الهروب إلى الجحيم
بقلم / حمدي دوبلة
لا تستغربوا إذا أطلً عليكم أحمد عسيري عبر قناة الحدث ليعلن أن قيادة السعودية قررت تنفيذ ضربة عسكرية خاطفة لروسيا تحت مسمى عاصفة الثلوج أو زلزال الجليد أو رعود سيبيريا وما إلى ذلك من المسميات المدوية التي دأب النظام السعودي لإطلاقها على مغامراته الفاشلة وحرائقه التي يشعلها هنا وهناك دون أن تكون له المقدرة على إخمادها أو السيطرة عليها.
وما الذي قد يكون مدعاة للاستغراب أن فعلها عسيري وقد أراد له حظه البائس أن يكون ناطقا باسم هذا الكيان العدواني غريب الأطوار والذي يتخبط يسرة ويمنة بأداء سياسي وعسكري قد يكون الأفشل والأكثر عجزا ورعونة في التاريخ الإنساني قديمة وحديثه.
فعلا نحن أمام عدو عاجز وفاشل لكنه ارعن ومغرور وقد رأى على ما يبدو في نهج الهروب إلى الأمام والقفز على المراحل سياسة ملائمة وهو يحاول يائسا التغطية على فضائحه وانتكاساته المتتالية فمضى وعلى نطاق واسع يمارس التضليل والكذب على نفسه وعلى الآخرين.
حين أخفق في الدخول إلى ميدي والمخا الساحليتين راح يطرق شواهق نهم وصرواح ولما عجز عن الوصول إلى قريتي الشريجة وكرش والاقتراب إلى تعز راودته أحلامه المريضة باقتحام صنعاء واعتلاء جبالها الشامخات وحين انكشف ضعفه وهوانه في اليمن مضى يتحدث عن إرسال جنوده و”بواسله” إلى سوريا للإطاحة برئيسها ولم يشعر بشيء من الخجل وقد رأى العالم بأسره هشاشة وضعف جيشه وعجزه عن حماية وتأمين حدوده فإذا به ينصب نفسه حاميا للأمة العربية ووصيا عليها ومدافعا أمينا عن هويتها الأصيلة ليفاجئنا بعد ذلك بقرار تخليه عن لبنان ويكثر المن والأذى بما يقدمه لها من صدقات ومساعدات ليدفع هذا البلد العربي الصغير إلى دائرة الحاجة ويعرضه إلى المزيد من الابتزاز وتجاذب الاستقطابات الإقليمية التي لطالما تشدق هذا النظام الأهوج بمواجهتها والحد من نفوذها في المنطقة.
نعم هناك من المحللين السياسيين من يرى بأن النظام السعودي لم يعد يمتلك الكثير من الخيارات للخروج من المأزق التي ادخل نفسه فيها خاصة وان الغرور والكبر والخيلاء المهيمنة على عقول حكامه المراهقين ترفض عليه التحلي بشجاعة الاعتراف بالحقيقة المرة وتقديم الاعتذار للشعب اليمني والانصياع لمتطلبات إرساء أسس سلام حقيقي بين البلدين وتحمل تبعات ما أنتجته حماقاته من قتل وتدمير لمقومات هذا البلد لذلك فليس من خيار أمامه إلا مواصلة الهروب إلى الأمام في اتجاه الهاوية السحيقة وإلى الجحيم المحتوم يحدوه في ذلك بصيص أمل كاذب بإمكانية مصادفة نصر تائه أو مخرج لائق قد تحمله صدفة زمانية عارضة وهو يخوض هذا الدرب المحفوف بالمخاطر المحدقة والنهايات السوداء المحققة.
رمتني بدائها وانسلًت
في صورة حية للمثل العربي القديم ”رمتني بدائها وانسلًت” يطل علينا من حين لآخر زملاء إعلاميون ممن باعوا أنفسهم للشيطان وممن يسكنون الفنادق في الرياض وغيرها من عواصم دول العدوان وإذا بهم يوجهون إلى زملائهم في الداخل ممن ارتأوا الانحياز إلى الوطن وشعبه في مواجهة هذه المحنة أنواعا من الشتائم والاتهامات ببيع أقلامهم وضمائرهم لما يسمونه “المليشيات الانقلابية” وإلى غير ذلك من التخرصات والأراجيف الباطلة ..ولهؤلاء نقول لسنا مجبرين على الرد والتوضيح فأنتم أول العارفين بأن الأصوات الإعلامية والأقلام الشريفة التي تدافع اليوم عن اليمن في وجه هذا العدوان الغاشم وتكافح بأقل الإمكانيات ضد آلته الحربية الإعلامية المهولة بل وتتفوق عليه في أحيان كثيرة باعتراف العدو نفسه تعيش في شظف العيش وقسوة الحياة وتعلمون جيدا بأني وأمثالي الكثير والكثير من زملاء الحرف والكلمة الصادقة نعاني الأمرين لتوفير أدنى متطلبات الحياة اليومية ولم نعد نحصل حتى على القليل من مستحقاتنا ولا نمن على الوطن أبدا فشأننا في ذلك شأن الشعب اليمني قاطبة والذي وجد نفسه أمام عدوان غاشم وحصار حاقد لا يرحم صغيرا ولا كبيرا.. ونجدها فرصة سانحة في هذا الصدد لنذكر مسؤولي المؤسسات الإعلامية الوطنية بالحديث الشريف الذي يقول في ما معناه “أعطوا العامل حقه قبل أن يجف عرقه” والله المستعان على ما تصفون.