وحي الله لأنبيائه والتفهيم لأوليائه لحل قضايا الأمة

موقع أنصار الله | من هدي القرآن |

ألم يتدخل الله في حكم على مجموعة نعاج دخلن [يروعن] بين زرع واحد؟ {وَ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ}(الأنبياء78) أليس شاهداً؟ هو الحي القيوم، {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} (الأنبياء79) ألم يأت التفهيم من عنده هو لسليمان في كيف يحكم في قضية نعاج روعن على واحد قليل زرع؟ {وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً} لكن ليس كل مجتهد مصيب، وليست القضية على هذا النحو، هي تفهيم إلهي، لا بد أن يأتي من قبله عن طريق من اصطفاه من عباده، لا يوجد غير هذا.

أليس هذا عبرة لنا؟ ألسنا ندخل في قضايا كبيرة جداً أكبر من قضية نعاج يروعن قليل زرع، نتصور الله غائباً عنها، ثم ننطلق، كل واحد ينطلق هو من جهة نفسه فيها؟ حتى في قضية ولاية أمر الأمة، وهي من أكبر القضايا، كل يطلِّع له رأياً فيها.

يعني: الله كان مهتم بقليل زرع أكلته النعاج، فيكون شاهداً على الحكم، ويفهِّم من عنده هو سليمان، ويغفل عن كل القضايا الكبيرة، لا يرسم لها منهجاً، لا يرسم لها شيئاً واضحاً، يكون هو الصراط المستقيم؟ ما يمكن هذا.

فهَّمها سليمان وأبوه نبي، داوود أليس نبياً؟ يأتي إلى داوود عن طريق الوحي، ويأتي إلى سليمان بالتفهيم؛ ليبين لنا بأنه عن طريق الأنبياء يوحي إليهم، وعن طريق من أوجب على الأمة أن تتبعهم من بعد الأنبياء – ألم يقل عن سليمان: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ}(النمل16) أليس من ورثة الأنبياء قبل أن يكون نبياً؟ – عن طريق التفهيم للكامل منهم.

إذا كان هو سيفهِّم سليمان قضية قليل زرع [ونحن عندما نقول أهل البيت قالوا: ما هو ضروري أهل البيت]، كل واحد من عنده سيفهم! كان سيفهِّم صاحب الزرع، أو يفهِّم صاحب الغنم، ألم يكن بالإمكان أن يفهمه هو، ما هو صاحب القضية؟ هو صاحب القضية، كان سيفهمه هو؛ لأنه هو من أصبح عليه حكم تكليفي – على ما نقول نحن – واجب عليَّ، نحن مكلفين، والموضوع واجب علي أنا، إذاً فأنظر، وأبحث، وما أدى إليه نظري فهو الحكم!.

من الذي واجب عليه أن يؤدي قيمة الزرع من هو؟ سليمان، أو صاحب الغنم؟ صاحب الغنم؛ لأنه صاحب القضية، وهو المكلف بالحكم، أليس هو المكلف بالحكم؟ لا، يأتي التفهيم بالحكم في هذه القضية، وهي قضية عادية لوارث النبي، سليمان {وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً} ألم يقل هكذا؟ يتدخل ويقول: أنه شاهد على المسألة هذه.

ثم في الأخير يغيب من مرة، حين يموت محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) وغاب من مرة، ثم كل واحد يطلِّع من عنده! ألم تحصل هكذا؟ كل واحد من عنده؟ كل يخطف من عنده، ولو تفرقوا، وتباينوا سهل، يعني: أليست الأمة هذه عند الله مثل ذلك الشخص الذي دخلت الغنم تأكل زرعه؟ ما يهمه أمر أمة محمد كما يهمه أمر واحد معه قليل زرع أكلته عليه الغنم؟ ما يمكن هذا، مع أن سليمان سيكون نبياً بعد داوود. أما محمد فآخر الأنبياء (صلوات الله عليه وعلى آله) وإلى آخر أيام الدنيا ويهمل هذه الأمة من مرة، وما هناك شيء إلا كل واحد يطلَّع، كل واحد يعتمد على نفسه وهو يدور عن ربه! أليست هكذا؟.

النظر في أصول الدين، كل واحد ينظر، وكل واحد في بقايا مسائل الدين يرجح، ويجتهد، يرجح وهو ما زال طالباً، ومتى ما صار مجتهداً يجتهد، أليست كلها دُوَّار؟ كل واحد يدوِّر هو؟.

طيب: هل دوروا وهم في الأخير يصلون إلى شيء واحد؟ لا، المعتزلة لم يتفقوا على قول واحد… [فهل سيتدخل الله في قضية] شخص واحد في عهد نبي، وعهد وارث نبي، سليمان، أليسوا مع بعض، سليمان وداوود؟ يتدخل الله، ويفهِّم سليمان كيف يكون الحكم في القضية هذه، قضية قليل زرع، وأمة تحمل مسؤولية كبيرة، أمة هي التي ستواجه جاهلية كبيرة، – ألم يقل في حديث: (بعثت بين جاهليتين أخراهما أشد من أولاهما) – ولا نبي، ولا خط واضح، ولا منهج واضح، ولا ولي، ولا شيء، ويكون الطريقة الوحيدة أن كل واحد ينطلق هو يبحث!!.

[والناس الباقين كيف يعملون] قالوا: كل واحد يسير بعد من وثق بعلمه وورعه، يمشي بعده، أليس هذا إهمال؟ هل يعتبر هذا إهمالاً أم لا؟ إذا لم يكن إهمالاً فنعتبره دين الله، أليس معناه دين الله هكذا؟ طيب: نرجع إلى القرآن، هل نرى بأنه ينسجم ما نحن عليه، وهذا الشيء الذي نقول: أنه دين الله هل ينسجم مع القرآن؟ إذا كان غير منسجم مع القرآن؛ لأن القرآن يقول: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً}(آل عمران103) أليست الآية صريحة؟ {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}(الشورى13) {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}(آل عمران105) مما يبدو أنه مؤشر أن الناس بالإمكان أن يتوحدوا على نهج معين واحد هو حبل الله، ما هكذا معنى الآيات؟ ونحن نأتي نقول: لا، دينه هو متعدد على هذا النحو بتعددنا، أن الله متعدد بتعدد الأمة، ما معناه: أن كل واحد هو، أن ينطلق وما أدى إليه نظره يتعبد الله به؟.

إذاً كان المسألة أن لا يوقعنا الباري في حيرة، يلهم كل شخص الأشياء التي سيتعبد بها، ألم يكن بالإمكان هكذا؟ أم أن الله لا يقدر، ما هو يستطيع أن يلهم؟ طيب: إذا قلنا بأنه ألهم كل واحد، وأنه يفهِّم كل مجتهد، فلماذا يطلعون مختلفين، متضادين، هذا يكفر هذا، وهو فهمهم جميعاً؟ ألم يجعلهم يتمشكلوا هو؟ فهمك كيف تكفر ذاك، وفهم ذاك كيف يكفرك، يفهمك حكم ويجعل ذاك فاسق عندك، ويفهم ذاك حكم ويجعلك ضال عنده.

إذاً الله ما يمكن أن يعمل هكذا، الحكيم ما يعمل هكذا، إذاً ما هناك شيء، معناه في الأخير ما هناك شيء، في الأخير يعني ما عمل شي، أهمل، ما معناه أهمل، معناه: أن القضية أهمل إهمالاً كبيراً جداً، وليس فقط إهمالاً عادياً.

كان في الأمم الماضية يرسل بعد كل ثلاث مائة سنة، أو بعد خمس مائة سنة، أو بعد مائة سنة نبياً هكذا، ما كان يأتي أنبياء؟ يرسل باستمرار، حتى يصل إلى عند هذه الأمة التي ستواجه زمناً شديداً، والدنيا في أزهى عصورها، واتساع شؤونها، واتساع مجالات الحياة، وشؤون الحياة، واتساع العالم هذا بكله، ثم يقطع المسألة، ويغلق الملف، وما بقي شيء، يقفله!.

هكذا الواقع، نجدهم هكذا في الأخير يتحدثون عن الله بهذه المعاني إذا لم نعتبره حكيماً، وعليماً، ورحيماً، وإلا فلماذا تقول: الله لطيف بعباده، رحيم بعباده، الرحمن الرحيم، {حم تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} (الزمر1) هكذا في آيات كثيرة أنه الرحمن الرحيم.

 

دروس من هدي القرآن الكريم

محاضرة فَإِمَّا يَأتِيَنَّكُمْ مِنِّيْ هُدَىً

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي

اليمن – صعدة

الله أكبر

الموت لأمريكا

الموت لإسرائيل

 اللعنة على اليهود

 النصر للإسلام

قد يعجبك ايضا