مخاطر السخرية والاستهزاء والاحتقار

 

الظلم بالكلام يشمل أشياء كثيرة، منها السخرية في الكلام، سواءً تسخر من شخص معين، أو تسخر من قومٍ معينين، من قبيلة معينة، من مجتمع معين، من أهل منطقة معينة، السخرية في الكلام هي ظلم، وهي إساءة، وهي من العوامل التي تفكك المجتمع، لأن المفترض من المجتمع والمطلوب منه: أن يكون مجتمعاً متآخياً بالأخوة الإيمانية، متعاوناً على البر والتقوى، معتصماً بحبل الله جميعاً، متوحداً في موقف الحق، متحركاً في إطار مسؤولياته الجماعية الكبرى: من جهادٍ في سبيل الله، من إنفاقٍ في سبيل الله، من إقامةٍ للحق، من دفعٍ للظلم… هذا المجتمع عندما تأتي بما يفرقه، بما ينشر بينه العداوة والبغضاء، بما يفككه، وبدلاً عن الاحترام تأتي السخرية، والاستهزاء، والاستهتار، والاحتقار، وتبادل الكلمات المسيئة؛ هذا حرامٌ، وهذا ظلمٌ، وهذا جرمٌ، وهذا إثمٌ؛ لأن العمل بهذه الطريقة هو مما يزرع بين الناس- في نهاية المطاف- العداوة والبغضاء والكراهية.

والمطلوب في حالتنا الإسلامية، وفي القيم الإسلامية والتعليمات من الله -سبحانه وتعالى-، أن يكون المجتمع متآلفاً، متآخياً، متعاوناً، متواداً، متحاباً، متراحماً، متعاوناً على البر والتقوى، لا يأتي ما يفرقه، إذا أتى ما يفرقه يضعفه، ويحول دون اجتماعه للقيام بمسؤولياته الجماعية، هناك مسؤوليات جماعية على المجتمع كمجتمع، على المؤمنين كمؤمنين، مسؤوليات جماعية: الأمر بالمعروف والنهي على المنكر مسؤولية جماعية، الجهاد في سبيل الله مسؤولية جماعية، التعاون على البر والتقوى مسؤولية جماعية، دفع الظلم والفساد مسؤولية جماعية؛ فالمجتمع بحاجة إلى أن تسوده الألفة، والأخوة، والمحبة، والتراحم، والتعاطف، والتعاون، والتفاهم، والسائد في التعامل فيما بين الناس والكلام فيما بينهم يكون هو الاحترام المتبادل، الاحترام المتبادل في الكلمات التي تعبر عن هذا الاحترام.

بينما السخرية هي عكس الاحترام، هي استهتار، واحتقار، واستهزاء، ولها نتائج سيئة، وهي مستفزة، إذا وجَّه الإنسان كلمات السخرية إلى شخص آخر هو يستفزه، ويسيء إليه، ويظلمه، إذا وجه كلمات السخرية والاستهزاء إلى قبيلة معينة، أو مجتمع معين، أو قرية معينة، هو يستفزهم، يجرح مشاعرهم، وهو يؤثر على مستوى الألفة والأخوة والتعاون، وهو يظلم.

لا تجوز السخرية، ولا يجوز الاحتقار، لا يجوز الاحتقار لأي إنسان، أي إنسانٍ مسلم، لا يجوز الاحتقار له لا بنسبه، ولا بمنطقته، ولا بقريته، ولا بطريقة معيشته في الحياة… ولا بأي شكلٍ من الأشكال.

الاحتقار يوجه إلى الظالمين، إلى المجرمين، إلى الطغاة، إلى المفسدين الذين يبغون في الأرض بغير الحق، يوجه لهم الاحتقار، توجه إليهم الكلمات القاسية؛ أما إنسان فيظل المجتمع المسلم والمؤمن لا يجوز أن يُوجه إليه كلمات فيها احتقار، أو إساءة، أو سخرية، أو استهزاء به؛ هذا من الظلم، هذا من الإثم، هذا من الجرم، هذا من المعصية.

 

السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي

المحاضرة الرمضانية السابعة عشر 1441هـ

 

قد يعجبك ايضا