جرائم الحرب فوق التقادم
موقع أنصار الله || مقالات || خالد العراسي
لو أنك أشهرت سلاحَك لقتل أحدهم فقتلت شخصاً آخرَ غير من كنتَ تقصدُ قتلَه فهذا قانوناً لا يسمى أبداً خطأ بل هو قتل عمد؛ لأَنَّك رفعت سلاحَك بنية القتل، فما بالُكم بما يفعلُه العدوان من قتل جماعي متعمد لأبرياء مسالمين مدنيين لا يوجد بجوارهم أي موقع عسكري وليسوا في منطقة اشتباكات؟! ومن يسمي ذلك خطأً وارداً فهذا ليس خائناً فقط، بل هو مغفل وغبي.
فالأخطاء التي يمكن أن تحدث في الحروب لا تتجاوز 2% من إجمالي القصف الجوي. وبحسب تقارير دولية فَـإنَّ 90% من غارات العدوان على اليمن أصابت مدنيين و10% مقسمة بين غارات على الجبهات وغارات على أهداف مكرّرة تم قصفها وتدميرها سابقًا. وهذا معناه أن تحالفَ العدوان سيحاكم قانونياً ويحاسب على 98% تقريبًا من الغارات، بالإضافة إلى استخدامه أسلحة محرمة دوليًّا.
أما عن الـ2% فهي عبثية ولا تفيد العدوّ بشيء؛ لأَنَّ مجاهدينا لا يستقرون في موقع واحد ويتنقلون باستمرار ويغيرون مواقعهم بشكل مفاجئ وسريع، أي أنهم أهدافٌ متحَرّكة يستحيل أن يميزهم طيران العدوان، لا سِـيَّـما مع زيادة ارتفاع وعلو الطيران عند الغارات عقب إسقاط طائرة التورنيدو، بالإضافة إلى صعوبةِ تحديد مواقعهم وإحداثيات تواجدهم بدقة؛ كونهم جماعات غير مخترقة، كما هو الحال لدى المرتزِقة الذي تمكّنا بفضل الله عز وجل من اختراق كُـلّ مراكزهم بل واجتماعاتهم وغرف عملياتهم.
ولهذا فشلت ترسانة العدوّ الجوية رغم أنها أكبرُ وأقوى ترسانة جوية شاركت في الحروب من ناحية عدد ونوع الطائرات ونوعية الأسلحة المستخدمة وعدد الطيارين والدول المشاركة والدعم اللوجيستي والإمدَاد النفطي في الأجواء. لكن كُـلّ هذا لم يحقّق لهم أي انتصار يذكر، بل إنها غالبًا كانت عواملَ مساعدة لنا في النصر، سواء عند قصف مرتزِقتهم المنسحبين من أرض المعركة أم عند استنزاف ذخيرتهم وأموالهم في قصف أهداف مكرّرة باتت خاليةً على عروشها منذ أول عام للعدوان، أم عند ارتكاب مجازر وجرائم ضد المدنيين، بما فيها الاستهداف المتعمد لقيادات الدولة أثناء تواجدهم في مناطق مدنية، فهذا من ناحية إدانة للعدوان بارتكابه جرائم حرب لن تسقط بالتقادم، ومن ناحية أُخرى يخلق لدى شعبنا رغبة بالانتقام ودافعاً لمزيد من الصمود والثبات، كما أنه يساهم في تعرية العدوّ وفضح وكشف حقيقته الإجرامية المستخدمة للوصول إلى تحقيق أهدافه اللامشروعة.
أما عن مبرّري ومؤيدي الجرائم والمجازر والانتهاكات فكل ما يفعلونه هو توريط أنفسهم في تحمل المسؤولية، تماماً كالذي يشجع القاتل على القتل فيتحمل المسؤولية ويعاقب كشريك في الجريمة إلى جانب مسؤولية القاتل نفسه.
غلّاب والخوداني وجميح وحاتم… وكل المكانس التي يستخدمُها العدوانُ لكنسِ مجازره وجرائمه سيتحملون المسؤولية ويعاقبون على فعلهم كشركاءَ. أَيْـضاً من يحدّدون الأهداف ويقومون بالإيعاز للعدوان بقصف بيت فلان أَو المنطقة الفلانية؛ باعتبَارها هدفاً مشروعاً، كهادي وعلي محسن وحميد الأحمر وصعتر ومعمر الإرياني… وغيرهم، سيتحملون قانونيا عقاب الجاني نفسه.
وسنرفع الدعاوى أَيْـضاً على الدول التي باعت الأسلحة للسعودية والإمارات ولم توقف مبيعاتها لهما رغم الاستخدام الخاطئ والمتكرّر وارتفاع عدد الضحايا المدنيين وتدمير البنية التحتية والمنشآت الحكومية.
ومن هنا أقول: على محكمة العدل الدولية أن تستعدَّ، فأمامَها الكثيرُ من العمل المتراكم بفعل العدوان على اليمن المستمر منذ أكثر من خمسة أعوام، وكلما زاد أمدُ العدوان زادت مِلفات الإدانة وعدد القضايا وزادت تكاليف وخسائر دول العدوان السابقة واللاحقة المترتبة على إعادة الإعمار والتعويضات عن الخسائر المدنية والحكومية بشتى جوانبها المعنوية والمادية، ولنا مع الدماء ثأرٌ شخصي جيلا بعد جيل، يبدأ بالانتقام لحجاجنا شهداء مجزرة تنومة، وينتهي بأخذ الثأر لكل قطرة دم سفكتها وما تزال تسفكها دولُ العدوان.