كيف يجب أن تكون علاقة الأمَّة بالقرآن الكريم
موقع أنصار الله | تقارير |
في سياق الحديث عن العلاقة مع القرآن الكريم، وعن الصلة ما بين شهر رمضان المبارك والتقوى والقرآن الكريم، يواصل السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي في المحاضرة الرمضانية الثالثة الحديث عن القرآن الكريم في سياق تأكيده بأن الحديث عن القرآن الكريم هو حديثٌ واسعٌ جداً، ويمكن أن يستغرق الكثير والكثير من المحاضرات والدروس. مشيراً إلى خطورة عدم استيعاب الأمة للقرآن الكريم، وانتشار حالة هجر للقرآن، وعدم الاستفادة من القرآن الكريم.
مشكلتنا كأمةٍ مسلمة في العالم الإسلامي:
إن مشكلة الأمةٍ في العالم الإسلامي بشكلٍ عام تتمثل في أنها لا نستوعب بالقدر الكافي أهمية القرآن الكريم وعظمته، والحاجة إلى القرآن، وأن القرآن الكريم نعمة كبيرة من الله عز وجل على عباده، يقول السيد القائد:
“مشكلتنا- إلى حدٍ كبير- كأمةٍ مسلمة في العالم الإسلامي بشكلٍ عام: أننا لا نستوعب بالقدر الكافي أهمية القرآن الكريم وعظمته، وكذلك لا نستوعب طبيعة العلاقة معه، كيف ينبغي أن تكون، ومشكلة العرب في المقدمة: أنهم لم يدركوا ولم يستوعبوا أهمية القرآن، وعظمة القرآن، والحاجة إلى القرآن، ونعمة الله الكبرى على عباده بالقرآن الكريم”.
ويشخَّص السيد القائد المشاكل التي تعيشها الأمة الإسلامية، ومن أكبر هذه المشاكل أنَّ علاقة الكثير من حكوماتها، وأنظمتها، ومن مكوناتها الفاعلة في الساحة، بالقرآن الكريم علاقة ضعيفة جداً، في الوقت الذي تتمثل علاقتهم بأعداء الأمة الإسلامية علاقة تبعية، حيث يقول:
“من أكبر المشاكل التي تعيشها الأمة الإسلامية: أنَّ كثيراً من حكوماتها، وأنظمتها، ومن مكوناتها الفاعلة في الساحة، من أحزاب واتجاهات سياسية مختلفة، علاقتهم بالقرآن ضعيفة جداً، وعلاقتهم بأعداء الأمة الإسلامية من الكافرين، والضالين، والمفسدين في الأرض، والمستكبرين، علاقة تبعية، تبعية، يتَّبعونهم في كثيرٍ من الأمور، يرتبطون بهم في كثيرٍ من القضايا، يتصلون بهم في كثيرٍ من الشؤون (شؤون الحياة)، ويعتمدون على ما يأتي من عندهم من سياسات، وتوجيهات، ونظم، وخطط، ورؤى، وأفكار، وكما قلنا بالأمس: بإعجابٍ وانبهار، هذه قضية خطيرة على الأمة الإسلامية”.
ولذلك يعتبر السيد القائد أنها خسارة كبيرة جداً عندما لا يهتدي الناس بالقرآن الكريم، حيث يقول:
“لذلك تعتبر خسارة كبيرة جداً عندما لا يهتدي الناس به، لا يعرفون عظمته، وقدره، وقيمته، فيعرضون عنه، ويبحثون- في أكثر الأمور- عن بدائل، سواءً- كما قلنا بالأمس- من خارج الساحة الإسلامية، أو من داخل الساحة الإسلامية، إنتاج بدائل، بدائل من الضلال، من الضياع، بدائل ليس لها أهمية كبيرة، بدائل لا يمكن أن تساوي القرآن الكريم في أشياء كثيرة”.
حالة خطيرة جداً:
من قوله “سبحانه وتعالى”: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}[محمد: الآية24]، يبين السيد القائد أن من الخطأ الكبير أن تكون علاقة الإنسان بالقرآن في الحد الأقصى علاقة تلاوة عادية، وقراءة عادية، ومن دون تأمل، وتدبر، ومن دون استفادةٍ من هديه العظيم، وأن هذه حالة خطيرة جداً.
وفي سياق ذلك، ومن قوله “سبحانه وتعالى”: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}[ص: 29]، يؤكد السيد القائد أننا معنيون بأن تكون علاقتنا بالقرآن الكريم علاقة تأمل، وتدبر، واهتداء، واستبصار، واستيعاب، لما فيه من المفاهيم، والنور، والإرشاد، ولما يدُّلنا الله عليه في كل مجالات هذه الحياة ومختلف شؤونها، هذا هو المطلوب، وليس أن تكون العلاقة في الحد الأقصى مجرد تلاوة، قراءة عادية.
ويضيف بالقول:
“يجب أن تكون علاقتنا بالقرآن من واقع حياتنا، من واقع حياتنا، في كل مجالات هذه الحياة، وفي المواقف والولاءات، والقرآن- كما قلنا بالأمس- هو يفصلنا كلياً عن التبعية للضالين، والمستكبرين، والكافرين، والمفسدين في الأرض، ويصلنا بالله “سبحانه وتعالى”، وهذا ما يحقق لنا الاستقلال التام كأمةٍ مسلمة”.
كيف يجب أن تكون علاقتنا بالقرآن الكريم:
يمكن القول ان أبرز أسباب كل هذا التخبط والشقاء وكل الفتن التي تعصف بالأمة الإسلامية هو الإعراض عن كتاب الله القرآن الكريم وعدم الاهتداء به، والعمل بما انُزل فيه، ذلك لأنه كتاب هداية ودستور حياة من الله عز وجل لعباده، ونور لهم، وفيه الحل الشامل لجميع مشاكلهم في حال رجعوا اليه وعملوا به في كل شؤونهم، إلا أن المشكلة تكمن في عدم التصديق العلمي من الأمة بكتاب الله عز وجل، انعدام الثقة به والانصراف نحو الثقافات المغلوطة والعقائد الباطلة والأفكار المنحرفة والدخيلة فكانت النتيجة بلا شك هي التخبط والظلال والتيه والشقاء وانتشار الفتن بين أوساط الأمة، يقول السيد القائد:
“الله “سبحانه وتعالى” قال أيضاً مذكِّراً في القرآن الكريم: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}[الأنبياء: الآية10]، القرآن فيه الذكر، ما يذكِّرنا بهدايةٍ كاملة إلى كل ما فيه الخير، والفلاح، والنجاة، والفوز، والعزة، والكرامة، والسعادة، والخير للناس في الدنيا والآخرة، وفيه الشرف الكبير أيضاً، الشرف الكبير لمن يهتدي به، تسمو به نفسه، يتحقق له به السمو، والمجد، والخير، والعزة، والكرامة، والشأن الرفيع في الدنيا وفي الآخرة”.
ويضيف بالقول:
“عندما ندرك أهمية القرآن الكريم، ونعي كيف يجب أن تكون علاقتنا به، من خلال هذا المفتاح المهم: استشعار عظمته، أهميته، قيمته، فائدته، ما يترتب على الاهتداء به، والتمسك به، والإتِّباع له، وأنَّ علينا أن نُقْبِل إلى تلاوته، إلى التدبر لآياته، إلى التثقف بثقافته، إلى أن نستبصر ببصائره، إلى أن نحمله وعياً، ومعرفةً، وفهماً، ومفاهيم، نتحرك على أساسها في كل شؤون ومجالات هذه الحياة، هذه مسألة مهمة جداً”.
وفي ضوء ذلك، يؤكد السيد القائد على ضرورة أن تكون علاقتنا بالقرآن الكريم علاقة تأمل، وتدبر، واهتداء، واستبصار، واستيعاب، لما فيه من المفاهيم، والنور، والإرشاد في كل مجالات هذه الحياة، حيث يقول:
“الله سبحانه وتعالى أيضاً قال في آيةٍ أخرى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}[ص: 29]، فنحن معنيون أن تكون علاقتنا بالقرآن الكريم علاقة تأمل، وتدبر، واهتداء، واستبصار، واستيعاب، لما فيه من المفاهيم، لما فيه من النور، لما فيه من الإرشاد، لما يدُّلنا الله عليه في كل مجالات هذه الحياة ومختلف شؤونها، هذا هو المطلوب، لا أن تكون العلاقة- في الحد الأقصى- مجرد تلاوة، قراءة عادية، أو البعض يزيدون أكثر من ذلك، في الاهتمام مثلاً بالتجويد، ويقفون عند هذا الحد، أو معرفة بعضٍ من المفردات”.
وتطرق السيد القائد في المحاضرة إلى الحديث عن عمق وسعة القرآن الكريم الذي لا يشبع منه العلماء، مؤكداً أنه حتى ولو أصبح الانسان عالماً فلا يستطيع أن يحيط بالقرآن الكريم إذ إن القرآن الكريم هو المعيار الصحيح لكل الثقافات والأفكار، حيث يشدِّد السيد القائد أن الأمَّة اليوم هي أحوج إلى الإيمان بالقرآن الكريم ايماناً عملياً شاملاً وليس ايماناً منقوصاً ببعض وكفر ببعض، وذلك لما يقدمه للناس من الكثير والكثير من الهدى والنور والبصيرة والوعي والحكمة.