الرسالة الإلهية هي المنقذ الوحيد للبشرية
ورسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله: عندما بعثه الله بالرسالة، وتحرَّك بها، وبلَّغ هذا الكتاب، أوصله إلى الناس، وأنذر به الناس، وبشَّر به المتقين، عندما بُعِثَ بُعِثَ والبشرية في جاهليةٍ جهلاء، الحالة السائدة في الواقع البشري هي الجاهلية، هي حالة القطيعة مع التعليمات الإلهية، الابتعاد عن النور الإلهي، هي الحالة التي سادت فيها في واقع البشر الظلمات بكل ما تعنيه الكلمة: الأفكار الظلامية، السلوكيات الظلامية، المناهج الظلامية، الاتجاهات الظلامية؛ فكانت النتيجة أن يمتلئ الواقع البشري بحالة رهيبة جدًّا من التظالم، من الفساد، من المنكرات، أن تنحط البشرية عن مقام السمو الإنساني، أن تنتشر المنكرات،
أن تغيب الأخلاق، أن تعيش البشرية في حالةٍ من التخبط، لا تنتظم وفق المنهج الإلهي والتعليمات الإلهية، والحالة التي تنفصل فيها البشرية وتكون على قطيعة مع التعليمات الإلهية، مع النور الإلهي، هي حالةٌ توصف بأنها جاهلية، جاهلية، والبشر فيها يعيشون واقعاً ظلامياً بكل ما تعنيه الكلمة؛ ينتج عن ذلك الكثير من المشاكل والأزمات والفتن والمحن، وينشأ عن ذلك الحال الذي يصفه القرآن الكريم بالشقاء، مستوى الأزمات، مستوى المعاناة، مستوى المشاكل تحوِّل حياة البشرية إلى جحيم، إلى شقاء، إلى معاناة رهيبة، وتتفاقم المشاكل، وينمو الضلال، ويتزايد الباطل، ويكثر الظلم، وتزداد المعاناة.
ولذلك عندما تحرَّك رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- برسالة الله -سبحانه وتعالى- داعياً إلى الله -سبحانه وتعالى– الرسالة الإلهية التي هي منهجٌ متكامل، ومنهجٌ شامل- أحدث تغييراً كبيراً وعظيماً في واقع الحياة، وامتد هذا الأثر إلى واقع حياة الناس؛ لأن الإنسان إذا صلح في نفسه، إذا زكى في نفسه، إذا اهتدى في مسيرة حياته، وتحرَّك بناءً على التعليمات الإلهية، إذا استبصر بنور الله -سبحانه وتعالى- إذا حمل المفاهيم الصحيحة، وأصبح حكيماً بالتوجيهات الحكيمة من الله -سبحانه وتعالى-؛ تصلح حياته، الدين هو لصلاح الحياة، الرسالة الإلهية هي لإنقاذ البشر في حياتهم في الدنيا أولاً، ولضمان مستقبلهم الأبدي في الآخرة، للوصول إلى الجنة، والسلامة من عذاب الله، والفوز برضوان الله، وما وعد به الله -سبحانه وتعالى-.
إنَّ الواقع البشري اليوم في الساحة العالمية بكلها مليءٌ بالمشاكل، مليءٌ بالأزمات، ومليءٌ بالمعاناة، وحتى البلدان التي لديها إمكانات مادية كبيرة ولا تعيش المشاكل المادية، هي تعيش مشاكل من نوعٍ آخر، وأزمات من نوعٍ آخر، وأزمات كبيرة تصل بها إلى حالة الشقاء بكل ما تعنيه الكلمة، في الغرب مشاكل اجتماعية كبيرة نتيجة الإفلاس الأخلاقي، ونتيجة الخواء الروحي، ونتيجة الطغيان المادي، تدفع بالكثير إلى الانتحار، تجعل الكثير من الناس لا يعيشون حالة الرضا عن حياتهم ولا عن واقعهم، إنهم يشعرون بالعبثية، باللا هدف،
بالضياع، وفي نفس الوقت ينعدم الإحساس بالكرامة التي أرادها الله لهذا الإنسان، للكائن البشري، وفي كثيرٍ من بلدان أوروبا تصل نسبة الانتحار بين أوساط الشباب إلى نسب عالية ومتقدمة وكبيرة ومفجعة، وحالة الشعور بالضياع هي حالة سائدة في المجتمعات الغربية، والمشاكل والأزمات الاجتماعية والتفكك الأسري من أكبر المشاكل التي يعانون منها، ونسبة انتشار الجريمة بكل أشكالها وأنواعها هو بمعدلات كبيرة جدًّا، وبأرقام تحسب في أمريكا- نفسها- بالدقيقة، يحصل في كل دقيقة كذا وكذا نسبةً أو عدداً من الجرائم، فهل هي إلا حالة شقاء، هل هي إلا حالة شقاء! معدلات الجريمة، الشعور بالضياع، نسبة الأزمات والمشاكل الاجتماعية، كم من المشاكل التي يعانون منها.
السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي
كلمة السيد خلال فعالية للجامعات اليمنية بمناسبة المولد النبوي الشريف 1441هـ