ماذا تريد جارة السوء السعودية من اليَمَن؟

موقع أنصار الله || مقالات وآراء || أحمد ناصر الشريف

عندَما نقولُ السعوديةُ لا نعني بذلك شعبَ نجد والحجاز؛ لأنه شعب مغلوب على أمره فقد هُويته الوطنية، وأَصْبَح الشعب الوحيد في العالم الذي ينتسب إلَى أُسرة تحكمه اختصرت اسمَه في اسمها وتأريخه كله في تأريخ مملكتها التي أسّستها بريطانيا في 23 سبتمبر عام 1932م ووضعت عليها الطاغية عبدالعزيز بن عبدالرحمن ملكاً لتشكل منذ ذلك التأريخ خنجراً مسموماً غرس في خاصرة الأمة العربية والإسْـلَامية أشدّ من دولة الكيان الصهيوني.. وإنما نعني النظام السعودي والأسرة التي تتربع على رأسه خاصة قيادته الحالية المجرمة وفي المقدمة ملك الزهايمر سلمان بن عبدالعزيز ونجله الطاغية المغرور محمد الذي أراد أَن يصنع لنفسه زعامة من خلال العُـدْوَان الأمريكي السعودي على اليَمَن ولكن الله ردّ كيده في نحره وجعله أفشل وأسوء مسؤول يحكم في العالم.. وعليه نقول لمن يحكموا جارة السوء السعودية اليوم: إن أُسْلُـوب وشكل فرض سياسة الأمر الواقع من قبل طرف على آخر في طبيعة الاشكالات الخلافية حول أية قضية من القضايا بين بلدين جارَين لم يعد مقبولاً ولا منطقياً ويدخل في إطار مفاهيم الحسابات الخاطئة وأوهام الفانتازيا السياسية لسبب بسيط وهو: أن هذه السياسة مهما تم اعتمادُها ومحاولة فرضها تحت التلويح أَوْ الاستعراض بالقوة العسكرية والاقتصادية –كما يحدث حالياً في اليَمَن من قبل جارة السوء وسيدتها أمريكا- لا يمكنها أَن تدحض وتطمس حقائق الواقع تأريخياً وقانونياً وفقاً وما تتضمنه وثائق المعاهدات والاتفاقيات الموقع عليها سواء فيما يتعلق بإشكالية الحدود الجغرافية والبحرية أَوْ في أية قضايا أُخْــَرى؛ كون هذا النمط من أشكال الممارسة السياسية والتعامل يعتبر مرفوضاً جملة وتفصيلاً، ولن يكتب له ألنجاح بأي حال من الأحوال.

بل ولأن هذا النمط في التعامل لا يمكن وصفه إلا بالتهور والتعنت الأعمى الذي يتنافى مع قاموس لغة الحوار ويتحدى إرادة الشعوب ويخالف الاحتكام لإحقاق الحق الذي لن تستطيع محاولات فرض سياسة الأمر الواقع المرفوضة أصلاً من قبل الشعوب الحرة ذات السيادة أَن تزعزع أَوْ تنحرف به عن حقائق وثوابت التأريخ ويصير الهُراء والوهم والرهان الخاسر بكل ما تحمله المعاني من مقاييس هو المسيطر على من يحتمي خلف أمواله وغروره وطغيانه مثلما يفعل اليوم الطاغية محمد بن سلمان غير مدرك هذا المعتوه أَن القوة الاقتصادية – أَوْ التحالفات الأجنبية المضرة والمخلة بعلاقات الإخاء وصلات الرحم والقُربى وروابط الدم والعقيدة وحُسن الجوار- مهما بلغ شأنها فليس بمقدورها فرض سياسة الأمر الواقع على اليَمَن وشعبها العظيم، ومن يعتقد غير ذلك فإنما يمشي وراء السراب ويغالط نفسه.

وإذا كانت لغة العصر وتبدلاته وأحداثه ومتغيراته ترفض كُلّ أنواع الوصاية والهيمنة واستخدام القوة ضد الآخرين في خارطة التحول البشري الجديدة فإنما لأن هذه الأنواع من السلوكيات من منظور علمي معاصر لا بد وأن تندثر وتنهار.. ولنا في تأريخ البشرية القديم عبر ودروس كفيلة بإثبات ذلك.. فقد انهارت أعتى الامبراطوريات وأكثرها قوةً مثل: الامبراطورية اليونانية والامبراطورية العُثمانية والامبراطورية البريطانية التي لم تكن تغرب عنها الشمس لكثرة مستعمراتها..

أما في التأريخ المعاصر فلسنا بعيدين عن انهيار أعتى قوة عالمية عندما تفككت المنظومة الشيوعية وانهارت وتقسمت وتجزأت معظم بلدانها إلَى اكثر من جزء في آسيا وأوروبا.. وكل ذلك يستدعي الاستفادة من دروس وعبر التأريخ التي تؤكد بأنه مهما قصر أَوْ طال الأمد لا يمكن لأساليب الغطرسة وفرض إرَادَة القوة أَن تنتصر على إرادة الإنْسَـان والحق والعدل.

ولذلك فإن خلق العداوات وإثارة الفتن المذهبية والطائفية والعُنصرية في أَوْسَــاط الشعوب لمحاربة بعضها البعض، كما يفعل النظام السعودي في اليَمَن ليس في صالح بلدين تربطهما أواصر علاقات متميزة تأريخياً ،إضافة إلَى أَن استمرار السعودية في خلق المناكفات والمماحكات بين أبناء الشعب اليَمَني الواحد؛ بهدف إحداث شرخ لا يلتئم فشلت في تحقيقه عسكرياً رغم مرور أكثر من عام على العُـدْوَان الظالم وذلك عبر استخدام العديد من الأوراق السياسية والتي من أهمها الدفع بأموال لعناصر وفئات المرتزقة لإثارة القلاقل داخل اليَمَن وهي ليست سوى أوراق خاسرة ومصيرها الفشل بإذن الله كما كان مصير المحاولات السابقة قبل العُـدْوَان البربري وبعده؛ لأنها لن تهز كيان الوحدة الوطنية مهما أوهمتها تلك العناصر العميلة بقُدرتها على تنفيذ مخططات عدائية وتآمرية ضد الوطن اليَمَني وشعبه، بل إن النظام السعودي يدرك جيداً أَن تلك العناصر نفسها التي يتعامل معها غير مقتنعة أصلاً بما تمارسه من أعمال تضر باليَمَن وفي الوقت ذاته ليس بمقدورها أَن تحقق وتنفّذَ ما تخطط له العقليات التآمرية داخل السعودية..

ويظل الأمر الواقع وسياسة المنطق الذي لا بديل عنه هو الاستجابة للدعوات والمواقف السياسية اليَمَنية الداعية والهادفة إلَى تجسيد الحرص المسؤول لمبدأ حُسن الجوار والتعايش السلمي ولغة الحوار الأخوي وإعلاء المُثُل والقيم السامية في العيش والوجود وتبادل المصالح والمنافع المشتركة والتكافؤ في ميزان العلاقات السياسية والأخوية والسمو بلغة الحوار الصادق والنابع من النوايا الحسنة لحل وحسم أَي خلاف حول أية قضية من القضايا.. وكانت آخر هذه الدعوات للنظام السعودي تلك التي أطلقها قائد الثورة الشعبية السيد عبدالملك الحوثي في خطابه عشية ذكرى مرور عام من الصمود في وجه العُـدْوَان الأمريكي السعودي ضد اليَمَن وشعبها العظيم والتي طالب فيها القيادة السعودية أن تعود إلَى الحضن العربي والإسْـلَامي بحكم الانتماء بدل الارتماء في الحضن الأمريكي وتحولها إلَى أداة طيعة لتنفيذ ما يريده أَعْــدَاء الأمتين العربية والإسْـلَامية من تدمير لشعوبها وزلزلة لكياناتها.

ولا شك أنه بعد عودة السعودية إلَى الحُضن العربي فإن المنطقة العربية ستنعم بالأمن والاستقرار وتستعيد اليَمَن والسعودية علاقاتهما التأريخية المتفردة والتي من خلالها لا يستغني أَيُّ بلد منهما عن الآخر؛ كونهما بلدَين جارَين تتشابك مصالحهما وتجمع بينهما عوامل إيجابية كثيرة.

لكن هل يصغي النظام السعودي إلَى صوت العقل؟ وتستفيد قيادته الحالية المتغطرسة من الدرس الذي لقّنه لها الشعب اليَمَني خلال عام من العُـدْوَان.. أم أنها ستظل سائرة في غيها مصداقاً لقوله تعالى: (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُوْرِ)؟!.

قد يعجبك ايضا