ما بين حصار الشِّعب وبين حصار الشَّعب.. فارقٌ في الأخلاق
موقع أنصار الله || مقالات || عبدالملك العجري
١- بمناسبة المولد النبوي نستذكرُ حادثةَ الحصار الظالم الذي فرضته قريش على بني هاشم والنبي ومَن معه في (شِعب أبي طالب)؛ بهَدفِ الضغط على النبي للتراجع عن دعوته بعد أن فشلت معه كُـلُّ أساليب الترهيب والترويع، ومن ثم لجأوا للحصار الاقتصادي؛ باعتبَارها الوسيلةَ الأسهلَ والأنجعَ أثراً، وكتبوا صحيفة بذلك وقّعها أربعون من سادة قريش.
٢- الأضرار الشاملة بالكبار والصغار التي خلفتها هذه العقوبة الجماعية أحرجت بعضُ سادات قريش، ما حمل أحدهم أن يقفَ فيهم مطالباً برفع الحصار الظالم ونادى فيهم “يا أهل مكة أنأكلُ الطعامَ ونلبسُ الثيابَ وبنو هاشم هلكى لا يباعون ولا يباع منهم “وأقسم ألَّا يستقر حتى ينتهى الحصار وتشق صحيفة الحصار الجائرة”.
شعرت قريش بالحرج الأخلاقي من استمرار الحصار خَاصَّةً وأنه لم يؤثر على موقف النبي ومَن معه، وَتداعى الموقِّعون على وثيقة الحصار وتوافقوا على إنهائه.
٣- والمفارقة العجيبة أن كفارَ قريش على فجورهم وشدة عداوتهم للنبي وشعورهم بالتهديد الذي تشكله دعوةُ محمد عليهم، كانوا في حربهم أكثرَ أخلاقاً من قادة تحالف العدوان الذي يفرضُ للعام السادس على التوالي حصاراً شاملاً على اليمن وعلى شعبٍ بأكمله ويمنعون الدواء والغذاء على أكثر من عشرين مليون دون أن يشعروا بأدنى حرج، بل وأكثر أخلاقاً من مواقف المجتمع الدولي والأمم المتحدة التي لا ترى في الإنسان إلَّا سلعةً للاستثمار.
٤- وبهذه المناسبة نقولُ لدول العدوان ومرتزِقتهم: لقد فاق فجورُكم فجورَ كُـلِّ الفجار، وَإذَا لم يكن لكم برسول الله أُسوة، فليكن لكم بأخلاق كفار قريش قُدوة، وَإذَا لم يكن في روابط الدين والإنسانية ما يدفعُكم لإنهاء حصاركم الظالم الغاشم فليكن في روابط الجوار، ووحدة الوطن ما يلهمكم، كما كانت رابطةُ الرحم تدفعُ قريش للعطف على أقاربهم المحصورين في شِعب أبي طالب.