الحرب اليوم على ثقافة القرآن هي الأكبر

موقع أنصار الله | من هدي القرآن |

ليس صحيحًا بأنه متوقف على فنون أخرى كأصول الفقه. أصول الفقه هو فنٌ يضرب القرآن ضربة قاضية، يضرب القرآن ضربة شديدة، يضرب فطرتك، يضرب توجهك نحو القرآن، يضع مقاييس غير صحيحة تدخل إلى القرآن والقرآن بشكل آخر؛ ولهذا نجد أنفسنا كيف أن القرآن لم يعمل عمله فينا، لم يستطع القرآن؛ لأننا وضعنا عوائق أمام فهمنا لـه، أمام اهتدائنا به، أشياء كثيرة حالت بيننا وبين أن نفهمه، وبالتالي قتلناه، وأصبحنا أمة ميتة، أصبحنا أمة ميتة، أسأنا إلى أنفسنا، وأسأنا إلى القرآن الذي هو أعظم نعمة من الله علينا.

أذكر الإمام الخميني لـه كلمة قال: (إن الإنسان لو يجلس طول عمره ساجدًا لله شكرًا على هذا القرآن لما وفّى بحق شكر الله على هذه النعمة العظيمة).

هذا شرف عظيم جدًا لنا، أن يكون توجهنا قرآنيًا، ومهم جدًا في هذه المرحلة بالذات؛ لأن أعداء الله يتوجهون أساسًا إلى ضرب القرآن في نفوس الناس، إلى إقصاء الناس عن القرآن، إلى تغييب القرآن مهما أمكن، إلى خلق ثقافات تشكك حتى في القرآن الكريم، حرب شديدة ضد القرآن الكريم، لكنهم لا يستطيعون أن يمسوا نص القرآن بسوء، سيمسونا نحن بالسوء، سيفصلونا عنه، سيبعدونا عنه، سيشغلون أذهاننا بأشياء تصرفنا عنه، وبالتالي يصبح القرآن بمعزل عن حياتنا، عن التفاتاتنا أمام أي إشكالية نعاني منها.

وفي الأخير فعلًا القرآن قد يتعرض إلى التغييب، التغييب لاحظوا حتى في المدارس، ألم يُشتت القرآن بشكل غير طبيعي، شُتِّتَ القرآن، سنين بعد سنين حتى تنتهي من معرفة القرآن وحفظ القرآن الكريم، بينما كانوا سابقًا ربما كان في سنة أو سنتين يستطيع الناس أن ينتهوا من تعلم القرآن الكريم.

قد يغيّبون القرآن كما غيبوه في الاتحاد السوفيتي سابقًا، قد يشغلوا الناس بأشياء كثيرة، أفلام خليعة، ثقافات خليعة، رموز خليعين، رموز فن ورياضة وغيرها، وبالتالي يكون واقع الناس أسوأ بكثير كلما ابتعدوا عن القرآن، هذا الواقع الذي نتصوره سيئ جدًا، ربما بقي هناك احتمالات لأشياء أسوأ أكثر.

وكلما كان واقع الناس أسوأ في الدنيا سيكون أيضًا واقعهم أسوأ في الآخرة؛ لأن معنى السوء هنا هو ناتج عن ماذا؟ ناتج عن تقصيرنا، وكلما قصّر الناس في مرحلة تضاعفت المسؤوليات عليهم من جهة؛ لأنه كلما انتشر الفساد كلما اقترن معه بحكم الخطاب القرآني للناس مسؤوليات، منكر واحد أنت لم تنهَ عنه. جاء منكر آخر، تفرع عنه منكرات، ألم يتكرر عليك الواجب مع كل منكر؟ تتعاظم عليك المسؤولية مع كل فساد ينتشر، فيكون كلما انتشر الفساد كلما ماذا؟ تعاظمت المسؤولية علينا، وكلما رأينا السوء في حياتنا، وكلما رأينا أنفسنا لا نستطيع أن نؤدي شيئًا.

في الأخير إما أن نرى المهام الصعبة صعبة جدًا، قد لا يصل إليها إلا البعض، قد لا يؤديها إلا البعض، قد لا يرتقي إلى أدائها إلا البعض، وتكون معظم الأمة هالكة، يهلك الناس في الدنيا، ويقدمون على الله هالكين يوم القيامة، ويهلكوا بدخول جهنم، نعوذ بالله من دخول جهنم.

فالقرآن الكريم هو في هذه المرحلة معرض لحرب شديدة، ونحن معرضون لثقافات متعددة، عندما تنـزل (ملزمة من وزارة الأوقاف) تثقف الناس حول طاعة ولي الأمر، تجمع كل تلك الأحاديث التي لا يقبلها حتى ولا الأمريكيون، لا يقبلها حتى ولا الأوربيون، بوجوب طاعة الحاكم وإن كان ظالمًا، وإن كان غشومًا، وإن كان لا يهتدي بهدي ولا يستن بسنة، وإن أخذ أموال الناس، وإن استبد بخيرات البلاد له ولأسرته، يجب أن تسمع وتطيع وتصبر وتسأل الله ما لك وأَدِّ ما عليك، أدّ زكاتك، وأدّ ضريبتك. وعندما تقول نريد كذا؟ لا. اسأل الله، ولا تعترض، ولا تنقد إلا إذا تمكنت أن تأخذ بيد الحاكم وتحادثه وتشاوره سرًا، أما أن تنقد، أما أن تعترض، أما أن تهاجمه! لا، هذا يعتبر تشهير بالسلطان، لمن هو ظل الله في أرضه.

ملزمة تنـزل وتعمم، ويُراد منها أن يتثقف بها الخطباء والمرشدون؛ ليخاطبوا المجتمع بها، هذا شيء مما يُعد حربًا للقرآن نفسه، مما يُعد حربًا للقرآن نفسه، وتمهيدًا لمن؟ تمهيدًا لأن يسيطر علينا عملاء أمريكا، وتمهيدًا لأن يحكمنا حتى اليهود أنفسهم.

من العجيب أن هذه الملزمة نفسها في آخرها لم يكتفِ بمسألة أن تسمع وتطيع للحاكم الظالم، بل وحتى وإن كان هناك كفر وهيمنة كفر، أنت يمكن أن تعيش في ظله، عندما ترى نفسك، عندما يرى الناس أنفسهم وهم لا يستطيعون أن يزيلوا هذا الكفر، إذًا فليعيشوا وبسْ، ويكذبوا على الناس كذبه رهيبة جدًا، وقد يُخدَع الناس بشكل كبير عندما لا يفهمون.

قالوا: (رسول الله هو عاش في ظل الكفر ثلاثة عشر سنة في مكة). أليست هذه من تقديم حياة رسول الله الجهادية، حياة وهو يصدع بما يؤمر، حياة وهو يباين أقاربه، ويباين قومه، حياة وهو يُعذَّب أصحابُه، وهو يلصق به أسوأ التهم، تارة يقولوا شاعر، وتارة يقولوا مفتري، كذاب، ساحر، ويقولون عن القرآن الذي جاء به أساطير الأولين، وهو يتصارع مع أولئك تفسر في الأخـير أنها ماذا؟ أنها عيش في ظـل نظـام الكفر، فكمـا عاش ثلاثة عشـر عامًا – وهو النبي – إذًا ممكن كلنا نعيش في ظل الكفر. ماذا يعني هذا؟

هذا يعني خطوة أولى تمهيدًا لهيمنة اليهود علينا، فيكون لدى الناس قابلية لهيمنة اليهود؛ لأنه الآن هناك نظرة قائمة: إكبار لأمريكا وإسرائيل، حينها أي واحد سيقول: نحن لا نستطيع أن نعمل شيئًا. أما إذا قد قُدِّمت على هذا النحو إذًا فبالإمكان أن تعيش ولا مسؤولية عليك في ظلهم، أما إذا قالوا لك رسول الله هو كان هكذا، إذًا فالجنة مفتحة لك الأبواب، وإن كان الشر هو الذي يحكمك.

هذا شيء سيئ جدًا، وسيئ جدًا أن ينـزل من إدارة هي معنية بالوعظ والإرشاد في عموم الجمهورية كلها، وأن تنـزل ليس نزولًا تلقائيًا إلى المكتبات، بل نزولًا في دورات تدريبية تأهيلية لمرشدين وخطباء لينطلقوا هم يثقفوا الناس هم بهذه الثقافة، أليس هذا إبعادًا للناس عن روح القرآن – الذي يأمر الناس في مواجهة أعداء الله، في مواجهة الكافرين، الظالمين، الفاسقين، أهل الكتاب – بأن يكونوا عمليين مجاهدين {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (التوبة:29) يعطونها وهم يعترفون بأن أيديكم فوق أيديهم، يعترفون بصَغارهم تحت هيمنتكم، {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}.

عندما تخرج من قراءة تلك الملزمة، وعادةً القارئ يكون أقرب شيء ملاصقة لذهنه آخر ما يخرج به من كتاب معين من ملزمة معينة، فكان آخر ما تخرج به من تلك الملزمة هو ماذا؟ كلام (للفوزان وللألباني) – الذي كان عالم السنة قبل فترة، وعالم معتمد في تصحيح الأحاديث وتضعيفها – عندهم – أنه قال وبالحرف الواحد (أنه لا يجوز الخروج على الكافر المقطوع بكفره إطلاقًا) – بالعبارة هذه – عندما يكون الناس في وضعية يرون أنفسهم يرون أنفسهم أنهم لا يستطيعوا أن يزيلوا الكفر.

نعم، كان ممكن أن تترك الكلام إلى هذه الدرجة، أما أن تقول فقد عاش رسول الله في ظل هيمنة الكفر ونظام الكفر ثلاثة عشر عامًا، هذا مسخ للحقيقة، وهذا إساءة للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).

القرآن يتحدث عن معاناة رسول الله وهو في مكة، عما كان يعانيه من صراع مع الكافرين، مباين للكافرين، كيف يقال بأنه عاش في ظل نظامهم وهو يدعوهم بالحرف الواحد إلى أن يطيعوه؟! هو رسول الله إذًا يجب عليهم أن يطيعوه، يجب أن يتخلوا عما هم عليه، لدرجة أنه لم يقبل منهم أن يكون مجرد حاكم عليهم على ما هم عليه. ألم يعرضوا عليه أن يحكمهم إذا أراد أن يكون ملكًا؟ المسألة أرقى من أن يكون ملكًا، فكيف يقول هذا بأنه عاش في ظل هيمنتهم، وهم قد بلغ بهم الحال، أوصلهم هو إلى درجة أن يعرضوا عليه أن يكون ملكًا عليهم؟! المسألة أرقى من هذه، هي أن يطيعوه نبيًا يأتمروا بأمره، يهتدوا بهديه، يتخلوا عما هم عليه. أليس هذا قمّة الصراع؟

مسألة أنه لم يدخل معهم في قتال ميداني؛ لأنه لم يتوفر له جنود، لم يتوفر له أنصار، وإلا فكان يفكر، وكان يعرض نفسه على القبائل من الذي سينصره، ما معنى (سينصره)؟ أن يقف في وجه الكافرين فيضربهم، فعلًا.

ثم يقال عنه في الأخير: كان يعيش في ظل هيمنة الكفر! وهي عبارة ستخدع الناس؛ لأن كثيرًا من الناس لا يعرفون سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

عاش في مكة ثلاثة عشر سنة لأنه كان رسولا إلى الكفار في مكة، كل نبي يبعث في وسطٍ كافر، هل يمكن أن نقول: إذًا فالكفر هو قضية يمكن العيش في ظلها؛ لأن كل الأنبياء كانوا يبعثون في ظل وسطٍ كافر، وفي مجتمع كافر؟ ماذا كان يعمل النبي؟ ألم يكن النبي عبارة عن ثورة على هذا المجتمع؟ عبارة عن خروج على واقع هذا المجتمع؟ يصرِّح، يصدع بما يؤمر، يجاهد، يتحداهم {فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ} (يونس71) {قُلِ ادْعُواْ شُرَكَاءكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ} (الأعراف: 195) هذا منطق الأنبياء. ثم يقول في الأخير هذا يعتبر مبرر شرعي لأي إنسان مسلم يعيش في ظل الكفر!!

هيمنة أمريكية الناس مقبلون عليها لليهود، هذا من التمهيد لها؛ سواء شعر الذين كتبوها ووزعوها أو لم يشعروا؛ لأنه في الأخير ماذا؟ إذا كنت أنا أو أنت أو أي إنسان سمع هذا الخطيب الذي قرأ هذه الملزمة وتأثر بها، أنه يمكن أن يعيش في ظل الكفر.

معلوم أن اليهود النصارى درجة ثانية عند أهل السنة، هم لا يصنِّفونهم كمشركين كما نصنِّفُهم، يعتبرون أنهم فوق الكافرين، لا زالوا أحسن من الكفار، ويُعتبر اليهود والنصارى عند كثير من المسلمين، لا يزالون أحسن من الكفار، أهل الكتاب وضعية أحسن، فإذا كان قد جَوَّزَتْ وسوَّغَتْ لي تلك الملزمة أن أعيش في ظل الكفر الصريح فبالأولى في ظل اليهودي، فسيحكمنا اليهودي ونحن لا نشعر بحرج، أقول: لماذا يحكمنا؟ قالوا: نحن لا نستطيع أن نعمل ضده شيئًا.

هذا ما قلناه سابقًا أنه لا يجوز، لا يجوز بحال أن نتعامل مع القرآن من منطلق مشاعرنا وتقييمنا نحن للوضع بالشكل المغلوط، فنعكس ضعفنا على القرآن؛ لأنه هكذا صنعت هذه النفسية بالشخص الذي قدم لنا مثل هذه الملزمة، ضعيف قدم للناس ما يبرر حالة الضعف، فما يبرر حالة الضعف هو يعطي ماذا؟ يعطي تمهيدًا للكفر، للشرك، للفساد، لليهودية، للنصرانية أن تهيمن؛ ولهذا قلنا: أنه يجب أن نتعامل مع القرآن بروحية عالية، نتعامل معه وفق منطقه، نتركه هو يعلمنا ويزكينا، لا أن نأتي إليه فنجمده ونُموّت آياته ونقدمه للآخرين ميتًا، هكذا سيكون الإنسان الذي يحمل علمًا في الأخير كل ضعفه كل تقديراته، كل ثقافته المغلوطة، في الأخير يخدم يخدم ماذا؟ يخدم أعداء الله.

أليس من يثقف الناس بهذه الثقافة سيصنع لديهم ذهنيةً تجعلهم قابلين لهيمنة اليهود؛ لأن كل واحد من الناس يقول: نحن والله ما نستطيع أن نعمل شيئًا، ما عندنا قنابل ذرية. فكل شخص يكتفي بأنه ينظر فيقارن بينه وبين أمريكا وإسرائيل، أمريكا تمتلك قنابل نووية، نحن لا نمتلك هذه، إذًا فنعيش في ظلهم، وليس علينا أي حرج أمام الله.

 

ستكون القنبلة الذرية هي نفسها أقوى من القرآن الكريم، تمنحك شرعية أن تعيش في ظل الكفر ولا تنفع القنابل القرآنية، ولا تنفع الآيات القرآنية أن تشدك إلى العمل في مواجهة الكفر.

لاحظوا كيف تُقدم المسألة في الأخير، سيكون اهتمام هؤلاء بالثقافة التي تهيئ المجتمع الإسلامي من حيث يشعر أولئك أو لا يشعرون – لقابلية هيمنة اليهود، وهي المرحلة في الواقع التي يفترض القرآن أن يكون عملَ العالِم عمل المرشد الخطيب كل إنسان مسلم أن يحرك الآخرين ويدعو الآخرين ويوعيهم توعية جهادية، تربية جهادية، لأن يحملوا مشاعر التصدي لأولئك فيكونوا مستعدين أن يقفوا في وجوههم، هذه هي المرحلة التي يجب أن تكون الثقافة فيها والتوعية فيها على هذا النحو.

لسنا بحاجة إلى ثقافة تضفي شرعية على أن نتقبل الكفر ونتقبل هيمنة الكافرين، يجب أن نحذر من مثل هذا المنطق، وأن نعرف أنه إذا لم نثقف أنفسنا بثقافة القرآن فسنكون ضحية للآخرين، ضحية لثقافات أخرى.

هذه الملزمة لم يستطع أن يأتي فيها من القرآن إلا بآية واحدة في أولها {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (النساء: من الآية59) التي دائمًا يقلبونها مع كل زعيم، وكل شعب علماؤه مرشدوه يسخروهنا لزعيمهم، ففي اليمن لعلي عبد الله، وفي مصر لحسني مبارك، وفي السعودية لفهد، وفي الأردن للملك عبد الله، و هكذا تلاعبوا بهذه الآية.

ونسوا نسوا قضية أنه حتى لو فرضنا أن الآية هذه على ما زعموا فأين هم أولئك الحكام الذين يصح أن يقال عنهم: (منكم)؟ {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}؟ وجدنا هؤلاء أولي الأمر لم يعودوا منا، أصبحوا أكثر انسجامًا مع أمريكا، مع سياسة أمريكا، معظمهم على هذا النحو، يرى شعبه يتظاهر يطالب بأن تُقاطع أمريكا وإسرائيل، يطالب حكومته بأن تقاطع مقاطعة سياسية، بأن تقاطع مقاطعة اقتصادية، بأن يوقفوا تصدير البترول، بأن يفتحوا أبواب الجهاد، بأن يعملوا كل شيء. أليست الأمة هي تنادي بهذا؟ أولئك ما هو موقفهم؟ موقفهم بالشكل الذي تريد أمريكا، هل أصبح صادقًا عليهم مسألة (منكم)؟ لو كانوا منا لكانوا مستجيبين لما نطلب.

وإذا كانوا يقولون: هم خائفون علينا! نحن نقول نحن الشعب، نحن الذين نطالب بالجهاد لأولئك، نحن من نستطيع أن نتحمل أي وضعية اقتصادية. عندما نقول قاطعوا – وكانت المظاهرات هكذا تطالب الحكومات بأن تقاطع اقتصاديًا – وليكن ما كان سنتحمل، باستطاعة أي زعيم أن يقول: لا بأس أنا مستعد ما دام أنتم مستعدون أن تتحملوا المضاعفات والآثار للمقاطعة الاقتصادية والدبلوماسية والسياسية، وقطع تصدير النفط وغيره، وأنتم مستعدون أن تجاهدوا مهما كان الأمر، ومهما كانت إمكانياتكم ضعيفة لا بأس. لو أنزلوا مسألة مواجهة إسرائيل في استفتاء شعبي، كيف سيكون الناس؟، سيصوتون تقريبًا بنسبة 90 % لمواجهة أمريكا وإسرائيل.

فنحن نقول لمن يستخدموا آية {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} أين هم الزعماء الذين تصدق عليهم كلمة (منكم)؟ ونحن نراهم أقرب إلى أمريكا منا، وأقرب إلى سياسة أمريكا منا، وأقرب إلى طاعة أمريكا من الاستجابة لشعوبهم، لم يعد وقت الآية بكلها، كان يمكن أن تكون هذه الآية في أيام الخلفاء الأمويين والعباسيين، لأنه مازال (منكم)، مازال حاكم عربي، مازال تعتبر قراراته من داخل، ما هناك دولة أخرى تفرض عليه إملاءات، ومع هذا كان الناس يقولون: لا. هؤلاء هم ليسوا من أولي الأمر الذين أمر الله بطاعتهم، أما هذا يريد يأمرنا بطاعة شخص هو مغلوب على أمره، هو لم يعد يستطيع ولا يتمكن أن يحقق أنه لا زال من الأمة، بل بعضهم ثقافته، نمط حياته في بيته ثقافة غربية، بيته، شكله، نمط حياته، ثقافته، الأشياء التي يتابعها كلها تجعله شخصًا غربيًا، لم يعد يصدق على الكثير منهم معنى {مِنْكُمْ} حتى لو كانت الآية على ما يريدون فما بقي (منكم)؟ بقي لأمريكا تريد أن تعين ولاة فهم منها وليسوا منا.

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعًا لأن نفهم كتابه، ونهتدي بكتابه، وأن يتقبل منا، إنه على كل شيء قدير، وأن يعينكم على طلب العلم، وأن يرزقكم الفهم والحفظ والإخلاص؛ إنه على كل شيء قدير.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

[الله أكبر

الموت لأمريكا

الموت لإسرائيل

اللعنة على اليهود

النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن

الثقافة القرآنية

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي

بتاريخ: 4/8/2002م

اليمن – صعدة

قد يعجبك ايضا