على طريق بناء الدولة
موقع أنصار الله || مقالات || محمد أمين الحميري
استمراراً في الحديث في الشأن الداخلي، وبخَاصَّةٍ في جانب بناء الدولة، لا بد أن يدركَ الجميعُ أن المجتمعَ يتطلعُ لعملٍ يرى أثرَه على كُـلّ الأصعدة، بدءاً من العمل التوعوي التنويري الهادف، والتعليم الناجح، وانتهاءً بالعمل الخدمي والإنساني، ومراعاةً لظروف الحرب العدوانية والحصار، لا مانعَ من التدرُّج وفق سياسة الأولويات في كُـلّ مجال، ووفق الممكن والمتاح، ولا يكلّفُ اللهُ نفساً إلا وسعها.
من وجهة نظرنا، فرغم كُـلّ ما يُبذَلُ من جهود في مسار بناء الدولة، ولا ننكر أن ثمةَ نجاحاتٍ معينةً في بعض الجوانب، إلا أن النجاحَ سيكون أكثر، حينما يتحمل كُـلُّ مسؤول المسؤوليةَ من منطلق العبودية لله وحده لا شريكَ له، فهو في عملٍ صالحٍ وقُربةٍ من القربات، خَاصَّةً إذَا أخلص نيتَه وتعبَّدَ اللهَ بما يقومُ به من عملٍ، فثقافةُ الرقابة الإلهية فوقَ كُـلّ رقابة، وتأتي بعد هذا ثقافةُ الرقابة القانونية واحترام القانون، ومن لم تَهْــدِهِ الرقابةُ الإلهية إلى الصواب، فلتكن للقانون مكانتُه ووَقْعُه في واقع الجميع، مسؤولين ورعيةً.
سينجح المسؤولون، في مختلف مواقعهم حينما يعرفون تمامَ المعرفة المهامَّ المنوطة بهم، ويسعَون لتنفيذها، من خلال ما يناسبُ من جهود مدروسة لا ارتجالية، والبعضُ هَمُّهم تسليطُ الأضواء إعلامياً، فهذا خطأٌ فادح، بل هم يعملون وعيونُهم على مدى نجاحهم من إخفاقهم فيها، وأيُّ قصور هم يعملون على تلافيه وتجاوزه في أعمال قادمة، وهذا التوجُّـهُ بدافعهم الذاتي، قبل أن يكون من واقع المعنيين بتقييمهم من جهاتٍ عليا أُخرى.
مما لا بُـدَّ منه في مسيرةِ بناء الدولة.. أن يعلمَ المعنيون في مواقعِهم الإداريةِ والمؤسّساتيةِ وغيرها، ماذا تعني ثقافةَ المسؤولية، وماذا يعني أننا نعيشُ في مرحلة ما بعد أنظمة العمالة والفساد وفي ظل مشروعٍ ثوري تحرّري، ماذا يعني تعزيز دور القيادة الحريصة على التغيير والنهوض، ماذا يعني الأمانة والوفاء لما يقدَّمُ من تضحيات، مَـا هِي الرؤيةُ الدينية والوطنية في مسيرة التغيير والبناء، ما هو المدخلُ الصحيحُ للبدء بتنفيذ ما يناسبُ من برامجَ منبثقةٍ من المفهوم السليم لتلك الرؤية؟!.
في كُـلِّ الأحوال، فمما نرى أهميّةَ إدراكِه في مسيرة بناء الدولة هو أن غيابُ الوعي مشكلةٌ، سواء الوعي الفكري أَو السياسي أَو الاجتماعي، وأن الوعيَ المنقوص في ذات الوقت مشكلةٌ أخطر.
ومن مظاهر الوعي المنقوص المزايدةُ والتظاهُــرُ بالولاء لله والوطن وللقيادة، وهناك ما يناقُضُه في واقع العمل، وَأَيْـضاً العملُ بعيدًا عن قِيَمِ التشاور وتعزيز دورِ مَن يناسِبُ في مسيرة البناء؛ مِن أجلِ الإسهام في تحقيق النجاح، وهذا لدوافعَ نفسيةٍ أَو عن جهلٍ أَو غيره، ومن المظاهر أيضاً الاندفاعُ في مسيرةِ البناءِ بلا حكمة ولا تدرُّجٍ… وغيرها الكثير.