إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
موقع أنصار الله | من هدي القرآن |
إذا كنا لا نفهم إلا نمطاً معيناً من ضنك المعيشة فالله يخبرنا بأنه: {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} يستطيع أن يجند أيّ شيء، ولو فيروس معين يجعل حياتك ضنكا. يحصل تلقائياً، عندما تبنى الحياة في جانب معين، ولا يسير الناس على هدي الله في مختلف الجوانب الأخرى، تتحول حتى هذه المظاهر إلى عذاب، ما الله قال هكذا عن الكافرين؟ {فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}؟ ما معنى هذا بأن بالإمكان أن يكون ما بين يديك وسيلة عذاب لك، إذا كان ما بين يديك قد يكون وسيلة عذاب لك فهو من مظاهر الحياة الضنكا، والمعيشة الضنكا.
لأن هذه حقيقة لا يمكن أن تتخلف، وعندما ترجع فعلاً إلى إحصائيات عن دول الغرب التي هي مترفة، ترجع إلى ما كتب عن دول الغرب هذه، عن واقعهم كناس، وليس عن واقع البلدان كبلدان، البلدان ترى فيها المصانع، ترى فيها البنايات الضخمة، ناطحات السحاب، ترى فيها الشوارع الجميلة، الحدائق الجميلة، ترى فيها مختلف الأشياء المنتجة، لكن ليست هذه وحدها هي الحياة، ليست هي وحدها المعيشة، وإلا لعاش الناس سعداء لمجرد وجودها، لمجرد وجودها لا تجعل الحياة سعيدة، هناك أشياء أخرى تجعل حياة من أعرض عن ذكر الله ضنكا، سواء ما كان بشكل عقوبة تأتي من قبل الله سبحانه وتعالى، أو بما كان على شكل أنهم ساروا على غير هدي الله، فكانت النتائج على هذا النحو الذي يشقيهم.
لأن المطلوب هو عمارة الدنيا، لكن على نحو من الصلاح، يترافق معه عمارة النفوس، زكاء النفوس وطهرها، وعمارة الحياة، عمارة الدنيا، فلتكن هناك ناطحات السحاب، وليكن هناك مختلف الأشياء من مظاهر ما هو متوفر في هذا العصر، يترافق معها زكاء في النفوس، نفوس زاكية، نفوس طاهرة، مجتمع صالح، هنا تحصل الحياة السعيدة فعلاً، الحياة السعيدة فعلاً تحصل.
ظهر في هذا العصر أمراض خطيرة فتاكة لم تظهر في الزمن الأول، من أين تأتي؟ أليست تأتي كلها من هناك؟ أمراض [الأيدز]، وانتشار السكر، وكل مرة يظهر مرض من هذه الأمراض، قد يكون فيروس، أو جرثومة صغيرة جداً جداً فتفتك بهم، وتقلقهم، وتحول حياتهم إلى قلق، وتعاسة.
إذا كان الله يخبرنا بأنه من الممكن أن يكون ما بين يديك من مال، وإن كان يبدو في الصورة، وتبدو أمام الآخرين وكأنك سعيد، يمكن أن يجعله الله عذاباً لك في الدنيا، الآية صريحة: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}.
نحن إذا عدنا إلى القرآن نفهم من خلال القرآن بأن كل من يعرض عن ذكر الله سيعيش معيشة ضنكا، ويحشر يوم القيامة أعمى، فالإيمان بأن هذه حقيقة، حقيقة لا تتخلف هو المطلوب من المتقين، وإن كنا قد لا نفهم كيف سيكون شقاء هذا، وشقاء هذا، وشقاء هذا، وشقاء هذا. وعلى أساس هدي الله تكون الحياة سعيدة، ويكون المجتمع صالحاً، ويعيش عيشة سعيدة.
إذا عاش الناس معيشة ضنكا فمعنى هذا أن هناك خللاً من قبل أنفسهم، وعلى أيديهم، سببه أنهم معرضون عن ذكر الله، فتبدو هنا المسألة، المعرض عن ذكر الله عملياً، ويفسد بيده، والمعرض عن ذكر الله الذي لم يتحرك ليقطع يد المفسد، والذي لم يسر على هدي الله في قطع يـد المفسد، فيشتركون جميعاً؛ لهـذا يأتي يوم القيامة – الذي يبدو من خلال الآيات – أن أهل النار يكونون كثيرين جداً جداً، من مختلف الأجيال.
لهذا يأتي الخطاب للناس يوم القيمة: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ}(يس60) كأنه يخاطب المحشر بكله، كأنه يخاطب البشر كلهم في المحشر: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلّاً كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ}(يس61- 62) من أين هذا؟ من الذين يضلهم الشيطان فيتحولون إلى عبَّاد للشيطان، سواء ممن كان يعبد الشيطان تحت اسم دين، ومن ديانات الله، فهو يُضِل، يَضل ويُضل باسم الدين، باسم الإسلام، بعد ما جاء رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، أو باسم دين موسى، أو باسم دين عيسى، أو باسم أي دين يأتي على أيدي أنبياء الله.
والضلال خطير جداً، الضلال يأتي أشياء بسيطة، لاحظ كيف ذكر الله عن الشيطان بأن عمله يتمثل في ماذا؟ أليس في وسوسة؟ وسوسة، لكن الوسوسة هذه تعمل عملها، الضلال، الضلال يأتي بوسائل تبدو وكأنها عادية، وبسيطة؛ لأن وسائل الضلال هي تتجه إلى النفوس، أليس إلى النفوس؟ تغيير النفس، إضلال النفس سهل، تكون بوسائل وسوسة، وأشياء من هذه، لكن تترك أثراً كبيراً، فيتحول الإنسان هذا بطاقاته، يتحول [إلى ضال مضل].
[الإنسان لا بد أن] يكون حذراً جداً من الأخطاء، أخطاء تخلق انحرافاً عقائدياً هناك واضح، أو أخطاء تخلق نوعاً من الجمود، والقعود والإبتعاد، والتعامل مع الباري على نحو من الخداع، وفهم خاطئ للدين، وللحياة، ولليوم الآخر، وللجنة، وللنار، هذه تحصل، سواء من قبل الشيطان، والشياطين، بسوء نية، وتحصل أيضاً بعضها بحسن نية.
المسألة أن الله لم يترك هذه القضية للناس أنفسهم، هو الذي رسم الهدى، وتمثل هداه في القرآن، هو الذي رسم الهدى، من يحاول أن يفكر أن المسألة مفتوحة لا بد أن يقع في ضلال، هناك في الحديث ألم يقل: (ومن ابتغ الهدى في غيره أضله الله) طيب: الذي يبتغي الهدى أليس معناه أنه يبحث عن الهدى؟ يعني: ما عنده حسن نية هو أن يهدي نفسه، ويهدي الآخرين؟ لكن المسألة ليست هكذا على ما تفصلها أنت، أو على حسب ما يقتضي نظرك، أو على حسب ما ترى، أو.. أو… الخ، لا، القضية مرسومة تحرك في إطارها، تمشي على هداه، وتهدي (ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله) بعد عدة فقرات في هذا الحديث يقول: (ومن دعا إليه – أي إلى القرآن الكريم – فقد هدى إلى صراط مستقيم).
دروس من هدي القرآن الكريم
محاضرة فَإِمَّا يَأتِيَنَّكُمْ مِنِّيْ هُدَىً
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
اليمن – صعدة
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام