ندوة بصنعاء حول مجزرة تنومة توصي بتخليد هذه الجريمة في ذاكرة الأجيال

موقع أنصار الله  –  صنعاء –  17 ذو القعدة 1441 هجرية

عٌقدت بصنعاء اليوم ندوة علمية بعنوان ” مجزرة تنومة ومائة عام من العدوان السعودي على اليمن وعلى حجاج بيت الله الحرام”، نظمها مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية اليمني.

وفي افتتاح الندوة التي حضرها وزير الخدمة المدنية والتأمينات إدريس الشرجبي وعضوا مجلس الشورى الدكتور حزام الأسد ومصلح أبو شعر، أكد الدكتور حمود الأهنومي، في كلمة عن مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية اليمني، أهمية إحياء ذكرى مجزرة تنومة بحق الحجاج اليمنيين والتحرك الجاد لمواجهة قوى الإستكبار.

واعتبر الذكرى المئوية لمجزرة تنومة محطة يستلهم أبناء اليمن منها الدروس لمعرفة ما يكنه النظام السعودي من حقد عليهم، ما يتطلب تعزيز التلاحم والاصطفاف لمواجهة العدوان الذي يرتكب أبشع الجرائم بحق اليمن أرضاً وإنساناً.

ونوه الدكتور الأهنومي بتفاعل الأكاديميين والمفكرين والمثقفين في سبر أغوار التاريخ للخروج بأبحاث ودراسات قيّمة عن مجزرة تنومة وأهدافها ودوافعها والعمل على توثيقها وتقصي المصادر والمراجع التاريخية التي حتماً ستدين النظام السعودي، بما يرتكبه من جرائم ومجازر بحق الشعب اليمني منذ مائة عام حتى اليوم.

وقدّمت خلال الندوة خمسة أوراق عمل، تناولت الورقة الأولى المقدمة من رئيس جامعة البيضاء الدكتور أحمد العرامي أسباب مذبحة ” تنومه وسدوان”.

وأشار إلى دور بريطانيا في مجزرة تنومة والتي عمدّت على إذكاءها في مستهل صياغتها لخطط تشكيل الوطن العربي، بما في ذلك الجزيرة العربية على أساس سياسة التقسيم إثر التحولات التي شهدها الربع الأول من القرن العشرين وسلسلة الأحداث والمتغيرات، منها إنهاء الحكم العثماني ووعد بلفور لاحتلال فلسطين.

ولفت الدكتور العرامي إلى أن اليمن كان وما يزال في قلب السياسة البريطانية، سعى من خلال التشطير لترسيخ أهدافه الاستعمارية وفي مقدمتها منع أي تقارب بين أبناء الأمة العربية والإسلامية، خاصة في ظل الدعوات التي كان ينادي بها أحرار العرب آنذاك.

وقال” إن بريطانيا هي من صاغ وعد بلفور وعملت على تنفيذه باحتلال فلسطين سواء من خلال دعم إعلان النظام السعودي من خلال المخابرات البريطانية أو فصل اليمن عن الحرمين وقبل تمكين عبدالعزيز آل سعود من الإستيلاء على الحجاز، تم ارتكاب المجزرة بحق الحجاج اليمنيين في تنومه وسدوان عام 1923م”.

وأوردت الورقة ثلاثة أسباب لارتكاب مجزرة تنومة من خلال الجانب العقائدي للفكر الوهابي القائم على مبدأ التكفير، والجانب السياسي المرتبط ببريطانيا وسياستها في الوطن العرب، خاصة خلال الربع الأول من القرن العشرين, والذي سعت من خلاله بريطانيا تمكين آل سعود من السيطرة على نجد والحجاز وفرض هيمتنها على الجزيرة العربية بالتزامن مع نشأة الكيان الصهيوني.

فيما اعتبر الدكتور محمد الشافعي من جمهورية مصر العربية في ورقة العمل الثانية، مجزرة تنومة وسدوان التي راح ضحيتها ما يقارب ثلاثة آلاف حاج يمني، مؤامرة بريطانية سعودية وجريمة بشعة لا تسقط بالتقادم.

وتطرق إلى أهم الأسباب التي أدت للمجزرة وفي المقدمة المساعي السعودية البريطانية لمحاولة كسر الإرادة اليمنية ومحاولة نشر الفكر الوهابي القائم على التكفير والذي شجع على توالد التنظيمات الإرهابية بعدد من المسميات وصولاً إلى القاعدة وداعش, إضافة إلى اعتبار الحجاج اليمنيين وما يمتلكونه من مؤن ومال غنيمة.

فيما استعرضت الورقة الثالثة المقدمة من أستاذ التأريخ بجامعة صنعاء الدكتور فؤاد الشامي التأثيرات السعودية على الكتابة التاريخية المعاصرة “مجزرة تنومة أنموذجا” .. لافتا إلى دور المؤرخين والباحثين والكتّاب المواليين للسعودية في تزييف ذاكرة الأمة وتغيير الوقائع والأحداث المتعلقة بتأريخ الدولة السعودية.

 

وعرّج على أساليب الدولة السعودية في التأثير على كتابة التأريخ والضغط على الدول أو المؤرخين والباحثين والكتّاب للتأثير على الكتابات التاريخية بعدم التعاطي مع أي موضوع يتعلق بهذا الشأن، إلا بما يتوافق مع سياسة السعودية.

وأشار إلى أنواع الأساليب التي استخدمها النظام السعودي للتأثير على الكتابة التاريخية ومنها استخدام النفوذ السياسي والإقتصادي لتحقيق أهدافه وشراء الذمم بتخصيص مبالغ هائلة في ميزانيته السنوية للتأثير على الكتابات التاريخية لتلميع صورته وتغطية أخطائه الفادحة بحق الشعوب وتغيير الأحداث والوقائع التاريخية التي لا تصب في مصلحته.

وتطرق إلى أن أسلوب الترهيب كأحد الأشكال التي استخدمتها السعودية بحق المؤرخين والباحثين والكتّاب الذين فشلت في التأثير عليهم عن طريق الترغيب من خلال السفارات والقنصليات والملحقيات الثقافية التي قامت بهذا الدور.

وتوقف الدكتور الشامي عند تغييب مجزرة تنومة في المصادر والمراجع اليمنية .. معرباً عن الأسف لندرة المراجع التي تناولت تفاصيل المجزرة، ما أدى إلى تغييبها، بسبب الضغوط التي مارستها السعودية على مختلف المستويات لإقفال هذا الملف.

من جهته أشار الباحث محمد حسين العابد في ورقة العمل الرابعة إلى تشابه التنومية السعودية عند التأسيس مع التنومية التي يشهدها اليمن اليوم .. لافتاً إلى المجازر التي ظل النظام السعودي يرتكبها ضد أهل نجد والحجاز والجزيرة العربية واستهدافه لليمن وتاريخه.

وتطرق إلى استمرار عدوانية النظام السعودي وإجرامه وسياساته في منع الحجاج من أداء مناسك الحج وتعرض الركن الخامس من أركان الإسلام لمؤامرة واستهداف بالعمل على تقليص الحجاج وحصرها في اتجاهات معينة للعصابات التكفيرية.

بدوره أكد عضو مجلس الشورى الدكتور عبدالرحمن المختار في ورقة العمل الخامسة أن مجزرة تنومة بحق الحجاج اليمنيين جريمة لن تسقط التقادم .. لافتا إلى محاولات حاكم نجد عبدالعزيز آل سعود طمس آثار الجريمة بحق الحجاج اليمنيين بنفي مسئوليته عنها.

واستعرض طبيعة جريمة إبادة الحجاج اليمنيين وبواعثها وأهدافها .. مبيناً أن طبيعة الجريمة تم تحديدها من قبل عصابات حاكم نجد وتحديد النطاق الجغرافي لمسرح الجريمة والجهة التي يقع تحت نفوذها.

وتناول الدكتور المختار موقف اليمن الرسمي من هذه المجزرة والذي اتسم بالعقلانية والهدوء بعد تعزية عبدالعزيز آل سعود للإمام يحيى والشعب اليمني وتأسفه على هذه الحادثة ، والذي لم يكن أمامه وفقاً لقواعد العلاقات الدولية إلا التعاطي مع الجريمة بتلك الطريقة.

وأشار إلى ضبابية الموقف العربي والدولي من جريمة تنومة نظراً لبساطة أو انعدام العلاقات الدولية والتمثيل الدبلوماسي لليمن مع الدول الأخرى، خاصة وأن اليمن خلال تلك المرحلة لا يزال في طور تأسيس الدولة اليمنية الحديثة عقب انتهاء الإحتلال العثماني.

حضر الندوة رئيس مجلس التلاحم القبلي الشيخ ضيف الله رسام وعدد من المسئولين والعلماء والسياسيين والمثقفين والأكاديميين وممثلي الأحزاب والتنظيمات السياسية.

التوصيات

وأشارت توصيات الندوة إلى أن منفذي الجريمة من الأدوات التكفيرية كانت تحمل الإيدلوجية الوهابية المرتكزة على العنف والتي ترى من المسلمين بصورة عامة وأهل اليمن بشكل خاص، مشركين دماؤهم وأعراضهم مباحة.

ولفتت إلى تعمد النظام السعودي تغييب مجزرة تنومة بحق الحجاج اليمنيين بالترغيب والترهيب، ليغيب ذكراها في المناهج والدراسات والمنابر والوعي الشعبي والرسمي في اليمن .. مؤكدة أن النظام السعودي منذ تأسيسه على يد بريطانيا لم يفتأ عن عرقلة الحج ومنعه وتعطليه إما بقتل الحجاج كما في تنومة وغيرها أو عرقلتهم وتهديد أمنهم، ليختتم ذلك بمنع دخول الحجاج لأداء فريضة الحج للموسم 1441 هجرية.

 

وأوصت الندوة بتخليد هذه الجريمة في ذاكرة الأجيال وإدراجها ضمن المناهج الدراسية والمفردات البحثية وإحياء ذكراها سنويا .. مؤكدة أهمية مراجعة كل الدراسات التي تناولت تاريخ العلاقات اليمنية السعودية واستكمال ما نقص منها وتصحيح الزائف، بما يفضح جرائم الوهابيين وآل سعود بحق أهل اليمن خاصة والأمة بصورة عامة.

كما اعتبرت الندوة مجازر آل سعود في تنومة وما يرتكبه العدوان السعودي اليوم من جرائم بحق أبناء اليمن وجهان لعملة واحدة، ما يلزم كل يمني التحرك الجاد لمواجهة العدوان، انتصاراً لشهداء تنومة ودماء الشعب اليمني.

ودعا البيان الجيش واللجان الشعبية إلى استمرار تنفيذ العمليات النوعية والإستراتيجية الرادعة ضد النظام السعودي .. مطالباً الجهات والمؤسسات البحثية والتعليمية والمؤرخين بكشف الحقائق المغيبة وفضح زيف آل سعود وعملائهم من الكتاب المأجورين.

وشددت توصيات الندوة على ضرورة ملاحقة نظام آل سعود قانونياً وقضائياً أمام المحاكم المحلية والدولية وإعلان إلغاء معاهدة الطائف واتفاقية جدة نظراً لانتهاك النظام السعودي لبنودهما وإلزامه بالاعتراف بجريمة تنومة عبر مختلف الأطر السياسية والحقوقية.

وأعرب المشاركون في الندوة عن الأسف لمنع النظام السعودي دخول الحجاج لأداء فريضة الحج لهذا الموسم باعتبار ذلك الإجراء، مدناً وظاهرة خطيرة غير مسبوقة في تاريخ الأمة .. داعين شعوب العالم الإسلامي إلى العمل على نزع ولاية آل سعود على المشاعر المقدسة.

 

 

 

قد يعجبك ايضا