الأمم المتحدة.. وسيطٌ محايدٌ أم هيئةٌ دولية داعمة للعدوان؟
موقع أنصار الله || صحافة محلية ||صدى المسيرة- أحمد داوود ||
خلالَ أَكْثَــر من عام على العُـدْوَان الأمريكي السعودي على بلادنا كانت الأُمَــمُ المتحدة تغضُّ الطرْفَ تجاه ما يحدث، والموقف الذي ربما يُشكر عليها بان كي مون هو (قلقه) من القصف المتوحش لطيران العُـدْوَان على سوق نهم الشعبي وسوق حجّة الشعبي قبل أشهر.
ويمكن القول إن دولَ العُـدْوَان شنت غاراتِها الهستيريةَ المتوحشة تحت غطاء ورعاية من الأُمَــم المتحدة ومباركة منها، وأن جهودَها الأخيرة لوقف إطلاق النار قد تأتي فقط خدمةً لدول العُـدْوَان وإخراجها من المأزق التي وقعت فيه وليس حُباً وكرامة للـيَـمَـنيين.
بدأ العُـدْوَان الأمريكي السعودي على بلادنا في 26 مارس 2015 دون حتى إشعارِ المبعوث الأُمَــمي إلى بلادنا جمال بن عمر الذي كان متواجداً في صنعاء أثناء القصف عليها.
وضغطت دولُ العُـدْوَان بعد ذلك في مجلس الأمن الدولي نحو استقالة بن عمر وتعيين مبعوثٍ أُمَــميٍّ جديدٍ، وبالفعل استجاب المجلس للطلب فقدم جمال بن عمر استقالته في 16 أبريل 2015 وتم تعيين إسماعيل ولد الشيخ بدلاً عنه في 23 أبريل 2015.
وكما ضغطت السعودية وتحالفها على استقالة جمال بن عمر، عملت على تبنّي مشروع قرار في المجلس في الجلسة رقم 2216 في 14 أبريل 2015 وصدر في الجلسة قرارا تضمن عدة نقاط أبرزها حظْر توريد الأسلحة والعتاد ووسائل النقل العسكرية لعلي عَبدالله صالح ونجله أحمد وللسيد عَبدالملك الحوثي وعبدالخالق الحوثي وعبدالله يحيى الحاكم وكافة الأطراف التي تعمل لصالحهم أَوْ تنفيذاً لتعليماتهم في الـيَـمَـن، كما دعا القرارُ جميع الأطراف الـيَـمَـنية إلى المشاركة في مؤتمر الرياض، وانسحاب الجيش واللجان الشعبية من المحافظات الـيَـمَـنية بما فيها صنعاء وغير ذلك من القرارات التي كانت بمثابة شروطٍ تعجيزية على الجيش واللجان الشعبية وهيمنة واضحة على الـيَـمَـن من قبل السعودية وبمباركة من مجلس الأمن الدولي.
رحلاتٌ مكوكيةٌ لخدمة الجلّادين
ومنذ أن بدأ العُـدْوَان وموقف الأُمَــم المتحدة متواطئٌ بشكل كبير مع السعودية، حتى بيانات التنديد والشجب لم تصدُرْ إلا في حالات استثنائية فقط، حين يتعلق الأمر بقصف منظمة أطباء بلا حدود أَوْ في الأشهر الأخيرة في قصف الأسواق الشعبية في نهم وحجّة.
المبعوثُ الأُمَــمي كذلك في معظم زياراته إلى صنعاء كان بمثابة الناقلِ لإملاءات السعودية ولم يكن في مقدوره عملُ أي شيء يتعلق بوقف إطلاق النار أَوْ ما شابه ذلك، بل والأسوأُ من ذلك أن ولد الشيخ في أول زيارة له إلى صنعاء في 12 مايو 2015 جاءت بعد جرائمَ بشعة ارتكبها العُـدْوَان تمثّلت في إلقاء قنابلَ فراغية على العاصمة في فج عطان، كما وصل ولد الشيخ بعد يوم واحد من مجزرة للعُـدْوَان استهدف جبل نقم وراح ضحيتها أَكْثَــرُ من مائة شهيد.
وعلى الرغم من وجود ولد الشيخ بصنعاء إلا أن الغاراتِ استمرت وزاد القصف دون اكتراث من قبل العُـدْوَان لهذه الزيارة.
جنيف 2.. المراوغةُ السعودية
وقبل انعقاد مفاوضات جنيف 2 في 15 ديسمبر 2015 تزايدت الضغوطُ الأُمَــمية والدولية التي دعت إلى وقف العُـدْوَان، وعقد مؤتمر “جنيف 2” في أسرع وقت لإيجاد حل سياسي يُنهي المعاناة الإنسانية والأزمة السياسية التي مزّقت البلاد.
وكانت الأُمَــم المتحدة أعلنت أن هذا المؤتمر يمكن أن يتم عقدُه في جنيف أَوْ مسقط بين 10 و15 نوفمبر، إلا أنه تأجّل إلى منتصف نوفمبر ثم تأجل مرة أخرى إلى شهر أكتوبر، ولم يتم عقد مؤتمر جنيف 2 إلا منتصف ديسمبر من العام الماضي.
وحاول مرتزقة العُـدْوَان حسْمَ معركة تعز قبل الوصول إلى جنيف 2، لكن محاولاتهم فشلت وكانت ضربة توشكا قبل عقد المفاوضات بيوم واحد، جاءت لتُحبطَ آمال الغزاة بالتقدم صوب تعز والسيطرة عليها، مستغلين الحديثَ عن هذه المفاوضات.
وعلى الرغم من الأجواءِ الإيجابيةِ التي سبقت هذه المفاوضات إلا أن فشلَها كان من الجلسات الأولى، فقد اقتصرت مطالبُ وفد هادي على فكّ الحصار عن تعز وإطلاق سراح خمسة معتقلين فقط، دون التطرق إلى المواضيع الأخرى، كما تبخّرت وعود الأُمَــم المتحدة للوفد الوطني بوقف العُـدْوَان قبل انعقاد المفاوضات، فبدأت مع أولى الجلسات غارات عنيفة ومكثفة على معظم المحافظات، ثم توقفت المحادثات فجأة ليتضح في ما بعد أن السفير الأمريكي هو الذي أوقفها وطلب من المبعوث الأُمَــمي إسماعيل ولد الشيخ إيقافها فاستجاب لذلك على الفور.
وقال الناطق الرسمي باسم أنصار الله محمد عَبدالسلام حينها: إن الأُمَــم المتحدة عجزت في وقف إطلاق النار وأن الجيشَ واللجان سيواصلون الدفاع عن الوطن.
وأصدر المجلسُ السياسي لأنصار الله بياناً عقب ذلك أكد فيه “العدو السعودي الأمريكي كان ينتظر انطلاقَ المحادثات التي ترعاها الأُمَــم المتحدة في سويسرا موعداً لتدشينه؛ بهدف الغدر والاستفادة من الغطاء الذي وفّرته الأُمَــمُ المتحدة عبر إعلانها لوقف إطلاق النار مع بدء تلك المحادثات والتي بدت للأسف من خلال تعاطيها مع ذلك التصعيد أنها لم تكن جادةً في مساعيها لوقف العُـدْوَان بقدر النية في توفير الفرصة المناسبة لتصعيد الغزاة”.
وأكد المجلس أن “عملية الإرجاف والتهويل لن تنطليَ على أبناء يمن الإيمان والحكمة، ولن تفُتَّ في عضد الـيَـمَـنيين الذين استطاعوا بفضل الله تعالى وعونه وتأييده الصبر والصمود وتحقيق الانتصارات طيلة التسعة الأشهر الماضية، ولقنوا خلالها العُـدْوَان السعودي الأمريكي الهمجي ومرتزقته دروساً بليغة في الشجاعة والبطولة والتضحية والفداء، وأذاقوه مُر الهزائم والنكسات، وأبهروا العالَمَ بشجاعتهم وصبرهم وصمودهم، حيث وقفوا بوجه أعتى آﻻت الموت والدمار وأشدها فتكاً، وواجهوا ولا يزالون جيوشَ الإجرام والارتزاق من مختلف دول العالم، في ظل تواطؤ الأُمَــم المتحدة وما سُمّي بالمجتمع الدولي على حرب إبادة أبناء الشعب الـيَـمَـني الكريم وحصاره الجائر وغير المسبوق”.
مفاوضاتُ الكويت.. مشهدُ جنيف قد يتكرر
مؤشرُ التفاؤلِ بنجاح مفاوضات جنيف كبيرٌ جداً، فالملاحَظُ أن هناك رغبةً أمريكية سعودية لوقف العُـدْوَان على بلادنا، هكذا يتحدث الكثير من المتابعين والمحللين السياسيين، لكن البعض لا يخفي قلقَه من احتمال أن يكون المؤتمر القادم هو مخطط جديد لإيقاعنا في الخديعة.
من مؤشرات ذلك أن المبعوث الأُمَــمي إلى الـيَـمَـن إسماعيل ولد الشيخ سلّم أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام مسودةَ وقف إطلاق النار قبل أيام من انعقاد مفاوضات الكويت في 18 من الشهر الجاري وقبل يومَين فقط من الإعلان عن وقف إطلاق النار والذي دخل حيّز التنفيذ يوم أمس الأحد.
ويرى مراقبون أن ولد الشيخ قد لا يستوعب ملاحظاتِ أنصار الله والمؤتمر الشعبي على مسودة وقف إطلاق النار تماماً، كما عمل في جنيف 2 حين تجاهل كُلّ ملاحظات الوفد الوطني.
التنبه المبكر لقائد الثورة.. لا تعويلَ على مجلس الأمن
وفي معظم خطاباته يؤكد السيد عَبدالملك الحوثي قائد الثورة أن مجلس الأمن الدولي لا يمكن التعويلُ عليه إطلاقاً.
وقال السيد في خطابه الشهير عقب تفجيرات مسجدَي بدر والحشوش: مجلسُ الأمن كان في الأغلب يقفُ مع الجلاد ضد الضحية، مجلسُ الأمن لا يعرف أن يجتمعَ إلا حينما يرى القوى الشريرةَ والخطرة والمتآمرة والأيادي الإجْـرَامية في حالة خطر، يجتمعُ ليتخذَ موقفاً مسانداً لها، متى اجتمع مجلسُ الأمن ليساندَ الشعوبَ المستضعفة؟ ماذا عمل مجلسُ الأمن لإخوتنا وأعزائنا في فلسطين على مدى كُلّ هذه العشرات من الأعوام؟ ما الذي فعل لأَي شعب مظلوم في العالم؟ هل تَحَـرّك تَحَـرّكاً جاداً؟
مجلسُ الأمن هو يخضَعُ في الأساس للقوى الدولية المعروفة أنها هي من تقودُ الشرَّ في العالم، من تقود هذه المؤامرات على شعوبنا؟، فكيف يمكن أن يكونَ من يؤمل منه أن يحلَّ مشكلتنا أَوْ يسعى إلَـى دفع هذا الشرّ عنا؟، هو يرعى هذه الأخطار وهذه المؤامرات ويصبغها بصبغة دولية ليغطيَ على تلك القوى الدولية حتى لا تبرزَ وهي مكشوفة أمام العالم فيما ترتكبه من جرائمَ!!
وعقب قرار مجلس الأمن الدولي 2216 ألقى السيد عَبدالملك الحوثي خطاباً هو الثاني بعد العُـدْوَان معلقاً على هذا القرار بالقول: “قرار مجلس الأمن غير مفاجئ لأنه لم يقف لصالح المستضعفين وفلسطين شاهد على ذلك.. النظام السعودي يحمل العداء للشعب الـيَـمَـني ويشكل خطراً عليه وحــــــــقنا في الرد أقرته شريعة السماء وقوانين الأرض والعرف الإنساني“.
وأضاف قائلاً: “موقفُ مجلس الأمن غيرُ مفاجئ، نحن كنا سنتفاجَأُ بقرار مجلس الأمن لو وقف موقفَ العدالة والصدق، موقف الحق، كنا سنتفاجأ؛ لِأَنَّ مجلسَ الأمن عبارة عن مجلس للقوى الكبرى لتقاسُمِ النفوذ والهيمنة، هذا أمرٌ واضح، هو مجلس القوى الكبرى المتغطرسة ذات الطمَع والنزعة الاستعمارية؛ لتقاسُم النفوذ والهيمنة، فلسطين شاهدٌ على أن مجلس الأمن لم يكن يوماً من الأيام ليقفَ مع الحق والعدالة لصالح المستضعفين”.