الرئيس الصمَّـاد.. جهادٌ وعطاء
|| مقالات || نوال أحمد
يظل قلمي عاجزاً وفكري حائراً ولساني متلعثماً عن وصف رئيسنا الشهيد «صالح علي الصمَّـاد» سلام الله ورحماته عليه، بل إنني لا أستطيع ترجمة مشاعر الإجلال والتعظيم لذلك الرجل الصادق العظيم، فكلما حاولت الكتابة عن شخصيته الفريدة أجد قصوراً كَثيراً في تعبيري؛ لأَنَّ إعجابي به وَاحترامي وتعظيمي له قد ملأ كياني ووجداني.
إن الكلامَ عن رئيسنا وشهيدنا المخلَّد قد يكون صعباً بالنسبة لي، وبدوت وكأني عاجزةً عن التعبير والإلمام بجوانب شخصيته العميقة، والفذّة والاستثنائية، فمن وحي تحَرّكه وحمله للمسؤولية، ومن خلال محاضراته وخطاباته وكلماته التي تلامس الأرواح وَتخالط الأحاسيس والمشاعر، وتذوبُ في الوجدان، وتسكن في القلوب والعقول، نستطيع من كُـلّ ذلك التأمل في مكنون ذلك الرجُل العظيم، وما كان عليه من همة عالية، وما كان يحمله من إيمان وعلم وحكمة فائقة، وبما كان عليه من شجاعة ونفاذ بصيرة وما يحمله من سجايا حميدة تنُمُّ عن مدى الهدى والنور والثقافة القرآنية التي وصل إليها والتي اكتسبها من تلك المدرسة العظيمة التي تخرّج منها وكان ينتمي إليها.
الرئيس الشهيد «صالح الصمَّـاد» سلام الله عليه اتسمّ بالتواضع الشديد، وعاش ظروفَ الناس العاديين واختلط بهم، عانى معاناتهم حمل همومَهم، كانت صفتُه رئيساً نعم.. لكنه لم يكن كبقية رؤساء وحكّام هذا العالم الذين جعلوا من منصبهم وسيلة لجمع الأموال والثروة، أَو ممن جعلوا من المسؤولية مغنماً فنهبوا وسلبوا واشتروا العقارات وَبنوا الفلل وكانت أرصدتهم بالمليارات في البنوك على حساب ومعاناة الشعب، كما فعل عفّاش وزمرتُه وما كانوا عليه من الترف والبذخ على حساب ومعاناة هذا الشعب، وشتانَ ما بين هذا النقي النزيه الطاهر وذاك المقبور العميل الخائن، فهناك فرقٌ بين الثرى والثريا.
الرئيسُ الشهيد البطل صالح الصمَّـاد سلام الله عليه، كان رَجُلاً مؤمناً، صادقاً وفياً مخلصاً لشعبه ووطنه، حمل المسؤولية على عاتقه بعد أن استشعرها أمام الله وأمام المظلومين والمستضعفين من هذا الشعب المكلوم والمعاني، هذا الرئيس الشهم النزيه والشريف كان يعتبر المسؤولية مغرماً وليست مغنماً، لم يكن مهتماً بالكرسي والمنصب والمكسب، لقد كان رجلاً مجاهداً بكل ما تعنيه الكلمة، فكانت أولوياته هي مواجهة العدوان وإصلاح مؤسّسات الدولة وزرع مبدأ الأُلفة والتعاون بين كُـلّ الفرقاء السياسيين والرفع من معاناة أبناء شعبه والنهوض بالدولة وبنائها البناء الصحيح وتطهير مؤسّساتها من الفساد والفاسدين.
كان رئيساً ولكنه كان يتعامل مع الشعب كواحد منهم وكفرد من أفراده، كان يختلط بالناس يحمل هموم أبناء شعبه، كان يعيش أيامَه ولياليَه في الدفاع عنهم وفي خدمتهم والاهتمام بشؤونهم، ونذر نفسه خادماً لهم لهذا الوطن، عرفناه ذاك الرجُل المؤمن الواعي الصامد، المواجِه للعدوان وأدواته النجسة، عرفناه جندياً كراراً في الميدان، عرفناه صالحاً مصلحاً للناس، عرفناه خطيباً فصيحاً، عالماً معلِّماً، عرفناه ثقافياً ومرشداً، عرفناه سياسيًّا محنكاً وأدار البلاد بكل كفاءة وجدارة وخلال ١٧ شهراً فقط صنع التحولات والمتغيرات الكبيرة لصالح اليمن، وعرفناه مؤمناً مجاهداً في سبيل الله ومضحياً بروحه الطاهرة التي قدمها رخيصةً فداءً لله وللدين ونصرة لكل المستضعفين.
لقد رحل الشهيد الصمَّـاد سلام الله عليه وهو يحملُ في قلبه أحزانَ الشعب وآهاتِ النساء وأحزان الطفولة المحرومة، رحل وهو يحمل انهمارَ الدموع الكسيرة، رحل وجدوله مليءٌ بالأحلام النبيلة لهذا الشعب بنيله الحرية.
مواقفُه لا تُنسى، وكلماته وسام على صدور الجميع، وأفعاله ما زالت تعلن عن تواجده بيننا، لم يغب الصمَّـاد فأفعاله ومبادئه وقيمه مزروعة فينا، وروحه تحلق في أجوائنا وقد تحولت إلى طائرات مُسيّرات وأنفاسه باتت صواريخَ تدك حصون وقلاع المعتدين، لقد طوت أرض اليمن جسداً نقياً وكأن اليمن أبت إلا أن تحتضنه في قلبها الكبير، وترفرف روحه في سمائها الرحيب، أبت إلا أن يستريحَ بعد أن بنى لها مشروعَه العظيم تحت شعار (يدٌ تبني ويدٌ تحمي)، وهذا المشروع وخطاباته هما التركة والثروة الوحيدة التي تركها لنا رئيسُنا الشهيد سلام الله عليه.
وإليه من هذه الأرض نبعثُ السلامَ من بشرها وشجرها وحجرها وهوائها وترابها وكل شيء فيها، يُهدَى إلى روحه الطاهرة النقية أزكى السلام، ومهما يغيبُ عنا الصمَّـاد ففي القلوب ذكراه وكيف يغيب وفيها مثواه، وهذه النفوسُ جميعُها لم تزل وستبقى صامدةً بصمَّـادها، ناهجةً نهجَ رئيسها.