الرئيس الأمريكي الـ46 جون بايدن والعدوان على اليمن
موقع أنصار الله || مقالات ||عبدالقوي السباعي
بعدَ ترشيح بايدن رسميًّا من قبل الحزب الديمقراطي الأمريكي، أعلنت حملتُهُ، بشكلٍ رسمي ضمن برنامجه الانتخابي، أنه سينهي دعمَ الولايات المتحدة لعدوان السعودية ومَن تحالف معها على اليمن إذَا انتُخب رئيساً.
وجاء في بيانٍ على صفحته الانتخابية حول برنامجه: “سنعيد تقييمَ علاقتنا بالمملكة (السعودية)، وننهي الدعمَ الأمريكي لحربِ السعودية في اليمن، ونتأكّـد من أن أمريكا لا تتنكرُ لقيمها؛ مِن أجلِ بيع الأسلحة أَو شراء النفط”.
في المقابل، لا يمكنُ قراءةُ انعكاسات فوز بايدن في الانتخابات الأمريكية، على اليمن بمعزلٍ عن انعكاسها الأهمِّ على السعودية، فالسياسة الأمريكية ظلت محوريةً بالنظر إلى نظام بني سعود، كجزءٍ منها وتابعٍ مخلِصٍ لأجنداتها ولا يمكن التخلي عنه بسهولة، كما تنظرُ إلى السعودية كدولةٍ مهمة وفاعلة وشريكة لها في المنطقة، وليس من مصلحة السياسة الأمريكية أن تظهرَ دولةٌ أَو ينشأ نظامٌ في المنطقة قد يهدّد بقاءَ وهيمنة السعودية ونظامها المخلص لها، وبالتالي فسببُ مأساة اليمن يرجعُ إلى أنها تأتي دائماً في الهامش، بل كانت خلال الفترات الزمنية السابقة عبارةً عن مِلَفٍّ سعودي خاص من وجهة نظر صانعي القرار والسياسة الأمريكية.
ولو تمعنّا في الخطابِ، الذي قدمه بايدن تجاه السعودية، سنجدُهُ خطاباً قد يهدّدها بشكلٍ مؤقت، لكنهُ لن يأتي إلا في إطار التوجّـه العام للسياسة الخارجية الأمريكية المُعدة سلفاً والتي تخدم مساراتِ المرحلة القادمة من إدارة الرئيس الجديد بايدن، فمسلكُ وقف العدوان على اليمن ومنعُ السعودية من التزود بالسلاح ومدُّها بالمؤن والعتاد الحربي والعسكري اللازم، وكذلك خطابات رفع العقوبات عن إيران، وهو خطابٌ جاء مناقضاً تماماً لسياسة وخطابات ترامب، فكُلُّ ذلك سيخضعُ لنتائج أول زيارةٍ للمملكة.
فقد تعوّدنا وعلى مدى العقود الماضية أن تلك الخطابات والتصريحات ما هي إلاّ مُجَـرَّدُ رتوش وعناوينَ لما يتطلَّبُه خطابُ الحملات الانتخابية لهذا المرشح أَو ذاك، غير أن الواقعَ بعد الانتخابات والفوز يتبدل ويتبدل معه الخطابُ ويميل الساسةُ إلى انتهاج سياسة مغايرة ويجدون لها من المبرّرات التي تؤكّـد على اعتبارها سياسةً واقعية، هذه السياسةُ الأمريكية القديمة الجديدة لم ولن تتجاوز السعودية التي ظلت البقرة الحلوب لأوباما وترامب، ولن يفطم بايدن أَيْـضاً من إغراءات ما سيقدمُه نظامُ بني سعود من صفقات.
ولعلَّ السعوديةَ كانت تدركُ ذلك جيِّدًا؛ ولذلك نشطت حتى خارج دوائر صُنع القرار عبر دعم لوبيات؛ بهَدفِ دعم سياستها والتغاضي عن مِلفات انتهاكاتها الحقوقية، وجرائمها الوحشية، وفضائحها اللاإنسانية، وخُصُوصاً فيما يتعلقُ بعدوانها على اليمن، أَو حتى وقف أَو تقليص حجمِ مساعدتها ودعمها لوجستياً واستخباراتياً.
ولا أتوقَّـــعُ على المدى القريب أن تصدُقُ كُـلُّ البنود البرامجية لجون بايدن تجاه العدوان على اليمن، ومع ذلك لا أستبعدُ تماماً المحاوَلةَ من بايدن لتنفيذ بعض برنامجه، إنما ليس بتلك الحِدَّة والجدية التي طرحها تجاه السعودية قبل الفوز.
وصحيحٌ أن السعودية قد خسرت جنون ترامب تجاه إيران، ونَهَمَه المفضوح تجاه حلب ثرواتها وأموالها، وربما قد تفقد ورقةَ التحكم في عدوانها على اليمن، وقد تطرأ متغيراتٌ جديدة على المنطقة، فترامب كان مساعداً على استمرار حربها وتسلُّطِها، وهو من منع مشرِّعين من إصدار قرار بوقف مدها بالأسلحة اللازمة لمواصَلة الحرب والتسلط على رقاب المسلمين بالوكالة، ولكنها غداً قد تربح بايدن أَيْـضاً وتستحوذُ على رضاه كما فعلت مع ترامب بعد تورطها بدعم منافسته هيلاري كلنتون في انتخابات 2016م، وقد يكون مقابلُ رضاه عنها باهضاً جِـدًّا.
فالفرقُ بين الرئيسَين السلَفِ والخلَف، أن الأولَ كان واضحاً وصريحاً ويلعبُ على المكشوف، بينما الثاني غامضٌ وكتومٌ ولا يمكن تحديد متى ينقض عليك.
وتظل المهمةُ القادمةُ للرئيس الـ46 مُطلَّةً بظِلالها السيئة على اليمن، وقد تزيدُ من مفاقمة الوضع ومعاناة الشعب اليمني جراء استمرار العدوان والحصار؛ لأَنَّ جميعَ اليمنيين يتفقون على عدم ثقتِهم بأيةِ وعود يطلقُها بايدن أَو القياداتُ الأمريكية بشأن بلدهم، فبايدن كان في الأَسَاس نائباً لأوباما عندما بدأ العدوان، وكان الدعمُ الأمريكي وسيظلُّ هو أَسَاسَ هذا العدوان وهذه المعاناة.