جدوائيةُ البناء على دعاية مضللة
موقع أنصار الله || مقالات ||سند الصيادي
أنا وَالكثير من اليمنيين لا نتعاطى مع أيِّ تقدم أَو أيِّ تقارب في المفاوضات الأمريكية الإيرانية، أَو فيما يخُصُّ أيَّ تقارب سعوديّ إيراني، على أنه سينعكسُ بشكلٍ مباشر على الحرب في اليمن.. للأسبابِ التالية:
أولاً- لأَنَّ الأزمة أَو بمعنى أدقَّ “الصراع اليمني السعوديّ” يمتد إلى ما قبل قيامِ الجمهورية الإسلامية في إيران، وَهو صراعٌ محتدمٌ بأشكال متعددة وَتهدفُ من خلاله الرياض إلى إبقاءِ الاحتواءِ وَالوصايةِ لليمن كحديقة خلفية لها وإبقاءِ التدخُّل في شؤونه الداخلية.
وَحتى لا تخونَ البعضَ ذاكرتُه نذكُرُ أن ما هذه الحرب التي شُنت على اليمن وَلا تزال، لم تحصل إلا بتوجيهات أمريكية بنت على امتدادٍ سلوكي لسلسلة من التدخلات التي قامت بها المملكةُ منذ قيامها، وَإنْ تم توصيفُها في هذه المرحلة على ذِمَّةِ إيران وَالنفوذ الإيراني.
ثانياً- إن المطالبَ التي تحملها الإدارةُ اليمنية في صنعاء ذاتيةٌ وَمتقادمةٌ وليست مرحليةً، وَتمثل استحقاقاً لليمنيين كغيرهم من الأوطان، وَليست معلبة وَمستوردة من طهران أَو غيرها، كما أن ليس لها ارتباطٌ مباشرٌ بالصراع الإقليمي، وَهذه المطالب لا يمكن أن تسقط أَو يتم اجتزاؤها أَو التنازل عنها لمُجَـرّد حدوث تفاهمات خَاصَّة بين أطراف أُخرى.
ثالثاً- إن إنهاءَ الحرب على اليمن بالتفاوُضِ ليس قضيةَ تناقش على طاولة الخصوم وقرار يتخذونه هم، بل محكوم بعدد من الشروط اليمنية الخالصة.. وَقبلها بانتهاء المخاوف وَالمطامع السعوديّة في اليمن وَحدوث تغييرات استراتيجية في قناعات النظام السعوديّ نحو احترام إرادَة الشعب اليمني وَحقه في إقامة دولة مستقلة وإقامة علاقات ودية ندية يسودُها الاحترامُ المتبادل، فهل ستثمر المفاوضات والتقارب الدولي والأمريكي عن تغيير جذري في سلوكيات نظام آل سعود؟!.
رابعاً- وَإذَا ما تجاوزنا تاريخَ الصراع اليمني السعوديّ وَتحدثنا بمفهوم الصراع الإقليمي والدولي، فَـإنَّ التموضعاتِ الاستراتيجيةَ والمواقفَ من الكثير من القضايا الحسّاسة وَالهامة اليوم لكُـلٍّ من البلدين متناقضتين حَــدِّ التصادم، وفي مقدمتها الموقف من القضية الفلسطينية وَالكيان الصهيوني وَاختلاف المواقف حول المصالح الدولية في المنطقة، وهذا سيُلقِي بظِلالِه على واقع العلاقات بين البلدين.
لذا، فَـإنَّ مَن يبني قناعاتِه تحتَ تأثير الدعاية الإعلامية على أن ما يحدُثُ في اليمن الآن هو حربٌ بين القوى الدولية بالوكالة ستصدمه الحقائق لاحقاً.