حديث تفصيلي مهم عن بعض أشكال استهداف العدوان منذ البداية
|| من هدي القرآن ||
نأتي للحديث تفصيلياً عن بعض أشكال هذا الاستهداف، وما يدل عليه، وبدأت كل هذه الأشكال من الاستهداف منذ بداية العدوان، منذ منتصف تلك الليلة التي بدأت فيها الغارات والعمليات العسكرية ضد بلدنا:
- الاستهداف للأحياء السكنية والمنازل والقرى، وهذا مكثف منذ بداية العدوان وإلى اليوم، ومن أول غارة استهدفت الأحياءالسكنية، استهدفت الناس في منازلهم، اليمني يستهدف في كل مكان في بلده: في منزله، وفي خارج منزله، أينما كان يستهدف، وأتت الغارات الجوية وبشكل وحشي لتدمر الكثير من المنازل، وتستهدف الكثير من المنازل في المدن، في الأحياء السكنية فيها، وفي القرى أيضاً، ونشرت الكثير من المشاهد، والضحايا من المدنيين: أطفال، ونساء، ومشاهد مؤلمة ومأساوية جدًّا، أيُّ شيءٍ يمكن أن يبرر هذا، أو يشرعن هذا؟! غارات إلى وسط صنعاء، إلى وسط مختلف المدن، إلى القرى، في الأرياف، حتى في المناطق البدوية، حتى استهداف لخيام البدو، وقتل للبدو في خيامهم، وقتل لمواشيهم، أيُّ شيءٍ يمكن أن يبرر هذا، أو يشرعنه؟! وأيُّ غاية إيجابية ونبيلة يمكن أن تكون من وراء مثل هذه الجرائم، والتي نُشِرت عنها الكثير من المشاهد في التلفزيونات.
- الاستهداف للمساجد مع قدسيتها، وللمصلين فيها، وللمصاحف فيها، وأكثر من ألف وأربع مئة مسجد استهدفه الأعداء ودمروه، وقتلوا فيه المصلين، ومزقت فيه المصاحف المقدسة (كتاب الله القرآن الكريم) بقنابل الأعداء وبقصفهم، استهانة حتى بالمقدسات، استهانة بحياة الناس كبشر، وبحرمة ذلك، واستهانة بالمقدسات، أيُّ شيء يمكن أن يبرر هذا، أو يشرعنه؟! وما هي الغاية التي يمكن أن تكون غاية نبيلة، وهدفاً مقدساً، أو شريفاً، أو نبيلاً، من وراء هكذا جرائم؟!
بما فيها مساجد أثرية قديمة، البعض منها منذ بداية صدر الإسلام، والبعض منها من عصر التابعين، والبعض منها من مراحل متقدمة، وتم التركيز على استهدافها، في عمق المناطق اليمنية، ليست في مناطق الاشتباك وفي الجبهات، في عمق المناطق، وبشكلٍ متعمد، تعمد للمسجد وللمصلين، تعمد لذلك المسجد الأثري أيضاً.
- الاستهداف للمدارس، والجامعات، والمنشآت، والمرافق التربوية والتعليمية، وللطلاب والمدرسين، هذا أيضاً استهداف للبشر، لهذه الفئة من أبناء المجتمع، وأيضاً سعي لتعطيل العملية التعليمية، وتدمير كل بنيتها التحتية؛ حتى تتوقف عملية التعليم في البلد، عندما يدمِّرون المدارس، عندما يستهدفونها والطلاب فيها، ويستشهد الكثير من الطلاب والمدرسين، وعندما أيضاً يستهدفون المرافق الأخرى: إدارات تربوية، مرافق تربوية، جامعات، عدد كبير من المنشآت الجامعية استهدفت، وجرى الحديث عنها ضمن الإحصائيات التي قدِّمت في هذه الأيام الماضية، في الفعاليات المختلفة، التي أقامتها الجهات المعنية في صنعاء.
فنلاحظ أنَّ هذا الاستهداف للطلاب- وهناك مشاهد مأساوية جدًّا- للطلاب، وللمدارس، وما نتج عن ذلك، ونشرت وبُثت في التلفزيونات والقنوات الفضائية، وقُدِمت عنها المعلومات الموثَّقة المكتوبة، وقُدِمت إلى مختلف الجهات في العالم: أمم متحدة، منظمات… غير ذلك.
هل يمكن أن يكون الاستهداف للطلاب، للمدارس، للجامعات، أن يكون الاستهداف للطلاب في حركتهم إلى المدارس، أن يكون الاستهداف لهم داخل المدارس، أن يكون الاستهداف للمرافق والمنشآت التربوية، وذات العلاقة بالعملية التعليمية، لهدفٍ مشروع، أو لغايةٍ مشروعة، أو أنه سعي لتعطيل العملية التعليمية في البلد، ولاستهداف الناس حتى لا يتعلموا؟! وكم نتج عن هذا من معاناة؟ كم تضررت العملية التعليمية بفعل ذلك؟ كم نتج عن ذلك من تشريد للكثير من الطلاب، أو عدم توفر فرصة التعليم لديهم؟ من الذي يحارب التعليم في البلد؟ أليس هم أولئك؟ أليس هم أولئك الذين يرتكبون هذه الجرائم؟
اليوم في كثير من المناطق- وبالذات في الأرياف- يتجه الطلاب للدراسة تحت الأشجار، لا مأوى لهم، لا مدارس لهم، أو بعضهم- إن تحسنت أحوالهم- تحت خيام، أو في أماكن متواضعة جدًّا، ويواصلون العملية التعليمية مع الخوف من الاستهداف، وهذا جارٍ بشكلٍ عام في المدن والأرياف، أو أيضاً مع مشكلة كبيرة في البنية التحتية، أو تضرر العملية التعليمية بفعل الظروف الاقتصادية، تداخلت كل الضغوط لاستهداف العملية التعليمية في البلد.
طيب، من يتحرك بهذا الشكل، من يستهدفنا حتى في عمليتنا التعليمية، في نشاطنا التعليمي، ما الذي يريده بشعبنا ولبلدنا؟ هل يمكن أن يريد خيراً بهذا البلد؟! هناك قصص كبيرة، ومآسٍ كبيرة، من أبرزها الحافلة التي كانت تقل الطلاب في ضحيان، من أبرز المآسي، وعرفت تلك المأساة، وجرى تغطية إعلامية لها، وهناك شواهد كثيرة في مختلف المحافظات بمثل هذه المآسي.
- الاستهداف للمستشفيات والمراكز الصحية، وبالمئات، يعني: المئات من المستشفيات والمراكز الصحية استهدفت بشكلٍ متعمدٍ وممنهجٍ ومقصود، ودمرت، وفي كثيرٍ من الحالات استشهد فيها ضحايا، من العاملين فيها، ومن المرضى، ومن الجرحى، أليس هذا عملاً إجرامياً شنيعاً؟ أليس مخالفاً لكل شيء: للقانون الدولي، للأعراف، لحقوق الإنسان، لكل الاعتبارات والحيثيات، جريمة موصوفة بكل اعتبار.
إذا جئنا لنصنِّف مثل هذه الجرائم، وتستمر على مدى سنوات، تستمر على مدى سنوات، وفي مختلف المحافظات، هل ممكن أن يشرعن مثل هذه الجرائم شيء، أو يبررها تبريراً صحيحاً شيء، أو يمكن أن نقول: أنها لهدف لمصلحة هذا البلد، وأن من يفعل ذلك بهذا الشعب، ويقتل أبناء هذا البلد في منازلهم، وفي مساجدهم، وفي مستشفياتهم، وفي المراكز الصحية، ويستهدف المرضى، ويستهدف الجرحى، ويستهدف الكادر الطبي والصحي، هل يمكن أنه يفعل ذلك من أجل هذا البلد، ولخدمة هذا البلد؟!
- الاستهداف أيضاً للمطارات، طبعاً كم نتج من معاناة، يعني: عندما دُمِّرت مثلاً الكثير من المنشآت الصحية، والمراكز الصحية، والمستشفيات، بقي الكثير من أبناء هذا البلد- وبالذات في الأرياف- لا يحصلون على الخدمات الصحية، لا يعرف أين يذهب بمريضه؟ أين يعالج مريضه، أو جريحه؟ نتج عن هذه معاناة كبيرة جدًّا، معاناة للمرضى وذويهم، معاناة كبيرة للجرحى وذويهم، أليس هذا هو استهداف عدواني ظالم لأبناء هذا الشعب؟ أليست هذه المأساة صنعها من؟ ألم يصنعها أولئك المعتدون الذين بقنابلهم وصواريخهم وطائراتهم دمِّرت تلك المنشآت الصحية، والكل من أبناء شعبنا قد يعاني نتيجة ذلك على المستوى الصحي، إضافة إلى الضرر الكبير الذي لحق بالقطاع الصحي نتيجة الوضع الاقتصادي، لكن هذا على مستوى الاستهداف المباشر.
- الاستهداف للمراكز والمرافق والمنشآت الحكومية بمختلف أشكالها وأنواعها: مجمعات، مؤسسات، مراكز شرطة، سجون، محاكم… كل ما يقدم خدمة لأبناء هذا الشعب، من المراكز الحكومية، والمباني الحكومية، ذات الصلة بمسؤولية تجاه الناس، تجاه أبناء هذا البلد، استهدفت ودمِّر الكثير منها، هل يمكن أن يفعل ذلك من أراد الخير لهذا الشعب، أو من يريد أن يكون في هذا البلد دولة، وحكومة، ومؤسسات دولة، وتقوم بخدمة الشعب، وبالعناية بأبناء البلد، أو أنه هدف مختلف وعكس ذلك تماماً؟ حتى المحاكم، واستشهد البعض من القضاة، وفقدت الكثير من الوثائق في المحاكم، التي فيها قضايا الناس، وبعضها فيها اثباتات لأطراف من المتنازعين والمتخاصمين والمتشاجرين في مختلف قضاياهم، وتضرروا من ذلك.
- الاستهداف لمحطات ومولدات الكهرباء، وبالمئات، وطبعاً تضرر الشعب كثيراً نتيجةً لذلك، في المدن حصل ضرر كبير جدًّا، كثير من الخدمات التي تعتمد على الكهرباء تضررت، وتضرر الناس في أشياء كثيرة، نتيجةً لهذا الاستهداف، وكان بشكل متعمد وواضح، محطة كهربائية في صنعاء تستهدف، محطة كهربائية في صعدة تستهدف، في الحديدة، في محافظة كذا… في مختلف المحافظات، في تعز… في مختلف المحافظات، واستهدفت بشكلٍ واضح، من المتضرر من ذلك؟ هل هو حزب معين؟ هل هي فئة معينة؟ هل جماعة معينة، أم هو ضرر يعاني منه أبناء الشعب بمختلف فئاتهم ومكوناتهم؟ من الذي فعل ذلك؟ ولماذا فعل؟ لأنه أراد أن تحصل تلك المعاناة، لأنه يريد لهذا الشعب أن يعاني، لأنه يجعل من معاناة هذا الشعب وسيلة أمَّل فيها أن يكسر إرادته، وأن يجبره على الاستسلام والخنوع، لأنه عدواني، يتلذذ بمعاناة هذا الشعب، ويرتاح ويسر بمعاناة أبناء هذا البلد.
- الاستهداف لخزانات وشبكات المياه، أكثر من ألفين منشأة وشبكة مياه وخزان مياه تغذي المناطق الآهلة بالسكان، ويستفيد منها المواطنون، طبعاً من يسعى لأن يعاني الناس من العطش، من يسعى لأن يعاني الناس في المدن وفي مناطق مختلفة من الحصول على الماء، من الحصول على الماء، وتصبح مسألة الحصول على الماء مسألة معقدة، وفيها صعوبات كبيرة، وفعلاً حصلت صعوبات كثيرة، سكان العاصمة صنعاء يعرفون حجم المعاناة التي كانوا يعانون منها، الكهرباء من جهة توقف، وأثَّر حتى على مسألة شبكات ومحطات المياه، والاستهداف من جانب آخر، وانعدام الديزل من جانب ثالث، عوامل كلها حوَّلت مسألة الحصول على المياه والصرف الصحي مسألة معقدة جدًّا، وأصبح الأكثر يعتمدون على الوايتات، التي تأتي بالماء مقابل مبالغ معينة، وفي كثير من الحالات يأتي الماء غير صحي ولا مناسب، ومعاناة كبيرة في مختلف المدن نتيجة هذا، من الذي فعل ذلك؟ ولماذا فعل؟
لأنه أراد أن يعاني الجميع، عندما يرى أبناء هذا الشعب وهم يعانون في توفير الماء الذي يشربون، في توفير المياه للمنازل، لحاجتهم للاستخدام المنزلي لها، يرتاح بذلك، عندما يرى الطوابير وهي تجتمع حول خزان ماء، أو وايت ماء، يرتاح بمعاناة هذا الشعب؛ لأنه عدو يكره هذا الشعب، يعادي هذا الشعب، يتلذذ بارتكابه الجرائم بحق هذا الشعب، يرتاح لمأساتنا ومعاناتنا في هذا البلد، لاحظوا كم هم عدوانيون! عدوانيون بشكل عجيب جدًّا.
من غريب أمرهم فيما يتعلق بقضية الماء: أنهم استهدفوا حتى الحمامات الطبيعية، حمام جارف في بلاد الروس، في محافظة صنعاء، حمام طبيعي، وفيه ماء للاستشفاء، ماء طبيعي ساخن للاستشفاء، استهدفوه.
- الاستهداف لشبكات ومحطات الاتصالات: كلنا نعرف أهمية الاتصالات في هذا الزمن، وما تقدمه من خدمة كبيرة للناس في شؤون حياتهم، أصبحت الكثير من شؤون حياة الناس في أمورهم المعيشية والاقتصادية والحياتية معتمدة على الاتصالات، وعبر الاتصالات تختصر الكثير من الأمور، وتنجز الكثير من الأمور، شبكات الاتصالات العامة في هذا البلد، التي يستفيد منها المواطنون بشكلٍ عام، من دون أي تمييز، لا مذهبي، ولا مناطقي، ولا عنصري، أبناء هذا البلد بشكلٍ عام، تم استهدافها بشكل مكثف وبغارات كثيرة، والتدمير لها، وفي أحيان كثيرة بقيت كثيرٌ من المحافظات والمناطق بدون اتصالات، وعانى أهلها الكثير نتيجة ذلك، من الذي فعل ذلك؟ تحالف العدوان، لماذا؟ لأنه أراد أن يعاني الناس في بلدنا، أن يعاني هذا الشعب بكل أبنائه مختلف أنواع المعاناة، أن يعانوا في كل شيء.
- الاستهداف للطرق والجسور: جزء كبير من حملة العدو ومن استهدافاته وغاراته ركزت على الطرق بين المحافظات، وعلى الجسور، الجسور الأساسية التي تربط ما بين محافظة وأخرى، أو لها دور أساسي في طريق عام، يصل منطقة بمنطقة، وحصل معاناة كبيرة لأبناء شعبنا نتيجة استهداف الطرق والجسور، على مستوى أمن الطرق، استهدفت الكثير من السيارات، ومن وسائل النقل بمختلف أنواعها، استهدفت وهي في الطرقات ذهاباً وإياباً، واستهدفت الجسور والطرق؛ مما أثَّر على حركة السير، وحركة السفر للمواطنين وتنقلاتهم، وأصبح التنقل من محافظة إلى أخرى محفوفاً بالمخاطر؛ نتيجةً للاستهداف الذي يتكرر للسيارات، لوسائل النقل، للمسافرين، وبث الكثير في القنوات الفضائية، مآسٍ مروِّعة جدًّا.
وحركة النقل أيضاً للمواد الغذائية، والاحتياجات، والإسعاف للمرضى، ولغير ذلك من شؤون حياة الناس المختلفة والمتنوعة، كانت كلها تعاني من الاستهداف بأشكالها، وتعاني أيضاً من هذه المخاطر المستمرة: الشعور دائماً بالخطر واحتمالية الاستهداف، والمعاناة في الطرق التي تصعبت وتعسرت نتيجة ما لحق بها من أضرار كبيرة، مع صعوبة صيانتها في ظل ظروف اقتصادية صعبة يعاني منها البلد، لماذا فعلوا ذلك؟ سعياً لأن يعاني هذا الشعب، لأن يعاني جميع أبناء هذا البلد.
- الاستهداف للأسواق، والمنشآت التجارية، ومخازن الأغذية: طبعاً الاستهداف للأسواق كان يهدف إلى تحقيق غرضين لتحالف العدوان:
الأول: قتل أكبر عدد ممكن من الناس؛ لأن الناس عادةً يزدحمون في الأسواق، وهم يريدون أن يرتكبوا جرائم الإبادة الجماعية بحق أبناء هذا الشعب، يفرحون عندما يلقون قنابلهم في مكان فيه تجمع أكثر؛ لتكون الحصيلة مجزرة مروِّعة، فهم لتنفيذ جرائم الإبادة الجماعية والقتل الجماعي، وقتل أكبر عدد ممكن من الناس، استهدفوا الأسواق؛ لازدحامها بالناس.
وثانياً: لتعطيل حياة الناس، هم يدركون الأهمية الاقتصادية والمعيشية للأسواق بالنسبة للناس، تتوفر فيها احتياجاتهم الغذائية ومختلف اغراضهم لحياتهم، والناس يضطرون عادةً للذهاب إلى الأسواق؛ لتوفير احتياجاتهم، احتياجاتهم الغذائية… احتياجاتهم بمختلف أنواعها، احتياجاتهم الحياتية التي يحتاجون إليها في مختلف شؤون حياتهم، فاستهدافهم لها لإلحاق ضرر شامل بالناس في مختلف شؤون حياتهم، واستمرت وتيرة الاستهداف، وكان هناك مآسٍ كبيرة بمثل هذا النوع من الاستهداف، وارتكب تحالف العدوان فيه أبشع الجرائم، جرائم مروِّعة وبشعة للغاية، ومجازر رهيبة وشنيعة. المنشآت التجارية كذلك، مخازن الأغذية كذلك، وبثت الكثير عنها من المشاهد في القنوات الفضائية التي وثِّقت بالفيديو، وأيضاً المعلومات والإحصائيات والتي أعلنت من الجهات المعنية.
- الاستهداف للمناسبات الاجتماعية، في الأعراس، وهذا من أسوأ أشكال الاستهداف، حصل هذا في ذمار، معروفة القصص هذه في ذمار، في حجة، في تعز، في صنعاء، في صعدة، في الجوف، في مأرب… في مختلف المحافظات، الاستهداف للأعراس، الاستهداف للناس وهم يقيمون عرساً، فيحولونه إلى مأتم، إلى عزاء، إلى مأساة، بدلاً من الفرحة يأتي الحزن، ويأتي الأسى، وجرائم بشعة، ولها أشكال وصور مأساوية جدًّا ومؤلمة جدًّا، لا يمتلك الإنسان عندما يشاهد إلَّا أن يشعر بعميق الحزن والأسى، وفي أكثر الأحيان لا يتمالك الإنسان نفسه إلا أن يبكي، مشاعره الإنسانية تفيض وتجبره على البكاء، مشهد العرس في بني قيس في حجة ألم يكن مأساوياً؟ مشاهد أعراس استهدفها العدوان بقنابله، أي إجرامية هذه؟! أي مستوى من التوحش يجعلهم يفعلون ذلك؟! هل يمكن أن يشرعن ذلك شيء، أن يبرر ذلك شيء، أن يكون ذلك لأهداف لمصلحة هذا لبلد، أن يكون لخدمة هذا الشعب؟! هل الخدمات التي تقدمونها لهذا الشعب هي بهذا الشكل وعلى هذا النحو؟! وكم هي القصص والحكايات، والتي وثِّق الكثير منها، وبقي البعض منها؛ لم يكن هناك من يوثِّق، وأتت عنها المعلومات والتفاصيل والمشاهد.
وكذلك مناسبات العزاء، من أبرزها: الصالة الكبرى وسط صنعاء، اجتماع بمناسبة عزاء، مناسبة اجتماعية لها حرمتها، وكم هناك يعني من مثل هذه الحالة استهدفت بهدف- كذلك مثلما حالة الأسواق- قتل أكبر عدد ممكن من الناس أثناء تجمعهم، وليزداد العزاء عزاءً، والمأساة مأساةً، جرائم مروعة، كبيرة، بشعة، وحشية، شنيعة جدًّا، لا يمكن أن تبرر، ولا يمكن أن تشرعن، وبشكل مستمر ومتكرر.
- أيضاً الاستهداف لمخيمات النازحين: وتكرر في محافظات متعددة، منها في محافظة حجة، ومحافظات أخرى، وللنازحين أثناء حركتهم وانتقالهم، أو في أماكن يصلون إليها، لو لم يكن بشكل مخيمات، حتى في مساكن، أو مدارس، أو أماكن عادية، أو حتى تحت الأشجار، أو في خيام، يستهدفون، وهناك كثير منها كذلك قد نقلت المشاهد المأساوية عنه وبثت، ووثقت المعلومات عنه، وحشية وإجرام، النازح نزح نتيجةً للعدوان إلى منطقة أخرى، ثم يأتون فيكملون المجزرة.
- الاستهداف للمعالم الأثرية، والمدن الأثرية: وتكرر هذا في صنعاء، وفي الجوف، وفي تعز، وفي الحديدة… وفي محافظات مختلفة، صنعاء القديمة كم فيها من جرائم استهداف وتدمير وغارات إلى داخلها، صعدة القديمة، معالم أثرية في الجوف قديمة جدًّا، معالم أثرية في تعز، معالم أثرية في الحديدة، دمِّرت، ومساجد أثرية دمِّرت واستهدفت، ومقابر أثرية، ومقابر من هذا العصر، حتى الأموات في قبورهم، أتت القنابل لاستهدافهم، أي وحشية؟! أي رعونة؟! أي إجرام هذا؟! ما الذي يمكن أن يبرر مثل هذا النوع من الاستهداف، أو يشرعنه؟ لا شيء، هذا يكشف حقيقة هذا العدوان، هوية هذا العدوان، وأهدافه الحقيقية، أهدافه الحقيقية: تدمير شامل وممنهج ومنظَّم يستهدف ويطال كل شيء في هذا البلد.
- الاستهداف للصيادين: من الجرائم التي ركَّز عليها تحالف العدوان من بداية الأمر وإلى اليوم، الاستهداف للصيادين، حتى أصبحت عملية الصيد في البحر مغامرة، يذهب الصياد لا يدري هل سيعود سالماً، أم أنه سيستشهد، أو في بعض الحالات يختطف؟ استهداف بالقتل، واستهداف بالاختطاف، وتتكرر هذه، والاستهداف للقوارب أيضاً، استهداف لهم وهم في قواربهم، واستهداف لقواربهم في حالات أخرى بالقصف، وفئة كبيرة تضررت من أبناء محافظة الحديدة، كانوا يعتمدون في معيشتهم وفي تحصيل قوتهم على الصيد، يذهبون للصيد، يعتمدون بشكل أساسي، يصطاد، ومن كده، ومن عرق جبينه، يذهب لبيع هذا الذي قد اصطاده من السمك، ويشتري لأسرته القمح، يشتري متطلبات الحياة الضرورية، الكثير منهم، آلاف تضرروا جدًّا، ولم يتمكنوا من مواصلة مهنتهم هذه، وحرفتهم هذه، التي يعتمدون عليها في تحصيل قوتهم.
إضافة إلى ذلك حصل مشكلة كبيرة في توفير والاستفادة من هذه الثروة لأبناء الشعب بشكلٍ عام، أصبحت عملية ينطلق فيها من ينطلق من يتحرك وبشكل مغامرة، مغامرة، قد لا يعود، يتوقع في كثيرٍ من الأحيان ألَّا يعود، هو معرَّض إما للقصف والاستهداف، وإما للاختطاف، من يفعل ذلك هل هو يريد خيراً في هذا البلد؟! هل هناك شيء يشرعن أو يبرر هذا؟! هل هذا بأهداف نبيلة لمصلحة هذا البلد، أم أنه إلحاق ضرر بكل أبناء هذا البلد؟ يأتون لكلٍ في مجال عمله، لكلٍ في معيشته، لكلٍ في حرفته، لكلٍ في مهنته، لاستهدافه، ولإلحاق الضرر بالجميع؛ لأنهم يريدون إلحاق الضرر الشامل بالجميع بدون استثناء، ومثل هذه الحالة معروفة في الحديدة، حجم المعاناة نتيجةً لهذا الاستهداف يعرفه أبناء محافظة الحديدة، وفي حجة كذلك، والمحافظات التي هي على الساحل.
- الاستهداف للمصانع بكل أنواعها، المصانع المتوفرة من مصانع الإسمنت إلى مصانع الأغذية الخفيفة، مصانع البفك والقرمش والأشياء الخفيفة، حتى هي تستهدف وتدمَّر، ومحطات الوقود ووسائل النقل- جرى الحديث عن وسائل النقل- التي توفر عبرها المواد الغذائية وتنقلها بين المحافظات، وهذا بهدف الإضرار بالاقتصاد الوطني، وإلحاق الضرر بأبناء الشعب، وجلب للمعاناة لهم.
- الاستهداف حتى لمزارع الدجاج، ما الذي يبرر استهداف مزارع الدجاج؟! هل هي عسكرية؟! هل الدجاج لها طابع عسكري مخيف، يخافون أن تنقرهم، أم ماذا؟ الاستهداف لمزارع الدجاج، وللمواشي بشكلٍ عام، مزارع المواشي: مزارع الأبقار والأغنام، حتى لدى البدو، استهدفوا عندما يشاهدون ويرصدون تجمعاً للبدو ولمواشيهم: جِمال، أو أبقار، أو أغنام، أو ماعز، يستهدفون، وحصلت هذه بشكل متكرر، وفي مناطق متعددة، وأتى ما يشهد لذلك في وسائل الإعلام بالفيديو وبالمعلومات.
الاستهداف لذلك لماذا؟ يستهدف مزرعة دجاج! مزرعة دجاج معروف كم؟ بالمئات، بالمئات، حتى أصبحت من الأهداف الرئيسية لتحالف العدوان، أليس هذا لإلحاق الضرر بالمواطنين؟ ما يشتوا عاد يجي لواحد حتى لحمة دجاج، وإلحاق ضرر أيضاً بمن؟ بمن يشتغلون في هذه الحرفة، يبيعون ويشترون في هذا الجانب، ويوفرونه للشعب، وأرزاقهم وأقواتهم معتمدة عليه، استهداف شامل.
- الاستهداف للحقول الزراعية، وبشكل كبير، يعني: أكثر من سبعة آلاف حقل زراعي استهدف، بالآلاف، استهداف للزراعة، وللقطاع الزراعي، وللأسواق الزراعية، ولحركة النقل ذات العلاقة بالمحاصيل الزراعية، وهذا جانب ومجال كامل له حصته من الاستهداف الكبير والمركز، حتى في الطرق العامة تجد بعض الناقلات بعد استهدافها وقد تبعثرت المحاصيل الزراعية خلف الطرق، واحترقت بفعل القصف، الأسواق الزراعية كذلك تضررت واستُهدِفت المحاصيل.
- أضف إلى ذلك الاستهداف للمنشآت الرياضية، حتى المنشآت الرياضية، يعني: لا يريدون أن يبقى مجال من مجالات شؤون الحياة إلا ويستهدف، وحتى ملاعب كرة القدم، كثيرٌ منها تم استهدافه.
- الاستهداف حتى لما لم يكن لِيُتَوقع، ولم يكن ليخطر ببال أحد أن يكون هدفاً لتحالف العدوان لقصفه واستهدافه: مركز إيواء المكفوفين من الأطفال، لا أستبعد- والله أعلم، والله أعلم، نحن لا نعلم الغيب- أن يكون الشيطان تفاجأ من هذا الابتكار الاجرامي، لا نستبعد ذلك، لا نقطع به، ولا نستبعده، كيف يخطر ببالهم أن يجعلوا من مركز إيواء للمكفوفين، الذين فقدوا حاسة البصر، وبقيت لهم- إن شاء الله- حاسة البصيرة، من الأطفال، مركز لإيوائهم، ويتم استهدافه بالقصف، ما الذي يمكن أن تفسر هذا النوع من أشكال القصف والاستهداف؟! وحشية، إجرام، رعونة، طغيان، كبر، غطرسة، همجية، كل المفردات التي تعبر عن الشر بكل أشكاله يمكن أن تستخدمها لتوصيف هذه الجريمة، ووُثِّق هذا، وبُثت مشاهده في القنوات الفضائية.
- استهداف حتى لأشياء أخرى أيضاً، تستغرب أن تستهدف، مركز الرصد الزلزالي في ذمار، مركز لرصد الزلزال يستهدفونه، غريب!
- الاستهداف للمتاحف، وتكرر هذا.
- الاستهداف لإسطبلات الخيول، وقتل الخيول بشكل جماعي المتوفرة فيها، وبشكل مأساوي ومؤلم وغريب يعني! البعض فسر هذا أنهم يغتاظون ويحقدون ويحسدون هذا الشعب على أنه بقيت لديه شوية خيول عربية أصيلة، فأرادوا إبادتها.
- الاستهداف للحيوانات بمختلف أنواعها، لا داعي لأن نتعمق في هذا بشكل أكثر.
هذه الجرائم، هذا النوع من الجرائم أتى منذ البداية يعني، منذ البداية بشكل واسع، بعضها يعني في بدايات العدوان، في أول شهر من العدوان أكثر هذه الجرائم كان قد نُفِذَ منها نماذج، وبأعداد كبيرة يعني، وبعضها فيما بعد تلاحقت وهكذا، وتستمر وإلى اليوم، يعني: قبل أن يكون هناك أي مبرر، طبعاً هذه الجرائم بأعداد كبيرة، شيء منها بالآلاف، والبعض منها بالمئات، وممنهجة، لا يمكن أن يقال عنها أخطاء، ولا يمكن أن يقال عنها تصرفات فردية، أولاً هذا العدو يمتلك التقنيات والإمكانات، التي تحدد له الأهداف بوضوح، لديه أقمار صناعية، وعمل بها، لديه طائرات للرصد الدقيق، لديه وسائل للتصوير والرصد متطورة جدًّا، وتقنيات متطورة جدًّا، لديه أيضاً عملاء على الأرض، جواسيس وخونة، ينقلون له المعلومات والمشاهد، أشياء بنفسها واضحة، أسواق واضحة، معالم واضحة، أماكن واضحة، ليست ملتبسة، حقول زراعية واضحة، مستشفيات معلوم أنها مستشفيات، مراكز صحية واضح حالها، مدارس واضحة، منشآت خدمية واضحة، كلها أشياء واضحة، واستمر ويستمر في استهدافها.
- ثم الغزو البري والاحتلال، وما تعبه من جرائم كثيرة جدًّا: الغزو البري والاحتلال لمنطقة واسعة من هذا البلد، احتلال لمجموعة من المحافظات، لمساحة شاسعة من هذا البلد، جريمة، جريمة؛ لأنه ينتهك سيادة هذا البلد، استقلال هذا البلد، حق أبناء هذا الشعب، وأيضاً يمتهن هذا الشعب عندما يسيطر على بلده، ويسيطر عليه، ويتبع ذلك أيضاً بجرائم قتل كثيرة جدًّا؛ نتيجة هذه العمليات البرية، كم استشهد من أبناء بلدنا الآلاف المؤلفة؛ نتيجة هذا العدوان البري والاحتلال، كم اختطف، كم يعذب في السجون بكل أنواع التعذيب، والجرائم الأخرى في المحافظات المحتلة، ومنها جرائم الاغتصاب.
كل هذا الغزو البري والاحتلال، الذي هو- بحد ذاته- جريمة، واستهداف لهذا البلد، وانتهاك لسيادته واستقلاله، وما تبعه من جرائم: قتل، وتعذيب، واختطاف، وامتهان، وإذلال، وقهر، ومصادرة للقرار… أشياء كثيرة، واغتصاب، شمل حتى محافظات لم يكن فيها أي جبهات، يعني: امتد إلى المهرة، امتد إلى حضرموت، امتد إلى سقطرى، امتد إلى مناطق لم يكن هناك ما يبرر أن يكون فيها اجتياح أجنبي، وتمركز لقوات خارجية، وسيطرة من مندوبين من جانب تحالف الاحتلال، لم يتركها حتى لمرتزقته، للخونة الذين باعوا كل شيءٍ لمصلحته، هذا أيضاً من جرائمه الكبيرة.
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي