عبدالله صبري عضو الجبهة الإعلامية لمواجهة العدوان في حوار مع صحيفة 26 سبتمبر
– العدوان الغاشم ومرتزقته أدركوا أن أهدافهم وأحلامهم تبخرت وتحطمت على صخرة صمود شعبنا العظيم
– السيد عبدالملك الحوثي.. ملهم الثوار والوطنيين وخطاباته ألهمت الجماهير التي اندفعت إلى جبهات القتال
– بعد عام من العدوان على السعودية أن تفهم بأن اليمن عصية على الإنكسار
– حوار محسن الجمال
بعد مرور عام كامل من العدوان السعودي الأمريكي على الشعب اليمني..كيف تقرأ الأدوار الخارجية والتواطؤ الأممي والإقليمي ؟
– في البدء أشكر صحيفتكم الغراء على إتاحة هذه الفرصة. وبالنسبة للعدوان والدور الخارجي، فنحن نعتبر أن هناك حرباً كونية على اليمن تديرها أمريكا ويشترك فيها النظام العربي الرسمي ويغطيها مجلس الأمن والأمم المتحدة. وهذا يعني أن ما تتعرض له اليمن هو أكبر من مجرد تواطؤ، ولكنه شراكة كاملة في جرائم العدوان على اليمن، وقتل الأبرياء في مجازر وحشية غير مسبوقة في ظل حصار جائر وشامل استهدف حياة 25 مليون نسمة، إضافة إلى الحرب الإعلامية التضليلية، وصمت كبرى الصحف العالمية عن حقيقة الأحداث في اليمن، وما يتعرض له شعبنا من صنوف العدوان والغارات الجوية، التي لم تغادر شيئا إلا استهدفته، الإنسان والأرض والبنية التحتية والمدارس والمستشفيات ومولدات الطاقة والآثار والطرقات..إلخ.
ومع ذلك، نلحظ أن الأشهر الأخيرة شهدت نوعاً من صحوة الضمير لدى بعض المنظمات الدولية، كالعفو الدولية، وهيومان رايتس ووتش، والبرلمان الأوروبي، وتناولات الصحافة في بريطانيا وأمريكا، ما ينبئ بإمكانية تحول المواقف الخارجية لصالح اليمن ولقضيته العادلة، لكن مع الحذر من التراخي، فنحن في عالم لا يحترم إلا الأقوياء، ولا يضع اعتبارا إلا للمصالح المباشرة سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة، وسواء كانت ملتزمة بحقوق الإنسان وسيادة الدول، أو على الضد منها.
لكن بالمقابل، سجل شعبنا صمودا لافتا طوال عام من العدوان ..ما الرسالة التي ينبغي للعدوان أن يفهمها، وللمجتمع الدولي أن يستوعبها؟
– يدرك العدوان ومرتزقته اليوم، أن أهدافهم وأحلامهم تبخرت وتحطمت على صخرة صمود شعبنا العظيم، وبفضل انتصارات الجيش واللجان الشعبية، برغم أن العدوان أسرف في ارتكاب المجازر المروعة، وحشد لمعركة هي الأشرس في تاريخ الحروب بالمنطقة.
بعد عام من العدوان ينبغي للسعودية وحلفائها أن يفهموا أن اليمن كانت وستظل عصية على الغزو والانكسار، وأنها لم تسمى بمقبرة الغزاة عبثا، وقد عرفوا ذلك جيدا وهم يواجهون الأبطال في الجبهات، وتنهال على رؤوسهم صواريخ التوشكا والقاهر والكاتيوشا، بل حتى مرتزقة البلاك ووتر وجدوا أنفسهم محاصرين في جحيم اليمن، فآثروا السلامة وولوا الأدبار.
يجب أن يفهم العدوان ومرتزقته، أنهم عاجزين عن تحقيق أي نصر عسكري معتبر ، وما لم يراجعوا حساباتهم اليوم، فإن ما ينتظرهم غداً أشد وأنكى، وعلى الباغي تدور الدوائر كما يقال.
وبالنسبة للمجتمع الدولي؟
– الرسالة هنا تتعلق بإرادة شعب حر كريم يأبى الضيم والاستعباد، حتى لو جاءت أساطيل الدنيا تروم غزوه واحتلاله.. إذا لم يفهم ويستوعب المجتمع الدولي، هذه الرسالة، فإن التخبط في اليمن سيبقى سيد الموقف، وستكشف لهم الأيام كم كانوا جاهلين بحقيقة شعبنا واقتداره على منازلة العدوان والحصار وصنوف الكيد والتضليل السياسي والإعلامي.
بالموازاة مع الحرب العسكرية وآلاف الغارات والقذائف الصاروخية واستخدام الأسلحة المحظورة عالمياً كان الإعلام المضلل حاضرا في مهمة الجناية على الحقيقة.. كيف تقرأ الاضرار التي تسبب فيها هذا النوع من الإعلام؟
– هذا الإعلام كان ولا يزال الوجه الآخر للعدوان، وكما كانت قاذفات العدو وغاراته وأساطيله تقتل وتحاصر، كان إعلام العدو ومرتزقته يقصف العقول على مدار الساعة في حرب تضليلية جنت على الحقيقة وعلى الضحايا، لكنها سرعان ما ارتدت على أصحابها، الذين غدت أحاديثهم الإعلامية نوعاً من الهذيان، بعيدا عن الواقع والوقائع التي تصدمهم كل يوم.
وللأسف، فقد لعب الإعلام التضليلي دوراً سلبياً وخطيراً ، وخاصة في الاشهر الأولى للعدوان، حين اشتغل هذا الإعلام على الأكاذيب والحرب النفسية، وعمد إلى حظر الإعلام الوطني، وحجب القنوات التلفزيونية الرسمية، ثم استنساخ بعضها، والتشويش على القنوات المحلية الأخرى، وعدة قنوات عربية.
مقاطعا، ولكن كيف واجهتم – كجبهة إعلامية- هذا التحدي؟
– لا أخفيك القول أن العدوان بتلك الوحشية والهمجية وفي توقيته، شكل تحدياً كبيرا للإعلام والإعلاميين الوطنيين، وخاصة أن عددا من الأحزاب السياسية الانتهازية كانت وما زالت بوسائل إعلامها في صف العدوان.
وحين تحركت الجبهة الإعلامية على خط المواجهة كان ينقصها الكثير من الإمكانات والقدرات، وفوق ذلك واجهت وسائل الإعلام التي تمكنت من الاستمرارية عقبات كثيرة على مستوى التشغيل والنزول الميداني، وتوفر المشتقات النفطية، والإمكانات المادية، وغيرها.
وقد وجد الإعلاميون الوطنيون أنفسهم محاصرين كأبناء شعبهم يتهددهم القصف في كل حين، وتعوزهم الإمكانات اللوجستية التي كان العدو يمتلك منها ترسانة ضخمة، فيبدو للوهلة الأولى متفوقا ومنتصراً.
غير أن الإعلام والإعلاميين سرعان ما امتصوا الصدمة الأولى إذا جاز التعبير ، وبعون الله وتوفيقه، وبفضل انتصارات جيشنا، وصمود شعبنا، أمكن للإعلام الوطني أن يتجاوز المعيقات ويتغلب على نفسه منطلقا في مواكبة الأحداث بمختلف الجبهات بالصوت وبالصورة، وبالرأي وبالموقف.
وهنا اسمح لي أن أتوجه بالشكر والتقدير لكل الإعلاميين الشرفاء والأحرار الذين وقفوا صفا واحدا في مواجهة العدوان، ولكل المؤسسات الإعلامية الوطنية التي كانت ولا تزال حجر الأساس في معركة الكرامة والدفاع المقدس عن الوطن وكرامته وصون سيادته واستقلاله.
كإعلاميين.. كيف ترجمتم خطابات السيد القائد عبدالملك الحوثي ومواقفه الثورية والوطنية في مواجهة العدوان، وكيف استفدتم منها في صياغة خطاب إعلامي مؤثر؟
– السيد عبدالملك الحوثي كان وما يزال ملهم الثوار والوطنيين، ولا ريب أن خطاباته ألهمت الجماهير ، فاندفعت إلى جبهات القتال وإلى المسيرات، وتحركت قوافل الكرم، وجاءت التبرعات المالية في إطار التعبئة العامة، فوجد الإعلام والإعلاميون مادة دسمة لكتابة التقارير والتحقيقات المصورة، كما أن مختلف وسائل الإعلام عملت بشكل حثيث على ترجمة خطابات قائد الثورة والاستفادة منها في صياغة الرسالة الإعلامية التي كانت تزداد وضوحا وتماسكا يوما بعد آخر.
ولا تنسى دور الإعلام الشعبي أيضا..والزوامل والأناشيد التي تلعب دورا معنويا كبيرا، وأغلبها كانت متأثرة بخطابات السيد عبدالملك الحوثي، الذي بدوره كان معطاءً ومقداماً، فقد كان يطل بين الحين والآخر في خطابات تاريخية، وهو يعرف أن العدو يترصد مكانه عبر الأقمار الصناعية..ولك أن تتخيل ماذا لو نجح العدو في استهداف السيد لا سمح الله؟؟
لقد ظن العدو أنه اختار التوقيت المناسب لشن حرب خاطفة على اليمن، ولكنه تجاهل الثقافة الجهادية التي سرت في روح أمتنا بفضل المسيرة القرآنية، وتعامى عن الدور الكبير الذي يلعبه السيد عبدالملك كقائد شعبي يحظى بالتفاف جماهيري منقطع النظير.
ولا ريب إن الإعلاميين الوطنيين ، نهلوا من ثبات السيد وحنكته وخطاباته المفعمة بالحماسة وبالحكمة والمصداقية، فجاء إعلام صدق الكلمة، ليبدد أراجيف العدو، ويفتح الباب على مصراعيه لحديث الواقع عن صمود شعبنا الأسطوري وملحمة انتصاراته في مقابل انكسارات وخيبات العدوان في مختلف الجبهات.
ألا تعتقد استاذ عبدالله أن الوصول إلى وسائل إعلام عالمية لايصال مظلومية الشعب اليمني جراء العدوان الغاشم عليه سيكون مؤثراً بصورة أكبر على الرأي العام العالمي..وما الذي ينبغي عليه أن يطور من خطابه وتأثيره؟
– اتفق معك تماماً، لكن لا تنسى أن صمت الإعلام الغربي وما يسمى بالإعلام الحر لم يكن عفويا، وخاصة خلال الأشهر الأولى للعدوان، حيث وجدنا أن الصمت المريب للإعلام العالمي كان جزءا من التعتيم والحرب الإعلامية التضليلية على شعبنا، ولا تنسى أيضاً أن بعض مراسلي هذه الوسائل كانوا من مؤيدي العدوان في الأصل.
وقد عملت الجبهة الإعلامية بالتنسيق مع بقية الجهات على إيصال الرسالة الإعلامية إلى حيث يجب أن تصل، وساعدنا في ذلك عدد من الفضائيات العربية، التي نوجه لها التحية في هذه المناسبة.
ولا يزال أمامنا الكثير فيما يتعلق بمخاطبة الرأي العام العربي والدولي، ولا شك أن هذا يتطلب رؤية مستقبلية، يمكن انجازها بتعاون الجميع من إعلاميين وسياسيين وحقوقيين.
حملة وهاشتاق أمريكا تقتل الشعب اليمني..هل أوصلت رسالتها وحققت مقاصدها السياسية والإعلامية؟
– نحن نعتقد أن هذه الحملة نجحت بامتياز وأخترقت حواجز واسوار جديدة، وخاصة أن الهاشتاقات كانت بعدة لغات أجنبية إضافة إلى اللغة العربية، ووصلت بعض الحملات إلى المرتبة الأولى أو الثانية عالميا، وحققت نسبة مشاهدة كبيرة وخاصة لدى المتصفحين في الخارج، وهذا يعني أن الرسالة السياسية والإعلامية قد تحققت لهذه الحملة..وعزز من ذلك أن الإعلام الغربي والأمريكي اشتغل في الفترة الأخيرة على كشف المستور فيما يتعلق بالدور الأمريكي المباشر في الحرب على اليمن.
الإعلام كموثق تاريخي..كيف ترى تأثيره وهل تمكن الإعلام المناهض للعدوان من أن يصبح موثقا لتاريخ هذه المرحلة؟
– بالفعل تمكن، فالإعلام هو الشاهد الأهم على هذه الأحداث، وقد تمكن الإعلام الوطني من توثيق المشهد اليمني في ظل العدوان بمختلف تفاصيله، مشاهد قتل واستهداف المدنيين من رجال ونساء وأطفال، ومشاهد تدمير البنية التحتية، وما قابلها من مشاهد الصمود والتلاحم الوطني في المسيرات والتعبئة الشاملة واللقاءات القبلية..وغيرذلك.
بالإضافة فإن الإعلام الحربي وثق أيضا لانتصارات الجيش واللجان الشعبية في مختلف الجبهات، وبالذات في العمق السعودي، حيث ظهر للعالم الفرق الكبير بين إقدام المقاتل اليمني، وإدبار المقاتل السعودي، برغم أن الأخير مزود بأحدث وأعتى الأسلحة.
وحتى إعلام العدو فقد كان شاهدا على التضليل والأكاذيب التي عمد إليها محاولا تسويق انتصارات وهمية من خلال خداع الإعلام.
بنظرك، ما الذي يجب على الإعلام أن يقوم به والعدوان يواصل همجيته وينهي عاماً كاملاً دون أفق للتسوية والسلام؟
– العبء على الإعلام كبير جدا سواء في الحرب أو في السلم، ويتعين على مختلف وسائل الإعلام مواصلة دورها الوطني في الحشد والتعبئة وتعزيز عوامل صمود شعبنا، في مواجهة العدوان بعض النظر عن حديث المفاوضات والحلول السلمية.
لقد حاول العدو خداعنا كثيرا، وكلما تحدث عن تهدئة أو هدنة، كان في الواقع يحشد لتصعيد أكبر، وعليه ينبغي الحذر من الاسترخاء، حتى تتضح الصورة بشكل جلي.
كلمة أخيرة في ختام هذا اللقاء ؟
– الشكر أولا وأخيرا لصحيفة 26 سبتمبر والقائمين عليها، فقد أبلوا بلاء حسنا في مواجهة العدوان في هذه المرحلة الفاصلة من تاريخ شعبنا..و رغم كل الصعاب والمعوقات، فقد كنتم في مستوى التحدي، تمنياتي لكم جميعا ولك أستاذ محسن بالتوفيق والنجاح على الدوام.
الخميس 24 مارس 2016 العدد 1863