قصفُ صوامع الغلال.. الحربُ الأمريكية على الغذاء
|| صحافة ||
لم يتركِ العدوانُ الأمريكي السعودي أية وسيلة لتأكيد جُرمه ووحشيته للنيل من الشعب اليمني إلَّا واستخدمها، فمن القصف المباشر واستهداف الأحياء السكنية والأعيان المدنية وتشديد الحصار الثلاثي ومنع دخول المشتقات النفطية، وُصُـولاً إلى الحرب على الغذاء واستهداف مخازنه في عددٍ من المناطق الحرة، واختتام ذلك الاستهداف بضرب صوامع ومطاحن الغلال التابعة للشركة اليمنية الدولية للصناعات الغذائية (ييفيكو) بميناء الصليف محافظة الحديدة.
يقول الخبير الاقتصادي والمحلل الاستراتيجي، رشيد الحداد: إن “استهداف صوامع الغلال جزء من الاستهداف المستمرّ لمخازن الغذاء التي بلغت منذ بدأ العدوان الأمريكي السعودي على شعبنا اليمني 360 مخزنَ غذاء، إضافةً إلى الاستهداف المتواصل لميناء الحديدة الذي يستقبل مواداً غذائية بشكل شامل من قبل وبعد العدوان، مُضيفاً “هذا الاستهداف يعمق الأزمة الإنسانية بشكل كبير جِـدًّا ويضاعف من معاناة اليمنين الذين يعانون من أسوأ أزمة إنسانية على مستوى العالم وفقاً لتقارير العدوّ الأمريكي ذاته والمنظمات الأممية”.
ويشيرُ الخبيرُ الاقتصادي الحداد في تصريحٍ خاصٍّ لصحيفة “المسيرة” إلى أن الاستهدافَ الأخيرَ دليلُ إمعان العدوّ الأمريكي السعودي في عدوانه وحصاره لشعبنا اليمني، وأن العدوّ بعيد عن نوايا السلام العدمية في الواقع بشكل فعلي وواضح، لافتاً إلى أن التصريحاتِ الأُمميةَ حولَ استئنافِ الملاحة الجوية في مطار صنعاءَ لا تتطابقُ مع عدوٍّ لم يسمح في الأول لدخول سفن الوقود منذ ثلاثة أشهر، ولم تسلم منه ومن ضرباته مخازن الغذاء.
ويقول الحداد: إن استهداف مخازن الغلال حرب أمريكية على الغذاء في اليمن وتعبير عن الحديث الأمريكي عن السلام الذي ينطبق مع خطة وزير الخارجية الأمريكية الأسبق جون كيري الذي هدّد وتوعد في أواخر آب أغسطُس من عام 2016م، باتِّخاذ ما وصفها بإجراءات اقتصادية قاسية ضد الشعب اليمني.
ويلفت الحداد إلى أن منظمات الغذاء العالمي واليونيسف هي اليوم من تستخدم هذه الصوامع لطحن المساعدات من القمح، مستنكراً صمتها وعدم صدور أي استنكار من هذه المنظمات برغم وجود مخازنها في ميناء الصليف، ومؤكّـداً أن هذا الصمت دليل على تواطؤها المتعمد مع دول العدوان.
بدوره، يؤكّـد الخبير العسكري والمحلل الاستراتيجي، العميد الركن عابد الثور، أن استهداف العدوّ لمخازن الغلال في ميناء الصليف دليل تخبُّطٍ وفشلٍ في المواجهة العسكرية على الميدان، بقدر ما هو بعيدٌ كُـلّ البعد عن القيم والأخلاق الإنسانية والمعاهدات والمواثيق الدولية ذات الصلة.
وَأَضَـافَ العميد الركن الثور في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” هذه محاولة للضغط على صمود أبناء شعبنا اليمني، ودليل آخر على أن العدوّ الأمريكي والإسرائيلي مستمرّ غيظه وحقده على هذا الشعب بقدر ما تحمله الهيمنة الصهيوأمريكية من خطر على البشرية والإنسانية في هذا العالم.
وقال: هذا الاستهداف تكريس لسياسة الإجرام والتوحش الأمريكية تجاه الشعوب ومنها شعبنا اليمني الصامد أمام آلة القتل والدمار جواً وبراً وبحراً منذ 6 أعوام، إضافة إلى الحصار المطبق ومنع دخول المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة، دون أي اعتبار للمواثيق والمعاهدات الإنسانية.
ويشير الثورُ إلى أن الدورَ على الأمم المتحدة وهي تشاهدُ استهدافَ مخازن الغذاء وصوامع الغلال، يُفترَضُ بها أن تقومَ بدورها المنوط، محمِّلاً المسؤوليةَ منظماتِ الغذاء العالمي واليونيسف والأمم المتحدة و”مارتن غريفيث” المعني بالإشراف على اتّفاق وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة وتنفيذ اتّفاق السويد، وهو من يدرك مدى أهميّة هذه الغلال لأبناء شعبنا اليمني المحاصر.
ويردف العميد الثور “ميناء الصليف ومخازن وصوامع الغلال تقع ضمن اتّفاق وقف إطلاق النار الذي يحرّم القانونُ الدولي استهدافَها، ولكن هذا الإصرار والجرم الأمريكي الصهيوني مؤشر لعدم اكتراثهما بالقوانين والمعاهدات الدولية وعدم التزامهما بها”، لافتاً إلى أن استهداف هذه المخازن تعبير صريح وواضح على مساعي العدوّ لقتل أبناء الشعب اليمني بالجوع والأمراض والسلاح.
كما يؤكّـد الخبير العسكري أن الاتّفاقيات والمواثيق العسكرية الدولية تمنع استهدافَ المشافي ومخازن الغذاء والمدارس والمساجد والأعيان المدنية، وكل ما له صلةٌ بالجوانب الإنسانية، وهذه القوانين واضحة وتحرم ذلك.
وينوّه الثور إلى أن الإدارةَ الأمريكيةَ تعبّر عن وجهها وسياستها الخارجية بالأعمال المتنافية مع تصريحاتها عبر وسائل الإعلام؛ لتفادي السخط العالمي تجاه جرائمها في اليمن، مؤكّـداً في ذات الوقت أن القواتِ المسلحة اليمنية تحتفظُ بحقها في الرد المشروع على ذلك.
وسبق أن أكّـد محافظُ محافظة الحديدة، محمد عياش قحيم، أن استهدافَ طيران العدوان الأمريكي السعودي لمنشآت الشركة اليمنية الدولية بميناء الصليف، دونَ أية اعتبارات للتقارير الأممية التي تؤكّـدُ أن اليمن على شفا كارثة إنسانية لم يشهدْها العالَمُ من قبلُ، تأكيداً على استمرار الغطرسة والتوحش الأمريكي بحق الإنسانية في اليمن.
وقال: “إن أبناء الشعب اليمني وهم يحتفون بيوم الصمود الوطني، أصبحوا اليوم أكثر صموداً وصلابة في مواجهة العدوان وقدرة على مواجهة التحديات وإن استهداف الغذاء لم ولن يركعهم، مُشيراً إلى أن استهداف الأمن الغذائي خرق سافر لاتّفاق السويد ووقف إطلاق النار، وأُسلُـوب رخيص دأبت عليه دول تحالف العدوان منذ إعلانها الحرب على اليمن”.
ودعا قحيم إلى تحييد القطاعات الخدمية من الاستهداف الممنهج لتحالف قوى العدوان، وفك الحصار والسماح بدخول سفن المشتقات النفطية، قبل أن تحلَّ الكارثة الإنسانية نتيجةَ توقُّف المؤسّسات الخدمية والمستشفيات عن تقديم الخدمات للمواطنين، محمِّلاً دولَ العدوان والأمم المتحدة المسؤوليةَ الكاملةَ عن الآثار المترتبة على قصف المنشآت الحيوية والخدمية واستمرار احتجاز سفن المشتقات النفطية ومنعها من دخول ميناء الحديدة.
وفي ذات السياق، ندّدت مؤسّسةُ موانئ البحر الأحمر بأشد العبارات استهداف العدوان للمنشآت الحيوية بميناء الصليف، معتبرةً أن غارات العدوّ الأمريكي السعودي خرقٌ واضحٌ وتَحَــدٍّ لكل المواثيق والمعاهدات الدولية والأممية، مطالبة بتحييد القطاعات الخدمية من الاستهداف، وسرعة رفع الحظر عن موانئ المؤسّسة والسماح بدخول سفن المشتقات النفطية.
بدورها، اعتبرت وزارة الصناعة والتجارة اليمنية، أمس، استهداف العدوان لصوامع ومطاحن الغلال للشركة اليمنية الدولية للصناعات الغذائية بالصليف، جريمة حرب ضد الإنسانية واستهداف لمقدرات الشعب اليمني وبنيته التحتية بما فيها المصانع والمنشآت الصناعية والتجارية.
وذكرت في بيان لها أن استهدافَ العدوان الأمريكي السعودي لصوامع الغلال يدخل في إطار الحرب الاقتصادية على الشعب اليمني وقوته الضروري، داعية الأمم المتحدة وكافة المنظمات الدولية الإنسانية للضغط على دول العدوان لتجنيب وتحييد المنشآت التجارية والصناعية من أي استهداف.
من جانبها، وضّحت الغرفة التجارية الصناعية، يوم أمس، أن القصفَ أَدَّى لتدمير مبنى الشركة وهنجر المعدات وتلف المطاحن، مبينةً أن شركة ييفيكو التي تم قصفها من قبل العدوان الأمريكي السعودي تمد السوق يوميًّا بـ15 ألف كيس من الدقيق و50 ألفَ كيس من القمح وتوزعه لجميع المحافظات.
وأكّـدت الغرفة في بيان لها أن تعطل إمدَادات القمح والدقيق المنتج من الشركة سيؤدي لنتائج كارثية على المستهلكين المحليين، داعيةً كافة المنظمات والدول للضغط على التحالف؛ مِن أجلِ تجنيب المنشآت التجارية والصناعية من أي استهداف أَو قصف.
وفي سياق آخر، تأتي مواقفُ الأمم المتحدة ومنظماتها كعادتها التي لا ترقى إلى مستوى القلق والإدانة، ما يشجع العدوان الأمريكي السعودي في الاستمرار بارتكاب أبشع الجرائم العسكرية والحصار المطبق على شعبنا اليمني واستهداف مخازن الغذاء منذ بدأ العدوان على شعبنا اليمني.
وأدانت بعثةُ الأمم المتحدة لدعم اتّفاق الحديدة، قصفَ تحالف العدوان الأمريكي السعودي، لصوامع الغلال الذي خلف أضراراً بشرية ومادية واقتصادية كبيرة.
وقالت بعثةُ الأمم المتحدة بالحديدة، في بيان، أمس الاثنين: إن قذيفتين جويتين أصابتا مستودعاً ومقرَّ إقامة تابعَين لشركة الحباري للإنتاج الغذائي بميناء الصليف على البحر الأحمر، في إشارة إلى غارات طيران العدوان السعودي التي استهدفت صوامعَ الغِلال، فجرَ أمس الأحد.
وأوضحت البعثة أنها زارت موقع الغارة الجوية في الميناء الطبيعي الهام، التي تسببت بأضرار جسيمة، حَيثُ أسفر القصف عن استشهاد عامل وإصابة ستة آخرين من العمال، وتضرر صوامع الغلال بصورة كاملة.
وأعربت البعثةُ الأممية في بيانها، أمس، عن أسفها الشديد حيالَ جميع الأفعال المخالِفة لاتّفاق الحديدة، في إشارة لاستمرار خروقات العدوان السعودي لاتّفاقية السويد وانتهاكها لجميع القوانين والأعراف الدولية بعد قصفها لمنشآت اقتصادية وحيوية تلبّي احتياجاتِ الملايين من المواطنين.
صحيفة المسيرة