دخول الإمارات “حرب النفط” يرتد عليها بخسائر قياسية
|| أخبار عربية ودولية ||
تكبدت أسواق البورصة لدولة الإمارات خسائر قياسية بعد يوم من إعلانها استعدادها لزيادة إمداداتها من النفط ضمن حرب الأسعار الحاصلة بإيعاز أمريكي بين المملكة العربية والسعودية وروسيا.
فقد هوت أسواق الإمارات عند الافتتاح اليوم الخميس، بنحو 6%، في هبوط غير مسبوق منذ عدة سنوات ما ينذر بتصاعد أزمة اقتصاد الدولة التي تعاني الأمرين منذ سنوات.
وهبط سوق دبي المالي في بداية التعاملات بنحو 8% فاقداً مستويات 2100 نقطة ومتراجعاً لأدنى مستوى في نحو 7 سنوات.
كما هبط سوق أبوظبي بنحو 6% في الدقائق الأولى ليفقد مستويات 4000 نقطة، ويتراجع لأدنى مستوى في نحو 4 سنوات، بحسب الموقع.
والأرقام تعبر عن نفسها، لا يوجد أي عامل عالمي إيجابي إطلاقاً يساعد الأسواق في المنطقة وخصوصاً الإماراتية، كل الأمور تنعكس ضد الأسواق وضد حركة المؤشرات.
وجاء إعلان الإمارات انحيازها للسعودية في حرب تحطيم أسعار النفط مع روسيا ليعزز التكهنات بأن هذه الحرب هي جزء من استراتيجية أمريكية واسعة لمحاربة روسيا اقتصادياً، وليس مجرد عناد بين الرياض وموسكو، أو اختلاف تكتيكي في المواقف.
وأكّدت الإمارات أمس أنّها على استعداد لزيادة إمداداتها من النفط بنحو مليون برميل يومياً في أبريل المقبل، وذلك في خضم حرب تحطيم أسعار النفط بالمملكة وروسيا على خلفية فشل اتفاق لخفض الإنتاج.
وقالت مجموعة “أدنوك” الحكومية في بيان إنها “تمتلك إمكانية إمداد الأسواق بأكثر من أربعة ملايين برميل يومياً في أبريل المقبل”، أي بأكثر من مليون برميل من معدل الإنتاج اليومي الحالي، كما ذكرت الشركة أنّها “تعمل على تسريع التقدم نحو هدفنا بالوصول إلى سعة إنتاجية تبلغ خمسة ملايين برميل يومياً”.
وجاء الإعلان عن الاستعداد لزيادة الإمدادات النفطية الإماراتية بعد يوم من إعلان السعودية، أكبر مصدّر للنفط في العالم، زيادة إنتاجها بشكل كبير إلى 12,3 مليون برميل يومياً، في أبريل، من مستوى 9,8 مليون برميل الحالي. وتأتي الخطوة الإماراتية لتدعم موقف السعودية في حرب الأسعار التي تخوضها مع روسيا، عبر زيادة الإمدادات في الأسواق المشبعة بالخام.
وقررت أرامكو عملاق النفط السعودي، زيادة الإنتاج في وقت تشهد فيه الأسعار العالمية هبوطاً غير مسبوق منذ 16 عاماً، وبلوغها مستويات الـ30 دولاراً للبرميل الواحد، مع فشل صفقة تحالف أوبك ومغادرة روسيا لتجمع أوبك بلس.
وتوازي كميات النفط الإضافية التي ينوي الحليفان ضخها 3.6% من الإمدادات العالمية، وستدخل السوق في وقت من المتوقع أن ينكمش فيه الطلب العالمي على الوقود للمرة الأولى في عشر سنوات تقريباً، بسبب تفشي فيروس كورونا.
اللافت في موقف الإمارات هو فجاجة الإعلان بطريقة تشبه أجواء الحرب، بحسب خبراء ومحللين. فإذا كان الانحياز الإماراتي للرياض ليس غريباً في ضوء تحالف البلدين في العديد من الصراعات في المنطقة، فإن اللافت هذه المرة أن أبوظبي تصطف إلى جانب الرياض ضد موسكو.
إذ تعتبر الإمارات أقوى دول الخليج علاقة بموسكو، وهي علاقة بدأت قبل التنسيق الروسي مع أوبك، وقبل تعزيز العلاقات بين السعودية وروسيا قبل تدهورها الأخير.
ويشير الموقف الإماراتي الحاد والسريع إلى أن الدافع من وراء حرب تحطيم الأسعار السعودية أكبر من مجرد عناد سعودي أو غضب من موقف بوتين الرافض للتنسيق مع الرياض.
إذ إن حرب أسعار النفط، حسب تقارير غربية، ترتبط بخطط أمريكية ضد خصومها مثل إيران المحاصرة وفنزويلا المفلسة، والأهم روسيا المهيمنة على أسواق الطاقة الأوروبية.
وفي هذا الصدد تقول رولا جبريل، الأستاذة الزائرة بجامعة ميامي الأمريكية ومحللة شؤون السياسة الخارجية، في مقال نشر بمجلة Newsweek الأمريكية، العلاقة وثيقة بين محمد بن سلمان وآل ترامب، لدرجة أن أعداء ترامب هم أعداء محمد بن سلمان والعكس.
ودخول الإمارات لهذه الحرب قد يؤشر إلى أن الأمر أكبر من السعودية، بل إن الأمر تم بإيعاز أمريكي.
فالتحالف الإماراتي السعودي ليس بالقوة التي تجعل الإمارات تدخل في خصومة نفطية مع موسكو، خاصة أن أبوظبي تركت الرياض عالقة في كثير من الأزمات مثلما فعلت بانسحابها من اليمن.
ويبدو التحرك الإماراتي جزءاً من استراتيجية أمريكية لمحاربة إمبراطورية الطاقة الروسية.
وفي الوقت ذاته فإن الثمن الذي ستدفعه أبوظبي كعادتها محدوداً، إذ أن الإمارات قد تكون واحدة من أقل الدول المنتجة للنفط تضرراً من انخفاض الأسعار، لأنها تمتلك واحداً من أكبر الصناديق السيادية في العالم، وعدد سكانها أقل كثيراً من السعودية وروسيا بطبيعة الحال.