دياب : أنقذوا لبنان قبل فوات الأوان

توجه رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية حسان دياب، في كلمة له خلال لقاء السفراء ورؤساء البعثات الديبلوماسية، في السرايا الحكومية، قائلاً : أود أن أتوجه إليكم بداية بالشكر على مشاركتكم في هذا اللقاء، فهذه المشاركة تعني اهتمامكم بلبنان وواقعه المؤلم والمظلم في آن واحد.

وتابع دياب : نحن نجتمع هنا، هناك في شوارع لبنان طوابير السيارات تقف أمام محطات الوقود، وهناك من يفتش في الصيدليات عن حبة دواء وعن علبة حليب أطفال. أما في البيوت، فاللبنانيون يعيشون من دون كهرباء والتي يهدد انقطاعها شبه الدائم حياة المرضى في المستشفيات.
وقال دياب : إن لبنان يعبر نفقا مظلما جدا، وبلغت المعاناة حدود المأساة، فالأزمات الحادة التي يعيشها اللبنانيون، على مختلف المستويات الحياتية والمعيشية والاجتماعية والصحية والخدماتية، تدفع الوضع في لبنان نحو الكارثة الكبرى التي تتجاوز تداعياتها أي قدرة على الاحتواء، وبالتالي نصبح أمام واقع لبناني مخيف.
كما حذر رئيس حكومة تصريف الأعمال من أن لبنان واللبنانيون على شفير الكارثة. لكن، أؤكد لكم أن الخطر الذي يهدد اللبنانيين لن يقتصر عليهم. عندما يحصل الارتطام الكبير، سيتردد صدى تداعياته خارج جغرافيا لبنان إلى المدى القريب والبعيد، في البر والبحر. لن يستطيع أحد عزل نفسه عن خطر انهيار لبنان.
ولفت دياب إلى أن الاستقرار في لبنان هو نقطة ارتكاز الاستقرار في المنطقة. ومع وجود نحو مليون ونصف المليون نازح سوري ومئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين، سيكون من الصعب التكهن بنتائج انهيار الاستقرار في لبنان”، مضيفاً أن “هذه الوقائع تدفعنا للتأكيد أن العالم لا يستطيع أن يعاقب اللبنانيين أو أن يدير ظهره للبنان، لأن الاستمرار في هذه السياسة سيؤدي حتما إلى انعكاسات خطيرة فتخرج الأمور عن السيطرة بحيث يسود التشدد في العصبيات.
وفي السياق، أكد دياب أن لبنان يحتاج إلى إصلاحات مالية وإدارية. ولقد اتخذت الحكومة، قبل استقالتها، قرارات عديدة تتضمن إصلاحات جوهرية وأساسية، وهي جاهزة للتنفيذ. كما وضعنا خطة متكاملة للتعافي تتضمن إصلاحات مالية واقتصادية، وهي جاهزة للتطبيق بعد تحديثها، وتستطيع الحكومة المقبلة المباشرة بتنفيذها فور تشكيلها.
وتابع : لقد طال انتظار تشكيل الحكومة، واللبنانيون صبروا وتحملوا أعباء هذا الانتظار الطويل، لكن صبرهم بدأ ينفذ مع تعاظم الأزمات والمعاناة، وأصبح ربط مساعدة لبنان بتشكيل الحكومة يشكل خطرا على حياة اللبنانيين وعلى الكيان اللبناني، لأن الضغوط التي تمارس والحصار المطبق على لبنان لا يؤثر على الفاسدين، بل يدفع الشعب اللبناني وحده ثمنا باهظا يهدد حياته ومستقبله كما يهدد لبنان كنموذج ورسالة في العالم، وما نشاهده من هجرة هو دليل على أن اللبنانيين قد بلغ اليأس منهم فقرروا مغادرة الوطن.
وقال دياب إن الاستمرار بحصار ومعاقبة اللبنانيين، سيدفع حكما لتغيير في التوجهات التاريخية لهذا البلد، وسيكتسب هذا التغيير مشروعية وطنية تتجاوز أي بعد سياسي، لأن لقمة العيش وحبة الدواء ومقومات الحياة لا تعرف هوية جغرافية أو سياسية، ولا تقيم وزنا للمحاور الغربية والشرقية والشمالية، الأهم بالنسبة للبنانيين أن ينكسر هذا الطوق الذي بدأ يخنقهم ويقطع الاوكسيجين عن وطنهم.
وناشد دياب عبر الدبولماسيين الملوك والأمراء والرؤساء والقادة في الدول الشقيقة والصديقة، وأدعو الامم المتحدة وجميع الهيئات الدولية، والمجتمع الدولي والرأي العام في العالم الى المساعدة في انقاذ اللبنانيين من الموت ومنع زوال لبنان، موضحاً أنه لنتحدث بصراحة. كل الإجراءات التي اتخذناها في هذه الحكومة نجحت في تأجيل الانفجار وليس منعه. نحن نبذل جهودا كبيرة لتدارك الانهيار. لكن، بربكم، كيف يمكن منع الانهيار الكبير في ظل هذا الحصار الشديد الذي يقطع أنفاس البلد؟ قولوا لنا كيف لبلد أن يصمد أحد عشر شهرا من دون حكومة لديها ثقة نيابية وصلاحيات دستورية وفي ظل فقدان كل مقومات المناعة المالية والاقتصادية والسياسية وإدارة ظهر كاملة من الدول الشقيقة والصديقة؟
واضاف: قولوا لنا كيف يمكن تأمين الكهرباء بـ 200 مليون دولار فقط في العام 2021، بينما على مدى عشرات السنين كان يتم صرف 2 مليار دولار في السنة للحصول على 14 ساعة كهرباء؟!. وتابع : قولوا لنا كيف يمكن حماية الليرة اللبنانية من الانهيار وقد وجدنا الخزينة اللبنانية خاوية وفجوات هائلة في المال واقتصادا زائفا وفسادا متجذرا يحكم كل مفاصل البلد؟.
وأضاف دياب أنه : هناك من يتاجر اليوم بالشعارات، سعيا لمكاسب انتخابية. يتحدثون عن 14 بالمئة من أموال المودعين، بينما صرفوا أو شاركوا في هدر 86 بالمئة من أموال المودعين خلال السنوات الماضية، ومنهم من سكت عن الحق ويأتي اليوم في ثوب الملائكة ليحاضر في حماية ما تبقى نظريا من تلك الأموال.

ولفت إلى أنه لا تستطيع هذه الحكومة ولا أي حكومة أخرى أن تنقذ البلد من المأزق، من دون مساعدة الدول الشقيقة والصديقة والمؤسسات الدولية. لا يحق لهذه الحكومة استئناف التفاوض مع صندوق النقد الدولي لتطبيق خطة التعافي التي وضعتها الحكومة، لأن ذلك يرتب التزامات على الحكومة المقبلة قد لا تتبناها. لذلك، نحن نصر على أن الأولوية المطلقة هي لتشكيل حكومة. لم يعد مقبولا هذا الدوران في الحلقة المفرغة حكوميا على مدى أحد عشر شهرا.
كما أكد دياب أن نقطة الانطلاق نحو طريق الإنقاذ هي تشكيل الحكومة، وبعد ذلك هناك طريق واحد نحو هذا الهدف، وهو طريق التفاوض مع صندوق النقد الدولي، مع تأمين مساعدة عاجلة للبنان كي يستطيع تخفيف آلام المرحلة الصعبة والخطيرة التي يمر بها.
المصدر: الوكالة الوطنية اللبنانية

قد يعجبك ايضا