التضحية من أجل النهوض ومراحله
موقع أنصار الله || مقالات || عدنان قاسم قفلة
مرحلة الأسباب
إن أي أمة من الأمم لن تنهض ولن ترقى إلى العلا ولن تحصد الإنجازات ولن تضاهي العالم بحضارتها وثقافتها وهي لم تبذل في سبيل تلك التضحيات الجسام وتقدم في سبيل أغلى ما لديها من رجال وثروات .
وإن أي أمة من الأمم لن ترتقي في مجال العلم والمعرفة بشتى مجالاتها التعليمية والصحية والصناعية والإعلامية إلا وقد مرت بظروف قهرية كانت أحوج ما تكون إلى هذه العلوم كي تسد حاجاتها وتغطي متطلباتها .
وإن أي أمة من الأمم لن تلتزم بالنظام والأخلاق والمثل العليا إلا وقد مرت بمراحل من الفوضى العارمة جعلت منها أمة متبعثرة تتوق إلى النظام والانضباط والالتزام بسبل الرقي في الحياة .
وإن أي أمة من الأمم لن تعيش حالة الوحدة والاتحاد والتماسك والتلاحم إلا وقد ذاقت الأمرين والويلات من التشرذم والتشتت والتفرق التي أدت بطبيعة الحال إلى ويلات الاقتتال والصراعات .
الدليل
وأكبر دليل على ذلك في ماضينا كيف كان العرب قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكيف أصبحوا في عهده وعصره .
كانوا في حكم الفوضى والجهل والتخلف والانحطاط وأرتقى بهم رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم إلى العلا فتحولوا من أمة جاهلية إلى أمة متعلمة , من أمة متخلفة إلى أمة مثقفة , من أمة تحكمها الفوضى إلى أمة يحكمها النظام والانضباط , من أمة تغزوها الأمم إلى أمة تغزو الأعداء وليس الأمم .
وأيضاً في عصرنا الحاضر فأوروبا ومعها كل دول العالم المتقدمة مرت بنفس هذه المظاهر والمراحل التي جعلت منها الآن أمم قوية ومتقدمة في التعليم والطب والصناعة والزراعة وغيرها , ذلك بأن الواقع التي تمر به أي أمة تفرض عليها احتياجات معينة والتزامات متعددة في سبيل تحقيق الأهداف التي من شأنها أن تنهض بالأمة وتخرجها من واقعها ومعاناتها المأساوية والكارثية إلى واقع أفضل .
مرحلة اليأس من الآخرين
وأيضاً فإن الظروف الصعبة التي تمر بها هذه الأمم تخلق في نفوس قادتها اليأس من الآخرين في أن يسهموا في تغيير الواقع المعاش من الأسوأ إلى الأفضل ومن الفقر إلى الغنى ومن الجهل إلى العلم ومن الفوضى إلى النظام وهو الأمر الذي يدفع بالجميع إلى تغيير واقعهم بأنفسهم فيتجه الجميع إلى العلم والمعرفة أولاً وقبل كل شيء كونها هي الخطوة الأولى نحو التقدم والرقي وتغيير الواقع نحو الأفضل , ذلك أن التعليم بمختلف أنواعه يخرج المجتمع من الجهل والتخلف إلى علم ومعرفة وإدراك بسبل وأسباب التطور والنهوض وكما قيل ( الحاجة أم الاختراع )
مرحلة الوعي
ما يعني أن الجميع سيتحركون هذا التحرك دون عناء كبير من القادة فالجميع ذاقوا مرارة الجهل والتخلف والتفرق والصراع ويدركون تلقائياً بأهمية وضرورة العلم والثقافة والوحدة من خلال التعليم و الحاجة الملحة إليه وأصبح لديهم من الوعي العالي والإدراك الكبير ما يدفعهم إلى أسباب الرقي والتقدم بل ويمقتون كل من يخالف هذا التوجه وهذا التحرك .
مرحلة التحرك
وبعد زيادة الوعي يكون التحرك من الجميع نحو التقدم في مختلف المجالات ومن خلال الميدان كونه المعلم الأول فالتجارب المتتالية كفيلة بإخراج نماذج من المعرفة لا يستهان بها كنواة وبذرة من بذور التطور الذي لا يتوقف لأن الدافع موجود والضرورة ملحة والاحتياج يمس حياة الإنسان أو موته بقاءه أو فناءه ولا مجال لخيار ثالث , حينها نكون أولا نكون وهنا يخلق التحدي والعزيمة في وجود إرادة تتبعها الإدارة لتنظيم ثورة الوعي والإدراك فتوجهها التوجيه الأمثل وتسير بها في الطريق الصحيح مع مواصلة درب الكفاح والتضحية .
إن من عمل في فترة ماضية على إضعاف هذه الأمة سيخشى في ضل هذه الوضعية المتغيرة على نفسه لقاء ما أقترفه من إجرام وإفساد بحق هذه الأمة وسيكون بقاءه هو مرهون بمواصلة حربه الشعواء وإلا فمصير هلاكه محتوم وزواله مسألة وقت .
وأكبر دليل على هذا شعبنا اليمني العظيم الذي مر بمراحل كبيرة وعقود طويلة من سياسة التجهيل والتفريق والاستضعاف متمثلةً في الوصاية والغزو والاحتلال والذي لازال يعاني منها الكثير الكثير والذي نفض عن كاهله هذا الاستضعاف والاحتلال والوصاية وتحرك من خلال الوعي إلى مرحلة المواجهة لهذا الواقع نحو الرقي والتقدم فأصبح يصنع الصواريخ والبندقية ويتجه للعلوم ويواجه العدو المحتل والغازي ولهذا تجد الآخرون ممن وللأسف جزء من هذه الأمة وممن لا يحملون هذا الهم وممن هم متواطئون على شعبنا اليمني العظيم لا يصدقون بأنه أصبح من أبناء شعبهم من يصنع ومن ينافس الشعوب الأخرى .
وأصبح الأبناء والآباء معاً يدركون بأهمية التعليم فنراهم يتحركون في حقلهم الجهادي ( التعليم ) عن رغبة ووعي بخلاف الماضي حيث كان الطالب يعود من المدرسة كمثل ما ذهب إليه دون أن يكسب خبرةً تعليمية.
الخلاصة
إن الواقع يحتم علينا أن نواكب هذه المتغيرات بكل جد وإهتمام نحو مزيداً من التعليم والوعي والبصيرة بمكائد الأعداء وخطورتهم ولنستمر في هذا الطريق وليكن ما مررنا به من مآسيٍ ومحن كفيلة ليكبر لدينا الوعي بالسلاح المصاحب لسلاح الإيمان وهو سلاح العلم ضمن هدف الإرتقاء بالأمة وبالشعب اليمني خصوصاً نحو واقع أفضل بعيداً عن الركون على الآخرين أياً كانوا .