الشهادة عطاء.. قابلة الله بعطاء
موقع أنصار الله || مقالات ||صفية جعفر
أتت الأخبار دون أن تستأذن من أرواحنا قبل المجيء؛ لتخبرنا أنه ما زال هناك شهداء تلو الشهداء في ميادين العزة والإباء، أرواح تصعد إلى السماء ظلماً وقهراً وعدواناً، بلا مبرّر ولا أدنى سبب؛ ليحل قتل أبناء الشعب اليمني بضمير ميت، ويخوض الحرب بانعدام الرحمة من قلوبهم، إنها وسام الشهادة نعم، ولكن ما يؤلم أكثر أن المخلصين يتساقطون في الميادين الجهادية، والعدوّ لم يؤمن بعد أنه على مهب العاصفة التي ستجرفهم بدماء الشهادة، فكل روح تصعد إلى خالقها تغلي بعدها ألف روح للانتقام.
إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا والله على فراق شهدائنا لَمحزونون؛ ولكن نلتم ففزتم فهنيئاً لكم التضحية لأجل عرض ودين أُمَّـة، وهَـا هو عطاءكم قابله الله بعطاء عظيم، وليس هناك أعظم من أن تكونوا أحياء عند ربكم ترزقون، إنها العزة الأبدية والكرامة الكبيرة أن تكون بين يدي الله بذلك المقام الرفيع، والكمال الإنساني، العظيم أن تحب الله، ولكن الأعظم أن يحبك الله ويصطفيك، ويخلصك، ويطهرك؛ لتكون من أُولئك الأتقياء الأنقياء، مع الأنبياء في مكان واحد ورتبة واحدة في جنات عرضها السماوات والأرض أُعدت للمتقين.
شحرجة تملأ حناجرنا، وغصات تُخرج الدمع من أعيُننا؛ ولكن لنبتسم نتذكر أنهم شهداء فائزون بكل قطرة دمٍ تخرج منهم، لينالوا ما هو أعظم وهل هناك أكبر عظمةً من أن يحبك الله ويختارك أنت دون سواك، فما بال أُولئك القاعدون لا يفقهون كلاماً ولا يعلمون أن الموت حق.. إن شهداءَنا علموا أنه لا بُدَّ من الموت فاستثمروا موتهم بأن يكونوا أحياءً عند ربهم يرزقون.
إن الله سبحانه وتعالى منح الشهيد الحياة الأبدية منذ أن تفارق روحه جسده، والكثير من البشر لا زالوا يقدحون بحق أُولئك الأبطال العظماء، ويخوضون في كلام لا يرضي الله أبداً، وظنوا أنهم هم الفائزون بالحياة الدنيا، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور، وما عند الله خير وأبقى، وما يجب أن يحزننا حقاً، هي أنفسنا فنحن لا نعلم كيف سيكون المصير وما ستكون النتيجة؟!
بعتم والله اشترى فهنيئاً لكم بما اشترى الله منكم، وهنيئاً على الفوز المشرف في الدنيا والآخرة، نأمل أن نكون على الدرب، وأن نسلك ذلك المسار بكل ثبات، ونحظى بذلك البيع من الله، فبعطائكم نلتم العطاء المؤبد والحب السرمدي من الله، فمبارك لكل شهيد وطوبى لكم لم تكونوا طامعين بالحياة الدنيا، فلبيك يا شهيد وكل عضوٍ في الجسد ملبٍّ، وكل شريانٍ يهتف: لبيك، إنا مخلصون، ولاحقون.