انكسارٌ أمريكي جديد.. الضجرُ من “صدق الكلمة”!
|| صحافة ||
قرصنت أمريكا، الثلاثاء الماضي، 36 موقعاً من القنوات التلفزيونية السياسية والدينية التابعة للجمهورية الإسلامية الإيرانية ومحور المقاومة، بما فيها موقع “المسيرة نت”، وقناة “العالم” و”فلسطين اليوم” وغيرها.
وتأتي هذه القرصنة بعد سلسلة توصيات أصدرها عددٌ من مراكز الأبحاث الأمريكية، بشأن ضرورة احتواء إعلام محور المقاومة؛ لما له من دور في فضح زيف الدعايات والتضليل الأمريكي؛ ولما له من تأثير على الرأي العام العربي والإسلامي والدولي، في حين تؤكّـد المعلومات أن الرئيس الأمريكي الجديد جون بايدين كان وراءَ هذا الأمر مباشرة.
وفي الإطار، ساقت أمريكا جُملةً من المبرّرات الواهية لهذه القرصنة، منها أن هذه المؤسّسات الإعلامية المدعومة من الجمهورية الإسلامية والتي تنتمي إلى محور المقاومة والممانعة في المنطقة، لعبت دوراً في العملية الانتخابية في الولايات المتحدة، من خلال محاولة نشر معلومات مضللة عبر الانترنت، إضافة إلى تهمة تتعلق بمحاولات هذا الإعلام المُستمرّة تنفيذ عمليات اختراق للساحة الداخلية للتأثير على مزاج الناخب الأمريكي وإظهار المشهد الأمريكي وكأنه حالة صراع وفوضى لا علاقة لها بالقيم الديمقراطية والإنسانية التي تغنت بها أمريكا.
لكن واشنطن وبهذه الادِّعاءات الواهية تكشف من حَيثُ لا تدري عن أهميّة هذا الإعلام المقاوم وقدرته على التأثير على الرغم من إمْكَاناته البسيطة والمتواضعة، إضافةً إلى قدرته على فضح الشعارات الأمريكية البراقة التي تسوقها واشنطن والتي تتعلق بحرية الرأي والتعبير والديمقراطية، وغيرها من الشعارات التي تتساقط من يوم إلى آخر.
إن التوجّـه الأمريكي القادم على محور المقاومة بعد الحرب العسكرية والاقتصادية هو التوجّـه نحو سياسة تكميم الأفواه ومحاصرة الكلمة الصادقة حتى تسكت كُـلّ الأصوات المناهضة لسياسة الهيمنة والاستكبار في المنطقة.
ردود فعل واسعة
وتكشف ردود الفعل اليمنية والدولية على هذه القرصنة عن مدى فعالية وقوة منطق وصدق حجّـة المقاومة، وأن تأثيرها بدأ بخلق تحول فعلي لدى الرأي العام العالمي، وفي مقدمة ذلك تعرية إسرائيل التي بدأت تتكشف كقوة احتلال وعدوانية وكنظام فصل عنصري، كما عرت الديمقراطية الأمريكية والتي هي في الأَسَاس ديمقراطية “نفاق”.
ويتضح من جانب آخر مدى قوة إعلام المقاومة بما في ذلك موقع “المسيرة نت”، من خلال موجة الردود العكسية للوسائل الإعلامية التابعة لدول الانبطاح والتطبيع، والتي تفاعلت مع هذا القرار بالمزيد من إظهار البهجة والسرور والتأييد، معتبرة ذلك “انتصاراً لواشنطن” ضد إيران وأدواتها في المنطقة، وأن أمريكا شنت حرباً لفرض “العمى الإلكتروني” على إيران وحلفائها في إطار ما يعرف بالحرب الناعمة.
وإزاء هذه القرصنة الأمريكية وابتهاج أدواتها الإعلامية في المنطقة وصفت الخارجية الإيرانية قرار القرصنة الأمريكية بأنه “إجراء بلطجي وغير قانوني”، معتبرة أن هذه السياسة لن تحقّق لواشنطن “سوى المزيد من الهزيمة والفشل”.
واعتبر اتّحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية هذا الاستهداف الأمريكي دليل فعالية كُـلّ الجهود الإعلامية التي تبذلها الشعوب المستضعفة رغم قلة موارد مؤسّساتها الإعلامية، وهو دليل عجز أمريكي عن مقارعة الكلمة بالكلمة والحجّـة بالحجّـة والصورة بالصورة، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة تذرعت بالحريات وحقوق الإنسان لتبرّر تدخلها في شؤون العالم ثم تعمد لقمع الأصوات التي تخالفها.
وأشَارَ البيان إلى أن الإدارة الأمريكية لم تستطع إخضاع الشعوب الحرة من خلال إعلامها التحريضي والمضلل ولن تتمكّن من إسكاتها من خلال الديكتاتورية في الفضاء المجازي.
وقال البيان: ”لن تبقى الهيمنة الأمريكية على التكنولوجيا أُحادية الجانب وأمريكا هي الخاسرة من سياسة القمع وتقييد الحريات”.
وَأَضَـافَ: ”سنواجه القرار الأمريكي غير العقلاني واللاأخلاقي بكل الأساليب الممكنة، وسنعيد هذه المواقع إلى الفضاء الافتراضي بسرعة”، مؤكّـداً أنه سيتم إحباطُ محاولة المنع الأمريكي لجمهورنا من الوصول إلى المنصات الإعلامية كما سنلجأ إلى إجراءات قانونية وإدارية لمواجهة هذا القرار.
وأكّـد البيان على إصرار الاتّحاد على العمل وبقوة أكبر؛ مِن أجلِ تحقيق أكبر قدر من التعاون بين المؤسّسات الإعلامية واستمرار الوقوف إلى جانب قضايا وشعوب الأمم المظلومة.
ودعا الاتّحاد جميعَ المنظمات والمؤسّسات والاتّحادات الإعلامية إلى أوسع حملة تضامن ومساندة للمؤسّسات الإعلامية المستهدفة.
وعلى الصعيد الداخلي، قال القطاع الإعلامي في حزب المؤتمر الشعبي العام: إن حظر موقع “المسيرة نت” يكشف زيف شعارات الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير التي تتغنى بها أمريكا، موضحًا أن الحظر يأتي في سياق محاولات التغطية على جرائم تحالف العدوان وإسكات المنابر الإعلامية الوطنية التي تمارس حقها في فضح وتعرية هذه الجرائم والانتهاكات.
من جانبه، قال اتّحاد الإعلاميين اليمنيين إن هذا الحظر يهدف إلى إخفاء الحقائق إسكات الأصوات الحرة المناهضة للاستكبار والطغيان الأمريكي.
وأشَارَ الاتّحاد في بيان له إلى أن حظر أمريكا لموقع “المسيرة نت” يندرج في سياق الحرب العدوانية على اليمن التي ترافقت مع استهداف ممنهج ومركَّز لوسائل الإعلام اليمنية التي تعرضت للقصف والاستهداف والحجب؛ بهَدفِ إخفاء جرائم الحرب التي ارتكبتها أمريكا وتحالفها العدواني طيلة ستة أعوام وسعى إلى منع وصول الحقيقة إلى الرأي العام، موضحًا أن حجب الإدارة الأمريكية لعدد من مواقع الأخبار اليمنية والعربية والإسلامية شكل من أشكال التعدي والانتهاك الصارخ لحرية التعبير والنشر والرأي المكفول بموجب قوانين ومواثيق العمل الإعلامية.
وبحسب وزارة حقوق الإنسان التابعة لحكومة الإنقاذ الوطني بصنعاء فَـإنَّ هذه القرصنة تعد قمعاً واضحًا لحرية الرأي والتعبير، وتكشف عن زيف ديمقراطية أمريكا.
وأشَارَت الوزارة إلى أن موقع “المسيرة نت” له دور كبير في كشف جرائم العدوان بقيادة أمريكا والسعوديّة والإمارات، التي ارتُكبت بسابق إصرار وترصد مجازر وانتهاكات بحق الأطفال والنساء والمدنيين.
وتتفق اذاعة ساف إف إم مع ما ورد في بيان وزارة حقوق الإنسان بصنعاء، وتعتبر هذه الخطوة الأمريكية ضد وسائل إعلام محور المقاومة تتنافى مع كُـلّ شعارات الديمقراطية وحرية الرأي التي تتغنى بها واشنطن.
من جهتها، تؤكّـد اذاعة صوت الشعب أن إغلاق موقع قناة المسيرة بالتزامن مع رضوخ الأمم المتحدة للابتزاز المالي وتبرئتها لتحالف العدوان الأمريكي السعوديّ من قتلة الأطفال اليمنيين يكن محض صدفة، وإنما الهدف منه حجب حقيقة لما يرتكبه العدوان من جرائم بحق الشعب اليمني.
في المجمل سيظل الصراع بين محور المقاومة ودول الاستكبار العالمي أمريكا وإسرائيل ممتداً إلى أجل غير مسمى، لكن هذا الإجراء لن يضعف إرادَة مواقع المقاومة، ورسالتها ستستمر في مقارعة نظام الهيمنة الأمريكي والصهيوني على شعوب المنطقة، وسيظل وهاجاً بوهج عدالة القضية، ولعل إدراك الولايات المتحدة لحجم توجّـه الرأي العام في المنطقة والعالم نحو الإعلام المؤيد للمقاومة، هو ما جعلها تتوسع في حربها المفتوحة على وسائل الإعلام المعادية لها؛ كي يتسنى لواشنطن وكيانها استباحة دول المنطقة ونشر السرطان الأمريكيّ، وإفراغ الساحة لوسائل الإعلام التابعة لها، وإنّ افتتاح القنوات الصهيونيّة في الإمارات خيرُ دليل على ذلك.
صحيفة المسيرة