أطماع الإمارات في سقطرى اليمنية.. ما الذي يبحث عنه الضباط الإماراتيون والإسرائيليون في الجزيرة؟
|| صحافة ||
أطماع الإمارات في جزيرة سقطرى اليمنية، بهدف التسلل إلى المنطقة، وصلت إلى حد السعي لإقامة قواعد عسكرية في الجزيرة، من أجل جمع المعلومات العسكرية والتجسسية، إلى درجة يتم فيها ذكر الإمارات كأداة في أيدي القوى الكبرى، بما في ذلك أمريكا.
في يونيو الماضي، واجه اليمن حدثًا عسكريًا كبيرًا تمثَّل في استيلاء القوات الانفصالية المدعومة من الإمارات على جزيرة سقطرى جنوب شرق اليمن، وذلك بعد مواجهات مع القوات الحكومية.
كانت هيمنة المجلس الانتقالي اليمني على جزيرة سقطرى، استراتيجيةً بعد سنوات من الجهود العديدة التي بذلتها الإمارات لتوسيع نفوذها في هذه الجزيرة.
سقطرى هي مجموعة من ست جزر تطل على المحيط الهندي، والتي كانت في نهاية عام 2013، قبل أن يأمر “عبد ربه منصور هادي” بتحويل هذه الجزر إلى محافظة سقطرى، كانت جزءًا من محافظة “حضرموت” شرقي اليمن، وبعد هذا الأمر تم تغيير إجمالي هذه الجزر، التي تغطي مساحة 3700 كيلومتر مربع، إلى سقطرى.
كما تمكنت القوات الانتقالية من السيطرة على وسط سقطرى أو مدينة “حديبو” بعد أسابيع من الحصار، بينما کانت القوات الحكومية في ذلك الوقت تشتكي من نقص حاد في المعدات العسكرية للتعامل مع هذه القوات، التي كان المجلس الانتقالي قد جلبها من محافظات أخرى في جنوب اليمن.
ومع ذلك، فإن هيمنة المجلس الانتقالي على سقطرى تسببت في قيام الإمارات بتوسيع نفوذها بشكل فعال على الجزيرة، حيث لم يعارض المجلس أي قرار إماراتي. في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام الحكومة اليمنية أن المجلس ليس سوى أداة وذراع أبوظبي لتنفيذ ما يمليه عليه الداعمون الإماراتيون.
بعد سيطرة المجلس الانتقالي على سقطرى، لم يكن أمام القوات المحلية بقيادة المحافظ “رمزي محروس” خيار سوى مغادرة الجزيرة، وقررت الانتقال إلى محافظة “المهرة” شرق اليمن مع مسؤولين حكوميين.
وبعد أيام قليلة، اتهم محروس في بيان له السعودية بصفتها قائدة التحالف العسكري ضد اليمن، بتسهيل سيطرة المجلس الانتقالي على سقطرى، قائلاً: “تلقينا تأكيدات من القوات السعودية في سقطرى بوقف الصراع، لكن السعودية سحبت هذه التأكيدات وترکت الميليشيات الانتقالية لتسيطر على المحافظة.
وأعلنت السعودية حينها أنها ملتزمة بأهداف التحالف العسكري في اليمن، بما في ذلك دعم الشرعية واستعادة الحكومة اليمنية.
وأضاف محروس: إن سقطرى أصبحت أداة ضغط من قبل قوات التحالف على منصور هادي والحكومة، لكنها ستعود إلى أحضان الحكومة الشرعية.
ومع ذلك، بعد السيطرة الكاملة على سقطرى، قامت القوات الانتقالية بوضع قادة تابعين لها في معظم المؤسسات الحكومية بالجزيرة، وعينت “رأفت الثقلي” رئيساً لمجلس المحافظة وهو المنصب الذي یعدّ بمثابة المحافظ.
في غضون ذلك، واصلت الحكومة اليمنية مطالبتها بإنهاء هيمنة المجلس الانتقالي على سقطرى، معلنةً أن المجلس مدعوم من الإمارات وقام بانقلاب شامل على القوات الشرعية في المحافظة.
وكان آخر موقف اتخذته الحكومة في الأول من أيلول، حينما شددت على ضرورة العودة إلى الوضع في سقطرى قبل وصول المجلس الانتقالي إلى السلطة، ودعت المجلس إلى التوقف عن إثارة الفوضى في سقطرى ومحاولة استعادة الشرعية وتشغيل المؤسسات الحكومية.
الأهمية العسكرية لسقطرى
بالنظر إلی الأهمية الإستراتيجية الكبيرة لسقطرى، حاولت الإمارات توسيع نفوذها هناك منذ بداية الحرب علی اليمن، أي قبل أكثر من خمس سنوات، وفي عام 2018 ودون تنسيق مع الحكومة اليمنية، أرسلت القوات التابعة لها إلى الجزيرة، لکن الخطوة أثارت احتجاجات شديدة من اليمن، حيث توجه رئيس الوزراء آنذاك “أحمد عبيد بن دغر” إلى سقطرى مع عدد من الوزراء والمسؤولين، معلناً أنه لن يغادر حتى تغادر القوات الإماراتية المنطقة. وبعد التوتر الشديد، لعبت السعودية مضطرةً دور الوسيط بين الحكومة اليمنية والإمارات.
وانتهت التوترات بين الجانبين في مايو 2018 بوساطة سعودية، حيث انسحبت القوات الإماراتية من سقطرى، وبتنسيق مع الحكومة اليمنية دخلت القوات السعودية الجزيرة، والتي لا تزال موجودةً في هذه المنطقة، لكن العدد الدقيق لها غير معروف.
وفي هذا الصدد، قال الخبير العسكري اليمني “علي الذهب”: تتمتع سقطرى بأهمية کبيرة، لأنها تطل على البحر الأحمر وخليج عدن، وينقل نفط الدول الخليجية من هناك، وبشكل عام توجد خطوط الشحن الدولية فيها.
ووفقاً له، فإن هذا الموقع الاستراتيجي لسقطرى سمح للسفن بالرسو هناك، وطبيعة شواطئها تجعل من الممكن حماية السفن من الرياح القوية.
وأضاف الذهب: کما أن هناك إمكانيةً للاستقلال العسكري للجزيرة، في شكل قاعدة عسكرية للدفاع الاستراتيجي عن اليمن وشبه الجزيرة العربية والخليج الفارسي والقرن الإفريقي.
ومضی قائلاً: يلبّي الموقع الاستراتيجي لسقطرى التطلعات العسكرية للجانب الذي يسيطر عليها، بحيث توفر القواعد التي ستقام هناك منشآت عسكرية للتدخل في دول المنطقة، وخاصةً الدول التي تشهد توترات.
ليست الإمارات وحدها هي التي تسللت إلى سقطرى، بل السعودية أيضًا لها نفوذ عسكري هناك، والارتباك في الحرب وتشتيت الأوضاع وإضعاف سيادة القانون كلها لها هدف واحد وهو تفكك اليمن وتحقيق إنجازات على هذه الجزيرة.
يشار إلی أن التحالف العربي الدولي شن منذ عام 2015 عمليات عسكرية ضد اليمن لدعم القوات الحكومية التي تقاتل حركة أنصار الله، حركةٌ کانت تحکم محافظات يمنية، بينها صنعاء، منذ 2014.
وبحسب الذهب، فإن وجود القواعد العسكرية الإماراتية في سقطرى يمكن أن يكون مماثلاً للقواعد العسكرية الموجودة في المحيط الهندي، لأن الإمارات تبحث عن أطماع استراتيجية في شكل وجود مصرح به من دول كبرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، لأن لها أهدافاً مشتركةً ومصالحهم مشتركة أيضاً.
وفي غضون ذلك، أكد مصدر عسكري يمني رفيع أن الإمارات عازمة على السيطرة على سقطرى، وأن جهودها في هذا المجال تأتي في شكل توسيع نفوذها على الموانئ اليمنية والمياه والمواقع الاستراتيجية.
ولم يستبعد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إمكانية قيام الإمارات بإنشاء قاعدة عسكرية في سقطرى لتوسيع نفوذها في المنطقة، واصفاً الإمارات بأنها شرطي الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وأداة بيد اللاعبين الكبار.
قاعدة إماراتية-إسرائيلية
يُذكر على نطاق واسع في اليمن، رسميًا وشعبياً، أن الإمارات العربية المتحدة لديها طموحات حقيقية للسيطرة على سقطرى وبناء قواعد عسكرية هناك، يغريها فقراء سقطرى بغية الحصول على الجنسية الإماراتية، ويسعى ارتباط سقطرى المباشر بالإمارات إلى تدمير هويتها اليمنية.
وفي 28 أغسطس، أعلن موقع “ساوث فرونت” الأمريكي المتخصص في الأبحاث العسكرية والاستراتيجية، أن الإمارات والکيان الإسرائيلي يخططان لبناء قواعد عسكرية وتجسسية في سقطرى، ونقلاً عن مصادر عربية وفرنسية لم يسمها، ذکر الموقع أن الإمارات والکيان الإسرائيلي يعملان على بناء البنية التحتية اللازمة لجمع المعلومات الاستخبارية العسكرية في سقطرى.
وبحسب المصدر، سافرت مجموعة من الضباط الإماراتيين والإسرائيليين مؤخرًا إلى سقطرى، وتفحصوا بعض المواقع بهدف إنشاء قواعد عسكرية.
كانت سقطرى من أهم مناطق الجذب السياحي في اليمن قبل الحرب، لما تتمتع به من تنوع وموقع استراتيجي مهم، وقد زار الجزيرة العديد من السياح الأجانب من باحثين وصحفيين وسياسيين ومسؤولين لتنوع أنواع النباتات فيها. کما تم إدراجها في قائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 2008، بسبب غناها بالأنواع النباتية والحيوانية والطيور النادرة.
وفي هذا السياق، اتهم “مختار الرحبي” مستشار وزير الإعلام اليمني، في أغسطس/آب الماضي، الإمارات على تويتر بنهب الأشجار والأحجار الكريمة وطيور سقطرى النادرة، دون أن يكون للإمارات أي تفسير أو رد فعل.
كما تشتهر سقطرى بشجرة فريدة تسمى “دم الأخوين” لا توجد في أي مكان آخر في العالم، لدرجة أن صورة هذه الشجرة محفورة على بعض الأوراق النقدية اليمنية.
الوقت التحليلي