وسائل الإعلام السعودية، الطابور الخامس للکيان الإسرائيلي في العالم العربي

|| صحافة ||

على مدى العقد الماضي، كانت الحرب الإعلامية وتعزيز التأثير علی الرأي العام وإدارة الفضاء الإلكتروني في العالم العربي، في طليعة أجندة وزارة الخارجية السعودية.

في الواقع، استثمر حكام آل سعود، باستخدام الدولارات النفطية، في إنشاء وتعزيز البرامج الهادفة على شبكات الأقمار الصناعية بشكل كبير. واشتد هذا الاتجاه، خاصةً في السنوات التي تلت الصحوة الإسلامية في العالم العربي عام 2011، وكان التدخل النشط لإنشاء جيش إلكتروني موضوعاً على أجندة محمد بن سلمان.

ومع ذلك، فإن الاتجاه العام الذي يسود السياسة الإعلامية السعودية، يشير إلى أنهم يتحركون الآن في اتجاه بث الانقسام والتفرقة بين المجتمعات الإسلامية. في هذه الأثناء، أصبحت السياسة الکلية للتعاون مع الکيان الصهيوني ومسايرته لإقناع المجتمعات الإسلامية بقبول خطة صفقة القرن ونسيان تطلعات الشعب الفلسطيني، أهم استراتيجية لدی وسائل الإعلام السعودية. وخاصةً في الآونة الأخيرة، حيث يظهر إنتاج وتوزيع بعض البرامج ذلك بوضوح.

 

قناة سعودية تهين الشهيد أبو مهدي المهندس وتغضب العراقيين

أهم مظاهر الانزلاق وخدمة الإعلام السعودي لأعداء الدول الإسلامية وتملقه للولايات المتحدة، يمكن ملاحظتها في برنامج لقناة “إم بي سي” التلفزيونية الذي وصف فيه الشهيد أبو مهدي المهندس بأنه إرهابي. وقد عارضت التيارات السياسية المختلفة في العراق برنامج القناة السعودية بشدة، وتم انتقاده بحدة.

وفي رد فعل أهم، قالت لجنة الاتصالات والإعلام بمجلس النواب العراقي في بيان: “إن إهانة قناة إم بي سي السعودية للقائد الشهيد أبي مهدي المهندس مدانة بشدة”. وأضافت اللجنة: “هذه القناة مارست وسائل مختلفة ومتنوعة في الإساءة للرموز العراقية خلال السنوات الماضية واتهامها بشتى التهم، وفي آخر مرة أهانت شخصيةً وطنيةً ومناضلةً مثل الشهيد الحاج أبو مهدي المهندس الذي يعد رمزاً بطولياً في الانتصار على الإرهاب الداعشي.”

وطالبت هيئة الإعلام والإتصالات بغلق مكاتب هذه القناة، في حال لم تعتذر على ما قامت به من تضليل مقصود ومحاولة لتشويه سمعة الشهيد المهندس.

بالإضافة إلى مجلس النواب العراقي، أصدر مكتب “فالح الفياض” رئيس هيئة الحشد الشعبي، بياناً أعلن فيه أنه قدم شكوى ضد قناة إم بي سي السعودية لإهانة نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي الشهيد أبو مهدي المهندس.

وجاء في هذا البيان: “إن رئيس هيئة الحـشد الشعبي فالح الفياض وجه بإقامة دعوى قضائية ضد القناة، لعرضها ما يسيء إلى تاريخ قائد النصر وشهيد العراق الخالد أبو مهدي المهندس، وما ورد على تلك القناة محاولة لطمس وتشويه التاريخ المشرف لذلك البطل، الذي قضى كل حياته في الجهاد ومقارعة الإرهاب وتحرير العراق”.

بالإضافة إلى ذلك، قال المتحدث باسم حركة “النجباء” العراقية، رداً على إهانة قناة إم بي سي السعودية للشهيد أبو مهدي المهندس: “إن عجزت الحكومات والمؤسسات الرسمية من اتخاذ الرد المناسب على هذه التجاوزات، لابد من الالتفات إلى موقف المرجعية العليا التي أشارت إلى أن يكون بعد ذلك الدور للمجتمع العراقي الكريم، في اتخاذ الموقف المناسب لمثل هذه التجاوزات والإساءات المتكررة”.

وأشار معاون الأمين العام لحركة النجباء “نصر الشمري” أمس السبت إلى أنه “بالأمس كان التجاوز على القيم الأخلاقية لقبائلنا العراقية الأصيلة، واليوم صار التجاوز على رموزنا القادة الشهداء، مضيفاً أنه “الآن يستبين لكل من له بصر وبصيرة الدور التخريبي لقنوات الفتنة التي تمولها السعودية”.

في أعقاب مواقف القنوات السعودية هذه، يمكن القول إنه على مستوى الرأي العام والمجتمع السياسي العراقي، هناك معارضة غير مسبوقة للسعوديين، والتي يبدو أنه لم يسبق لها مثيل في جميع السنوات التي تلت عام 2003. وفي الواقع، إن إهانة الإعلام السعودي للأبطال الوطنيين في محاربة الإرهاب في العراق، يمكن أن تؤثر على علاقات بغداد مع الرياض في المستقبل أيضاً.

 

مسلسل لتبرير صفقة القرن، وغضب العالم العربي

المثال الواضح الآخر الذي يظهر لنا أن وسائل الإعلام السعودية تخدم بشكل مستقل مصالح الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة وهي في مركز الاستکبار العالمي، هو بث مسلسل موجَّه لتطبيع العلاقات مع الکيان الصهيوني وإضفاء الشرعية على صفقة القرن.

في الواقع، إن المسلسل العربي الذي أنتجته قناة إم بي سي السعودية، فيما يتعلق بتطبيع العلاقات مع الکيان الصهيوني، والذي تم بثه منذ بداية شهر رمضان المبارك، أغضب المسلمين في الدول العربية وخاصةً فلسطين، وأثار احتجاجات واسعة النطاق من قبل المسلمين والعرب على وسائل التواصل الاجتماعي.

إن مسلسلا “مخرج 7″ و”أم هارون” هما من بين المسلسلات التي أنتجت في الكويت والإمارات، وبثُّ بضع حلقات منهما فقط أثار غضب واحتجاجات شعوب الدول العربية والمسلمين، وكثير منهم طالبوا بوقف بثهما.

المستخدمون المحتجون على بث هذه المسلسلات على الشبكات الاجتماعية، دعوا المسلمين للاحتجاج على هذه المسلسلات التلفزيونية، معتبرين أن الجهود المبذولة لتطبيع العلاقات مع المحتلين الصهاينة وتغيير الرأي العام لشعوب الدول العربية والإسلامية تجاه الصهاينة، هي من بين الأهداف التي تسعى إليها هذه المسلسلات.

“مخرج 7″ و”أم هارون” من بين المسلسلات التي، وفقًا لخبراء الفن السابع في العالم العربي، تصور قضايا اجتماعية وسياسية واقتصادية تتعلق بالکيان الصهيوني، وتشوه التاريخ اليهودي في المنطقة والخليج الفارسي.

الأفلام القصيرة(المقاطع) العديدة التي انتشرت من الحلقات الأولى من “مخرج 7” في الشبكات الاجتماعية في العالم العربي، تظهر أن الحوار الذي يدور بين الممثلين في هذا المسلسل يرتبط بالقضية الفلسطينية، وأن جزءاً هاماً من الحوارات التي تم تبادلها بين الممثلين في هذا المسلسل يدور حول إقامة علاقات اقتصادية مع الکيان الصهيوني، وفي مقاطع أخری، تُبذل جهود لاعتبار الفلسطينيين بأنهم الأعداء رقم واحد للشعوب العربية والسعودية.

وكان الغرض الرئيسي من هذه المسلسلات، هو تقديم صورة مواتية عن الکيان الصهيوني، من أجل توفير الأسس لتطبيع علاقات الرياض مع تل أبيب، وبهذه الطريقة تحضير عقول الشعوب العربية للتطورات المستقبلية. وعلى الرغم من توقف المسلسل بسبب تصاعد الاحتجاجات في العالم العربي، إلا أنه في الواقع أظهر طبيعة السعوديين ووسائل الإعلام في هذا البلد لجميع العرب وحتى شعوب العالم.

 

غضب الإعلام السعودي من تكريم قناة الجزيرة للشهيد الفريق سليماني

ومن المظاهر الواضحة الأخرى لمعارضة الإعلام السعودي للوحدة والتعاطف في العالم الإسلامي، هي غضب الإعلام السعودي من تكريم وتمجيد الفريق الشهيد قاسم سليماني من قبل قناة “الجزيرة” القطرية.

حيث نشرت قناة الجزيرة تدويناً صوتياً عن الشهيد الفريق الحاج قاسم سليماني قائد قوة القدس في الحرس الثوري الإسلامي، وصفته فيه بالمجاهد في سبيل الله، مما أغضب قناة “العربية” السعودية.

وجاء في الإعلان التشويقي للتدوين الصوتي الذي نشرته قناة الجزيرة: “أنا قاسم سليماني، الجندي الذي كرس حياته لخدمة الإسلام والثورة الإسلامية وعزتها وكرامتها، أنا سليماني، جندي مجاهد في سبيل الله، قائد قوة القدس في الحرس الثوري الإسلامي في إيران، اسم يهز الشيطان الأکبر والعدو الصهيوني، الاسم الذي يخشاه عملاء المشروع الاستکباري في منطقتنا. أياً کان منصبي لست أکثر من جندي من جنود الثورة الإسلامية، جندي أحمد الله الذي طهَّر قلبي من حب الدنيا ورزقني أسمی المنی وهي الشهادة في سبيله”.

قوبل هذا التدوين الصوتي باحتجاج وغضب غير مسبوقين من قناة العربية. وفي هذا الصدد، القناة السعودية وبعد نشر هذا الفيلم وكتابة عبارة “قناة الجزيرة تمجد سليماني وتصفه بالشهيد المجاهد في سبيل الله”، شککت في أهداف هذه القناة المعروفة والمرموقة في العالم العربي.

يبدو أن السياسة الإعلامية العامة في السعودية تتماشى مع إرضاء الکيان الصهيوني، وتتبنی رسمياً استراتيجية معارضة القضية الفلسطينية وكذلك نضالات الدول الإسلامية ضد جبهة الاستکبار.

 

الوقت التحليلي

 

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com