد

من منطلق الإيمان بمفهومه الواسع ومنظومته المتكاملة، الذي يمثل دافعاً أساسياً للتحرك ولمواجهة التحديات والأخطار، ستتكمن الأمة من الانتقال من حالة الضعف إلى القوة، ومن التبعية الاقتصادية والسياسية والعسكرية إلى القوة والاستقلال، وباعتبار الهوية الإيمانية عنصرا هاما  لشحذ الهمم والتغلب على تحديات ومخاطر واقعنا المعاش في المرحلة الحالية وفق ما جاء في كلمة قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في كلمته الأخيرة التي ألقاها بمناسبة جمعة رجب 1441هـ، فإن الإيمان عنصر قوة وخلاص وحرية، وعاملٌ أساسيٌ لتماسك الأمة، وركيزة أساسية لتصحح وضعيتها، ولتنقذ نفسها من موقع الصعف.

ويضعنا أمام المشكلة الاقتصادية التي تعد مشكلة تراكمت على مدى العقود الماضية بسبب وصاية دول الاستكبار على اليمن وارتهان القرار السياسي للخارج، لتتحول اليمن من عدة عقود من دولة مكتفية ذاتيا من الغذاء، إلى دولة تستورد معظم احتياجاتها الأساسية من الغذاء والدواء والوقود وغيرها من الأسواق الخارجية وفق توجه قوى الاستكبار التي سعت على مدى العقود الماضية من استلاب اليمن قدراتها العسكرية ومنعت الحكومات السابقة الخانعة والموالية لأمريكا زراعة القمح تحت مبرر إذا زرعتم أنتم القمح فلمن نحن نزرع وإن صنعتم أنتم فلمن نحن نصنع،

 وبذلك استلب العدو قدراتنا الاقتصادية وأكتفى بمصادرة خيرات الشعوب العربية برمتها من خلال عقد عدد من اتفاقيات التبادل التجارية والاقتصادي التي بموجبها تستلب أمريكا ومن على شاكلتها من الدول الاقتصادية خيرات الشعوب فتستورد كميات كبيرة من المواد الأولية الخام والأساسية للصناعية بقيمة سعرية متدنية، وتتولى الصناعة والإنتاج ومن ثم تصدرها إلى الأسواق العربية ومنها الأسواق اليمنية لتسويقها فقط، بينما تلك المواد الأولية والخام لو تم صناعتها في الداخل لرفعت مؤشرات النمو الاقتصادي ولاكتفت ذاتيا واستغنت عن التبعية الاقتصادية للأعداء.

من خلال مضمون كلمة جمعة رجب الاخيرة، ركز السيد عبدالملك رضوان الله عليه، على عوامل أساسية لا يمكن تجاوزها للوصول إلى تحقيق الأهداف المرجوة، فدون الهوية الإيمانية لن نتغلب على تحديات واقعنا الاقتصادي ولن نعزز مكامن الضعف بالقوة ولن ننطلق نحو إحداث نهضة اقتصادية من منطلق ‘يماني وديني ووطني، ودون الاكتفاء الذاتي لن نتجاوز التبعية الاقتصادية للخارج وبذلك لم يتحقق الاستقلال.

 فالسيد القائد يؤكد أن الكثير من الحلول لمشاكلنا الاقتصادية تدخل في إطار المفهوم الإيماني الحضاري الذي ينطلق من البناء الداخلي ليعزز عوامل القوة بكل أشكالها وأنواعها من منطلق قوله تعالى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}، فالسيد يضعنا أمام موجهات رئيسية للتحرك نحو بناء الوضع الاقتصادي الداخلي والانطلاق نحو تسخير موارد هذا البلد وإمكانياته لإحداث تنمية حقيقة تعود بخيرها على الوطن والمواطن اليمني، ويضعفنا في الخطاب أمام عدة تساؤلات منطقية عن وصول واقعنا الاقتصادي في بلد يمتلك عناصر الإنتاج الأساسية من موارد  أولية أساسية للصناعة ومن ثروة بشرية كبيرة وقادرة على تحويل تحقيق توازن ردع اقتصادي في ظرف سنوات قليلة في حال ما استشعر الجميع مسئوليتهم أمام أنفسهم ووطنهم وفجروا الطاقات، وانطلقوا بإيمان وثقة بالله نحو تحقيق اكتفاء ذاتي، فاليمن الذي يعتمد على أكثر من 90% من احتياجاته من الأسواق الخارجية ويحتل المراتب الأولى كأفقر دولة في العالم غني بالموارد والثروات ويمتلك فرص متعددة ومتنوعة في مختلف الجوانب الاقتصادية وبإمكانه في حال ما تعاضدت جهود القطاع الخاص وأصحاب رؤوس الأموال مع الجانب الحكومي لبناء الاقتصاد من الداخل وفق خطط واقعية مدروسة، سيحقق المستحيل اقتصادياً.

فالاكتفاء الذاتي لا بديل عنه، فالشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي يقول إن “كمال الإيمان في مجال مواجهة أعداء الله مرتبط به تماماً ارتباطا كبيراً الاهتمام بالجانب الاقتصادي، كون الاكتفاء الذاتي يجعل الامة قادرة على أن تقف في مواجهة اعدائها، ويضع العمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي في قائمة الأولويات، ويضرب في ذلك أكثر من مثال منها أن المدارس والمساجد والكهرباء لو ضربت من قبل العدو سيكون لها بدائل ولن تدفع المواطن إلى الاستسلام مقارنة بأن يستلب العدو لقمة عيشهم.

 

 

قد يعجبك ايضا