واشنطن والوجه الحقيقي للدفاع عن”حقوق الانسان”
|| صحافة ||
عندما يجتمع اسم أمريكا إلى جوار “حقوق الانسان”، تتمنى “حقوق الانسان” أن تختفي عن الوجود قبل أن يقترن اسمها بأمريكا، فالأخيرة لم تترك جريمة ولم تقترفها في الشرق الاوسط والعالم اجمع، إن كان في جارتها القارة الامريكية الجنوبية، أو في آسيا وفيتنام وأفغانستان، وصولا إلى منطقتنا ونشرها الفوضى في كل مكان وتقسيمها الدول وتهجير الناس وتجويعهم، وفوق كل هذا تخرج علينا لتتحدث عن “حقوق الانسان”، وكما يقول المثل “إن لم تستحِ فافعل ما شئت”.
أمريكا تمارس أكبر ارهاب اقتصادي شهده العالم على سوريا، والمثير للاشمئزاز أن واشنطن في نهاية كل بيان أو قرار تشدد فيه الخناق على السوريين، تؤكد وقوفها إلى جانب السوريين. أين وقفت إلى جانب السوريين؟، فهل تقدم للعالم دليلاً واحداً يثبت أنها وقفت إلى جانب السوريين.
هل وقوفها إلى جانب السوريين، يقتضي سرقة نفط سوريا واحتلال أراضيها دون موافقة أصحاب الارض، ما تفعله هو احتلال وسرقة واغتصاب، أم إن دفاعها عن “حقوق الانسان” يتمثل في حرق المحاصيل الزراعية للناس، من يأكل من هذه المحاصيل الزراعية الحكومة أم الشعب، وفوق كل هذا تعزز الانقسام، وتنشر الفوضى.
عندما وجدت أمريكا نفسها عاجزة عن ارضاخ سوريا وشعبها، بدأت بمعاقبتهم، وفرضت عليهم “قانون قيصر” والذي يهدف فقط لتجويع السوريين وليس الحكومة، هي من خلال هذا القانون لم تستهدف أحداً سوى الشعب السوري، الذي يعيش حالة اقتصادية مزرية لم تشهدها سوريا منذ قرون، ومع ذلك تصدر عن واشنطن يومياً عقوبات جديدة على السوريين، وآخرها كان يوم أمس من وزارة الخزانة الأمريكية التي فرضت عقوبات على البنك المركزي السوري.
وقالت الوزارة في بيان على موقعها الرسمي: “اليوم، ودعماً لجهود الحكومة الأمريكية لتعزيز المساءلة والتوصل إلى حل سياسي للصراع السوري، عاقبت وزارة الخزانة الأمريكية (OFAC) مسؤولاً رفيع المستوى في الحكومة السورية زوجها عضو مجلس الشعب السوري وكياناتهم التجارية”.
وأضافت “علاوة على ذلك، أضاف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية مصرف سوريا المركزي إلى قائمة الرعايا المعينين بشكل خاص والأشخاص المحظورين، ما يؤكد وضعه كشخص محظور، إضافة إلى تحديد ممتلكات الأشخاص المحظورين سابقا”.
وأشارت إلى أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية أضاف شخصين، وتسعة كيانات تجارية، ومصرف سوريا المركزي إلى قائمة الأشخاص المحددين. وأكدت وزارة الخزانة أنه تهدف من خلال هذا الإجراء إلى تثبيط الاستثمار المستقبلي في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في سوريا، وإلزام دمشق بالعملية التي تسيرها الأمم المتحدة بما يتماشى مع قرار المجلس 2254.
إذا أمريكا مصّرة على تجويع السوريين، تحت ذريعة حمايتهم، من طلب منها حماية الشعب السوري؟.
جميع العالم شاهد كيف حمت واشنطن أفغانستان والعراق وفيتنام. أمريكا لا تحمي أحداً، فقط تستخدم أسلوب البلطجة وترتدي قناع الدفاع عن حقوق الانسان وهي أكبر دولة ارهابية مجرمة شهدها التاريخ. لتمارس حقوق الانسان في بلدها قبل ان تقطع آلاف الكيلومترات لتنشر لنا ديمقراطيتها الفاسدة، لتحقق العدالة لمواطنيها في البداية وتساوي بين البيض والسود ومن ثم تاتي وتتبجح علينا بديمقراطيتها.
إن قرار وزارة الخزانة الأمريكية الجديد هو “إرهاب اقتصادي” بامتياز، لقد بدد هذا القرار أوهام كل من كان يراهن على تغيير قد يحدث في السياسة الخارجية الأمريكية، فسياسة البلطجة الأمريكية غير مرتبطة بهذه الإدارة أو تلك، ودعم الإرهاب هو منهج ثابت لا يتغير كأحد مرتكزات السياسة الأمريكية اللاهثة وراء الهيمنة والتسلط، واليوم تتضح الصورة أكثر، وينقشع الضباب السياسي عن المشهد برمته، ليبقى السؤال : لماذا كل هذا الحقد تجاه السوريين؟!، وما الذي تسعى إليه الإدارة الأمريكية من خلال استمرارها في هذه العقوبات الجائرة بحقهم؟!.
المؤكد لنا جميعاً أن إدارة نظام الإرهاب الأمريكي لا تبالي بما يكابده السوريون من معاناة جراء مجازر وجرائم تنظيماتها الإرهابية، ومرتزقتها المأجورين، كما أنها لا تهتم بما يعانيه الشعب السوري على خلفية عقوباتها القسرية الجائرة، هي لا تهتم إلا بمصالحها الاستعمارية، وبمصالح ربيبها الصهيوني، فهي تستنزف السوريين، وتسلبهم خيراتهم، وثرواتهم، فتنهب آبار النفط والغاز، وتحرق المحاصيل الزراعية، وتحتل الأراضي، وتدعم الإرهابيين التكفيريين وتزودهم بكل ما يلزم لإطالة أمد وجودهم في المناطق التي يحتلونها، وتهجر السوريين من بيوتهم وقراهم لتفرض واقعاً ديموغرافياً وجغرافياً جديداً يتناقض بالمجمل مع معطيات التاريخ والواقع والحقيقة الميدانية، وهذا كل ما يعنيها فيما يتعلق بالسوريين، أما كل الشعارات الطنانة حول حقوق الإنسان وحرياته، فهي مجرد عبارات ومنتجات للتصدير والاستهلاك والاستعراض الخارجي لا أكثر ولا أقل وقيمتها على الأرض لا تتعدى الصفر في الحقيقة.
السوريون صامدون في وجه كل الهجمات العدوانية، والإرهابية، والاقتصادية، سواء ما يسمى قيصر، أم ما قد ينجم عنه من مستنسخات، صامدون ومتشبثون بأرضهم وكرامتهم وحقوقهم السيادية، وسيبقون ملتفين حول جيشهم الباسل حتى تحرير آخر ذرة تراب من رجس المحتل الأمريكي والتركي وأذرعهما الإرهابية العميلة، لن يهابوا مخططات الأمريكي التي تستهدف وجودهم، ولن يتراجعوا، أو يستكينوا، فهم أصحاب الأرض، وأصحاب الحق، والحق يعلو ولا يعلى عليه.
الحرب الكونية على سورية لم تزد السوريين إلا صموداً، وتمسكاً بثوابتهم الوطنية، والتفافاً حول قيادتهم الحكيمة، وجيشهم الباسل، وكذلك صمودهم في مواجهة العقوبات الأمريكية والغربية القسرية الظالمة، والتي أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها لا إنسانية، وهي إنما تعبر عن وحشية من فرضها، بل هي تكشف مدى الكذب والنفاق الدفين الكامن في نفوس الأمريكي، وتابعه الأوروبي، فالأمريكي لا يخجل من نفسه عندما يتلفظ بعبارات الإنسانية، والعدالة، والكرامة، ويذرف دموع التماسيح، ويدعي زوراً وبهتاناً أنه حريص على السوريين، وكذلك الأوروبي لا يخجل عندما يثرثر كثيراً عن مصلحة السوريين فيما هو يحاول خنقهم بدم بارد عبرعقوباته الظالمة.
ما يمكننا أن نجزم به هنا هو أن العقوبات الأمريكية والغربية القسرية الجائرة وإن استمرت، أو استنسخ منها المزيد، إلا أن قافلة الإنجازات والانتصارات على الإرهاب التكفيري مستمرة حتى تحرير آخر ذرة تراب، وكذلك حتى طرد المحتلين الأمريكي والتركي، كي تعود سورية إلى سابق عهدها واحة للأمان والاستقرار.
الوقت التحليلي