الشهادة طريق النصر والشهداء صُنَّاعه..السّلام على الأرواح والدماء التي أثمرت نصراً وعزة
موقع أنصار الله || مقالات || عبدالرحمن الأهنومي
تأتي الذكرى السنوية للشهيد تخليداً لمآثر الأبطال الذين ضحوا بالدماء والأرواح في سبيل الله ودفاعاً عن الوطن ، وتقديراً وتكريماً وتوقيراً للعطاء والبذل العظيم من الشهداء الذين ضحوا وبذلوا دماءهم وأرواحهم رخيصة دفاعاً عن الشعب وكرامته في ميادين الشرف والبطولة والفداء.
إنه الاحتفاء بعظماء خالدين في صفحات التاريخ والمجد والكرامة سجلوا بدمائهم وأرواحهم ملاحم بطولية تبقى دروساً للأجيال المتعاقبة ، وهذه الذكرى مقدسة بقدسية الدماء التي سالت أودية وأنهاراً دفاعاً عن اليمن وشعبه وأرضه في مواجهة المعتدين والبغاة الذين تكالبوا عليه من كل أصقاع الدنيا ، إنه تقديس لمن تقدست بهم وبعطائهم وأرواحهم ودمائهم الشهادة في سبيل الله ، مضوا إلى الله قوافل ومواكب مسجاة بالشموخ وبالبطولات العظيمة.
إنه الاحتفاء بأقدس المعاني وأكرم العطاء ، فمهما تحدثنا عن عظمة الشهداء يبقى الحديث قاصراً ومنقوصاً ، فالشهادة وقفة عز وإباء لا يفعلها إلا أكرم الناس وأنبل البشر وأزكاهم وأكرمهم وأصدقهم موقفاً وأنقاهم وأطهرهم سيرة وسريرة ، إن شهداء اليمن رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ، ارتبطوا بالله وتمسكوا بالنهج الإلهي الذي رسمه الله للبشرية وفطر عليه الناس جميعاً، وتمسكوا بجذور الوطن والتاريخ وبالهوية وبالرسالة المحمدية الغراء ، ودافعوا بكل إخلاص وثبات وإقدام وشجاعة عن الكرامات والحرمات والحدود ، فنالوا شرف الشهادة ونالوا الكرامة من الله ، وأي كرامة أعلى من أن يسقط الإنسان شهيداً في سبيل الله مدافعاً عن شعبه ودينه وكرامته ، فما هي إلا إحدى الحُسْنَيين النصر أو الشهادة وفي الأخيرة خلود في رحاب الله.
إن شعباً يعتز ويعظّم ويقدّس الشهداء والشهادة لجدير بالحياة وبالنصر والظفر والتأييد من الله ، فالشهادة قيمة إنسانية وثقافة إلهية ، والحياة بدون ثقافة الشهادة موت أكيد ، وما أبلغ ما قاله حول هذا الموضوع حفيد الحبيب المصطفى صلوات الله عليه وعلى اله وسلم ، الإمام الحسين (عليه السلام) : (إني لا أرى الموت في سبيل الله إلّا سعادة ، والحياة مع الظالمين إلّا برما).
السيد القائد حفظه الله في كلمته أمس قال إن الشهادة في سبيل الله أقوى سلاح في مواجهة الطواغيت.. مؤكدا أنها تصون الحقوق وتحمي الأمة وتضمن لها القوة والعزة والكرامة وقال: “نحتاج لترسيخ مفهوم الشهادة في سبيل الله لمواجهة طواغيت العصر أمريكا وإسرائيل وعملائهم” واعتبر الشهداء في فلسطين ولبنان وإيران مثالاً لثمرة الشهادة وقال “الشهادة في سبيل الله أثمرت نصراً في واقع الأمة وتحرير قطاع غزة وانتصار المقاومة في لبنان وقبل ذلك نجاح الشعب الإيراني المسلم في إسقاط الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية نماذج لثمرة الجهاد والاستشهاد”
وبهذا المعنى فإن الشهداء يصنعون لأمتهم وشعوبهم القوة والعزة والمهابة ، ويجعلونها حصينة في حدودها وقرارها وترابها وبحارها وأجوائها وحقوقها، والشعب اليمني يخوض اليوم معركة واضحة الأهداف عمادها الدفاع عن الكرامة والحرية والاستقلال وعن الأرض والعرض في مواجهة بغاة قتلة ومجرمين ، وشهداء اليمن لبوا النداء واستشهدوا في قضية لا لبس في صوابيتها، حيث يحتشد الباطل والبغي والإجرام والحقد والوحشية والنفاق في تحالف ضد الشعب اليمني الذي يتحصّن بالشهداء ويحتمي بالدماء الزكية التي سالت في ميادين الكرامة والجهاد ، والعاقل لا يرى أي خسارة في التضحية حين تثمر نصراً وعزة وتكرّس قيماً إنسانية ودينية سامية ، إذ أن كلفة الاستسلام أعظم وأكبر من التضحيات على طريق الشهادة في ميادين المواجهة ، كما أن الشهيد يحمل الآخرين في محيطه على التعلق بقيم التضحية والفداء والبذل والاستشهاد ، وما أقدس الشهيد حين يجعل المخلفين من بعده يتمنون المقام الذي ناله ، ولو أعيد إلى الحياة لرفع على رؤوس الخلق أجمعين.
إن شهداء اليمن مضوا في طريق واضح وقويم ، إذ لا يمكن لأحد أن يشك لحظة في أحقية وعدالة قضية الشعب اليمني وحقه المكفول شرعاً وعرفاً وقانوناً وبكل القيم الإلهية في الدفاع عن نفسه ، إن الشهداء قاتلوا وسقطوا مضرجين بدمائهم وهم يواجهون بغاة العالم المحتشدين من كل الأصقاع عدواناً وتعدياً على شعبنا وحقنا وكرامتنا وأرضنا وقيمنا وديننا ، والدفاع عن الحق قيمة مقدسة أمر الله عباده بها “وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا” ، ولا أوضح من القضية التي يقاتل في سبيلها الشعب اليمني , ولا طريق أجلى من طريق الشهداء الذين امتشقوا السلاح دفاعاً عن اليمن شعباً وأرضاً وكرامة وتصدوا لتحالف القتل والبغي والعدوان والنهب والاستكبار تشترك فيه أمريكا وإسرائيل والسعودية والإمارات وأنظمة وكيانات وجماعات ، ومرتزقة وعملاء وقتلة وسفاحين من كل الأصقاع مدججين بالقوة الهائلة والمال والسلاح والأسلحة الفتاكة والمدمرة ، ليدوسوا كرامة اليمنيين وينهبوا ثرواتهم ويغتصبوا أرضهم ويسحقوهم أطفالاً ونساءً كباراً وصغاراً.
لقد تكالب الأعداء من كل حدب وصوب على اليمن ، وما فعله الشهداء العظماء أنهم قاوموا هؤلاء البغاة المحتشدين من البر والبحر والجو ، ورفضوا الذلة وقالوا هيهات أن تداس كرامة شعبنا وأهلنا وتحتل أرضنا وتغتصب وفينا عرق بالحياة ينبض، فانطلقوا أباةً كراماً فرساناً يبدعون في إتقان البطولات وصنعة الملاحم الوطنية ، وواجهوا حلفاً محتشداً من الفجار والمعتدين الذين مارسوا صنوفاً وأشكالاً من الوحشية والبطش والتنكيل بحق الشعب اليمني ، وقتلوا ودمروا واستباحوا الحرمات وانتهكوها وأرادوا الدوس على كرامة شعب عريق وعظيم ، وخيروه بين دنية الاستسلام ، وسوح المنايا ، فخاض الغمار معتمداً على الله ومتوكلاً عليه ، مستنداً إلى قضية وحق وعدل وقيم إلهية وإنسانية ووطنية ودينية.
كل مواطن منا في اليمن مشروع شهادة وصرخة شموخ وإباء ، وصلة الوصل بيننا نحن وبين من سبقنا من الشهداء الذين هم أحياء عند ربهم يرزقون هو أن نمضي على العهد من أجل سيادة واستقلال وحرية الشعب اليمني وكرامته، وأن نكون أوفياء لهم بالتجسيد العملي لعطائهم وقيمهم ولأهلهم وعوائلهم وأسرهم الكريمة ، فعندما يمضي الشهيد في ركب الخلود يترك خلفه أسرة وعائلة لا بد أن نكرمها ونقدرها ، فمن قدم فلذة كبده شهيداً ، ومن قدم والده وأخاه على طريق الخلود لا بد أن نعلي شأنه ونكرمه ونقدره ونهتم بقضاياه وهذا أقل واجب ممكن أن نقدمه للشهداء.
وأخيراً لابد من تجسيد توجيهات قائد الثورة الحكيمة التي تعكس إيلاءه الاهتمام الكبير بعائلات وأسر الشهداء والتقدير لهم.. ودائماً ننحني إجلالاً لأرواح الشهداء ولذويهم.. فالشهادة طريق النصر ، والشهداء صُنَّاعه ورجاله.