مديرية الحزم بعد التحرير.. من فوضى الارتزاق إلى السكينة والأمان

 

|| صحافة ||

شكّلت عمليةُ “فأمكن منهم” التي نفّذها مجاهدو الجيش واللجان الشعبيّة بمحافظة الجوف تحولاً استراتيجياً لصالح القوى الوطنية، فقد حُرّرت كافة المحافظة باستثناء الأجزاء القليلة جِـدًّا منها.

ويقولُ محافظ الجوف أبو يحيى المراني: إن قبائل المحافظة ساهموا بفاعلية في عملية تحرير مديرياتهم من قوى المرتزِقة، موضحاً أن القيادة السياسية تواصلت بالقبائل وأعطتهم الأمان مقابل عدم التعرض للمجاهدين أثناء مرروهم في المحافظة.

ويؤكّـد المراني أن “معظمَ مشايخ الطرف الآخر استجابوا للمبادرة التي أطلقتها القيادة السياسية والتزموا منازلَهم أثناء عملية التحرير.

لحظة تحرير الحزم

يقول المجاهد أبو علي عزان أحمد وهو أحد أبطال عملية “فأمكن منهم”: إن المدة الزمنية التي استغرقت لتحرير كافة مديريات المحافظة كانت حوالي أربعين يوماً.

ويضيف عزان “للمسيرة” أن المجاهدين قاموا بالضغط العسكريّ على المرتزِقة بعد تحرير مفرق الجوف وذلك من خلال اقتحام المواقع التي كانوا يتحصنون بمديرية الغيل وأدى ذلك إلى تطهير كافة المديرية ومقتل نجل محافظ الجوف الموالي للفارّ هادي صادق العكيمي، الأمر الذي أحدث إرباكاً في صفوف المرتزِقة وأفقدهم توازُنَهم في مختلف جبهات المحافظة.

ويزيد عزان بقوله: المجاهدون هاجموا بشراسة لمدة 38 يوماً، تمركز المرتزِقة في جبهتي الجروف وتبّة القنّاصين بمديرية الغيل، وقد فر المرتزِقة من تلك المواقع بعد مصرع وجرح العديد منهم واغتنام أسلحتهم.

وعلى إثر المواجهات الشرسة التي خاضها مجاهدو الجيش واللجان الشعبيّة بمديرية الغيل، انكسرت قوى مرتزِقة العدوان في جميع جبهات المحافظة وَبعد تحرير مديرية الغيل تطهرت مديرياتُ المصلوب والخلق والحزم مركز المحافظة خلال 12 الساعة، كما يقول المجاهد عزان.

 ترسيخُ الأمن

دخل المجاهدون إلى مديرية الحزم مركَز محافظة الجوف، ولم يكن هَمُّهم نهبَ الممتلكات وتدمير البيوت كما هو حال المرتزِقة، وإنما كانت خطوتُهم الأولى تتمثلُ في بسط الأمن وتأمين حياة الناس.

ويقول المسؤول الأمني بمديرية الحزم أبو مالك المراني: إن قرار العفو العام الذي أطلقته القيادة السياسية جعل المواطنين المتواجدين بتلك المديريات يتعاونون بشكل كبير مع المجاهدين، الأمر الذي أَدَّى إلى تحرير تلك المناطق بخسائرَ قليلة جِـدًّا، مؤكّـداً أن المجاهدين لم يعترضوا أياً من المواطنين الذين مكثوا في منازلهم.

ويؤكّـد المراني لصحيفة “المسيرة” أن الأجهزة الأمنية في مختلف المناطق المحرّرة بالمحافظة أمّنت المواطنين بمختلف شرائحهم وحافظت على ممتلكاتهم، وَأن السلطة المحلية شكّلت لجنةَ عمليات لتلقي شكاوَى المواطنين وحلها.

ويضيفُ المراني أن الأجهزةَ الأمنيةَ تمكّنت من القبضِ على مجموعةٍ من اللصوص الذين كانوا ينهبون منازل النازحين، داعياً المواطنين إلى التعاون مع الأجهزة الأمنية والإبلاغ عن أية حركة مشبوهة في المدينة.

 

 أخلاقٌ عاليةٌ للمجاهدين

وخلال الأيّام الأولى من تحرير مدينة الحزم، فوجئ سكانُ المدينة بالأخلاق العالية للمجاهدين والمختلفة كلياً عن أخلاق المرتزِقة.

ويقول المجاهد خالد شجاع -أحد أبطال عملية “عملية فأمكن منهم”-: إن أبناء الجوف ضاقوا ذرعاً من تعامل العدوان وأدواته، وأساليبهم المستفزة، المتمثلة في اختطاف النساء وغيرها من الأعمال السيئة.

 

ونتيجةً لهذه الأعمال غير الإنسانية، يؤكّـد شجاع أن أبناء الجوف تواصلوا مع أبطال الجيش واللجان الشعبيّة، مطالبين المساندة، وأن الكثيرين ممن تورّطوا في جرائم مع العدوان مكثوا في منازلهم بعد تحرير الجوف ولم يغادروها.

ويواصلُ شجاع بقوله: “رغم جراحنا وآلامنا التي صنعوها خلال السنوات الماضية إلّا أننا لم نضايقهم بشيء، فنحن نتحَرّك وفق مشروع قرآني يحتم علينا الوفاءَ بالعهد والعفو عند المقدرة”، مُضيفاً بقوله: “قبائل همدان الموالون للعدوان -الذين حكموا الحزمَ قبل تحريرها وكانوا يقومون بتعذيب المجاهدين من أبناء المحافظة ويشردون- أسرهم استفادوا من قرار العفو العام وَمكثوا في منازلهم”.

ويتذكر شجاع الأيّامَ الأولى من تحرير مدينة الحزم، مؤكّـداً أن الأسواق كانت خاليةً من حركة المواطنين وتعطلت المنشآت وظل الهدوء يحكم المدينة لبضعة أَيَّـام، لافتاً إلى أن المجاهدين التزموا بعدم التعرض لأي مواطن، وكانوا يتعاملون مع الجميع بأخلاق رفيعة، الأمر الذي كسر حاجز الخوف لدى المواطنين وجعلهم يتوافدون إلى الأسواق والمساجد والمنشآت وغيرها.

ويؤكّـد شجاع أن عدداً من المواطنين “الذين ذهبوا إلى مأرب تاركين منازلهم؛ خوفاً من الجيش واللجان عادوا إلى منازلهم بعد تيقنهم من أن المجاهدين لم يعترضوا لأيٍّ من المواطنين الذين بقوا في مساكنهم”، مُضيفاً أنه وبعد مرور أسبوع من تحرير الحزم أصبحت المدينة مكتظةً بالسكان وعاد غالبية أبنائها، باستثناء بعض قيادات المرتزِقة الذين تركوا عوائلَهم في المدينة وفروا إلى مدينة مأرب.

 

فرحةٌ مجتمعيةٌ بدخول المجاهدين

 

لقد أَدَّى دخولُ المجاهدين إلى مدينة الحزم وتأمينُها إلى اطمئنان المواطنين وبث السعادة في قلوبهم.

ويشخّص مديرُ مطعم الراسني محمد محمود الوضعَ في الحزم بعد تحريرها، مؤكّـداً أنه أفضلُ بكثير من الماضي وذلك من خلال تزايد حركة البيع والشراء وانخفاض الأسعار، موضحاً أن اليقظة الأمنية جعلت إدارةَ المطعم تفتحُه باستمرار وعلى مدار الساعة.

أما مقطري الشرعبي -أحد العمال بالمطعم- فيقول: إن دخول المجاهدين لم يؤثر على حركة البيع والشراء في المدينة، بل إن أجور العمال تحسنت إلى الأفضل وأصبح الأمن أفضل بكثير من الماضي، داعياً كافة أصحاب المحلات التجارية والمواطنين بالعودة إلى المدنية وفتح محلاتهم التجارية.

ويشير المقطري إلى أن مرتزِقة العدوان أثناء تواجدهم بمدينة الحزم عمدوا إلى استفزاز المواطنين ونهب ممتلكاتهم تحت ذريعة خدمات التأمين والتحسين، ناهيك عن الأمنيين الذين سرقوا عدداً من المواطنين أثناء مرورهم في نقاط التفتيش.

من جانبه، يقول المواطن محسن علي من سكان مدينة الحزم: إن مرتزِقةَ العدوان كانوا يفرضون على المواطنين في النقاط دفعَ مبالغَ رمزية؛ وذلك تحت ذريعة حق خدمات التأمين، وأنهم كانوا يأخذون عليهم مبالغَ للتحسين، وهذا كله يتحمله المواطنون.

ويضيف محسن أن المجاهدين حين حرّروا المحافظة لم يفرضوا أية رسوم أَو مبالغَ مالية على المواطنين بعكس المرتزِقة تماماً، موضحاً أن المرتزِقة كانوا يسلبون المواطنين في النقاط أمام مرأى ومسمع الناس، ومن كان يطالب بإرجاع ما تم سلبه يتم حبسه واتّهامه بالعمالة للحوثي.

 

مؤكّـداً أن أيَّ مواطن كان يطالب بإرجاع ما تم سلبه في تللك النقاط كانوا يقومون بحبسه واتّهامه بأنه عميلٌ “للحوثي” كما يقولون.

ويشير محسن إلى أن أحدَ جيرانه مر بالنقطة الأمنية في منطقة السلمات وبحوزته مبلغ (5) ملايين ريال، وطلب منه الأمني النزولَ من السيارة لتفتيشها وسرق مليونين من ذلك المبلغ، موضحاً أنه جاره فوجئ أن مالَه قد سُرق منه ما يقارب النصف بعد وصوله إلى المنزل، مؤكّـداً أن قطاع الطرق كانوا يتواجدون في الخط الرئيس المؤدي إلى مأرب وكانوا يهاجمون المواطنين وينهبونهم في ظل غياب الأجهزة الأمنية.

ويزيد محسن بالقول: كانت الأسواق تشهد فوضى أمنية وأكثر الأوقات يفتتن المواطنين ويتقاتلون في الأسواق والأجهزة الأمنية لا تحَرّك ساكنا ازاء ذلك”، مبيننا أن أحد المواطنين يعملُ في محل الذهب تعرض للنهب وقت الغروب دون أن تحَرّك الأجهزة الأمنية أي ساكن.

ويشير محسن إلى أن المجاهدين وبعد تحرير “الحزم” ألقوا القبض على عصابة كانت تنهب بيوت المواطنين، كما خصصوا أرقاماً للشكاوى للإبلاغ عن أية سرقة تحصل في المدينة.

ويصف محسن حالَ المرتزِقة حين هربوا من المدينة، فيقول: “لقد شاهدتُ بعيني فرارَ قيادات المرتزِقة وتركهم الأفرادَ في الساحة.. لقد كان القادة يفرون بالسيارات والطقومات ويتركون أفرادَهم يلحقونهم سيراً على الأقدام”.

أما المواطن محمد دحية فقد شكر الجيشَ واللجان الشعبيّة على دورهم الكبير في تأمين المدينة وحماية المواطنين وممتلكاتهم.

ويقول لصحيفة “المسيرة”: “كنا متخوفين منهم؛ نظراً لما سمعناه عنهم أنهم يقومون بقتل المواطنين وتفجير البيوت وغيرها من الأعمال السيئة إلا أن الواقع أثبت خلافَ ذلك”.

من جانبه، يقول صاحب بقالة الجنحي منور سفيان: إن دخول الجيش واللجان الشعبيّة إلى الحزم لم يؤثر على العمل وإنما تحسن، وأصبحنا نأمن على أنفسنا ونفتحُ البقالة لمنتصف الليل دونَ أية مخافة، بينما كنا في السابق نغلّق من الساعة العاشرة؛ خوفاً من السرق ونظراً لغياب الأجهزة الأمنية.

قد يعجبك ايضا