سقوطُ الأصنام

|| مقالات || إبراهيم محمد الهمداني

 يعد المثقفون نخبة المجتمعات وخيرة أبنائها ومن الأبطال المدافعين عن الأرض والعرض ومن أول الواقفين ضد أي عدوان، وهم صناع الوعي الجماهيري ويبثون الحماس في قلوب المجاهدين والمدافعين عن الوطن في مختلف الجبهات.

 ذلك وأكثر هو الحقيقي الفعال الذي يجب على المثقف في أي أرض من بلاد الله الوسيعة أن يقوم به، ولكن عندنا في اليمن تبدو المشاهد مختلفة ويبدو المثقف في أسوأ وأحقر وأحط الأدوار بدون حياء أَو خجل، وكل ذلك تحت مبرّر الحرية الفكرية وحرية التعبير واختلاف وجهات النظر.

 لا يدري هذا المثقف ربما أنه يمارس أبشع الأدوار وأكثرها حقارة ووحشية ضد الإنسانية، ولا أدري على من يظن حثالات الثقافة أُولئك بأنهم يضحكون ويكذبون.

 ومهما كانت مبرّراتهم لا أظنها تنطلي على أحد، فالعهر عهر والعاهرة تبقى عاهرة لا خلاف على ذلك مهما كانت مبرّراتها، ومهما تكن مبرّراتهم لهذا الارتهان وهذا الانحطاط فهم يعون جيِّدًا ما معنى المثل العربي الشهير “تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها”، ورغم كُـلّ القصف والألم والموت المنهمر يوميًّا من طائرات العدوان الغاشم ومن مرتزِقته وما يقومون به من سحل وذبح، إلا أننا لم نسمع أُولئك الأعياء النكرات المتسلقين على مسمى الثقافة، بل يحاولون تبرير كُـلّ ذلك بمنتهى الحقارة والوضاعة، وخَاصَّة أُولئك الذين كنا نظنهم كباراً ولكن سرعان ما تساقطوا في مستنقع الحقارة والارتهان وفضلوا أن يصبحوا أحذية للسعودية التي هي بدورها تعد الحذاء الأكبر لأمريكا وإسرائيل في المنطقة، ورغم العلاقة المكشوفة والفاضحة على المستوى السياسي الرسمي بين السعودية وإسرائيل، إلا أن منافقي الثقافة لا يزالون يتبجحون بمجد غابر في وقوفهم مع السعودية وإسرائيل ضد أبناء الوطن.

 إن أدعياء الثقافة هؤلاء لم يؤيدوا العدوان فقط، بل قتلوا وذبحوا وسحلوا وأبادوا وفعلوا ما فعله العدوان سواءً بسواء، ومن أمثلتهم الساقطة الكائن الطفيلي المدعو (خ. ر)، الذي لم يكتفِ بممارسة حقارته بانتسابه المزعوم للثقافة زوراً وبهتاناً، وهو الذي لم يحفظ من الثقافة غير جملتي (كل هذا البهاء كُـلّ هذا الألق)، ولم يكن له من فضل في طباعة الأعمال الكاملة للبردوني إلا ما كان من الفضل للسفير السعودي آنذاك، حيث تدخل كلاهما في الحذف والتشذيب بما يرضي السفير ومملكته آنذاك، ولا أظننا بحاجة إلى كشف المزيد من الفضائح.

 اتكأ صاحب الوردة المتوحشة إلى وحشيته الدفينة التي سرعان ما ظهرت للعلن وأفصحت عن مكنونه، وزيف ذوقه الفني واستماعه لأغنية الأطلال لكوكب الشرق، وسرعان ما انهارت مزاعم الإنسانية والأخلاق التي كان يرائي الناس بها ويحاول أن يرسم صورة مثالية لنفسه من خلالها، حاول كَثيراً أن يبنيَ لنفسه مجداً، لكنه لم يحصل إلا على الشهرة المبتذلة والمجد الرخيص، وها هو يسقط هذا السقوط المدوي ليعلنَ هو وأمثاله ومحبوه عن إنسانيتهم الزائفة ومجدهم المبتذل، وحقارتهم الفاضحة التي لا يمكن أن تكون وجهة نظر، بل سقوط مدوٍّ لم يكن ليناسبهم أَو يليق بهم سواه.

 إن ظهور أمثال هذه الجيف إلى العلن بحاجة إلى مواقف رادع من الجبهة الثقافية، يكون فيه بيان إدانة بمواقفهم المزرية وجرائمهم القذرة التي لا تختلف عن قصف الطائرات ومحارق صواريخه، أعتقد لو صدر ضدهم موقف موحد من جميع الأدباء والمثقفين يدينهم ويجرمهم، سواءً من هيئة رسمية كالجبهة الثقافية، أَو من المثقفين أنفسهم، ولو أن موقف الأولى أقوى وأكثر فاعلية، أعتقد لو حصل مثل ذاك الموقف بحقِّهم لما تجرأوا أكثر ولما مارسوا عهرهم السياسي ونفاقهم الثقافي على مرأى ومسمع من الجميع، الوطن يمر بأخطر مراحله عبر التاريخ ومن قتلنا أَو أيد قتلنا أَو برّر لقاتلنا فليس منا.

قد يعجبك ايضا