القرآن هو مصدر العلم والمعرفة والهدى وما سواه ضلال وإضلال

موقع أنصار الله | من هدي القرآن |

لكننا نحن متى ما جهلنا عظمة إلهنا، متى ما جهلنا ماذا يعني ملك الله، أنه الملك، ماذا يعني أنه عالم الغيب والشهادة، متى ما جهلنا معاني أسمائه الحسنى حينئذ سنبقى ضعافاً.

فنحن نقول: إن أهم مصدر لمعرفة الله لمن يريد أن يعرف الله وأشرف العلوم الذي يجب أن تهتم به في مجال معرفة الله بالذات هو القرآن الكريم، اعرف الله سبحانه وتعالى من خلال القرآن الكريم، كتب علم الكلام لا تستطيع أبدا أن تصنع لك معرفة تربطك بالله بالشكل الذي يصنعه القرآن الكريم لا يمكن أبداً.

فنحن نسيء إلى أنفسنا إذا ما اعتقدنا بأننا سنهتدي بغير القرآن أكثر مما نهتدي بالقرآن. والرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) يقول في ذلك الحديث الطويل: ((ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله)) وأنت تَنْشُد الهدى، وأنت تبحث عن الهدى، وأنت لا تعطي أولوية مطلقة للقرآن الكريم في مجال أن تهدي نفسك، وأن تهدي الآخرين فإنك ستضل، وتضل الآخرين.

ولا يعني الضلال هنا هو أنك ستدخلهم في معصيةٍ مَّا من المعاصي المعروفة، الضلال بمعنى الضياع، ستضيع أنت وتضيّع الآخرين معك.

[ضياع حتى فيما يتعلـق بالمعـرفة الحقيقية بالله سبحانه وتعـالى ولهـذا يروى عن الإمام القاسم أنـه] قـال: (ما عُرِف أن متكلماً خشع) من علماء الكلام (ما عُرِف أن متكلماً خشع)؛ لأن المعرفة التي تقدمها كتب [علم الكلام] محدودة جداً.

[القرآن هو أهم مصدر لمعرفة الله سبحانه وتعالى] وهذا هو رأي [الإمام القاسم بن محمد] الذي نقله عنه مؤلف شرح الأساس الكبير الشرفي بعد أن حصل حديث وخلاف حول هل يصح الإستدلال على معرفة الله بالآيات القرآنية أم لا؟ فاختلفوا، بعضهم قال: بالآيات المثيرة، وبعضهم قال: بها مطلقا، قال: (القرآن هو أهم مصدر لمعرفة الله، ومن لم يقل بذلك أو أنكر ذلك فقد رد قول الله تعالى: {هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (إبراهيم:52)).

أليست هذه غايات أربع مهمة؟ لا تستطيع أن تحصل عليها إلا من خلال القرآن الكريم؟ وإذا ما رأيت نفسك أنك حصلت على شيء منها بالاعتماد على مصادر أخرى فإنما هي نسبة ضئيلة ربما قد يترافق معها من السلبيات أكثر من الإيجابيات؛ لهذا نقول: إن من يعرف الله سبحانه وتعالى لا بد أن يكون على وضعية تختلف عما نحن عليه.

نرجع إلى موضوع موسى وفرعون، ما الذي حصل؟. نشأ موسى في قصر فرعون، تربى في قصر فرعون، وموسى عندما نشأ كيف كان ينظر إلى نفسه وينظر إلى الآخرين؟. – وفي هذا درس يجب أن يهتم به كل طالب علم، كل من يريد العلم – نبي الله موسى لم يقل: الحمد لله أنني هاهنا في هذا القصر آمن والآخرون يُقتلون، كان يهتم بأمر الآخرين، كان يهتم بشأن المستضعفين، كان لا يرى كل ذلك النعيم الذي هو فيه، وذلك الأمن الذي هو فيه، وذلك المقام الرفيع الذي هو فيه لا يراه شيئاً أبداً مقابل ما يرى من ظلم للمستضعفين، مقابل ما يرى من جبروت فرعون.

فعندما كان على هذا النحو، لديه اهتمام بأمر الآخرين, يهمه أمر الناس، يهمه أمر المستضعفين من عباد الله قال الله عنه: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} (القصص:14) {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} هذه العبارة تعنى أنها سُنَّة إلهية، أنه يمنح الحكمة والعلم من توفرت فيه هذه الصفة فكان من المحسنين.

ما هو الإحسان؟ هل هو ما يقال: [أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك]. هذه, عبارة [تعبد الله] عبارة واسعة ومهمة، لكن الإحسان في القرآن الكريم قد تناوله القرآن في عدة مواضع كلها تبدو أنها اهتماماً بأمر الآخرين، اهتمام بأمر الدين، والدين مرتبط بالآخرين. {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} (القصص:14). حتى تعرف أنه محسن، وتعرف أن الله منحه حكمة, ومنحه علماً, لاحظ كيف أنه عندما رأى رجلين يقتتلان واحد من الفئة المستضعفة في المجتمع وواحد من الفئة المستكبرة، هاجم هو ذلك القِبْطِي الذي هو من الفئة المستكبرة من الفراعنة {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ}(القصص: من الآية15). ثم هل ندم على ما صنع؟ باعتبار أنه أضر بمصالحه، وأنه عرض نفسه للخطر، وأنه.. وأنه.. ما الذي حصل لديه؟. قال فيما بعد – عندما رأى نفسه أنه اتخذ موقفا هو الذي ينبغي لمثله أن يتخذه، أنه وقف موقف حق – عدّها نعمة كبرى من نعم الله عليه: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ} (القصص:17).

موقف عظيم، ليس موقف من يبحث عن المبررات، عن التبريرات الشرعية، عن حِيَل شرعية، عن وجه شرعي للقعود للجلوس، للسكوت عما يرى، لإغماض عينيه عما يناله الآخرون من الظلم والاضطهاد. لا.. ولم يندم على ما صنع بل عدّها نعمة كبرى عليه من الله أن اهتدى إلى أن يتخذ مواقف، مواقف حق {رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ}. أصبح ولياً من أولياء الله، وهو قبل النبوة، قال هذه العبارة قبل النبوة. متى جاءته النبوة؟ عندما عاد من الشام وهو في طريقه إلى مصر جاءته النبوة.

{رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ} عندما اتجه بعد أن أخبره أولئك الناصحون له أن يخرج من المدينة خرج وهو غير نادم أيضاً على أنه اقترف عملاً أدى به إلى أن يُفوت نعمة كبرى عليه، وإلى أن يؤدي به الحال إلى أن يخرج من المدينة، خرج منها وكله شوق إلى الله، وكله حب لله، وكله ثقة بالله سبحانه وتعالى: {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ} (القصص:22).

ولأنه يحمل النفس الكبيرة، يهتم بالآخرين، ذكر الله عنه تلك القصة في الطريق {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ}(القصص: من الآية23) أهمه أمر المرأتين يسأل لماذا؟. لماذا هن وأغنامهن بمعزل عن الآخرين؟. لم يقف هناك ويقول: أنا تاعب لا أستطيع أن أعمل شيئاً، أو لا يتساءل عن حالة تلك الفتاتين، بل اهتم بالأمر وانطلق ليسألهما عن لماذا؟ {قَالَ مَا خَطْبُكُمَا}(القصص: من الآية23)؟!.

هذا شأن من يهتم هو أن يسأل، من يهمه أمر الآخرين.. بعكس ما نحن عليه، نحن لا نسأل بل نحن لا نكاد أن نفهم, لا نكاد أن نعي من يذكرنا بأمر الآخرين، أما موسى فإنه من سأل، وهو تاعب {مَا خَطْبُكُمَا}؟. {قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ}(القصص: من الآية23) نحن لا نزاحم مع الآخرين، وليس هناك من يقوم بهذا العمل غيرنا.

لم يقل: [إذاً امسكن طابور حتى يخرجوا، أنا تاعب والله سأرتاح لا أستطيع أن أعمل لكم شيء، امسكن طابور حتى ينتهي الرعاة من سقي مواشيهم ثم..]. ذهب هو ليسقي لهما؛ لأنه يحمل روحاً كبيرة. (محسن، محسن) هذه العبارة المهمة.

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن

محاضرة مسؤولية طلاب العلوم الدينية

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي

بتاريخ: 9/3/2002م

اليمن – صعدة

قد يعجبك ايضا