درس مهم: بقدر فاعليتك يقف الطغاة ضدك
الدرس الثاني: يقول الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى-: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ} [الأنفال: من الآية5]، الدرس الثاني أيضًا أن الإنسان مهما كان في مكارم أخلاقه، في صلاحه، في حسن نيته، فيما هو عليه من اتجاه إيجابي في هذه الحياة، ومهما كان في حكمته، وفي رشده، وفي حسن تصرفه، وفي أدائه، ومهما كانت دعوته صالحة، ودعوة خير، ودعوة حق، ودعوة عدل، ودعوة رحمة… لا يبقى بدون مشاكل، بل- على العكس- أنت كلما كنت أكثر فاعلية، وأرقى أداءً، وأصيلًا في انتمائك، وصادقًا في انتمائك لتلك القيم، وللحق، وللخير، وللعدل… الشيء الذي سيحصل أنك ستُحارب أكثر، وأنك ستواجه من المشاكل أكثر من غيرك؛ لأن البعض من الناس- مثلًا– يتصور إنه بالإمكان أن يكون الإنسان في هذه الدنيا رجل حق (ينتمي إلى الحق)، رجل خير، رجل صلاح، رجل رحمة، وعلى درجة عالية من مكارم الأخلاق، وحكيمًا في كلامه، في أفعاله، في تصرفاته، ويترك أثرًا إيجابيًا في واقع هذه الحياة، يترك أثرًا صالحًا في حياة الناس، من دون أن يواجه أي مشكلة، ولا أن يدخل في أي احتكاك مع أحد، ولا أن يبغضه أحد، ولا أن يسيء إليه أحد، ولا أن يتحدث عنه أحد بالسوء، والاتهامات، والكلام، ووو… والبعض يفترض أن الشخص الذي هو صالح هو الذي سيكون على هذا النحو: (رجال ما معه قلب مبغض، ولا معه أحد بيتكلم فيه، وكلًا سالي عليه، ولا أحد بينزعج منه أبدًا)، هذا هو الطيب الذي لا يزعج أحدًا في الدنيا، (الإنسان الذي هو ما شاء الله العظيم، يكادون أن يبتلعوه من طيابته في نظرهم)، ما هناك أحد ينزعج منه في هذه الحياة, هذه نظرة لدى البعض.
يا أخي، الأنبياء -عليهم السلام- لم يكونوا على هذا النحو، كان المنزعجون منهم كُثُرًا، وانزعاج شديد جدًّا، أنت إذا كنت أصيلًا في انتمائك للحق، مجسدًا لمكارم الأخلاق، مبدئيًا مع الحق، هناك الكثير والكثير جدًّا سينزعجون منك بقدر فاعليتك، بقدر ما تكون فاعلًا، عندك هذا الانتماء للحق، هذا الالتزام بالحق، هذا الالتزام بمكارم الأخلاق، هذا التحرك بها في هذه الحياة، ولك فاعلية، لك تأثير؛ بالتأكيد لا بد أن ينزعجوا منك، وبالذات المستكبرون، الطغاة، المجرمون، الظالمون، المفسدون، السيئون… هذه الفئات الموجودة في واقع البشرية بكثرة، وحاضرة في الساحة، وموجودة في كل مكان وزمان، لا بد من انزعاجهم منك، ولا بد أن يتحركوا ضدك، وكلما كنت فاعلًا ومؤثرًا أكثر، كلما كانت مشكلتهم معك أكبر.
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي