شهداؤنا في ضيافة رسول الله
موقع أنصار الله || مقالات || زينب إبراهيم الديلمي
أما قبل: إليكم أيُّها الأعلونَ مقاماً ومكانة أزكى السلام، لم نعد كما كنا ذي قبل حينما غزانا الشُّح والسقم إبان قول وصاياكم الأخيرة في دانية الأولى، نتساءل في خَلَدِنا لِمَ أنتم على وجه الخصوص؟!
فهل كان عروجُكم هي صحوة أفئدتنا من غفلة الملذات؟!
أم أن إعراضكم عن فتون الدنيا أبقت شفافية أرواحكم ناصعة الطُّهر حتى لقيتم سُكان السماء وبِتّم جزءا منها؟!
أتت السنون، وتدلت الأيّام، ومرّت الذكرياتُ والاحتفائيات التي كنا نحييها برفقتكم سوى من سبقكم بالرحيل، وتوقيت الصبر التي استهلت في توثيق نضالاتكم وتاريخكم المنشود على لوحة الشرف المقدس، إنها فترةُ المكوث المؤقَّت أوجزت ما تهيئ لكم من خاتمة ينشرح بها فؤادكم، وتمتزج دماؤكم بكافور الفداء لمن صان دين الإسلام وحماهُ من أوثان الباطل، من اتخذتموهُ في أهداف جهادكم المنهج الأسمى والإرث الأولى في الوصول إليه حين استشهادكم.
يقيناً أنتم حضور في الميدان نفسه، حيثُ نحن فيه، بل أنتم الحضور الأبرز حيث آيات نصركم تطوف علينا مُخلّدة، تلك الآيات جعلت أنجمها رجوماً لشياطين العصر، تلك الشياطين التي أحيت بوحشيتها خوالي قريش وأضرمتها تجاه أرضٍ شرّفها وأكرمها اللهُ تعالى في كتابه بأنّها: (بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ)، وتجاه شعبٍ استوصى بهم رسول الرحمة خيراً بأنهم (أهل الإيمان والحكمة)، ترونَ المحمّديين عن كثبٍ وهم يتدفقون شوقاً لتجديد الولاء المُطلق لنبي المؤمنين وحبيب المُستضعفين ونصيرهم ومُنقذهم وأسوتهم الحسنة، رسول العالمين -صلوات الله عليه وآله الطاهرين-، ليس فقط في ذكرى مولده، بل إن عطرَ النبوة تفوح نسماتُها أرجاءَنا في كُـلّ حين.
شهيدَنا القائد، صمّادَنا، أبا حربٍ، أبا حسن، أبا حيدر، وكلَّ من عانقت أرواحهم إلى العنان الملكوتي، من هم في أريكة الأولياء وديوان الأنبياء، ألا يحقُّ لنا أن نتباهى بكم أنكم في ضيافة رسول الأُمَّــة وفي مائدته؟!
ألا يحقُّ لنا أن نضع تاج العزة والفخر في رؤوسنا بأنكم تصافحونه وترافقونه على الدوام نيابةً عن كُـلّ من لا يزال ينتظر أن ينقضي نَحْبُه في سبيل لقائه؟!
فطوبى لكم هذا التكريم وهذا التبجيل في حضرة الرسول الكريم، وطوبى أنكم رُزقتم منه الشفاعة لدياركم يوم الورود، وبقدوم مولده يوم انشقت السّماء نوراً واعتلت عرش السمو والرفعة، فهلَّا أوصلتم إليه سلامَنا واشتياقَنا له؟!
أما بعد: فبسم الله نحيي أجمعين ذكرى مولد النور.