أنصارالله ينشر النص الكامل للحوار الهام الذي أجرته صحيفة المسيرة مع الفريقُ الركن جلال الرويشان

|| صحافة ||

الفريق جلال الرويشان: ماضون نحو تحرير كافة أراضي الوطن مهما كانت الضغوطات

في الوقت الذي تتعاظمُ فيه خسائرُ تحالف العدوان وأدواته بشكل متسارع، بمقابل تصاعد انتصارات “صنعاء” عسكريًّا وأمنيًّا، تتجلى حقائقُ حتميةُ الانتصار على العدوان بشكل أوضح، ويبدو أن خياراتِ “التحالف” وأتباعه تضيقُ وتقل بمرور الوقت إلى الحد الذي يجبرُه على العودة دائماً إلى شروط صنعاء الواضحة بخصوص السلام العادل، والتي لا يجد مفرًّا منها إلا إلى حيثُ يتلقى ضرباتٍ أقسى.

هذا ما يؤكّـدُه نائبُ رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن بحكومة الإنقاذ، الفريقُ الركن جلال علي الرويشان، في حوار مع صحيفة “المسيرة” تناول تطوراتِ ومستجداتِ المشهد على أكثر من مستوى.

فعلى المستوى العسكري، يؤكّـد الفريق الرويشان أن معركةَ مأرب الاستراتيجية والتي باتت محطَّ أنظار وتحليلات جميع المراقبين والمهتمين بالشأن اليمني: هي جزءٌ من معركة لن تتوقفَ حتى تحرير كافة أراضي البلد، وأن أية محاولات للضغط من قبل العدوّ وحلفائه لن تفلحَ في إيقاف هذه المعركة، بما في ذلك تلك المحاولات التي يمارس فيها المبعوث الأممي “سياسة الكيل بمكيالين”.

ويعيد الرويشان إرسالَ رسائل تحذير للعدوان بأن أيَّة محاولات منه لاستهداف منشآت البلد الاقتصادية والحيوية في مأرب أَو غيرها ستواجَهُ بالمثل، وهي رسائلُ يعرفُ العدوُّ اليوم مدى جديتها، بعد ستة أعوام أثبتت فيها قواتُ الجيش واللجان تميزاً واضحًا في تطوير قدراتها بشكل متصاعد ومستمرٍّ.

وعلى المستوى الأمني، يوضح نائبُ رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن، أهميّةَ “الأمن المجتمعي” ومساندة المواطنين لأجهزة الدولة في تحقيق الكثير من الإنجازات التي تجعلُ من صنعاءَ وبقيةِ المحافظات الحرة نموذجاً استثنائيًّا للاستقرار، بالنظر إلى ظروف الحرب والحصار، وبالمقارنة مع تلك المناطق التي يسيطر عليها العدوان وأدواته، والتي يتبع فيها العدوّ سياسات “الاستعمار القديم” من حيث خلق الصراعات والانقسامات والفوضى فيها.

أَمَّـا سياسيًّا، فيؤكّـد الفريق الرويشان، وهو عضو الفريق الوطني في مشاورات السويد أَيْـضاً، أن دول العدوان لم تكن صادقةً منذُ البداية في “اتّفاق ستوكهولم” بل كانت تعتبِرُه “تكتيكاً” لإسقاط الحديدة، وقد أثبتت ذلك عمليًّا من خلال عرقلة تنفيذ الاتّفاق حتى الآن، فيما أثبتت “صنعاء” جديتها في التمسك به وتسهيل تنفيذه بشكل عملي.

وينعكس هذا بدوره على مِـلَـفِّ السلام ككل، حيث يؤكّـدُ الرويشان أن الأممَ المتحدة أثبتت عجزَها الكاملَ عن مغادرة السياسات التي ترسُمُها لها الدولُ دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي؛ باعتبَار المنظمة الأممية مُجَـرَّدَ أداةٍ من أدوات تلك الدول، وبالتالي فلا تعويلَ على هذه المنظمة في الوصول إلى حلول حقيقة، لكن صنعاء لن تغلق أبوابها أمام أية فرصة لسلام عادل، سواء عبر الأمم المتحدة أَو غيرها، وقد ترجمت ذلك بوضوح من خلال مبادرات السلام الأُحادية، وإن استمر العدوّ في تعنته فلا يلومنَّ إلا نفسه.

 

فيما يلي النص الكامل للحوار:

– تتصدَّرُ مأربُ اليومَ واجهةَ المشهد اليمني؛ باعتبَارها نقطة تحول منتظر وغير مسبوق في مسار الحرب، مَـا هِي الآفاق العسكرية والسياسية الحالية والمرتقبة لتحرير مأرب سواء كمعركة منفصلة أَو كجزء من معركة مواجهة العدوان بشكل عام؟

بادئ ذي بدءٍ أشكُـــرُ صحيفة المسيرة على إتاحة هذه الفرصة للتحدث عن التطورات والمستجدات في إطار المعركة الوطنية المقدسة في مواجهة دول العدوان على اليمن.

وحول سؤالِكم عن أهميّة مأرب الاستراتيجية والسياسية والعسكرية، فكما يعرفُ الجميعُ أن مأرب والجوف من حيث الأهميّة الجيواقتصادية بالتحديد تتصدَّرُ بقية المحافظات اليمنية. فهي إضافةً إلى مخزونها الهائل من النفط والغاز تحتوي على واحدٍ من أكبر احتياطيات المياه في المنطقة، وفيها أكثرُ الأراضي الزراعية خصوبةً على مستوى اليمن. إن السيولَ التي تتدفق على محافظتَي مأرب والجوف من محافظات صعدة وعمران وصنعاء وذمار والبيضاء ومناطق من محافظات أُخرى ومنذ آلاف السنين تستقر في باطن تربتها الخصبة ولا تغادرها كما هو حال التضاريس الجغرافية في معظم دول العالم، وقد تشكَّلت من خلال تدفُّق السيول المحملة بالطمي والأسمدة الطبيعية تربة خصبة يصل ارتفاعها في بعض المناطق إلى مِئة متر.

ثم إن معركةَ تحرير مأرب بالتأكيد جزءٌ من معركة تحرير كُـلّ شبر من اليمن يقع تحت الاحتلال، اليمنيون بطبعهم لا يقبلون الغزوَ والاحتلالَ ويرفضون الظلم والضيم والطغيان، وعلى كُـلِّ من راودته نفسه لارتكاب هذا الجرم المتمثل في غزو اليمن وقهر وإذلال شعبها أن يقرأ التاريخ. وهي مناسبةٌ هنا لتوجيهِ الدعوة للمشايخ والعقلاء والعلماء وقادة الرأي من أبناء محافظة مأرب؛ للاستجابة لأصوات السلام الصادرة عن صنعاء والجنوح إلى السلام؛ حقناً لدماء اليمنيين؛ وحفاظاً على ما بينهم من روابط الأرض والدم والإخاء والمواطنة والعمل معاً لطرد الغازي والمحتلّ وبناء اليمن الحديث؛ لأَنَّ المحتلّ لا بُدَّ وأن يغادر اليمن مُكرهاً قبل أن يتركها خراباً كما هو هدفه.

 

– في تصريحات لكم طالبتم المبعوثَ الأممي أَنْ يكونَ ممثلًا للأمم المتحدة في اليمن وليس في مأرب فقط.. نفهمُ من ذلك أن تحريرَ مأرب بالذات يشكّلُ مصدرَ قلق كبير لتحالف العدوان ورُعاته الدوليين، خَاصَّةً أن هناك معلوماتٍ ومؤشراتٍ تَـدُلُّ على محاولات حثيثة من قبل العدوان والغرب للضغط؛ مِن أجلِ وقف معركة مأرب.. ما نوع وحجم هذه الضغوط التي يحاولون ممارستها؟

الحقيقةُ أن ما كنا نأمُلُه من المبعوث الأممي هو أن يطالبَ بوقف العدوان، والعمل على تحقيق السلام والبدء في الحوار بين اليمنيين في جميع المحافظات بدون استثناء.. إذ أنه من المفترض -وبحسب ما نصَّت عليه القوانينُ الدولية ومواثيق الأمم المتحدة- أن مسؤوليةَ المجتمع الدولي والأمم المتحدة وواجباتِ المبعوث الأممي هي مساعدةُ الأطراف على إحلال السلام والعمل على وقف التصعيد والتعامل بحيادية في جميع الجبهات والمناطق، وقد كان الغريبُ في موقف المبعوث الأممي والأمم المتحدة هو اعتبارَ المواجهات في جبهة من الجبهات أمراً عادياً لا يهم الأممَ المتحدة ولا يهتم به المجتمعُ الدولي، بينما المواجهاتُ في جبهة أُخرى أمراً مرفوضاً.. وهذا هو بالضبط ما يسمى في السياسة الدولية الكَيل بمكيالين.. وقد بدا واضحًا من خلال هذا التمييز والتصنيف بين جبهة وأُخرى ومنطقة وما يجاورها أن الهدفَ سياسيٌّ بالدرجة الأولى، وأن مؤسّسةَ الأمم المتحدة وما يتبعُها من منظمات وممثليات ومبعوثين لا تعدو عن كونها واحدةً من الأدوات السياسية التي تستخدمها الدول الأعضاء في مجلس الأمن أَو الدول الدائمة العضوية تحديداً.. أَو أنها مُجَـرّد هيكلية وظيفية عالمية لاستيعاب بعض كوادر الدول الداعمة لها وتخفيف البطالة لديها.. وأياً كانت الأهدافُ، وأياً كان حجمُ الضغوط السياسية والدبلوماسية، فَإِنَّ حكومةَ صنعاء لا تفرِّقُ بين محافظة ومحافظة، وتعتبر أن من مسؤوليتها تحريرَ جميع الأراضي اليمنية والمياه الإقليمية من كُـلّ غزو أَو احتلال وتراهن على الله سبحانه وتعالى أولاً وعلى الجيش واللجان الشعبيّة وجماهير الشعب اليمني العظيم في الصمود والثبات حتى يتحقّقَ النصرُ بإذن الله.

 

– هل هدّد العدوانُ فِعلاً بقصفِ منشآت النفط في مأرب إذَا استمرت قواتُ الجيش واللجان بالتقدم؟ وكيف سيكونُ رَدُّ صنعاءَ في هذه الحالة برأيكم؟

ليس من حق العدوان التهديدُ بذلك، وليس من مصلحته أَيْـضاً، إذ أن منشآتِ النفط هي منشآتٌ سياديةٌ لليمن واليمنيين، وهي مملوكةٌ لجميع أبناء الشعب اليمني، وأيةُ تهديدات أَو مخاطرَ تتعرَّضُ لها هذه المنشآت غيرُ مقبولة من جميع اليمنيين بصرف النظر عن خلافاتهم ومواقفهم السياسية، بالإضافة إلى أن حكومةَ صنعاء تقدر تقديراً عالياً أهميّةَ هذه المنشآت وتحترمُ أيةَ اتّفاقيات قانونية سابقة بشأنها، شريطةَ أن لا تتعارَضَ مع الدستور والقوانين النافذة ومبادئ السيادة الوطنية.

وبعد سِتِّ سنوات من العدوان على اليمن والحصار المفروض ظلماً وعدواناً على أبناء الشعب اليمني، وبعون الله وتوفيقه أولاً وأخيرًا.. تمكّن الجيشُ واللجان من تحقيق توازن القوى، ولو بنسبة، مقاربةً لما تضمنته الآيةُ الكريمة: (وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا).. وبالتالي فَإِنَّ أيَّ عدوان على أهداف حيوية أَو منشآت اقتصادية سيقابل بالمثل، قال تعالى: (… النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ).. ويعرفُ العدوانُ أن لدى الجيش واللجان القدرةَ الكاملةَ للوصول إلى الأهداف المماثلة.. وأستبعدُ تعرُّضَ المنشآت لأية عمليات عسكرية، وليس من مصلحة دول تحالف العدوان ارتكابُ مثل هذه الأفعال، انطلاقاً من أن المنشآت ليست أهدافاً عسكريةً وهي مملوكةٌ لجميع أبناء الشعب اليمني.

 

– رأينا في سلسلةِ عمليات توازن الردع تطوراً مدهشاً لقدرات وتكتيكات القوات المسلحة سواء من حيث الأسلحة المستخدمة، أَو من حيث طبيعة الأهداف المستهدفة التي تنوعت بين اقتصادية وعسكرية وأمنية، إلى أي مدى قد يتصاعدُ ويتسعُ الردعُ اليمني العابر للحدود؟ والى أي مستوى يمكن أن تتصاعدَ معه مفاجآتُ الصناعات الحربية؟

التطوُّرُ النوعيُّ والملحوظُ لقدرات الجيش واللجان الشعبيّة لم يعد أمراً خفياً، ودولُ العدوان ومراكِزُ الدراسات والبحوث العسكرية تدركُ ذلك، وتدركُ أن بناءَ وتطويرَ هذه القدرات قد تم بأيادٍ وعقولٍ وطنية خالصة، وهذا يضمنُ استمرارَ هذا التطور ورفع مستواه وفاعليته بشكل دائم.. والجيش واللجان وجماهير الشعب اليمني الصابر والصامد يعتمدون بالدرجة الأولى على تأييد الله سبحانه وتعالى وقدرتهم وإرادتهم في منح القوة والنصر، انطلاقاً من أنهم في موقف الدفاع عن النفس والانتصار لمظلوميتهم التي تكالب عليها العالمُ كلُّه.

وبالتالي فقد أثبت الجيشُ واللجان خلال سنوات العدوان قدرتَهم على المواكبة في جانبَي تطوير القدرات وتوازن الأهداف، وهي عملية تسيرُ إلى الأمام وتشير إلى نجاحات أصبح العدوُّ يلمسُها بالفعل.

وأياً كان التصعيد المحتملُ من قبل دول العدوان ومرتزِقته فَإِنَّ ذلك لن يُضيفَ إلى ما حدث خلال الست السنوات من العدوان أيَّ جديد.

لقد ثبت لعددٍ من مراكز الدراسات والبحوث العسكرية العالمية أن الشعبَ اليمني عَصِيٌّ على الكسر ولديه من الثقة بالله وعوامل الثبات والصمود، ما يكفل له استمرارَ هذا الصمود إلى ما شاء الله.. وهو بموازاة ذلك يمُدُّ يدَه للسلام. السلام العادل والمشرف الذي يحفظ لليمن واليمنيين كرامتهم واعتبارهم واستقلال قرارهم السياسي.

 

– في المِـلَـفِّ الأمني: إنجازاتُ أجهزة الأمن في العديد من العمليات تكشفُ لنا أن العدوَّ يُعوِّلُ بشكل كبير على تعويض فشله العسكري بمحاولات اختراق الجبهة الداخلية وزعزعتها.. حدثونا عن تفاصيل هذا الميدان البعيد نسبيًّا عن أضواء الإعلام؟

الأمنُ هو الرديفُ المباشر للجيش واللجان، وهو عنصرٌ أَسَاسي ومشارِكٌ في جبهات العزة والصمود. وبالتأكيد أن الجبهة الداخلية عرضة دائمة منذ بداية العدوان وحتى الآن لمحاولات الاستهداف من قبل دول تحالف العدوان وأدواتها في الداخل والخارج.. بل إن المِـلَـفَّ الأمني من أَهَــمِّ الركائز التي تضمن نجاح خطط وبرامج الدولة السياسية والاقتصادية والعسكرية.. فلا اقتصاد ولا تنمية ولا بناء إلا بتوفير الأمن والاستقرار والعدالة وتطبيق سيادة القانون.. وقد أدركت الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة -التي أطلقتها القيادةُ السياسية وتدعمُها القيادة الثورية وجماهيرُ الشعب اليمني- أهميّةَ المنظومة العدلية بشقَّيها الأمني والقضائي، فجعلتها من أَهَــمِّ المرتكزات التي ترتكز عليها الرؤية الوطنية وتنطلق من خلالها.

وبفضل الله، فقد تمكّنت الأجهزةُ الأمنية من متابعة وكشف وضبط عدد كبير من القضايا الاستخبارية والجنائية وذات الصلة بالجريمة المنظمة، ويتم الكشفُ عنها للإعلام والرأي العام عبر المتحدث الرسمي للقوات المسلحة والناطق الرسمي لوزارة الداخلية تباعاً وبحسب ما تقتضيه ضوابط وظروف المتابعة واستكمال التحقيقات لكل قضية على حدةٍ، وكذا بحسب القوانين المنظمة لعملية النشر والتي هي من اختصاص النيابة العامة والقضاء..

والرهانُ في تماسُكِ الجبهة الداخلية والحفاظ عليها هو على الله أولاً وأخيرًا ثم على وعي وإدراك وإيمان وتماسُكِ جميع أفراد المجتمع. إذ أنه لا يمكن لأيوِ منظومة أمنية أن تحقّقَ أهدافَها إلا إذَا حظيت بتعاونٍ وتضامنٍ مجتمعيٍّ.

 

– ما هو حجمُ المقدرة الاستخباراتية لصنعاءَ على استباق مخطّطات العدوِّ؟ وإلى أي عمق تصلُ الأذرعُ الأمنية والاستخباراتية في مناطق العدوّ داخليًّا وخارجيًّا؟

لا شك أن تكامُلَ العمل العسكري والأمني والاستخباري يُمثِّلُ منظومةً واحدةً للدفاع عن سيادة البلاد واستقلالها وحماية أمنها العام والقومي بشكل عام.. وهي مهمةٌ وطنية وحساسة تتطلبُ ضمائرَ حيَّةً ومخلصةً وكفاءات عالية وإمْكَانيات مادية. وكما أشرنا آنفاً فَإِنَّ الخططَ والتحَرّكاتِ العسكرية والأمنية والاستخبارية تعتمدُ بشكل رئيسي على المعلومات.. والمعلوماتُ في العصر الحديث أصبحت واحدةً من أَهَــمِّ مرتكزات القوة.. (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ).. ولا يمكن لأي صانع قرار في أي مستوى من مستويات صُنع واتِّخاذ القرار أن يتخذَ قراره، وأَنْ يكونَ قرارُه صائباً ويحقّقَ الأهدافَ والغاياتِ المطلوبة إنْ لم يمتلك المعلومات اللازمةَ لصنع القرار.. وهذه هي المهمةُ الرئيسية لأجهزة الاستخبارات.. وبالتأكيد فَإِنَّ جزءاً كبيراً من النجاحات العسكرية والأمنية والاستخبارية يرجعُ إلى دعمِ ومساندةِ المجتمع لهذه المؤسّسات والأجهزة عند أدائها لعملها.. حيث أن الالتفافَ والتأييدَ الشعبي لأبناء الشعب اليمني العظيم واحدٌ من أَهَــمِّ أسباب تلك النجاحات.. ولقد أثبتت الأحداثُ منذ بداية العدوان على بلادنا وحتى الآن هذا الدورَ الهامَّ والبارز للمواطن اليمني.. ويُشير حجمُ النجاحات التي حقّقتها الأجهزةُ الأمنية وتمكُّنها من اختراق منظومات قوى وأدوات العدوان إلى ذلك الدور البارز للمجتمع، وبما في ذلك بعض العناصر المغرّر بهم في صفوف العدوان والذين لا يزالون يحتفظون في خبايا أنفسهم بطبائع اليمني الحر الرافض للغزو والاحتلال والهيمنة والاستكبار.

 

– كيف يتكامَلُ العملُ الأمني والاستخباراتي مع العمل العسكري اليوم؟

كُلُّ خطةٍ عسكريةٍ -تكتيكية كانت أَو استراتيجية- تتطلَّبُ توفيرَ المعلومات كاملةً قبل وضع الخطة وقبل السير في تنفيذها.. وغالبًا ما يلاحظُ خبراءُ الاستراتيجيات العسكرية عند تقييم خططهم القتالية أن جوانبَ القصور والإخفاقات -إن وُجدت- يكون مَرَدُّها بالدرجة الأَسَاسية إلى عدم توفر المعلومات الكافية.. وفي معركة العزة والكرامة التي يواجه فيها الشعبُ اليمني هذا العدوان الغاشم والحصار الجائر منذ ما يقرب من ست سنوات نجدُ أن المؤسّسةَ العسكرية والأمنية والأجهزة الاستخبارية تعملُ بشكل مشترك وتنسيق دائم في كُـلّ جبهة من الجبهات.. وهذا واحدٌ من أَهَــمِّ عوامل نجاح العمليات العسكرية.

 

– اتّفاق السويد.. هل ما زالت هناك آفاقٌ مفتوحة عمليًّا للمضي في تنفيذ هذا الاتّفاق؟ ما أسبابُ الشلل الذي أصاب هذا الاتّفاق؟ وهل نفهمُ من تعنُّت دول العدوان في تنفيذه أنها اضطرت للتوقيع عليه فقط؛ للتهرُّب من الضغوط الدولية؟ أَو بعبارة أُخرى: هل كانت هناك مؤشراتٌ أثناء التوقيع عليه بأن تحالفَ العدوان سيعيقُ تنفيذَه؟

بالتأكيد إن دولَ تحالف العدوان لم تكن صادقةً في تنفيذ اتّفاق السويد، وكانت ترى فيه مُجَـرّد خطوة تكتيكية لإسقاط محافظة الحديدة، وربما كانت حسابات دول العدوان خاطئة في تقدير قوة الجيش واللجان وصمود وثبات الشعب اليمني في مواجهة العدوان الغاشم والحصار الجائر.. ومع وجود البعثة الأممية الخَاصَّة باتّفاق السويد في الحديدة منذ الشهر الأول بعد التوقيع، إلا أن العدوان لا يزال يماطلُ في تنفيذ بنود الاتّفاق.. ولا تزال حكومة الإنقاذ الوطني متمسكةً بالاتّفاق وتطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالضغط على الطرف الآخر للتنفيذ، وقد استجابت حكومة صنعاء لجميع الطلبات وقدمت جميع التسهيلات اللازمة لإنجاح تنفيذ هذا الاتّفاق.

 

– هناك اهتمامٌ خاصٌّ وبارزٌ من قبل الإدارة الدولية للعدوان (من تل أبيب إلى لندن إلى واشنطن) بجبهة الساحل الغربي، وبشكل يكشفُ أن هذا المِـلَـفَّ بالذات يدار مباشرة من قبل ذلك اللوبي.. كيف ينعكسُ الانتقالُ إلى التعامل المباشر مع الإدارة الحقيقية للعدو، على استراتيجيات صنعاء السياسية والعسكرية بخصوص الساحل الغربي وبخصوص المِـلَـفِّ اليمني ككل؟

يُشَكِّلُ الموقعُ الجيوسياسي لليمن ككل -وعبر التاريخ- مَطْمَعاً دائماً للأعداء، ويُشكِّلُ الشريطُ الساحلي الغربي والجنوبي وَالجنوبي الشرقي أَهَــمَّ ما في هذا الموقع الجيوسياسي، وبما في ذلك الجزر اليمنية في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي.. وتولي حكومةُ صنعاءَ هذا المِـلَـفَّ جانباً كَبيراً من الاهتمام والرصد والمتابعة.. وهي مسؤوليةٌ واضحةٌ ومُعلنة للقيادة الثورية والسياسية والحكومة وجميع سلطات الدولة والجيش والأمن واللجان بالدرجة الأولى في حماية كُـلّ شبر من اليمن -بما في ذلك المياه الإقليمية والجزر والأجواء- وتحريره من الغزو والاحتلال.

 

– الكثير يحكُمُون اليوم على الأمم المتحدة بالفشل التام في مسار السلام ويعزون ذلك إلى أنها تستخدمُ نفسَها كواجهة لخدمة العدوان، مَـا هِي وجهةُ نظركم في ذلك؟ كيف تُقيّمون أجندةَ عمل المبعوث الأممي والمنظمة الدولية التي يمثلها؟

الأممُ المتحدةُ -كمنظمة دولية- لا يمكنُ لها ولا تستطيعُ أن تغادرَ مربعَ مصالح ورغبات دول مجلس الأمن الدولي والدول الخمس الدائمة العضوية تحديداً.. ولا يُعوَّلُ عليها كَثيراً في حَـلِّ وإنهاء الصراعات وبؤر التوتر وتطبيق القوانين والمواثيق الدولية.. ومع أن القيادةَ الثورية والقيادة السياسية والحكومة في صنعاء عملت كَثيراً على دعم جهود الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن.. وقدمت أكثرَ من مبادرةٍ للحلول السياسية.. ومدَّت يدَها للسلام.. ولا تزالُ على هذا الموقف، إلا أن الرهان الحقيقي يتمثل في صمود وثبات الشعب اليمني وبطولات الجيش والأمن واللجان لتحرير اليمن وتحقيق النصر بإذن الله تعالى.

 

– بخصوصِ شرطِ السلام الذي حدّده قائدُ الثورة “الإعلان الصريح والعملي عن وقف العدوان ورفع الحصار” وقبله مبادَرة الرئيس حول وقف الضربات.. هل تعبر هذه المواقف عن أن التخاطُبَ المباشر مع دول العدوان بات أولى من الاعتماد على الدور الأممي المحاط بالكثير من علامات الاستفهام؟

هذه المبادراتُ مطروحةٌ لكل من له قلب أَو ألقى السمعَ وهو شهيدٌ.. ابتداءً من المرتزِقة والعملاء ومُرورًا بدول تحالف العدوان وانتهاءً بالدول الداعمة لها، وبما في ذلك الأمم المتحدة ومجلس الأمن.. والحقيقةُ أن المرتزِقة هم مُجَـرَّدُ أدواتٍ لدول تحالف العدوان، ودولُ تحالف العدوان مُجَـرّد أدوات لدول الاستكبار العالمي، ودول الاستكبار تتحكم في القرارات الدولية بواسطة مجلس الأمن ومنظمة الأمم المتحدة.. وهذه المبادرات مطروحة لجميع هذه التكوينات السياسية المحلية والإقليمية والدولية.. فَإِنْ جنحوا للسلم، فصنعاءُ تَمُدُّ يدَها للسلام العادل والمشرف.. وإن أرادوا غير ذلك، فاللهُ غالبٌ على أمره ولكن أكثرَ الناس لا يعلمون.

 

– قبل ثورة ٢١ سبتمبر كانت البلادُ في حالة فوضى أمنية.. عمليات إرهابية.. اغتيالات واسعة.. سقوط طائرات حربية… إلخ، كيف تصفون تلك المرحلة؟ ولمصلحة من كانت تلك الفوضى؟

لا شك أن من عوامل نجاح أية ثورة أَو حركة هو تمكُّنُها من قطع الطريق أمامَ الهيمنة ومحاولات السيطرة على القرار السياسي والسيادي للبلاد.. وصراعُ المصالح السياسية والاقتصادية والعسكرية يُحتِّمُ على جميع دول العالم أن تضعَ الخططَ والاستراتيجياتِ اللازمةَ لتحقيق مصالحها وحماية أمنها القومي بشتى الطرق والوسائل، وعندما تحتدمُ الصراعاتُ الداخليةُ، وتبتعدُ الأطرافُ المتصارعة عن المُثل والمبادئ الدينية والوطنية تضعفُ قدرةَ النظام السياسي في إدارة البلاد وحمايتها والدفاع عنها فتتدخل دولُ الاستكبار والهيمنة لتمرير أجنداتها وتحقيق مصالحها الاستعمارية والاستخبارية.

 

– ما الذي تغير بعد ثورة ٢١ سبتمبر على المستوى الأمني في مناطق سيطرة المجلس السياسي الأعلى؟

بمقارنة المحافظات الواقعة تحت سلطة المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني بتلك المحافظات التي يدَّعي البعضُ بأنها تتبع ما تسمى حكومة الشرعية، نلاحظُ بوضوحٍ الفرقَ الكبيرَ في الجانب الأمني بين المحافظات الحرة وتلك المحافظات.. بل إن الأمرَ يتجاوز الجانب الأمني إلى الجانب العدلي والقضائي، فمعدلاتُ الجريمة في أدنى مستوياتها، وكشف الجريمة يتم قبل وقوعِها في كثيرٍ من الحالات، وجميع القضايا التي يتم كشفُها وضبطها تُحالُ إلى النيابة العامة والقضاء للفصل فيها بموجب القوانين النافذة وبما يحقّق العدالة ويحفظ الأنفس والدماء والأموال والأعراض..

ومن الملفت للانتباه في هذا الصدد أن خبراء الجريمة وعلماء الإجرام والعقاب يؤكّـدون أن معدلات الجريمة -الجنائية تحديداً- تزدادُ في البلدان التي تعاني من ظروف الحرب والحصار.. إلا أن هذه الحالةَ لا تنطبِقُ على المحافظات الواقعة تحت سلطة المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ.. ويرجعُ ذلك إلى تطبيقِ وانتشارِ مفهوم الأمن المجتمعي، إذ أن المجتمعَ يسهم بدور بارز وفعّال في تحقيق الأمن، إضافةً إلى ما تقوم به أجهزة الأمن والشرطة من حزمٍ في الضبط والإجراءات، وما تقوم به أجهزة النيابة والقضاء من عزمٍ على تحقيق العدالة وتطبيق مبدأ سيادة القانون.

 

– كيف تقيمون الأوضاع في المحافظات المحتلّة في ظل تنازع الأطراف هناك، وفي ظل الإدارة السعودية والإماراتية المباشرة لتلك المحافظات؟

من الواضح أن المتحكِّمَ والموجِّهَ الرئيسي في صُنع القرار السياسي والأمني في المحافظات والمناطق المحتلّة هو المحتلُّ وليس الإخوة أبناء تلك المحافظات، حتى ولو أطلقوا على أنفسهم مسمياتِ السلطة والمسؤولية، أَو أطلق عليهم المحتلّ تلك التسميات، حيث أنها مُجَـرّد سلطات شكلية. الهدفُ الرئيسي من وجودها هو استخدامُها من قبل المحتلّ غطاءً قانونياً لتصرفاته الخارجة عن القوانين الإنسانية المحلية والدولية.. ويندرج الوضعُ الأمني تحت هذا التقييم، فليس من مصلحة المحتلّ استقرارُ الأوضاع الأمنية في المحافظات والمناطق الواقعة تحت سيطرته، حتى يظلَّ وجودُه مُبرَّراً وقراراتُه قانونيةً والحاجةُ إليه قائمةً.. ولو قرأ الإخوة أبناءُ المحافظات المحتلّة التاريخ، لَوجدوا أن الاستعمارَ الإنجليزي القديم كان يستخدمُ نفسَ السياسات والأدوات، ابتداءً من خلق الصراعات والانقسامات وانتهاءً بالمحميات التي كانت دويلات داخل الدولة.

ولم تعد الإدارةُ السعودية والإماراتية لتلك المحافظات سراً ولا أمراً خفياً على المشاهد والمتابع العادي.. ولم يعد أحدٌ -من المسؤولين اليمنيين في تلك المحافظات- يستحي من التباهي والتفاخر بعلاقاته بالمحتلّ ومسؤوليه الأمنيين والعسكريين المباشرين- إلا من رحم الله وهم قليل جِـدًّا، والشواهد التي حدثت خلال الست السنوات الماضية تَـدُلُّ على ذلك بوضوح.

 

– بعد سيطرة المجلس الانتقالي على المحافظات الجنوبية بدعم سعودي إماراتي.. هل يمكن القول إن جناحَ هادي – الإخوان قد أُقصُوا من المشهد؟

كانت الدلائلُ والشواهدُ والمعلوماتُ تشيرُ إلى أن هذا الجناح قد أُقصيَ منذ بداية العدوان وعدم السماح له بالتواجد وممارسة صلاحياته من عدن تحديداً.. ويبدو أن هذا الجناحَ كان يدركُ ذلك بالفعل، لكن لم يكن الأمر حينها بيده، ولم يكن بحوزته ولا بقدرته أيةُ أوراق أَو بدائلَ، وبالتالي فقد سار -مع رغبة دول تحالف العدوان- كالأعمى.. وفي الحقيقة أن هذا ليس بغريبٍ في قواعد التحليل السياسي والتاريخي، فغالبًا ما يكونُ هذا الثمنُ المستحَقُّ لمن يضع يده في يد الغازي والمحتلّ على حساب وطنه وشعبه.

وأيةُ دولة أَو مكون سياسي أَو شخص يُستخدَمُ من قبل الغير ضد وطنه وشعبه، يكونُ من السهولة بمكان تغييره أَو التخلص منه من قبل المستخدم متى شاء وكيفما يشاء.. وبالتالي فليس أمام مَن ارتموا في أحضان العدوان إلا أحدُ خيارَين: فإما أن يسيروا في رَكْبِ العدوان ويؤمنوا إيماناً مُطلقاً بخطواته وسياساته مهما تعارضت مع معتقداتهم أَو توجُّـهاتهم التي يعلنونها للناس، وإما أن يتم التخلصُ منهم كما يتم التخلصُ من المناديل الورقية التي تُستخدَمُ لمرَّة واحدة.

 

– كيف تقرأ التهافُتَ الخليجي اليوم على إقامةِ علاقات رسمية مع العدوّ الإسرائيلي؟

في حقيقة الأمر ليس هناك لهفةٌ ولا تهافُتٌ، هناك أمرٌ يصدُرُ من قبل دوائر صُنع القرار الغربي والإسرائيلي وعلى الدول -التي لا تملك قرارها، ولا تتمسك بمبادئها- أن تنفذ هذا الأمر الصادر.. والغرب وإسرائيل هم من يضعون الترتيباتِ ويرسُمون التفاصيل ويحدّدون التوقيتاتِ لما هو مطلوب من هذه الدول.

 

– لماذا في هذا التوقيت بالذات؟

يبدو واضحًا أن التوقيتَ يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالانتخابات الأمريكية والانتخابات الإسرائيلية.. بالإضافة إلى عدد من الأحداث التي شهدتها منطقةُ الشرق الأوسط تمهيداً لسايكس بيكو جديدة تكونُ إسرائيلُ محورَها والعنصرَ الرئيسي فيها.. ومن تلك الأحداث والتطورات الصراع القائم في شرق المتوسط بين تركيا ومصر واليونان وإسرائيل ولبنان وغيرها من الدول المشاطئَة لشرق البحر الأبيض المتوسط.. وتفجير مرفأ بيروت.. وغير ذلك من التوترات في عدد من دول الشرق الأوسط.

 

– الكثير من المواطنين يتساءلون اليوم حول مستقبلِ برنامج الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة، وينتظرون مشاهدة نتائجَ عملية، كيف تقيِّمون مسار هذا البرنامج حتى الآن؟

بالنسبة لموضوع الرؤية الوطنية هي أولاً أَسَاسٌ لبناء الدولة اليمنية الحديثة وفقَ رؤية ماذا نريد وماذا نعمل والتوافق بين ماذا نريد وماذا نعمل، يمكن سابقة في التاريخ أن دولةً تواجه العدوان وتعاني من الحصار وتفكرُ في وضع خطة استراتيجية مرحلية لـ 19، 20 ثم لـ 21، 25 بانطلاقة حقيقية لبناء اقتصاد قوي اعتماد على الذات وعلاقات دولية تحقّق السيادة والاستقلال، بالتأكيد عندما تتكلم عن المواطن والرأي العام، أولاً المواطن، نحن نعذر المواطنين في كثير من القضايا..؛ لأَنَّ المواطنَ يعاني من ست سنوات من الحرب ومن الحصار، ومن انقطاع المرتبات وهو جزءٌ رئيسي، المواطن في الصمود والثبات يعني لولا صمودُ الشعب خلال الست السنوات وتحمله لهذه المشاق كان الوضع مختلفاً.

المواطنُ أَيْـضاً يريدُ أن يلمَسَ قضايا اقتصاديةً قريبة منه، يريد أن يلمس معالجات.. جزءٌ من الرؤية الوطنية يعالج خطةً مرحلية، ثم طرحت الأولويات العشر كنقاط رئيسية أقربَ إلى المواطن، وهذه يمكن تُنفَّذُ خلال الفترة المتبقية من عام 2020م. قضايا يلمَسُها المواطن بالدرجة الرئيسية.

الرؤيةُ الوطنيةُ تهدفُ إلى معالجة أَو إلى خطوات آنية مستعجَلة تعالجُ الأوضاعَ وفق الإمْكَانيات المتاحة، وإلى رؤية استراتيجية تحقّق الاكتفاءَ الذاتي في مجال الزراعة والصناعة، وَإذَا لم نبدأ بالتأسيس الآن سنكتشفُ بعدُ في عام 2021 أَو 2022 أَو 2023 أننا بحاجةٍ إلى أن نبدأ فهذه هي البداية وهي المنطلَقُ وسيلمسها المواطن بالتأكيد مع مرور الزمن عوائدَها الاقتصادية.

عندما نتحدث على الاقتصاد الكلي نتحدث عن اقتصاد الدولة بالكامل، حتى الدول المستقرة سياسيًّا التي لا تعاني من عدوان ولا من حصار هي بحاجة إلى مشاريع استراتيجية من هذا النوع لمعالجة القضايا العامة.

 

– أخيرًا، بخصوص قضية الشهيد “عبد الله الأغبري”.. كيف كان تعامُلُ أجهزة الدولة مع الجريمة، وما هو تعليقُكم على محاولاتِ توظيفها سياسيًّا سواء من قبل إعلام العدوان، أَو المسؤولين البريطانيين؟

نحن في الجانب الأمني نقارِنُ بين المحافظات الواقعة تحت سلطة المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ أَو المحافظات المحتلّة الواقعة تحت الاحتلال، ونحن نرى الجانب الأمني في هذه المحافظات والجانب الأمني في المحافظات المحتلّة، ونجد فرقاً شاسعاً جِـدًّا.

علماءُ الإجرام والعقاب يؤكّـدون أن الدولَ التي تعاني من ظروفِ حربٍ وحصار تزدادُ فيها الجريمةُ الجنائيةُ، تزداد معدلات الجريمة الجنائية؛ نتيجة الفقر نتيجة الظروف الصعبة، وبالتالي عندما نحلل الواقعَ الأمني في المحافظات الواقعة تحت سلطة المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ نكتشفُ بالتأكيد أنه برغم هذه الظروف الصعبة إلا أن الجريمة الجنائية في أقل مستوياتها.

عمليةُ الضبط تتم بشكل سريع وفعَّال، وبالتالي لا مجالَ للاستغلال الداخلي ولا للاستغلال الخارجي؛ لأَنَّ الجريمة الجنائية تحدث في أي مجتمع، الأجهزة الأمنية تقوم بواجبها بأسرع ما يمكن، تحقّق وتجمع الاستدلالات وتتخذ إجراءاتها كمأمور ضبط قضائي ثم تحيلُها إلى النيابة العامة والقضاء.

هذه الجريمةُ استهجُنت واستُنكرت من الرأي العام ومن كُـلّ اليمنيين، والأجهزة الأمنية قامت بواجبها وضبطت الجناةَ وأحالتهم إلى النيابة، وبالتالي ليس من حق أحد الآن أن يستبقَ القضاءَ ولا أن يتحدث عما سيحدث احتراماً للدستور والقانون؛ لأَنَّ القضاء سلطةٌ مستقلَّةٌ وهو مسؤولٌ أمام الله عن تحقيق العدالة وأمام القيادة، وبالتالي بعد بأن تحالَ القضيةُ من أجهزة الأمن إلى القضاء والنيابة يُفترَضُ على الجميع -وسائلَ إعلام ورأياً عاماً ومسؤولين أمنيين أَو سياسيين- أن يحترموا سلطةَ القضاء في تحقيق العدالة، ونحن نثقُ بالقضاء أنه سيحقّق العدالة إنْ شَاءَ اللهُ.

إذَا استغلت القضيةُ من أطراف خارجية بما في ذلك تصريحات سفراء، فتلك هي مزايداتٌ يحاولون من خلالها إثارةَ الرأي العام الداخلي، بينما أنا أؤكّـدُ أن هذه الجريمة جريمةٌ جنائيةٌ تحدث في أي مجتمع وأن الأجهزة الأمنية تمكّنت من القبض على الجناة وإحالتهم إلى القضاء وأن على الجميع أن يحترمَ استقلاليةَ السلطة القضائية وألا يستبق ما يمكن أن يحدث؛ لأَنَّ هذا من مسؤولية القضاء، ونحن نؤكّـد نزاهةَ القضاء في الوصول إلى تحقيق العدالة المطلقة.

قد يعجبك ايضا