ما بين واقع معركة بدر التاريخية ومعركة كورونا المعاصرة.. قراءةٌ من وحي محاضرة السيد القائد
موقع أنصار الله || مقالات || حمدي الرازحي
من واقع القراءة المنهجية لإيحاءات المحاضرة القرآنية للشهيد القائد السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي -حفظه الله- الخَاصَّة بمعركة بدر الكبرى وفق المنهجية القرآنية في تقديم مختلف الأحداث والوقائع، يمكننا إسقاطُ الأبعاد الدلالية لمعطيات نص خطاب السيد القائد على معطيات تهديدات وباء كورونا المتجاوز لحدود المكان، بغض النظر عن ملابسات هذا الوباء العالمي وإيحاءات نظرية المؤامرة، وسواء أكان هذا الوباء بفعل فاعل يستهدف الوجود البشري، أَو كان ظاهرة كونية أرادت القدرة الإلهية أن تجعل منها درساً للبشرية، للحد من ظاهرة الانقلاب على قوانين الطبيعة والانحراف عن المنهجية الإلهية.
وإذا كان هذا الوباء القاتل الخفي قد تمكّن من الفتك بالعديد من الإمبراطوريات العالمية بإمْكَانياتها المادية الهائلة، في الوقت الذي ظهرت العديد من الدول المستضعفة الفاقدة لأبسط الإمْكَانات المادية والصحية تعيش تهديداً أقل خسارة وبشكل لا يقارن مع خسارة القوى العظمى.
ولعل المتأمل لمفردات الواقع ومفارقاته يدرك بأن المراهنة على حجم الإمْكَانات ومقدار القوة قد تهاوت تحت أقدام هذا القاتل الفيروسي الخفي، الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات عن أسباب تلك المفارقة العجيبة، وهذا ما يمكن أن نستلهم الإجَابَة عنها من خلال الأبعاد الدلالية لمفردات محاضرة معركة بدر للسيد القائد، مع استبدال مسميات مفردات تلك المعركة كتهديد وجودي بمسميات العصر، واستبدال أدوات وأحداث تلك الواقعة التاريخية بمسميات التهديد الفيروسي وأساليبه في استهداف الأرواح والفتك بالوجود البشري.
وهنا تشير الأبعاد الدلالية لخطاب السيد القائد، إلى أن المراهنة الحقيقية في مرحلة التهديد والصراع، يجب أن تستند على الركائز التالية:
1 – النصر من الله وحدّه ولا رهان على الإمْكَانات المادية؛ لأنها مُجَـرّد عوامل مساعدة. ويتحقّق ذلك من خلال الالتجَاء إلى الله تعالى والعودة إليه بشكل صادق.
الميدان ميدان مواجهة، ولا بُدَّ من التركيز والانتباه وتظافر الجهود لتحقيق الانتصار والتغلب على التهديدات الوجودية بمختلف أشكالها ومسمياتها.
2 – نزول المطر: التطهير للجسد وتحقيق نظافة المكان، وإزالة الخوف والقلق وبعث الطمأنينة في النفوس، وضرورة العناية بنظافة المكان والجسد وصفاء الروح ونقاء السريرة.
3 – الربط على القلوب لتحقيق الثبات في ميادين المواجهة، ورفع الروح المعنوية للتصدي لجميع المخاطر وعدم تصديق الإعلام التضليلي المستهدف للروح المعنوية في المقام الأول، للقضاء على جوهر الصمود وروح المقاومة للتهديد.
4 – الإيمان بأهميّة التدخل الإلهي لتحقيق النصر في المعارك غير المتكافئة، والتي تتمثّل في تعديل نتائج الصراع لصالح الفئات المستضعفة التي ترتبط في المقام الأول بخالقها تعالى، من خلال صدق الإيمان وحسن التوكل والالتجَاء إليه بالتضرع والدعاء، فهو القادر على كشف البلاء ووقاية الناس من مخاطره.
5 – أهميّة الأخذ بأسباب النصر وعدم التهاون في تحقيق ذلك، الأمر الذي يفتح المجال أمام المسؤولية الجماعية في مواجهة المخاطر والتهديدات التي تهدّد الفرد والمجتمع.
6 – توجيه الضربات الاستراتيجية الاستباقية لمواجهة العدوّ، من خلال إعداد الخطط والأخذ بالأسباب وبذل الجهد لتحقيق النصر بتكاتف الجهود وتعاون الجميع.
7 – الاصطفاف في موقع الحق من أهم العوامل للتغلب على جميع التهديدات، التي يمكن تصنيفها ضمن أصناف العذاب والانتقام الإلهي.
8 – أهميّة التحَرّك لمواجهة جميع التهديدات وعدم التهرب من المواجهة، حتى لا ينزل الغضب الإلهي على الجميع؛ لأن الله يريد من الجميع أن يتحَرّكوا بقوة وثبات واستبسال وتكاتف دون تخاذل أَو انهزام.
9 – عدم المعارضة للتوجيهات العليا، حتى لا يتخلخل قوام الترابط المجتمعي فتتحقّق الهزيمة أمام مختلف التهديدات الخارجية؛ لأن العيش في واقع الهزيمة والخوف من الأمور التي تحقّق الفشل وتخدم الأعداء وتهديداتهم ضد الفرد والمجتمع.