بعد الإنسان والحيوان نتيجة الغارات: جبهات عزة، ومحطات كفرزة
موقع أنصار الله || مقالات || عبد الخالق القاسمي
بين من يسارعون إلى الجبهات، ومن يسارعون إلى المحطات ألفُ فارق وفارق.
فلولا الأول لكان الثاني تحت وطأة السوداني، ولكن يا لقلة العقل؟!
بينما ترك المجاهدون منازلَهم وأعمالَهم التي هي ربما أهمُّ مما لديك أيها المغفل، بينما تركوا دراساتهم، بينما عادوا حتى من الخارج من ألمانيا ومن غيرها تاركين وراء ظهورهم شهاداتهم الجامعية وفي تخصصات أكثر صعوبة وأهميّة من غيرها، ولنا في حفيد المولى العلامة حمود بن عباس المؤيد مثال، ترك ما لديه وسارع إلى الميدان.
وبينما هو وغيره شهداء، وغيرهم ينتظر وما بدلوا تبديلا، والشهداء الأحياء يرقبون، وبينما تقدم التضحيات، وأروع صور الإيثار والثبات، وترتفع الأصوات وتشحب والأعناق لله، مع الأسف ومع العدوّ كان مدركا أم لا، يتخندق البعض بالجشع وبالخوف والهلع في صف العدوّ ومع العدوّ وجنبا إلى جنب العدوّ وكتفا بكتف العدوّ، في حصار الشعب واحتجاز سفن المشتقات النفطية.
شركة النفط أكّـدت أن لديها مخزونٌ وخطة، ولكن كان تأثير الشائعات هو الأقوى، فتهافت مرضى القلوب على المحطات للتعبئة ومن ثم العودة مجدّدًا للتعبئة بعد شفط ما قام بتعبئته، يعني حقارة ما بعدها حقارة، وحب نفس في ظروف استثنائية وعدوان كوني، وبعد الخروج من أزمة أَسَاساً.
والأزمة في حقيقة الأمر أزمة ثقة بالله، أزمة ثقة في وعوده بالخير الكثير، والغنى من فضله، هو يرزقكم، وهو يرسل السماء عليكم مدرارا، وهو من فوق عدوكم، لا يعزب عنه مثقال ذرة..
والمطلوب من القلوب هو أن تخشعَ لذكر الله، هو أن تلين، هو أن تصدِّق، أن تثق، أن تمتلئ بالخشية من الله، أن تمتلئ حباً لله، ومعرفة قوية بالله سبحانه وتعالى، فمتى ما صلح القلبُ صلح الإنسانُ بكله، وانطلق ليصلح الحياة بكلها، وانطلق بإيمان، بثقة، بإخلاص، بصدق، بتوجّـه حكيم في كُـلّ ما يريد الله سبحانه وتعالى منه.
من أين جاءت أزمة الثقة بالله حتى أصبحت وعوده تلك الوعود القاطعة المؤكّـدة وكأنها وعود من لا يملك شيئاً، وكأنها وعود من لا علاقة لنا به، ولا علاقة له بنا؟!
لماذا نخلق أزمات؟! لماذا نعتقد أن الحلول ستنتهي وأن السعودي سيتمكّن حتى النهاية؟!
في كُـلّ صلاة نقول الحمدُ لله رب العالمين، رب العالمين، وبعدها ننصرف إلى شئون الحياة غير مهتمين بتوجيهات الله التي انطلق على أَسَاسها رجال الله إلى الجبهات، ننصرف إلى أمور الدنيا والوضع خطير، ونحن في عدوان يلزم الجميع على التعاون والتراحم وعدم خلق الأزمات.
البعض بمُجَـرّد أن يرى صف سيارات على طول يصف بعدهم، هذه ليست حياة كريمة تُبنى على أَسَاسها المواقف، وتستمر وفقها الأحداث، وعليها تُحث الخطى.
اقتصار الاهتمام بأمور الدنيا، بالبترول وبجديد المسلسلات وبالزواج والمباريات والأفلام والجامعات وأسواق القات، كُـلّ هذا لن ينقذَك من وعيد الآخرة، ولن يعفيَك من أن يقال قتل مدني في حال استهدف الطيران مكانا تتواجد فيه أنت، خُصُوصاً بعد التصعيد السعودي الأخير، صباح الجمعة، الذي لم تسلم فيه حتى الخيول وللمرة الثانية..
ولا مجال للمقارنة بين ذاك الذي يُقتل بجوار طفل وبجوار امرأة، وبين ذاك الذي يقتل حاملا بندقيته بعد جندلة كتائب المرتزِقة، فرق كبير بين الحياتين.