تقرير حقوقي دولي: مجزرة الرقّاص من أكثر الجرائم دمويةً ضد الإعلاميين في اليمن!
|| صحافة ||
أطلق معهدُ الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان قبلَ أَيَّـام تقريرَه حول استهداف الإعلام والإعلاميين في اليمن، متطرقاً إلى جريمةِ الرقَّـاص التي استهدفت منزلَ السفير اليمني لدى سوريا رئيس اتّحاد الإعلاميين اليمنيين، الأُستاذ عبد الله علي صبري في منتصف مايو سنة 2019.
وتأسَّس معهد الخليج في أستراليا، وهو منظمةٌ غيرُ ربحية وغير حكومية ويهدف إلى تعزيز ونشر ثقافة الدّيمقراطية، كما يسعى لتحقيق مبادئ حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية وإيقاف الانتهاكات في الخليج عُمُـومًا وفي البحرين خُصُوصاً.
وقدّم المعهد تقريراً ملخصاً عن الجرائم المرتكَبة تجاه الإعلاميين، والتي قام بها العدوانُ الأمريكي السعودي على بلادنا، مع بيان ما تعرّض له قطاعُ الإعلام عُمُـومًا خلال الفترة من مارس 2015 حتى نوفمبر2020م، كما تضمَّن التقريرُ بعض التفاصيل حول جريمة استهداف رئيس اتّحاد الإعلاميين اليمنيين سفير اليمن في سوريا، الأُستاذ عبد الله علي صبري، ومعلومات موثقة بشأن الانتهاكات والجرائم التي تعرّض لها القطاع الإعلامي والعاملون فيه منذ العام 2015 حتى وقت كتابة التقرير، كواحدة من خروقات المواثيق والأعراف الدولية، وانتهاكا للحق في حرية الرأي والتعبير.
ويتطرق المعهد الخليج في تقريره إلى قوانين الدول والقانون الدولي الإنساني بشأن الحماية للصحافيين، إضافة إلى قرارات مجلس الأمن التي تنُصُّ على إدانة الهجمات المتعمدة ضد الصحافيين وموظفي وسائل الإعلام والأفراد المرتبطين بهم أثناء النزاعات المسلّحة، ومساواة سلامة وأمن الصحافيين ووسائل الإعلام والأطقم المساعِدة في مناطق النزاعات المسلّحة بحماية المدنيين هناك، إضافة إلى اعتبار الصحافيين والمراسلين المستقلّين مدنيين، يجب احترامهم ومعاملتهم بهذه الصفة، واعتبار المنشآت والمعدّات الخَاصَّة بوسائل الإعلام أعيانًا مدنية لا يجوز أن تكون هدفًا لأيّة هجمات أَو أعمال انتقامية.
استهداف منزل السفير صبري
ويرى معهدُ الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان أن جريمةَ استهداف منزل رئيس اتّحاد الإعلاميين اليمنيين والسفير اليمني لدى سوريا، عبد الله صبري واحدة من أكثر الهجمات دموية على المدنيين عُمُـومًا، وعلى العاملين في قطاع الإعلام خُصُوصاً، وذلك عندما قامت طائرات العدوان الأمريكي السعودي عند الساعة الثامنة من صباح يوم الخميس الواقع في 16 مايو2019م، بتنفيذ عددٍ من الغارات الجوية التي استهدفت مبنى وزارة الإعلام اليمنية بصنعاء، وغارة استهدفت مباشرة شقة صبري بإحدى العمارات السكنية الواقعة في شارع “هائل” – حي الرقَّـاص في وسط العاصمة اليمنية صنعاء. والذي يُعَدُّ أحد الأحياء السكنية والتجارية المعروفة بكثافتها السكانية الكبيرة.
وبحسب تقرير فنيّ جنائيّ صادر عن وزارة الداخلية اليمنية بشأن واقعة الاستهداف، فَـإنَّ مركز الانفجار كان في إحدى غرف منزل صبري.
ويواصل تقريرُ معهد الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان الأسترالي القول: “فقد صبري في تلك الهجمة اثنين من أولاده، لؤي 18 عاماً، وحسن ابن الـ16 ربيعًا، ووالدته ذات الـ60 عاماً التي توفيت في 30 مايو 2019، متأثّرة بإصابتها، ونجا من الموت في ذلك اليوم المأساوي السيد صبري الذي أُصيب بجروح وكسور في ساقيْه التي اخترقتها الشظايا، وكذلك أُصيب ابنه الأكبر بليغ (20 عامًا) في رأسه، بالإضافة إلى إصابة والد صبري في صدره”.
لم تكن أسرةُ صبري الضحيةَ الوحيدةَ لتلك الجريمة، فقد قُتِل خلالها أطفال لأسرٍ تعيش بالقرب من منزل صبري الذي تسبّب استهدافه بتعرض 29 عمارة ومنزلًا سكنيًّا إلى أضرار متفاوتة، ما بين تهدّم كامل أَو جزئيّ، وتحطّم للنوافذ، فقد استشهد نتيجة تلك الهجمة 7 مواطنين وأُصيب ما يقارب الـ70 مدنيًّا بجروح، بينهم 27 طفلًا و16 امرأة، إصاباتهم معظمها كانت خطيرة. فالشظايا التي خلّفها انفجار الصاروخ انتشرت في أجسادهم، وحُفِر بعضٌ منها على أجسادهم ووجوههم، ما تسبّب في تشوّه كثير منها بصورة دائمة.
ويشير تقرير المعهد إلى أن مسؤول مِلف اليمن في المعهد قام نهاية أغسطُس 2020م بمرافقة فريق المركز اليمني لحقوق الإنسان خلال زيارة عدد من الأسر في أمانة العاصمة صنعاء ممّن كانوا ضحايا تلك الجريمة، واطّلع على حجم الأضرار التي خلفتها تلك الهجمة، ومقدار المعاناة والألم والأثر النفسي السيّئ الذي لا يزال يعاني منه، خُصُوصاً الأطفال الناجين من تلك الهجمات، وبحسب نتائج تلك الزيارة أفاد بالآتي:
– أسرة الحبيشي: وُثِّقَت شهادة أحمد الحبيشي وهو أحد من دمّـرت تلك الهجمة منازلهم تماماً، وقتلت أربعة من أولاده (سهام 16 عاماً، وسيم 13 عاماً، عبد الرحمن 12 عاماً وخالد 6 أعوام). ولم ينجُ ذلك اليومَ من أطفاله سوى ولد واحد يعاني من إعاقة جسدية ووضعه النفسي سيئ لدرجة كبيرة. كما أنّ زوجته ما زالت تعاني من إصابة بالغة في العمود الفقري، ولم تتمكّن من تجاوز ما حَـلّ بأطفالها، إلى جانب الوضع الإنساني المؤلم الذي أصبحوا يعيشونه بعد أن فقدوا منزلهم ومصدر رزقهم.
يقول الحبيشي: «لم يبقَ لي شيء بعد فقد أولادي سوى الحسرة والألم والغضب، فهل يستطيع أحد أن يعيد إليّ أولادي؟؟!!». ويضيف: «كانت ابنتي تنتظر متى ستنتهي من الثانوية العامة، ولكن ذهبت قبل أن تسعدني بتفوّقها العلمي، قتلوا ابنتي وأولادي، ذنبهم الوحيد أنهم من أطفال اليمن».
-أسرة آل معصار: هي واحدةٌ من الأسر التي التقينا بعددٍ من أفرادها، والتي خسرت منزلها المكوّن من خمسة طوابق خلال تلك الهجمة، وأصبحت في حالة إنسانية مأساوية، وأصبح أطفالهم يعانون من ذعر وخوف شديدَين ما إن يسمعوا صوت طائرات تحلق في السماء. وبحسب أفراد الأسرة، فَـإنَّ أطفالهم تأثّروا تأثّرًا كَبيراً، وأصابهم إلى الآن نوبات قلق وخوف وغضب مستمر وعدم استقرار في النوم حتى الآن.
– أسرة البحري وأطفالها السبعة: واحدة من تلك الأسر التي تعاني آثارًا قاسيةً؛ نتيجةَ تضرّرها من تلك الجريمة، فأصبحت تعيش وضعًا إنسانيًّا سيئًا جِـدًّا كواحدة من الأسر اليمنية التي أصبحت غير قادرة على توفير أبسط احتياجات العيش والحصول على الخدمات الأَسَاسية. يعاني أطفال الأسرة مشكلات نفسية كثيرة. وفي وقت الزيارة، لوحظت معاناة أحد أطفال الأسرة البالغ من العمر 14 عاماً، والذي ظهرت عليه الآثار النفسية بشكل واضح وملموس في كلامه، فمنذ الحادثة أصبح غير قادر على التحدث بشكل طبيعي، بل بدا واضحًا وجودُ تأتأةٍ وصعوبةٍ كبيرةٍ في كلامه. كما أنّ من بين الأطفال الضحايا لهذه الأسرة فتيات أعمارهنّ بين 10 و12 عاماً، يعانين من خوف مستمر وشعور بالقلق والرعب، ويعشن وضعًا صحيًّا غير مستقر، خُصُوصاً بعد أن تُوفيَ والدهن بأمراض متتالية، ظلّ يعاني منها لأشهر بعد القصف الذي تعرض له منزله، لتصبح الفتيات الآن في رعاية جدتهن أم والدهنّ، وهي سيدة مسنّة أُصيبت بساقيها؛ فسقطت من نافذة المنزل خلال القصف وعجز الأطباء عن علاجها حتى الآن.
شهادةُ رئيس اتّحاد الإعلاميين اليمنيين
وفي لقاءٍ خاصٍّ مع معهد الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان مع الأُستاذ عبدالله صبري، رئيس اتّحاد الإعلاميين اليمنيين وسفير اليمن لدى سوريا، تحدّث حينها عن وقائعَ استهداف منزله، وبحسب روايته فَـإنَّ ما حدث يتلخّص في الآتي:
«في صبيحة الحادثة المشؤومة، أفقتُ وأنا ملقًى على الأرض، لا أقدر على الحركة؛ بسَببِ الألم الفظيع في قدمي اليسرى التي تعرضت لكسور عدّة. كان الدمار حولي كَبيراً وكأنّني في كابوس أَو في جحيم حقيقي. نظرت أمامي، فإذا بولدي لؤي ملقى على الأرض هو الآخر ولا يتحَرّك، لقد كان في حكم الميت».
وأضاف: «كنتُ أصرُخُ بشدة من الألم ومن هول ما حدث، اقترب مني ولدي الأكبر بليغ الذي نجا بأعجوبة وحاول إسعافي. سمعت زوجتي وهي تنعي والدتي وتسأل عن ابني الثاني حسن الذي كان مفقودًا حينها».
وأكمل قائلًا: “هرع المسعفون ونقلونا إلى المستشفيات القريبة، وفي آخر النهار تبيّن أنّ ابني حسن قد فارق الحياة، وبعدها بأيام لحقه الابن الثاني لؤي، ثم والدتي الغالية. وفي هذا الوقت، خضعت لثلاث عمليات جراحية في رجلي اليسرى، وحين سمح الأطباء بخروجي من المستشفى، كنت أتساءل إلى أين، فقد انتهى كُـلّ شيء تقريبًا، بما في ذلك أثاث منزلي. فيما بعد عرفت أنّ الاستهداف كان متعمّدًا، خَاصَّة أنّ الغارة التي سبقت استهداف منزلي كانت من نصيب وزارة الإعلام اليمنية في الحيّ المجاور”.
لم يراعِ القتلةُ حقوقَ الإنسان ولا حرمة الصحافة والإعلام، ولا حتى حُرمة الشهر الكريم حين استهدفونا والناس صيام ونيام». وبرّر ذلك بأنّهم يعرفون أنّ جرائمهم في اليمن تمرُّ دونَ حساب أَو مساءلة، فقد تمادوا في هذه الانتهاكات؛ ولأنّهم إعلاميون كانوا شهودًا على جرائمهم، وكانوا يطالبون على الدوام بالتحقيق في هذه الجرائم، فقد أرادوا إسكات أصواتهم، وأردف صبري قائلًا: «ولكن هيهات».
وختم بالقول: «كلي أملٌ ألّا تمرَّ هذه الجريمة دون عقاب، وأن تحظى باهتمام المنظمات الدولية المعنيّة بحرية الرأي والتعبير وحقوق الإنسان، ومنها معهد الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان».
كما وثّق المعهد إفادة بليغ (20عامًا)، أحد أبناء صبري ممن جرحوا في تلك الجريمة، إذ يقول: «رأيتُ على طول المنظر، الشقة انتهت ملامحُها نهائيًّا. لا يوجد جدران، ولا يوجدُ سقف، ولا يوجد شيء. رأيتُ أبي أمامي مباشرةً، رِجلُه مكسورة وَيتألّم، جدّتي في الجهة الثانية، أخي كان مرجومًا ولم يكن يتكلّم. سمعت أمي تقول تعالَ انظر إلى أخيك هذا إذَا كان سيعيش، أما أخوك الآخر، فلم نجده. أبي كان أمامي، لكنه كان يتنفس، لذا ذهبت لأرى أخي الآخر، فحصْتُه فوجدت فيه نبضًا، حاولت إسعافه بالإسعافات الأولية ولكنّني لم أستطع. عُدتُّ إلى أبي وربطت له رجله، ثم نزلت إلى الناس لكي يسعفوا والدي».
استهدافُ وزارة الإعلام اليمنية
في اليوم نفسه بتاريخ 16 مايو 2019م، وبالتزامن مع استهداف رئيس اتّحاد الإعلاميين اليمنيين، قامت طائراتُ العدوان الأمريكي السعودي باستهداف مبنى ديوان وزارة الإعلام في حي النهضة في العاصمة صنعاء، بغارتين دمّـرتا أجزاءً كبيرة من المبنى الذي شُيِّد مؤخّراً وإتلاف محتوياته.
وبحسب متابعين، لم يكن مصادفةً، تنفيذُ التحالف لتلك الهجمات في وقت واحد لاستهداف وزارة الإعلام، ومنزل رئيس اتّحاد الإعلاميين سفير اليمن لدى سوريا الأُستاذ عبد الله علي صبري، ورأوا في ذلك رسالة تؤكّـد الاستهداف المتعمّد للإعلاميين والمؤسّسات الإعلامية اليمنية؛ بهَدفِ إسكات الأصوات الإعلامية المستقلّة وتهميش صوت الشعب اليمني في الخارج والتغطية على جرائمه وانتهاكاته بحق اليمنيين.
موقفُ الأمم المتحدة
وبشأن تلك الهجمات، قالت الممثّلة المقيمة للأمم المتحدة، منسقة الشؤون الإنسانية، ليز غراندي، في بيان صادر عنها: «إنّنا نتشاركُ الحزنَ مع أسر الضحايا، ونشعر بالصدمة؛ لأَنَّ هذه المأساة قد حدثت، فكان الإبلاغ عن سقوط المزيد من الضحايا، بمن فيهم عاملون في المجال الصحي».
وأشَارَت إلى أنّ هذه الحادثة المروّعة هي تذكير مأساوي بجميع الأسباب التي؛ مِن أجلِها يجب أن تتوقّف هذه الحرب.
وقالت غراندي: «القانون الإنساني الدولي واضح، يجب القيام بكل شيء لحماية المدنيين، هذا ليس بالأمر الاختیاري، هذا التزام قانوني، وقبل كُـلّ شيء التزام أخلاقي على جميع الأطراف».
ضحايا وأضرارُ الإعلام في اليمن
ويؤكّـد تقريرُ معهد الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان أن الهجماتِ التي ينفذها طيران العدوان الأمريكي السعودي استمرت على المدنيين وعلى قطاع الإعلام والعاملين في مؤسّساته المختلفة والتي كانت هدفًا لعدد كبير من تلك الهجمات التي نتج عنها سقوط عشرات الضحايا، وتدمّـرت كثير من موارد ومنشآت القطاع، بالإضافة إلى إفراز جملة من التداعيات التي تسبّب بها استمرار الحصار الشامل المفروض على اليمن، ومنها:
– أصبح الإعلاميون يعيشون معها وضعًا إنسانيًّا مؤلمًا للغاية، فقد حُرموا من مرتباتهم، وفقد الكثير منهم فرص العمل المناسبة، لتوفير احتياجات أسرهم الأَسَاسية.
– مع استمرار إغلاق مطار صنعاء الدولي، فَـإنَّ الإعلاميين؛ باعتبَارهم إحدى الفئات الأكثر حاجة للسفر من وإلى اليمن، أصبحوا عاجزين عن السفر للخارج. وَيشكو كثيرون من الإعلاميين من خطورة استمرار حظر السفر على الإعلاميين، وعدم تمكّنهم من المشاركة في المؤتمرات والمنتديات الدولية التي يحظى العدوان بفرص الحضور فيها، وتقديم رؤية مغلوطة عن حقيقة المشهد اليمني وآثار الحرب والحصار التي تستمرّ السعودية وتحالفها في فرضها على اليمن.
– اعتُقِل عشرات الصحافيين والإعلاميين ونشطاء حرية الرأي والتعبير تعسّفًا، وأُخفوا قسرًا في السجون السرية التي أنشأتها الإمارات، وهي أحد أطراف تحالف العدوان على بلادنا، وتتولى إدارة شؤون المحافظات الجنوبية لليمن.
– تسبّب استمرار استهداف المؤسّسات الإعلامية وقطاع الاتصالات والانترنت في خلق صعوبات كبيرة تواجه الإعلاميين ووسائل الإعلام المحلية حين القيام بمهامهم في نقل الحقيقة وسرعة التعاطي مع الأحداث والمستجدات.
ويسرد المعهد إحصائية حول ضحايا وأضرار قطاع الإعلام والخروقات الموجهة ضد الإعلاميين اليمنيين من مارس 2015 وحتى نوفمبر 2020..
ومنها:
ضحايا إعلام القنوات المحلية (45 شهيداً، 25 جريحاً)
ضحايا طواقم إعلام القوات المسلحة (290 ما بين شهيد وجريح)
تدمير منشآت إعلامية (23)
استهداف أبراج البث والإرسال (30 برج)
استنساخ قنوات مواقع إلكترونية (6) مواقع
إيقاف قنوات فضائية (8 قنوات)
حجب وتشويش على القنوات (7 قنوات)
اختراق مواقع إلكترونية (3 مواقع)
منع صحافيين دوليين من دخول اليمن (143 حالة)
توقف صحف رسمية عن الصدور (حالتين)
إيقاف عشرات الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.
ويؤكّـد معهد الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان أن جريمة استهداف منزل الأُستاذ عبد الله صبري تعد نموذجًا لسلسلة الأفعال والممارسات التي ارتكبتها، ولا تزال دول العدوان الأمريكي السعودي في حربها على اليمن، والتي طالت الفئات والأعيان المحمية كافة خلال النزاعات المسلحة وفق مواثيق القانون الدولي الإنساني، مجدّدًا التزامه برصد حالة حقوق الإنسان في الخليج واليمن، ويأمل من خلال هذا التقرير الإسهام في حشد ومناصرة حرية الصحافة والإعلام، وتعزيز جهود المجتمع الدولي كافة لوقف أشكال الجرائم والخروقات كافة التي تشهدها اليمن، كما يأمل المعهد أن يشكّل التقرير مصدرًا يمكن الاستئناس بما تضمنه من معلومات موثّقة عند نظر القضاء الدولي في جريمة استهداف منزل رئيس اتّحاد الإعلاميين اليمنيين تحديدًا، وجرائم استهداف الإعلاميين وممتلكات قطاع الإعلام الخَاصَّة والعامّة؛ باعتبَار أنّ تلك الأفعال قد تندرج في “إطار جرائم الحرب”، وفق مواثيق القانون الدولي الإنساني.
توصياتُ التقرير
ويوصي المعهد في تقريره بما يلي:
– تكوين لجنة تحقيق دولية مستقلة ومحايدة للتحقيق في هذه الجريمة وغيرها من الجرائم.
– إحالة مرتكبي الجريمة وكلّ من شارك فيها ودعم إلى المحاكمة والمساءلة الجنائية وإنزال العقوبة عليهم.
– وقف الحرب على اليمن ورفع الحصار البري والبحري والجوي.
– تضامن الإعلاميين في العالم مع الإعلامي اليمني عبد الله صبري وغيره من الإعلاميين المستهدَفين في اليمن.
– تقديم التعويض المناسب لضحايا الجريمة وكلّ من تضرر؛ بسَببِها بأي شكل من أشكال التضرر المادي والمعنوي.
– الامتثال الكامل للأحكام والنصوص ذات الصلة الواردة في القانون الإنساني الدولي بعدم استهداف الصحافيين والإعلاميين والمدنيين.
– السماح للصحافيين الأجانب كافة بالدخول إلى الأراضي اليمنية؛ مِن أجلِ نقل حقيقة ما يجري إلى العالم.
شهاداتُ إعلاميين وناشطين دوليين
ويقولُ رئيسُ معهد الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان، يحيى الحديد، تعليقاً على جرائم العدوان الأمريكي السعودي بحق الإعلام والإعلاميين في اليمن: إن استمرار هذه الجرائم سببه الدعم الدولي الذي أمّن لتحالف العدوان الإفلاتَ من العقاب ومن الملاحقة القضائية الدولية، لافتاً إلى أن مجزرة حي الرقَّـاص، التي تناولها التقرير ليست حادثة منفصلة، بل كانت ضمن سياسة ممنهجة اعتمدها العدوان الأمريكي السعودي؛ باعتبَار المدنيين هدفه الأول.
ويواصل الحديد قائلاً: “نحن من خلال هذا التقرير أردنا أن نوثق هذه الجريمة؛ لكي لا تُنسى مع الكم الهائل من الجرائم، فمجزرة حي الرقَّـاص هي جريمة من بين مئات الجرائم التي ارتكبتها قوات التحالف وبدعم أمريكي؛ لذلك نحن سنضيء على جرائم الحرب التي ارتكبت في اليمن وسنستمر بمطالبة المجتمع الدولي بملاحقة مرتكبي هذه الجرائم وتقديمهم للعدالة؛ لأَنَّهم يجب أن يحاسبوا على ما اقترفوه. كذلك يجب أن يعوض اليمنيون وأن يعاد الاعتبار لهذا الوطن العزيز الذي دمّـر؛ بسَببِ ما قامت به القوات السعودية وَالإماراتية وقوات التحالف”.
ويورد المعهد شهادات لناشطين حقوقيين وإعلاميين من مختلف دول العالم حول استهداف الإعلام والإعلاميين في اليمن من قبل تحالف العدوان الأمريكي السعودي.
ويقول بيار أبي صعب، الصحفي اللبناني البارز ومدير التحرير في جريدة الأخبار اللبنانية: “الجريمة الثانية الموازية للعنف المباشر هي الجريمة الأخلاقية التي ارتكبت بحق الرأي العام العالمي والعربي واليمني بمنعه من الوصول إلى الحقيقة، [باستهداف] الإعلام اليمني وهو الأهم؛ لأَنَّ هؤلاء هم الشهود، هؤلاء هم ضحايا المجزرة، هؤلاء هم أبناء الأرض، أهل الأرض، وأبناء الشعب الذين يعيشون هذه المجزرة ويمكن أن يقدموا لنا الشهادة الحقيقة عما يجري، أن يبلغوا العالم هذه الرسالة السامية عن العنف والهمجية وإراقة الدم. هؤلاء منعوا من كُـلّ أشكال [التواصل]”.
من جانبها، تقول رجاء عبدالله أحمد المصعبي -رئيسة المؤسّسة العربية لحقوق الإنسان وسفيرة النوايا الحسنة للسلام الدولي والخبيرة الدولية في حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة-: “تعد الحرب على اليمن من أسوأ الأحداث التي مرت على اليمن، حَيثُ تسببت في دمار اليمن على المستوى الصحي والتعليمي. فقد دمّـرت 45 % من المؤسّسات الصحية بشكل كلي أَو جزئي و62 % من المؤسّسات التعليمية والجامعية والمعاهد الفنية. كما تسبب في نزوح أكثر من 8 ملايين شخص وأصبح أكثر من 18 مليوناً تحت مستوى خط الفقر. وبالطبع كُـلّ هذا تضرر منه الأشخاص ذوي الإعاقة، حَيثُ دمّـرت كُـلّ مصادر دعم صندوق رعاية وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة مما تسبب في توقف 86 % من الخدمات الصحية والتعليمية المقدمة لهم. كما إن الحرب أَدَّت إلى ارتفاع عدد الأشخاص ذوي الإعاقة؛ بسَببِ القصف وَكُـلّ ذلك يدعونا إلى المطالبة بوقف بيع الأسلحة لدول العدوان على اليمن”.
أما الدكتورة سو ويرام، رئيسة الرابطة الطبية لمنع الحروب في أستراليا، فتقول: “تعرب منظمتنا عن انزعَـاجها الشديد من حجم الموت والمعاناة التي يتعرض لها الشعبُ اليمني على نطاقٍ واسعٍ، بما في ذلك إرهابُ الأطفال وغيرِهم بالقصف الجوي. بالإضافة إلى ذلك فَـإنَّنا ندينُ بشدةٍ الاعتداءاتِ على الصحفيين، المحظورة في أوقات الحروب. يجبُ إجراءُ تحقيق ومحاسبة نزيهة وشاملة لجميع جرائم الحرب المزمع ارتكابها في هذه الحرب”.
صحيفة المسيرة