بداية الوجع الكبير

‏موقع أنصار الله || مقالات || دينا الرميمة

لأكثرَ من عامٍ والسعوديةُ تحضّر لعقد قمة العشرين ثلاثين؛ بهَدفِ تقوية عمودها الفقري (الاقتصاد) الذي أصابه الشللُ والهشاشة، وأصبح متهاوياً إلى أدنى مستوياته، وعلى إثر هذا الانهيار والتهاوي أصبحت السعودية دولةً مديونةً بعد أن كانت الدولة الأثرى والتي ينظر إليها القريب والبعيد بعين الطامع الحاسد.

كان للسياسيات الخاطئة التي انتهجها النظامُ السعوديُّ الحاكمُ وعلى رأسه محمد بن سلمان المتطلع لولاية العهد بعد أبيه تأثير كبير على انهيار الاقتصاد السعودي، حَيثُ اتّخذ من الأموال في الخزينة السعودية سبيلاً لتحقيق نجاحات سياسية تمكّنه من الوصول إلى ولاية العهد على عكس بقية الدول التي تتخذ من السياسة سبيلاً لرفع اقتصادها وجني الأموال الطائلة، فمحمد بن سلمان يعلم تمامَ العلم أن لا أحقية له بذلك، لكنه ظن أنه بالمال يستطيع شراء رضا الدول الكبرى التي تستطيع أن تمكّنه من مبتغاه، ولا بُـدَّ لذلك من ثمن..

المال وتنفيذ كُـلّ ما تطلبه أمريكا كان هو ثمن وصوله إلى العرش، فابتدأها بحرب اليمن التي كلفته مليارات الدولارات وجعلت المنشآت النفطية والحيوية السعودية عرضة لاستهداف القوات المسلحة اليمنية.

لحقها إشعال حروب أُخرى في المنطقة خدمة لأمريكا والكيان الصهيوني ودفع مليارات الدولارات في سبيل دفع الأنظمة العربية للتطبيع مع الكيان الصهيوني، أَيْـضاً حرب النفط التي أقحم محمد بن سلمان بلدَه فيها ضد روسيا بأوامرَ أمريكية، والتي كان لها دور كبير في تهاوي أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها، وكانت السعودية أوّلَ المتضررين منها، ولا ننسى أَيْـضاً جائحة كورنا التي كان للسعودية النصيبُ الأكبر منها من بين الدول العربية، وكان لها تأثيرها على الاقتصاد السعودي كما بقية دول العالم.

كل هذه الأسباب مجتمعةً أَدَّت إلى انهيار الاقتصاد السعودي، وكان المواطن السعودي هو من دفع ثمن هذه الحماقات، وبات لزاماً عليه أن يعيش حياة التقشف داخل أرض غنية بثروات تجعله يحيا حياةَ الملوك، لكن كيف ذلك في ظل حكّام أغبياء ليس للشعب أدنى حضور في حساباتهم بل على هذا الشعب أن يتحمّل نتيجة سياساتهم وأخطائهم.

رفع ضريبة القيمة المضافة، وتقليص الرواتب، ورفع قيمة فواتير الماء والكهرباء، كانت هي أولى خطوات معالجة عجز الخزينة السعودية، وبعد تيقنهم أن أرامكو إمبراطورية النفط السعودي لم تعد ذات أهميّة اقتصادية كما كانوا يفاخرون بها قبل استهدافها من قبل الجيش اليمني في سبتمبر ٢٠١٩، وما زالت عرضةً للاستهداف، أرادت السعودية عقد قمة العشرين لدعوة الشركات الأجنبية للاستثمار فيها؛ بغرض رفع اقتصادها من جوانب أُخرى ومن خلال هذه القمة أرادت السعودية أن تثبت للعالم بأن السعودية مكان آمن للاستثمار.

وقبل أن تبدأ القمة بأسبوع افشلت القوات المسلحة اليمنية هذه القمة عبر رسالة تحذيرية للمواطنين والشركات الأجنبية بالابتعاد عن المواقع الحيوية السعودية؛ لأَنَّها من ضمن الأهداف التي سيتم استهدافها رداً على استمرار الحرب والحصار على اليمن ورفض السعودية لكل مساعي السلام.

لكنَّ السعودية وكعادتها النرجسية لم تلقِ بالاً للتحذيرات، فما كان على القوة الصاروخية اليمنية إلّا أن تدعم تحذيراتها برسالة بالستية عبر صاروخ مجنح قدس٢ حط رحاله في محطة توزيع النفط لشركة أرامكو في جدة، وَحقّق هدفه بدقة بالغة، صاروخ قدس٢ من الصواريخ المجنحة متوسطة وبعيدة المدى يصلُ إلى ١٥٠٠ كم.

يمتازُ هذا النوعُ من الصواريخ برأس كبير يحمل متفجرات ضخمة تجعله يحدث انفجارات شديدة، وله قدرة عالية على الاختراق للأسطح مهما كان سمكها، كما أنه يتميّز بقدرته على تعدي كُـلّ الأنظمة الدفاعية وبطاريات الباتريوت.

جاءت هذه الضربة في وقت كان محمد بن سلمان يلتقي بوزير الخارجية الأميركي، ورئيس وزراء الكيان الصهيوني ووزير الموساد في مدينة نيوم السعودية، فكانت الرسالة موجهة للطرفين، إنهم ليسوا في مأمن طالما واليمن ترضخ تحت الحرب والحصار، وأن لا سلام لهم إلّا بسلام اليمن.

وأما الرسالة الموجهة للكيان الصهيوني، فقد كانت من خلال الاسم الذي حمله الصاروخ قدس، بمعنى أن القدس حاضرة، ولن تستطيعوا النيلَ منها وإن خذلها المطبِّعون.

ومع أنَّ الإعلامَ السعودي حاول جاهداً أن يخفي خبر الاستهداف، كما أخفى خبر زيارة نتن ياهو، إلّا أن كاميرا المواطن السعودي فضحت ما حاولوا إخفاءه، ما اضطره للاعتراف بمقذوف أصاب خزان نفط ولم يحدث أي ضرر حَــدّ زعمه، وتمكّنهم من السيطرة على الحريق، ليأتي من يومه الثاني يتباكى ويتوسل مجلس الأمن بوضع حَـلّ للضربات الحوثية التي تهدّد مصدر الطاقة العالمي.

وما بين التقليلِ من حجم الضربة والبكاء والاستجداء متناقضات كثيرة تجعلنا نستنتج مدى مكابرة النظام السعودي في عدم تقبّله للهزيمة، الأمر الذي سيجعله يبكي كَثيراً لضربات ربما قد تكون أكبر وأكثر وجعاً ما لم يعترف بالهزيمة ويمد يده للسلام ويرفع يده عن اليمن التي باتت اليوم وبعد ست سنوات من الحرب والحصار أقوى، واستطاعت بصمود أبنائها أن تغيّرَ مسار المعركة، وأصبحت مقاليد الأمور بيدها خَاصَّة مع تنامي قدرتها الدفاعية والقوة الصاروخية التي باتت حديث العالم؛ لذا ما على النظام السعودي إلّا أن يعلن انهزامه دون قيد أَو شرط.

قد يعجبك ايضا