قمة “عار” في الرياض.. إخفاق آخر لابن سلمان لتجميل صورة المملكة
|| صحافة || صحيفة المسيرة
حجر: السعودية من الدول النامية وهي في أدنى مراتب النمو في مقاييس التنمية البشرية ودولة مستهلِكة بالدرجة الأولى
العامري: العدوّ السعودي يحاول إيجاد مخرج لعدوانه على اليمن؛ باعتبَاره دفاعاً عن النفس
العراسي: السعودية خفّضت الرواتب وألغت كُـلّ الامتيَازات وتواجه أزمة مالية خانقة؛ بسَببِ عدوانها على اليمن
الغارديان: غياب المحاسبة للنظام السعودي يثبت أن قادة قمة العشرين يهتمون بصفقات الأسلحة أكثر من قتل الأبرياء في اليمن
دعوات للمقاطعة ومحاكمة النظام السعودي قبل أَيَّـام من انعقادها
بالتزامن مع انعقاد قمة “العار” مجموعة العشرين في عاصمة العدوّ السعودي الرياض، يوم أمس، كان طيران تحالف العدوان الأمريكي السعودي يشن غاراته على محافظات مارب والجوف وصعدة، في دلالة على التواطؤ العالمي مع جرائم المملكة في اليمن والتغاضي عنها.
وعُقدت، يوم أمس، قمة أغنى دول العالم لأول مرة في تاريخها “افتراضياً”، عبر تقنية الفيديو، بحجّـة المخاوف من “وباء كورونا”، وفي ظل الهزيمة المدوية للرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” في الانتخابات الرئاسية ورفضه الإقرار بهزيمته.
واعترف المجرم سلمان في كلمة له أثناء انعقاد القمة بالتدهور الاقتصادي للمملكة، مرجعاً سبب ذلك إلى أزمة جائحة “كورنا”، دون أن يتطرق إلى إخفاقاته بشأن العدوان على بلادنا، مؤكّـداً أنهم لا يزالون يشعرون “بالصدمة”؛ نتيجة أزمة كورونا.
ويؤكّـد المتحدث الإعلامي باسم الأحزاب اليمنية المناهضة للعدوان الدكتور عارف العامري، أن النظام السعودي كان يأمل عقد هذه القمة في ظل بقاء ترامب رئيساً لأمريكا، غير أن خسارته في الانتخابات الرئاسية شكّلت صدمة للمجرم بن سلمان وأربكت كُـلّ حساباته، مُشيراً إلى أن النظام السعودي يحاول الآن معرفة نوايا الدول المشاركة في القمة ومواقفها من جرائمها ضد الشعب اليمني، هل لا يزال ثابتاً بالتغاضي عنها أم أنه سيغير نبرته هذه المرة.
وبشأن التواصل التركي السعودي ظاهرياً خلال هذه القمة، يوضح العامري أن ذلك هو؛ مِن أجلِ تحديد نصيب الأتراك في المواقع الجغرافية التي حدّدتها مسبقًا في دخولها معمعة العدوان ومشاركتهم فيه، والتي هي عبارة عن عدد من الموانئ التي تتواجد قواتها بقربها كمديرية شقرة وميناء قنا التاريخي.
ويشير العامري إلى أن اللقاء الذي حدث بين المرتزِق الزبيري مع سفير مصر في الرياض، يأتي لوضع بعض النقاط التي تهمُّ مصالحَ الكيان الصهيوني، وتحديدا محافظة عدن وباب المندب واعتبارهما خطا أخضر، مؤكّـداً أن كُـلّ هذه التحَرّكات التي يقوم بها نظام العدوّ السعودي؛ مِن أجلِ تبرئة ساحته وتبييض موقفه، والعدوان على أبناء اليمن، ليس لمصلحة النظام السعودي، ولكن تأتي خدمة للمصالح الصهيونية في المنطقة.
ويزيد العامري بقوله: “إلى جانب سعيها في محاولة إيجاد مخرج من المأزق الذي وقعت فيه، فَـإنَّ المملكة تسوّق لقمة مجموعة العشرين، على أن عدوانها على اليمن يأتي في إطار الدفاع عن النفس، غير أن دول العالم –برأي العامري- باتت تدرك الحقيقة دائماً، لكنها لا تجرؤ على اتّهام السعودية بالمغالطة؛ لأَنَّ كُـلّ همها المال والمصلحة”.
لقد كانت منظمة “أوكسفام” على صواب حين أكّـدت في بيان لها، الثلاثاء الماضي، بأن أرباح الدول التي تبيع الأسلحة للسعودية خمسة أضعاف مساعداتها لليمن، وهي بهذا تؤكّـد أن المجتمعين لن يناقشوا سوى مسألة تصدير الأسلحة وبيعها، وأن مسألة حماية المدنيين تأتي في مقام متأخر جِـدًّا.
حملة مقاطعة
واستبق الاتّحاد الأُورُوبي عقد القمة بالدعوة إلى خفض مستوى التمثيل؛ بسَببِ “انتهاكات حقوق الإنسان” في المملكة.
وبما أن الدعوة كانت بمثابة “رسالة سياسية واضحة”، إلا أن الهدف من ورائها كان لفرض المزيد من الضغط على النظام السعودي لتحسين صورتها في مجال حقوق الإنسان، حَيثُ وأن المملكة تمتلك “تاريخاً طويلاً” لناحية “إسكات الأصوات”، ومن هنا يرى الاتّحاد الأُورُوبي أنه “لا يجب منح شرعية لحكومة ترتكب انتهاكات فاضحة لحقوق الإنسان عبر السماح لها باستضافة واحدة من أبرز القمم في العالم”.
ونُظمت القمة عبر تقنية الفيديو؛ بسَببِ الأزمة الوبائية العالمية “كورونا”، ويعد هذا أول إخفاق للمجرم محمد بن سلمان الذي كان يطمح إلى حضور قادة مجموعة العشرين إلى الرياض دون وجود حائل يعيق انعقادها.
وامتلأت صحف رئيسية عالمية، الجمعة، بإعلانات متزامنة تطالب بمقاطعة “قمة العشرين”، احتجاجاً على انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها النظام السعودي بحق المعتقلين السياسيين والنشطاء.
وأطلقت الحملةُ الداعية للمقاطعة على القمة اسم “قمة العار”؛ بسَببِ انعقادها في السعودية.
وسلطت صحيفة “الغارديان” البريطانية الضوء حول جرائم النظام السعودي في مجال حقوق الإنسان، مذكرة العالم باحتجاز محمد بن سلمان لعدد من الأمراء في “الريتز” في ليلة وصفتها بأنها “ليلة ترويع” عام 2017.
وقالت الصحيفة: إن غياب المحاسبة لمنتهكي حقوق الإنسان في السعودية، يثبت أن القادة المشاركين في قمة العشرين يهتمون بصفقات الأسلحة أكثر من اهتمامهم بحقوق الإنسان، فهذه القمة بدلا من أن تشكل انعطافة في تحسين سلوك النظام السعودي، تعطي الضوءَ الأخضر للسلطات السعودية لمواصلة الانتهاكات اليومية المتمثلة في قمع المعارضين الذين لا يؤيدون أجنداته والاستمرار في قتل الأبرياء في اليمن.
وإلى جانب الدعوات المطالبة بمقاطعة القمة، كان لافتاً البيانُ الخاص عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حول الأوضاع الإنسانية في اليمن، حيث قال غوتيريش: إن اليمن يعاني من أسوأ مجاعة لم يشهدها العالم منذ عقود.
وعلى الرغم من أن هذا التصريح أَو الكلام ليس بجديد عن الأمم المتحدة، إلا أنه يحمل رسالة مبطنة للنظام السعودي بأن عليه أن يلتفت إلى ما يدور بالقرب منه وخَاصَّة في اليمن، وأن معاناة اليمنيين في هذا الجانب ليست سوى نتيجة للعدوان والحصار الذي تقوده المملكة على اليمن.
وبطبيعة الحال، فَـإنَّ اليمن لم يكن ليصل إلى هذه النتيجة “أسوأ مجاعة” لو لم يكن هناك عدوان وحصار، وحرب كونية تشترك فيها قوى عالمية، وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا وإسرائيل والنظامان الإماراتي والسعودي؛ ولهذا فَـإنَّ محاولة “تجميل السعودية” لوجهها القبيح لم يعد مجدياً في زمن انكشف فيه الغطاء وظهر عيوبه على مستوى العالم.
ولم يغفل غوتيريش جانباً مهماً يتعلق بالوضع الاقتصادي اليمني، إذ أن النظام السعودي كان سبباً في حدوث هذه الكارثة، فالمملكة كانت سبباً مباشراً في انهيار العملة اليمنية أمام العملات الأجنبية؛ نتيجة عدوانها التدميري على بلادنا في كافة المجالات.
سجلٌّ أسودُ
وجاء انعقاد القمة بعد يوم من الاحتفال باليوم العالمي للطفولة، وفيه ذكرت وزارة الصحة في حكومة الإنقاذ الوطني بصنعاء دول العالم بأن تحالف العدوان تسبب في أكبر مأساة إنسانية في العالم لأطفال اليمن.
وأكّـدت الوزارة في بيان لها، الجمعة، أن 2643 طفلاً قضوا بقصف الطيران المباشر، و4205 جرحى، لافتة إلى أن هذا شاهد على إجرام وخبث العدوّ، مضيفة أن الحصار الخانق على اليمن يودي بحياة مئات الآلاف من الأطفال، مشيرة إلى أن هناك الملايين منهم ينتظرون المصيرَ نفسه.
كما دعت الأمم المتحدة ومنظمة اليونيسف لإعادة النظر في إدراج تحالف العدوان في القائمة السوداء لقتلة الأطفال، ودولَ العالم الحر للتحَرّك الجاد لرفع هذه المأساة عن اليمن عامة، وعن الطفولة خَاصَّة.
وَيشير معالي السفير الدكتور عبدالإله حجر، إلى أن المجموعة الـ20 أُنشئت على هامش قمة مجموعة الثمانية في 25 سبتمبر / 1999 في واشنطن، في اجتماع لوزراء مالية مجموعة العشرين.
ويوضح السفير حجر في اتصال هاتفي مع صحيفة المسيرة، أن الغرض منها هو تعزيز الاستقرار المالي الدولي وإيجاد فرص للحوار ما بين البلدان الصناعية والبلدان الناشئة، موضحًا أن دخول السعودية في المجموعة في 2008 جاء؛ باعتبَارها تنتج كميات هائلة من النفط والتي تمنحها موارد مالية كبيرة، ولكنها من الدول النامية، ولا تعتبر من الدول المتقدمة، بل هي في أدنى مراتب النمو في مقاييس التنمية البشرية، كما أن دولة مستهلِكة بالدرجة الأولى.
ويواصل السفير حجر كلامه: “والقمة دورية بين الدول الأعضاء، وهناك احتمال ضعف التمثيل في قمة هذا العام التي تعقد في الرياض؛ بسَببِ السجل السيء للسعودية في إطار حقوق الإنسان وحربها على اليمن، وكذلك التخوفات الأمنية، إلى جانب توقع المراقبين فشلَ القمة؛ بسَببِ سياسات إدارة ترامب المربكة للاقتصاد العالمي”.
من جانبه، يؤكّـد المحلل السياسي الأُستاذ خالد العراسي، أن الهدف من هذه القمة هو تحسين صورة السعودية أمام العالم، لا سِـيَّـما بعد عدوانها على اليمن وما ارتكبته من جرائم وانتهاكات ومجازر ترقى إلى جرائم جسيمة، مستدلاً بما أوضحته تقارير لجنة الخبراء وتقارير بعض منظمات حقوق الإنسان رغم قصور هذه التقارير وعدم شموليتها ودقتها، إلَّا أنها تثبت تورط السعودية في جرائم لا ولن تسقط بالتقادم.
ويشير العراسي إلى ما اقترفته السعودية بحق شعبها والمقيمين على أرضها، وكل تلك الاعتقالات التعسفية والإعدام بدون وجه حق وبالمخالفة للقوانين والتعذيب الذي تمارسه ضد المعتقلين، بما فيهم معتقلو الرأي العام والناشطون الحقوقيون، لافتاً إلى ممارسة النظام السعودي بحق شعبها من ضغوط تحت مسمى التقشف والبحث عن موارد غير الإيرادات النفطية.
ويوضح العراسي بأن السعودية كسرت ظهر شعبها والمقيمين على أرضها وأثقلت كاهلهم بحزمة من الالتزامات التي لا طاقة لهم بها، وفي المقابل خفضت المرتبات وألغت كُـلّ الامتيَازات، وكل ذلك لتتمكّن السعودية من مواجهة الأزمة المالية الخانقة التي سببها الأول والأخير هو عدوانها على اليمن، حتى بات المواطن السعودي يبحث عن وطن بديل.