الدفاعات الجوية اليمنية .. من المؤامرة إلى تغيير المعادلة العسكرية
موقع أنصار الله || تقارير ||
في عام 1907 أصدر رئيس وزراء بريطانيا وثيقة تتعلق بالشعوب العربية، وتضمنت الوثيقة 3 محاور أولها «تفتيت الدول العربية وعدم توحدها ومنع التكنولوجيا المتقدمة عن الدول العربية وإغراقها فى الجهل، فضلا عن اثارة الفتن الطائفية والنزاعات العرقية وزرع الكيان الإسرائيلى فى المنطقة».
وقد شرعت الولايات المتحدة الأمريكية الى السير في هذا الاتجاه منذ وقت مبكر، حيث شرعت في اضعاف الجيوش العربية وارهاقها في حروب وصراعات وهمية ومنها حروب صعدة الست التي قادها نظام الهالك عفاش في العقد الاول من القرن الحالي تنفيذا للرغبات الادارة الامريكية.
ونجحت الولايات المتحدة الامريكية الى حد كبير في تنفيذ مخططاتها بعدد من الدول العربية ومنها ليبيا، بينما لقيت نفسها عاجزة عن المضي في تطبيق مخططها في اليمن، سيما بعد قيام ثورة 21 سبتمبر التي استطاعت ان تحد من حجم المخطط الامريكي وتجبره على اعادة حساباتها فيما يتعلق باليمن.
ولتوضيح الصورة اكثر حول المخطط الامريكي بشأن اليمن والنتائج التي تمخضت عنه نستعرض لكم في هذا التقرير نماذج من المؤامرات التي حيكت على البلاد ومدى اسهام الادوات الامريكية في الداخل والخارج في تنفيذ مثل هذه المخططات.
والبداية ستكون من الحدث الابرز على الساحة المتمثل بمسار الخيانة الوطنية بتسليم مقدرات البلاد للإرادة الأمريكية، وجديد ذلك كان في المشاهد الجديدة التي بثها الإعلام الأمني حول التدمير الأمريكي الممنهج للدفاعات الجوية اليمنية في الفترة الزمنية الواقعة بين عامي 2007م والعام 2014م .
وتظهر المشاهد قيام وفد عسكري أمريكي بتدمير صواريخ الدفاع الجوي بوجود مسؤولين يمنيين.
وأظهرت الفيديوهات المصورة عمليات التدمير لأجزاء الصواريخ نوع سام 6 بدءاً من تدمير علب التفجير الابتدائية والقبضات الخاصة بالصواريخ.
وشهد موقع الصباحة العسكري غرب العاصمة صنعاء ومواقع أخرى عمليات تجميع وتدمير الصواريخ بإشراف أمريكي.
في غضون ذلك أكد خبراء عسكريون أن مشاهد تدمير صواريخ الدفاع الجوي اليمنية التي أشرفت عليها أمريكا خلال الفترة 2007 – 2014م ، وما قبلها يكشف حقيقة أن العدوان الحالي على اليمن أعد له من وقت سابق من خلال تجريده من قدراته الدفاعية .
وقال الخبير العسكري عبدالله الجفري أن تدمير منظومات الدفاع الجوي، ليس سوى جزء مما تم تدميره من القدرات العسكرية اليمنية.. موضحا أن المشاهد التي بثها الإعلام الوطني هي لصواريخ سام 7 – 14 – 16 وتعرف بمنظومة الدفاع استريلا ولها القدرة على إسقاط طائرة معادية على ارتفاع ستة كيلومترات.
وأشار إلى أن أكثر من 1200 صاروخ من نوع استريلا التي جرى تدميرها، كانت كفيلة بإسقاط ألف طائرة معادية، حيث نسبة الخطاء لها لا يتعدى اثنين في المائة.
وارجع الجفري سبب رضوخ النظام السابق لمثل هكذا إملاءات أمريكية إلى تمسكه بالسلطة.
فيما أوضح الخبير العسكري خالد غراب أن تدمير هذه الصواريخ دليل جديد على أن العدوان على اليمن هو عدوان أمريكي بامتياز وتم التخطيط له منذ وقت مبكر، من خلال استهداف قدراته في الدفاع الجوي الأولى أشرف على تدميرها عمار صالح، والثانية احمد علي في معسكر الصباحة 2007 – 2014.
وأشار إلى أن تدمير هذه الصواريخ كشف سعي أمريكا إلى تجريد اليمن من قدراته العسكرية خصوصا في الدفاع الجوي.
ولفت إلى أن الأمريكيين كانوا يقرأون المشهد اليمني انه عند دخولهم اليمن سيكون مرتعا لهم لممارسة إجرامهم باستخدام الطيران خصوصا الآباتشي، لكن الوضع الأن مختلف حيث وجدوا نظاماً مختلفاً استطاع أن يعيد بناء قواته .
بدوره أوضح الخبير العسكري العميد أمين حطيط، أن ما نشر من مشاهد تدمير للسلاح اليمني، يؤكد أن أمريكا أرادت إضعاف اليمن ليسهل احتلاله.. مشيرا إلى أن صواريخ استريلا سلاح دفاعي لا يشكل خطرا على أمريكا، وما حصل هو تهيئة لما يحصل الآن من عدوان على اليمن.
في حين رأى الخبير العسكري اللواء محمد عباس أن أمريكا كانت على قناعة أن النظام السابق لن يصمد وقد يسقط في أي وقت فكان خوفها أن يصل السلاح إلى يد نظام يوظفه لصالح الشعب اليمني، وبالتالي تفقد سيطرتها على اليمن، فسارعت إلى تدمير القدرة العسكرية لليمن .
ويتضح من خلال المشاهد مدى دور نظام صالح ومن بعده حكومة الإخوان في اضعاف القوات اليمنية والتمهيد لاحتلال اليمن تحت حجج وذرائع واهيه سبق للشهيد القائد حسين بن بدرالدين الحوثي وأن تطرق اليها في العام 2002م وكذلك تحذيرات السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، بشأن استمرار التآمر الأمريكي على مقدرات اليمن الدفاعية وجيشه لسنوات بتواطؤ وخيانة النظام السابق وأنها كانت تستهدف في مرحلة لاحقة الصواريخ الباليستية قبل أن تمنعها ثورة 21 سبتمبر 2014م.
.
دحض المبررات
وامام ما تم عرضه من مقاطع فيديو لم يكن من خيار امام أزلام النظام السابق، الا الخروج بتصريحات متناقضة منها ما جاء المرتزق العميد صادق دويد المقرب من نجل الهالك عفاش بقوله : أن مشاهد الفيديو التي عرضت توثق عملية رسمية لإتلاف صواريخ سام محمولة على الكتف، قامت الدولة بسحبها من أسواق السلاح وشرائها من القبائل في إطار حملة معلنة لمكافحة انتشار الأسلحة ومنعا لوصولها إلى العناصر الإرهابية وخطر استخدامها في استهداف الطائرات المدنية» حسب زعمه
لكن مقاطع الفيديو لعمليات تدمير صواريخ متنوعة للدفاعات الجوية اليمنية بإشراف خبراء أمريكيين وحضور مسؤولة مكتب إزالة الأسلحة في وزارة الخارجية الأمريكية، تظهر أن تدمير الصواريخ كان مؤامرة ممنهجة بخيانة من مسؤولي النظام السابق، واستمرت على مراحل متتابعة امتدت على مدار عشرة أعوام، بدءا من مباشرة أمريكا في جمع وإتلاف الصواريخ في أغسطس 2004م بحضور المرتزقة عمار صالح، وحتى عمليات التدمير التي وثقت مقاطع الفيديو الجديدة تنفيذها في 2014م.
مقدمات العدوان
ويربط الكثير من المراقبين والخبراء مسألة تدمير الدفاعات الجوية وارتباطها بالعدوان الحاصل على اليمن ، حيث استهدفت امريكا من خلال المرحلة الاولى تدمير الجيش اليمني وحرمانه من اي قدرات عسكرية.
وقد شارك السفير الأمريكي في اليمن خلال الأعوام (2011 – 2013) جيرالد فايرستاين، في الاشراف المباشر على ما سمي «إعادة هيكلة الجيش والأمن في اليمن» وهو ما يتضح من خلال تصريحه بأن «الولايات المتحدة الأمريكية تتولى هذه المهمة ضمن جهود رعايتها اتفاق المبادرة الخليجية ودعم العملية الانتقالية وبناء اليمن الجديد» حسب زعمه.
والاهم من ذلك ان المشاهد تظهر جانبا مهما من مقدمات العدوان على اليمن وبأن الدور الأمريكي في هذا العدوان يأتي في الأساس، وأن شواهد ذلك تتجاوز الإعلان عن بدء شنه من العاصمة الأمريكية واشنطن، إلى التآمر والتخطيط والإشراف والتنفيذ عبر أدواتها في المنطقة من الدول المنضوية في تحالف العدوان، والذي انكب في ساعاته الأولى على تدمير ما تبقى من مقدرات القوات الجوية والدفاع الجوي، والإجهاز عليها.
ولا ينسى اليمنيين الاستهداف المباشر الذي طال القوات الجوية اليمنية خلال (2011-2014م)، عبر استهداف حافلتين لمنتسبي القوات الجوية بعبوتين واغتيالات لطيارين، وإسقاط 4 طائرات «سوخوي-22» وطائرة «ميغ-21» وطائرتي «أنتونوف-26» ومروحيتين عسكريتين، في تعز وأرحب ومارب وقاعدة العند في لحج ووسط 3 أحياء سكنية في العاصمة صنعاء، بجانب تفجير 3 طائرات «سوخوي-22» وطائرة “نورثروب “F-5 وإحراق مروحية «ميل مي -17» في مرابضها بقاعدة الديلمي في صنعاء.
ووفقا لمساعد متحدث القوات المسلحة اليمنية، العميد عزيز راشد فإن «اليمن قبل 2015 لم تكن لديه دفاعات جوية متطورة، وجميعها كانت دفاعات جوية تقليدية قديمة، منها سام2 وسام6، وسام7، وغيرها من الأسلحة». مُضيفا في تصريح لوكالة «سبوتنيك» الروسية مطلع ديسمبر الفائت: «وقد دمرت قبل بدء العدوان، فتم تدمير 3000 صاروخ إستريلا( SA-7) و1500 صاروخ سام 2 في باب المندب بإشراف نائب وزير الدفاع الأمريكي، تحت مسمى هيكلة الجيش اليمني، وبمشاركة الخبراء الأردنيين في حينها والأمن القومي اليمني».
فشل المخطط الامريكي
غير انه ورغم ما تم تدميره من دفاعات جوية ورغم الحرب المفروضة على اليمن من قبل دول التحالف بقيادة أمريكا والسعودية الا أن ابطال الجيش واللجان استطاعوا أن يوجدوا منظومة دفاع جوي جديدة ومنظومة صواريخ وطيران مسير استطاعوا من خلالها تغيير معادلة الحرب المفروضة على اليمن وتتحول من دولة مدافعة الى دولة مهاجمة .
ووفقا لمتحدث القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع، فقد نفذت الدفاعات الجوية اليمنية 403 عمليات تصد واعتراض ناجحة لطائرات العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي المتنوعة بينها F15 و F16 و F15 SA و فانتوم وتورنادو وتيفون وميراج، أجبرتها على مغادرة الأجواء اليمنية، علاوة على ما نجحت الدفاعات الجوية في إصابتها وإسقاطها منها، ومن الطائرات العسكرية المروحية من طراز أباتشي وغيرها. منوها أن من بين هذه العمليات « 237 عملية تصدٍ واعتراض لطائرات العدوان وإجبارها على مغادرة الأجواء خلال 2019».