ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) مدرسةً مليئة بالدروس والعبر
موقع أنصار الله | من هدي القرآن |
إن الحديث عن كربلاء هو حديث عن الحق والباطل، حديث عن النور والظلام، حديث عن الشر والخير، حديث عن السمو في أمثلته العليا، وعن الإنحطاط، إنه حديث عن ما يمكن أن تعتبره خيرًا، وما يمكن أن تعتبره شرًا،
ولذا يقول البعض: إن حادثة كربلاء، إن ثورة الحسين (عليه السلام) حدث تستطيع أن تربطه بأي حدث في هذه الدنيا، تستطيع أن تستلهم منه العبر والدروس أمام أيٍّ من المتغيرات والأحداث في هذه الدنيا؛ لذا كان مدرسة، كان مدرسةً مليئة بالعبر، مليئةً بالدروس لمن يعتبرون، لمن يفقهون، لمن يعلمون.
الإمام علي (عليه السلام) عندما آلت الخلافة إليه كان أمامه عقبة كئودًا، شخص معاوية في الشام. أول قرار اتخذه الإمام علي (عليه السلام) هو أنه يجب عزل هذا الرجل ولا يمكن أن يبقى دقيقة واحدة في ظل حكم علي، يحكم منطقة كالشام باسم علي، وباسم الإسلام.
البعض نصح الإمام عليًا (عليه السلام) بأنه ليس الآن وقت أن تتخذ مثل هذا القرار، معاوية قد تمكن في الشام، انتظر حتى تتمكن خلافتك ثم بإمكانك أن تعزله. يبدو هذا عند من يفهمون سطحية السياسة، وعند من لا يصل فهمهم إلى الدرجة المطلوبة بالنسبة للآثار السيئة، والعواقب الوخيمة لأن يتولى مثل ذلك الرجل على منطقة كَبُرَت أو صَغُرَت، على رقاب المسلمين، كمعاوية، تبدو هذه فكرة صحيحة.
دعه حتى تتمكن ثم بإمكانك أن تغيره بعد؛ الإمام علي (عليه السلام) قال: لا يمكن؛ واستشهد بقول الله تعالى: {وما كنتُ مُتخذ المضلينَ عضدًا} (الكهف: من الآية51) عونًا ومساعدًا؛ لأن من تعينه واليًا على منطقة، أو تقرُّه واليًا على منطقة ما، يعني ذلك أنك اتخذته ساعدًا وعضدًا، يقوم بتنفيذ المهام التي هي من مسئوليتك أمام تلك المنطقة أو تلك.
عندما نعود إلى الحديث من هنا هو من أجل أن نعرف ما الذي جعل الأمور أن تصل إلى هذه الدرجة فنرى الحسين صريعًا في كربلاء، إنها الانحرافات الأولى.
الإمام علي لم يقرّ أبدًا معاوية واليًا على الشام وعندما استشهد بقول الله تعالى: {وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} (الكهف: من الآية51) إن معاوية رجل مضل، يضل أمة، ومعنى أن تُضِل أمة بعد أن جاء هدي الله، بعد أن جاء نور القرآن، بعد أن بعث الله محمدًا (صلوات الله وسلامه عليه) ماذا يكون إضلالك؟ هل يكون إلا صرفًا للأمة عن القرآن، صرفًا للأمة عن محمد، صرفًا للأمة عن دين الله، عن الإسلام، عن هدي الله.
إن معاوية مضل، وقد بقي فترة طويلة على بُعدٍ من عاصمة الدولة الإسلامية، أضل أمة بأسرها، أقام لنفسه دولة في ظل الخلافة الإسلامية؛ وعندما حصل الصراع بين الإمام علي (عليه السلام) وبين معاوية وجاءت معركة [صفين] استطاع معاوية أن يحشد جيشًا كثير العدد والعدة أكثر من جيش الخليفة نفسه! أكثر عددًا وأقوى عدة من جيش الخليفة نفسه! وكان ذلك الجيش الذي حشده إلى ساحة [صفين] مجاميع من تلك الأمة التي أضلها معاوية.
لما أضلها معاوية انطلقت تلك الأمة لتقف في صف الباطل، لتقف في وجه الحق، لتقف في وجه النور، لتقف في وجه العدالة، في وجه الخير، تقف مع ابن آكلة الأكباد، مع ابن أبي سفيان، ضد وصي رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، ضد أمير المؤمنين على ين أبي طالب، الذي قال فيه الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله): “أنت مني بمنـزلة هارون من موسى”.
إنه الضلال، وما أخطر الضلال، ما أخطر الضلال وما أسوأ آثار ونتائج وعواقب الضلال! وما أفضع خسارة المضلين عند الله، ما أشد خسارتهم، وما أفضع خسارتهم في هذه الدنيا ويوم يلقون الله سبحانه وتعالى، وقد أضلوا عباده!
الإمام علي (عليه السلام) هو يعلم أن أخطر شيء على الأمة، أن أخطر شيء على البشرية هو الضلال والمضلون، لذلك وهو من يعرف واجب السلطة في الإسلام، ويعرف مهمة الدولة في الإسلام، ويعرف مهمة الخلافة الإسلامية، يرى أنه لا يمكن بحال أن يقرَّ شخصًا مضلًا على منطقة في ظل دولته وإن كانت النتيجة هي تَقْويض خلافته واستشهاده؛ كان يقول: “إن خلافتكم هذه لا تساوي عندي شراك نعلي هذا إلا أن أقيم حقًا أو أميت باطلًا”.
لماذا؟ قد يستغرب أي شخص منا عندما يسمع كلامًا لأمير المؤمنين (عليه السلام) كهذا؛. أنت حريص على أن تزيل معاوية من موقعه حتى لو كان الثمن هو تقويض خلافتك، إزاحتك عن هذا المنصب، استشهادك.! الإمام علي (عليه السلام) يرى كل هذا سهلًا، ولا أن يبقى معاوية دقيقة واحدة على رقاب الأمة؛ لأن عليًا لم يكن من أولئك الذين يحرصون على مناصبهم، وليكن الثمن هو الدين، وليكن الثمن هو الأمة، ومصالح الأمة، ومستقبل الأمة، وعزة الأمة وكرامتها.
#دروس_من_هدي_القرآن_الكريم
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 10/1/1423 ه الموافق: 23/3/2002م
اليمن – صعدة
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام