استراتيجية الخداع عند العدو
موقع أنصار الله | من هدي القرآن |
وعندما يقول الله لك، ويقول لأوليائه أنه سينصرهم لا تستطيع أن تقول: [هذا وعد يوم كان الأعداء لا يمتلكون وسائل كهذه، يوم كانوا لا يمتلكون صواريخ، ولا طائرات ولا قنابل ذرية ولا، إلى آخره، أما الآن فهم قد أصبحوا كذا وكذا]! عُد إلى الله من هو الذي وعدك؟ إنه من يعلم ما سيصل إليه أعداؤك، هو من يعلم بكل ما سيحدث في هذه الدنيا، هو عالم الغيب والشهادة.
أتظن أنه أقسم ذلك اليوم ولم يعلم أنه سيكون هناك أعداء سيمتلكون قوة كهذه؟ إنه من أقسم لأوليائه في كل زمان، أمام أعدائه في كل زمان، وعلى الرغم مما يمتلكون أنه إذا ما انطلق أولياؤه لنصره فإنه سينصرهم كيف ما كان عدوهم. لكن الناس هم من يجب عليهم أن يتسببوا للنصر، ومن يعملون بكل وسيلة دون أن تستحكم قبضة عدوهم عليهم.
لقد ظهر في هذا الزمان أن من الأشياء التي تؤدي إلى استحكام قبضة الأعداء على الشعوب المسلمة هو: أن حكوماتهم تُخْدَع من قبل الآخرين فيخدعوننا هم، ونحن نتربّى على أن نقبل ما جاء من حكوماتنا، وقد يقول البعض: [الدولة هي المعنية بهذه القضية، وهي المسؤولة عن هذا الأمر، وهي التي تهتم بمصلحة الشعب] لكنهم أشخاص كمثلنا، يمكن أن يُخدع، يمكن أن يجهل أشياء كثيرة، يمكن أن يجهل مصلحة الشعب الحقيقية، يمكن أنه لا يعود إلى القرآن ليهتدي به، وليعرف من خلاله ما هو الموقف الصحيح الذي هو مصلحة لشعبه، فقد يُخدعون ونحن نُخدع، ثم سنكون الضحية نحن وهم.
لاحظ، قد يقولون للرئيس مثلًا: [نريد كذا و من أجل كذا ومن أجل أن نقف مع الحكومة في مساعدتها ضد الإرهابيين] لأنه حتى الحكومة هي تعاني من الإرهابيين كما يقول الرئيس: [وحتى نحن، نحن عانينا من الإرهاب كثيرًا] أليست هذه عبارة كان يقولها؟ [إذًا نحن سنساعدك يا حبيبنا] هكذا يقولون [سنساعدك ضد الإرهابيين الذين أزعجوك كثيرًا، والذين عانيت منهم كثيرًا] وقد يرى ذلك جميلًا منهم!.
ثم حينئذ يصنعون هم أحداثًا إرهابية في اليمن – وهذا متوقع – يصنعون هم أحداثًا إرهابية في اليمن قريبًا من مواقع مرتبطة بمصالحهم، أو منشآت تابعة لهم، أو يعملون أعمالًا تُرهب الدولة نفسها، ثم يقولون: [أرأيتم أنكم بحاجة إلينا، هاتوا كتائب أخرى]. فتسمع أنت أنه قد وصل مائتا جندي، وصل أربع مائة جندي، ثم ست مائة جندي وهكذا، ويظل الرئيس متشكرًا لهم ولدعمهم، ونحن نشكرهم أيضًا وأنهم يساعدوننا على مكافحة الإرهابيين.
الرئيس نفسه، الدولة نفسها تستطيع أن لا تتكلف شيئًا أمام أولئك الإرهابيين تترك الناس هم يتعاملون معهم فلا يحتاجون إلى أمريكا، ولا يحتاجون حتى إلى الجيش، ولا يحتاجون حتى إلى الدولة بكلها.
كنا نقول أمام الوهابيين من زمان: نريد من الدولة أن تتخلى عنا وعنهم على الرغم من ضعفنا، كان زمان قبل سنوات إذا ما حصل خصومة في مسجد بين وهابيين وزيود، كان يظهر من أقسام الشرطة، ومن القادة ومن الجنود ومن الدولة تعاطف مع الوهابيين ضدنا فيزجون بعالم من علمائنا، أو بمجاميع من شبابنا في السجون، وترى الوهابي أيضًا إذا ما سجن يخرج في اليوم الثاني، ترى الوهابي يستطيع أن يتصل مباشرة بـ(علي محسن) ويستطيع هو أن يتدخل في قضيته، وحصل مثل هذا في [رازح]، حصل خصومة في [شعاره] كان الوهابيون يستطيعون أن يتصلوا مباشرة بـ[علي محسن]، والزيود لا يستطيع أن يتجاوب معهم ولا المحافظ ولا مدير الناحية.
أوليسوا هم الذين يقولون عنهم الآن أنهم إرهابيون؟ كنا نقول: يكفينا أن تتخلوا عنا وعنهم، دعونا نتصارع نحن وهم إما أن يقهرونا أو نقهرهم، نحن في مواجهة دينية معهم، و هم من يعتدون علينا فدعونا نحن نقف في وجوههم لكنا كنا دائمًا كلما تحركنا ضدهم قالوا: إذًا معكم إمام.
في [المحابشة] كان القاضي صلاح ومجموعة من الشباب في مواجهة كلامية مع وهابيين قبل سنوات – قبل الوحدة- ثم يُتهم هذا الشخص بأنه يريد الإمامة، وأنه يريد أن يعمل إمامة! كانت الإمامة يواجهون الناس بها في كل موقف، هؤلاء الذين أنتم تقولون بأنهم إرهابيون ولم تتركونا نواجههم، وكنتم أنتم من تقفون معهم، وكنتم أنتم من تشجعونهم، هأنتم أيضًا تقبلون أن يدخل الأمريكيون اليمن بحجة مطاردتهم! نقول من جديد: دعوا الشعب هو يتعامل مع الإرهابيين الحقيقيين، هو الذي يستطيع أن يوقفهم عند حدهم.
وفعلًا لو كانوا يتركوننا من زمان لما استقوى الوهابيون، ثم لما تحولوا -كما يقال عنهم -إلى إرهابيين تصبح أعمالهم من وجهة نظر الدولة مبررًا لدخول الأمريكيين إلى بلادنا، أما كان هناك ما يغنينا عن هذا كله؟ لكننا دائمًا نُخدع، نحن، حكومات، وشعوب، مسئولون، ومواطنون نُخدع من قبل أعدائنا.
لنفترض أن يكون دخول الأمريكيين تحت مبرر مساعدة الدولة في مكافحة الإرهاب الذي سيقال لنا بأننا عانينا منه كثيرًا، فيتجمع الأجانب في بلدنا، وبلدنا موقعه مهم، وبلدنا لا تزال ثرواته مخزونة في باطن الأرض، هو لا يزال شعبًا بكرًا، وهذا هو ما اتُهمت به أمريكا أيضًا في محاولة دخولها إلى أفغانستان بأعداد كبيرة أنه بلد فيه كثير من الثروات التي لا تزال لم تُستغل بعد، وحينئذٍ سينهبون ثرواتنا، وحينئذٍ سيهينوننا، وحينئذٍ سيستذلوننا، وحينها ستصبح دولتنا أيضًا تحت رحمتهم، ويصبح علي عبد الله كعرفات أيضًا.
أو أن هذه أشياء افتراضية فقط ليس هناك شواهد عليها من الواقع؟ أليس السعوديون الآن يعجزون عن إخراج أمريكا من بلادهم، يوم دخلوا بحجة الحفاظ على أمن واستقرار المملكة في مواجهة العدو اللدود -كما يقال – العراق وصدام، وملأوا بلدان الخليج العربي، والسعودية بوجودهم، وتواجدهم العسكري وقواعدهم الكثيرة وقطعهم البحرية، تحت حجة حماية هذه الدول من الخطر العظيم ضدهم إيران! ثم عرفوا أخيرًا بأن إيران هي من يمكن أن تحميهم أما أولئك فهم كما قال الله عنهم: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ} (البقرة: من الآية100) هاهم الآن هل يستطيعون أن يخرجوهم من بلادهم، وإذا ما حاولوا أن يخرجوهم من بلادهم أليسوا سيضطرون إلى أعمال مرهقة، وأعمال منهكة، وأعمال ثقيلة؟
هم في البداية من شكروهم على دخولهم، وهم من سيبكون، من سيبكون لوجودهم داخل بلادهم، هكذا يخدعون الشعوب، وهكذا يخدعون الحكومات، ولقد أخبرنا الله كثيرًا عنهم بأنهم يخادعون، وأنهم يلبسون الحق بالباطل، فيقدم لك مَكره وعداءه وكيده ومؤامرته ضدك بصورة النصح، والحرص على المصلحة، والخدمة، والصداقة، لبس للحق بالباطل هم قديرون على صنعه، هم ماهرون في هذا من زمان.
ولنفترض أن الدولة عجزت في الأخير، حينئذٍ من سيكون الضحية؟ أليس هو الشعب؟ الشعب الذي خدع أيضًا وهو ينظر نظر دولته التي تٌخدَع أيضًا.
نقول لأنفسنا، ونقول للدولة، ونقول للكبار وللصغار: أن في كل ما نشاهد في البلاد العربية والإسلامية شواهد كثيرة يجب أن نأخذ منها العبرة، قبل أن نكون نحن عبرة للآخرين، يجب أن نأخذ منها ما يكشف لنا واقع أعداءنا. أو ليسوا يقولون الآن: أن أمريكا كشفت عن وجهها؟ هي تكشف عن وجهها ثم أنت من لا تزال قابلًا لأن تُخدع بها.
ثم إذا كان هناك مسؤول في الدولة هذه، أو في تلك الدولة، شأن الأمة العربية هو شأن واحد، إذا ما كان هناك مسؤول يرى نفسه مضطرًا فلا يحاول أن يفرض واقع ضعفه على شعبه، إذا كان يرى نفسه هو أنه مضطر وهو ينظر إلى مصالحه، ينظر إلى نفسه أنه قد ثقل بممتلكاته، بقصوره بأرصدته في البنوك، بعهود، بمواثيق بينه وبين أولئك، فيرى نفسه أنه مضطر إلى شيء من هذا، وهو يعرف في قرارة نفسه أن فيه ضررًا على شعبه فلا يحاول أن يفرض ضعفه على الآخرين.
نحن نقول: هذه حالة سيئة حتى عند من يحملون الدين، واسم الدين أنه إذا كنت تطلب العلم وأنت ترى نفسك أنك تحمل نفسية ضعيفة، لا تقـرب العلم، لا تتعلم لتصبح في نظر الآخرين رجل دين، وحامل علم يُقتَدَى به؛ إنك حينئذٍ من سيصبغ دينه بضعفه، من سينعكس ضعفه على مواقفه الدينية، لا يجوز هذا حتى في العمل لله.
الذين يحملون رسالات الله هم نوعية معينه من قال الله عنهم: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ} (الأحزاب: من الآية39). وكم عانت الأمة قديمًا وحديثًا ممن حملوا اسم الدين، وحملوا العلم علم الدين ولكنهم بأنفسهم الضعيفة انعكس ضعفهم كله على الدين فأضعفوا الدين في نظر الأمة، وأضعفوا الدين في واقع الحياة، وأضعفوا الأمة أيضًا بضعف نفوسهم، وكل ذلك بسبب ماذا؟ بسبب أن نفوسهم ضعيفة.
بل نحن نقول أحيانًا: أنه لا ينبغي لك أيضًا أن تجامع زوجتك في فترة يحتمل أن تحمل منك وأنت في حالة تحس بأن نفسيتك ضعيفة وهزيلة، ستنجب مولودًا ضعيفًا هزيلًا في روحيته ونفسيته وسينشأ نسخة منك، الضعف يترك أثره في كل شيء، والله أراد لأوليائه أن يكونوا أقوياء، حينئذٍ من تكون مواقفهم قوية من يكون أولادهم أقوياء، ينجبون أقوياء ويقفون مواقف قوية، ويقولون قول الأقوياء، ويتحركون بقوة في كل مواقعهم؛ لأنهم ماذا؟ لأنهم أولياء للقوي العزيز، وكيف يكون الضعيف وليًا للقوي، ويـبقى على ضعفه.
أوليس أي شخص منا إذا ما رأى نفسه أنه أصبح مقربًا عند شخص قوي، عند محافظ أو عند وزير أو عند رئيس أنه يرى نفسه قويًا؛ لأنه يرى نفسه ماذا؟ أنه أصبح وليًا مقربًا من رجل قوي.
الضعيف لا يصدق عليه بأنه من أولياء الله؛ لأن هذا هو شاهد من واقع الحياة، شاهد من واقع الحياة، لو كنت وليًا لله فإنك لا تضعف أبدًا؛ لأنك ولي للقوي العزيز، ولهذا قال في هذه الآية: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (الحج: من الآية40) وأنتم تسمون أنفسكم أولياء للقوي العزيز، وأنتم تستمدون قوتكم من القوي العزيز. فعندما تضعف فإنك فعلًا بعيد عن الله سبحانه وتعالى.
لاحظ نفسك وجرب نفسك أنك أنت من ضعفت وأنت تدعي أنك من أولياء الله لو جاء رئيس الجمهورية، لو جاء رئيس الوزراء، لو جاء حتى قائد أو محافظ محافظة يقول لك: نحن معك، و تحرك ولا تخف شيئًا نحن سنقف معك بكل ما نملك، ألست سترى نفسك حينئذٍ قويًا، وتنطلق بقوة وتتحدى الآخرين؛ لأنك هنا وثقت بشخص تراه قويًا، لو كانت ثقتك بالله على هذا النحو لكنت قويًا، وعندما تكون قويًا ستكون مواقفك قوية، سيكون قولك قويًا، ستكون رؤيتك قوية، سيكون تحركك كله مصبوغًا بالقوة، بل ستنجب أولادًا أقوياء؛ لأنك تحمل روحيةً قوية، تحمل نفسًا قوية.
أما الضعيف فإنه من يصبغ الحياة كلها بضعفه، ويصبح كل شيء تلمس فيه آثار ضعفه: منطقه ضعيف، مواقفه ضعيفة، إسهاماته ضعيفة، مشاركاته ضعيفة، وكلما يخرج منه ضعيف.
وحينما نُخدع، وتُخدع الدولة، ويُخدع الكبار كما خُدِع الآخرون سنرى أنفسنا في وضع محرج، سنرى أنفسنا في وضع محرج، وحينئذٍ نرى أنفسنا لا نستطيع أن نعمل شيئًا، وإذا ما أردنا أن نعمل شيئًا نكون قد كشفنا واقعنا للآخرين ضعافًا، ويكونون هم من رأوا أنفسهم بأنهم قد غزونا إلى عقر دورنا “وما غُزي قوم في عُقر ديارهم إلا ذلوا”. ما الذي يمكن أن يصنع الناس حينئذٍ؟ لا شيء، ثم من الذي يمكن أن يقف معك حينئذٍ؟ لا أحد.
إن المواقف هي من بداياتها، والناس يفهمون هذا، لو أننا نتصرف مع أعدائنا الكبار كما يتصرف الواحد منا مع عدوه من أسرته أو من أصحابه، ترى كيف التصرفات هنا تكون مبنية على المبادرة والحذر، والاحتمالات كلها لها أثرها، أليس الواحد منا إذا ما دخل في خصومة مع صاحبه يحاول أن يريه وجهه قويًا، وصفعته قوية من أول يوم؟ لماذا؟ قال: [لو أضعف أمامه ويرى أن كلامي رطيب، ويرى أنني هكذا أدَّاراه با يشتحنْ عليّ وما عاد يخاف مني من بعد] ما الناس يقولون هكذا؟ [فمن أول يوم أقلب وجهك له وخليه يراك قوي، وخليه يراك بأنه لا يمكن أن يقهرك].
أليس هذا هو التفكير الذي يحصل عند كل واحد منا في مواجهة خصمه على [مَشْرَب] أو على قطعة أرض أو على أي قضية من القضايا البسيطة؟ لكننا في مواجهة أعدائنا الكبار نقبل الاحتمالات،[عسى ما بَهْ خلة]. والتبريرات أيضًا نركن إليها؛ لأننا لا نحب أن نعمل شيئًا، والتبرير الذي يعزّز قعودي سيكون هو المقبول.
لكن لاحظ أنك ستصل إلى حالة تتحسر فيها، يصل الشعب إلى حالة يتحسر فيها، وحسرة النادم هي حسرة من ضيع نفسه، ضياعًا أصبح يرى نفسه أنه ليس بإمكانه أن يتلافى ما فرط.
لكن إذا ما انطلق الناس ليعملوا فكما قلت سابقًا: العمل هو الضمانة الحقيقية، هو الضمانة لأمن الناس، هو الضمانة لسلامة الناس. ولا أن يترك الناس أنفسهم حتى يصل الوضع إلى أن يصبحوا كالفلسطينيين يستجدون السلام من هنا وهنا، ثم يتأسفون أن العرب لم يعملوا شيئًا، وأمريكا تنكرت لهم، ألم يجدوا العالم كله تنكر لهم؟ ألم يجدوا أنفسهم في وضع لم يستطيعوا أن يؤمِّنوا أنفسهم، ولم يستطيعوا أن يحافظوا على دُوَيْلَة صغيرة كانوا قد فرحوا بها.
الناس سيصلون إلى أوضاع كهذه، تكون كلها حسرة، وسترى أنه لا أحد يقف معك، ثم ترى أنت أنك أصبحت لا تستطيع أن تقف مع أخيك، أن تقف معه بشكل مجاميع، أولسنا نرى الفلسطينيين الآن بشكل أفراد يتحرك فرد واحد فقط وبسرية بالغة من أجل أن يعمل عملًا ما، الناس ضيعوا الفرص التي هي مواتية لأن يتحركوا كمجاميع كبيرة حينها سيرون أنفسهم لا يستطيعون أن يتحركوا إلا أفرادًا قليلين، وبأعمال تبدوا منهكة بالنسبة لهم، وضعيفة النكاية في أعدائهم، هكذا يجب أن نحذر من الحسرة.
فالقرآن الكريم رَبَّانا على أن لا نكون من أولئك الذين يسمحون لأنفسهم وهم يفرطون ويتوانون أن يكونوا من يقولون: [لو أن لنا، لو أن لنا] ألم يأتِ هذا في القرآن الكريم يتحدث عن مواقف المتحسرين النادمين؟ وحتى قد يصل لديهم وعي على درجة عالية {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} (السجدة: من الآية12) حينها حتى الوعي العالي لا ينفع، تصبح وضعيتك لا يمكن أن تعمل فيها شيئًا.
فرعون ألم يؤمن؟ لكنه آمن في عمق البحر داخل أمواج البحر المظلمة، ألم يحصل لديه وعي عالي {آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ} (يونس: من الآية90) ألم يقل هكذا؟ وعي حصل لديه وإيمان حصل لديه لكنه في غير وقته. هكذا القرآن الكريم يعلمنا أنه من يضيع العمل في وقته، أنه من لا يَعِيَ في الوقت الذي ينفع فيه الوعي، أنه من لا يفهم في الوقت الذي يُجْدِي فيه الفهم سيصل به الحال إلى أن يرى نفسه يَعِي، ويُؤمن، ويفهم في الوقت الذي لا ينفع فيه شيءٌ، لا إيمانه، ولا وعيه، ولا فهمه.
يجب أن نفهم الأمور، وأن نقول لكل شخص يريد أن يقول [اسكتوا]: هذه الشواهد من داخل بلادنا، ومن خارجها ماثلة أمامكم يا من يقولون: [اسكتوا] إن واجبكم أن تنطلقوا أنتم، إن واجب الناس الآن هو أن يتحركوا وأن لا يخدعوا.
وأكرر أن لا يصبح الناس كثيري التحليلات، التحليلات يجب أن نتركها، تحليل واحد فقط هو: أن الأمريكيين دخلوا بلادنا من الذي سمح لهم، وأننا نرفض أن يدخلوا، وأننا سنقاوم وجودهم هنا، يجب أن نقول هذا، وهذا هو التحليل الصحيح.
وكل تبرير لوجودهم مرفوض سواء يأتي من عالم، أو من رئيس، أو من قائد، أو من كبير أو من صغير؛ لأن الله تعالى علمنا في القرآن الكريم كل شيء، وهو من يعلم السر في السماوات والأرض وهو العليم بذات الصدور، أما هؤلاء فإنهم من يُخدعون دائمًا، هم من يُخدعون دائمًا، فنحن لا يجوز أن نُخدع، ولا أن نكون أبواق دعاية لتبريرات تنطلق منهم فيقول واحد منا: [ما سمعت التلفزيون أمس، ما رأيت الأمريكيين أمس وهم مشاركين مع جنود يمنيين اقتحموا بيت فلان، وهابي ملعون]. قد نقول هكذا ونفرح، [شفت أنهم جاءوا يساعدونا].
كل عمل يبرر تواجدهم كن أنت من يقف ضده، كن أنت من يفضحه أمام الناس، كن أنت من يقول أنه خداع.
هذا هو الكلام الذي أريد أن أقوله في هذه الليلة باعتبار أننا سمعنا – كما يقول بعض الإخوان – من إذاعة إيران، وإيران فعلًا لا تنشر خبرًا على هذا النحو إلا ولديها مصادر تؤكد لها هذا، وأن هذا هو المحتمل أيضًا.
وربما أن اليهود أيضًا – والله أعلم – قد يكون لديهم أشياء أخرى، أمارات أخرى في هذا الزمن بالذات يركزون فيما يتعلق بالشيعة، ويركزون أيضًا على ما يتعلق بالحرمين الشريفين، قد يكون لديهم ملاحم، أو لديهم أخبار أو أشياء من هذه، يعني يتصرفون كتصرف فرعون، يحاولون أن يحولوا دون ما يريد الله أن ينفذ {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ} (يوسف: من الآية21).
كان تحركهم في هذه المرحلة، ومن قبل فترة كنا نعتقد أنه تحرك يوحي بأنهم يعرفون، كما كان تحرك أولئك اليهود الذين عرفوا أن محمدًا سيُبعث في حينه، وصرخوا في مكة، وصرخوا في المدينة بعضهم قالوا: [طلع نجم محمد] هكذا، (صلوات الله عليه وعلى آله). هم من عرفوا بأنه سيبعث، وأحد علمائهم قال لسلمان الفارسي: إنه قد أظلك زمان نبي سيبعث، وأعطاه علاماته.
هم من يعرفون ربما أن الأمة أصبحت في وضعية يمكن أن تشكل خطورة عليهم، وأن الشيعة هم من يشكلون خطورة بالغة عليهم، فهم من يسارعون كما سارع فرعون لكن الله سبحانه وتعالى هـو الذي قال عن نفسه: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ}. ويجب أن نثق بهذا أن الله الذي نريد أن نصدق معه بأن نجعله ولينا، وأن نتولاه، وأن نكون من أوليائه هو القوي العزيز، وهو الغالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يصرف عنا كيد أعداءنا وأن يزيدنا قوة وإيمانًا كلما ازداد أعداؤنا مكرًا وكيدًا وإرهابًا، إنه على كل شيء قدير.
والسلام عليكم ورحمة الله
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن
خطر دخول أمريكا اليمن
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ: 3/2/2002م
اليمن – صعدة