المواقف الأممية تثبت علو كعب صفقات السلاح على قضايا انتهاكات حقوق الإنسان

|| صحافة ||

يتواصَلُ التواطؤ الأممي بتغافُلِ منظمتها “الأمم المتحدة” عن جرائم العدوان الأمريكي السعوديّ في اليمن وانتهاكات في حق الإنسان اليمني المُستمرّة على مرأى ومسمع الجميع للعام السابع على التوالي، مخلِّفةً أسوأ أزمة إنسانية على مستوى العالم حسب تقارير مجلس حقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمم المتحدة.

ففي أكثر من تقرير صدر عن الأمم المتحدة نفسها وفريق خبرائها الدوليين أكّـدوا أن اليمن يعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم هي نفسها اليوم تعود بقرار إنهاء تفويض فريق الخبراء الدوليين للتحقيق في جرائم العدوان الأمريكي السعوديّ وانتهاكات حقوق الإنسان في اليمن لتنجح مساعي تحالف الشر برئاسة أمريكا وإسرائيل وحتى الذيل مملكة آل سعود ودويلة الإمارات ومرتزِقتهم، وبكل الوسائل الممكنة التي نهج عليها فتارة بالترغيب وتارة بالترغيب، وُصُـولاً إلى الإقصاء ورفض التمديد؛ وذلك لمنحِهم صَكَّ غفران للإفلات من المساءلة والعقاب بعد كُـلّ جرائم الحرب التي ارتكبها تحالف العدوان وانتهاكه القانون الدولي الإنساني في اليمن.

ويأتي قرارُ الأمم المتحدة عبرَ مجلسها “مجلس حقوق الإنسان” وقف مهمّة فريق الخبراء الدوليين في اليمن ليكشفَ حقيقة مصداقية المجتمع الدولي، ويغرق منظمته “المدعوة” مجدّدًا في الرمال اليمنية، الذي يؤكّـد مرة أُخرى على خذلان الشعب اليمني بالصمت مرة وبالتواطؤ أُخرى.

رد رسمي:

وفي ضوء قرار «مجلس حقوق الإنسان» إنهاءَ تفويض محقّقيه في اليمن، استنكرت العديد من الوزارات المختلفة في الدولة والمؤسّسات الرسمية ذات الصلة، حَيثُ أكّـد رئيس حكومة الإنقاذ، الدكتور عبد العزيز بن حبتور، في وقت سابق أن الأمم المتحدة لم تكن إلا منفذة لأجندة الدول الكبرى، وطمس جرائم تحالف السعوديّة في اليمن العلنية والتي توصلت إليها لجنة الخبراء، لافتاً أن في موقف روسيا والصين وتصويتهما ضد استمرار مهامِّ التحقيق بجرائم الحرب في اليمن ما يشيرُ إلى علوِّ كَعْبِ صفقات الأسلحة على دماء وحقوق الإنسان.

من جهتها أشَارَت وزارة الخارجية إلى أن هذا القرار وصمة عار لمجلس حقوق الإنسان، واستخفافٌ بالقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، وتقويضٌ للمساعي الرامية إلى إحلال السلام في اليمن، ويمثل الضوء الأخضر لدول العدوان للاستمرار في ارتكاب جرائمها بحق اليمن أرضاً وإنساناً دون مساءلة أَو عقاب، معبِّرة خلال بيان أصدرته عن تقدير حكومة الإنقاذ لمواقف الدول التي صوَّتت لصالح مشروع قرار التمديد لولاية فريق الخبراء، وخيبة أملها من الدول التي لم تؤيده خَاصَّة وأنها تدرك أن فريق الخبراء هو الآلية الدولية الوحيدة التي تحقّق في انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن.

في السياق، توعّدت وزارة حقوق الإنسان بملاحقة السعوديّة والإمارات وبريطانيا والولايات المتحدة وكل الأطراف الذين «ارتكبوا أَو ساهموا في قتل الشعب اليمني ولو بعد حين»، فيما كشفت عن إسهام قطر إلى جانب السعوديّة في إنهاء عمل لجنة الخبراء، معبرة خلال بيان أصدرته عن أسفها الشديد للتعامل المتخاذل مع فريق الخبراء الدوليين الذي شكله المجلس وعدم اضطلاع الفريق بمسؤولياته بشكل كامل، ورضوخه في أحيان كثيرة لضغوطات دول تحالف العدوان على الشعب اليمني.

حملة من الضغوطات.. الأمم المتحدة لا تسمع أنين المقتولين:

وبين مؤيد ومعارض انضمت الصين وروسيا إلى جانب الدول العربية ومجموعة دول أُخرى مؤيدة لقرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ورافضة لتمديد مهمّة فريق الخبراء في اليمن، بعد إلغاء مشروع قرار تقدمت به هولندا إلى المجلس لتمديد مهمّة فريق الخبراء الدوليين لعامَين إضافيين نتيجة حملة الضغوط المكثّـفة التي تصدرها مملكة آل سلول في «مجلس حقوق الإنسان» التابع للأمم المتحدة، على مدى أسابيع.

وأدى قرار إلغاء مشروع التمديد الذي تقدمت به هولندا ورفض الأمم المتحدة من خلال مجلس حقوق الإنسان التابع لها تجديد ولاية فريق الخبراء الدوليين بشأن التحقيقات وانتهاكات حقوق الإنسان في اليمن إثارة استياء عارم في الأوساط الحقوقية اليمنية والدولية.

قرارٌ لم يستبعدْه الكثيرُ من الحقوقيين والناشطين والكُتاب؛ كون منظومة الأمم المتحدة بكل مؤسّسات وهيئاتها المختلفة تجسد في الأخير مصالح الدول العظمى، وبالتالي هي نفسها أي الأمم المتحدة بعيدةٌ عن الأهداف التي أُسِّست مِن أجلِها ومُجَـرّد شعارات رنانة وسياسة ذر الرماد في العيون.

ويقول الناشط الحقوقي المحامي طه أبو طالب: إن قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي صدر بأغلبية التصويت برفض تجديد ولاية فريق الخبراء البارزين المعني في اليمن لم يكن مستبعَداً ولكنه صادم.

ويضيف: وليس هذا المجلس فقط الذي يخضعُ في حقيقة توجُّـهاته وقراراته للمعايير السياسية ومصالح الدول، فالأمم المتحدة بجميع أجهزتها وهيئاتها في حقيقة الأمر تخضع لهيمنة ومصالح الدول الكبرى بعيدًا عن اتّفاقيات إنشائها وأنظمتها والشعارات التي تطلقها وتنادي بها.

سقوط مخزٍ:

ويؤكّـد أبو طالب أن هذه الحقيقة المؤسفة والتي غابت لعقود من الزمن عن الكثير حول العالم كشفتها وفضحتها الحرب العدوانية على اليمن منذ أكثر من 7 سنوات، وخلالها كُشف للعالم زيفُ قناع حقيقة هذه المنظومة والتي تعمل بعيدًا عن الشعارات التي تطلقها والأهداف التي أنشئت لأجلها.

ويقول أبو طالب: “إن قرار مجلس حقوق الإنسان لم يكن مستبعَداً أَو مفاجِئاً للكثيرين الذين أظهرت لهم الحرب العدوانية على اليمن حقيقة الأمم المتحدة، ولكنه مثل صدمة للكثيرين حتى لأدوات ومرتزِقة دول تحالف العدوان ومؤيدوها؛ وذلك لأَنَّ هذا القرار عبّر عن مدى السقوط المخزي والفظيع والانحطاط القيمي والأخلاقي الذي بلغته منظومة الأمم ومجلس حقوق الإنسان المعني بحمايتها”.

وينوّه إلى أن فريق الخبراء الذي تم رفض تمديد ولايته ليس له أية أهميّة أَو تأثير في حماية وتعزيز حقوق الإنسان باليمن؛ باعتبَار أن ولايته محصورةٌ في توثيق واستقصاء ارتكاب أية جرائم قد ارتكبت جراء العدوان على اليمن وكل ما يستطيع القيام به هذا الفريق هو إصدار تقارير بتوصيات غير ملزمة، مؤكّـداً أن عمل فريق الخبراء لم يرق إلى مستوى حماية الأبرياء اليمنيين، وردع تحالف العدوان وأدواته.

ويؤكّـد أن “هذه النتيجة تم التوصل إليها من خلال مواقف منظومة الأمم وقراراتها وتحَرّكاتها طوال فترة العدوان على اليمن والتي من فضائحها قيام الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بإزالة السعوديّة من قائمة العار لمنتهكي حقوق الطفولة وصرح للعالم حينها أن ذلك جاء نتيجة لضغط السعوديّة وتهديدها بقطع تمويلها للأمم المتحدة ولا زالت هذه الفضيحة وصمة عار في جبين الإنسانية الدولية ودليل على أكذوبة حماية حقوق الإنسان العالمية”.

ويختتم أبو طالب كلامه بالقول: إن “قرار مجلس حقوق الإنسان هذا قد قطع الشك باليقين لدى جميع الشعب اليمني بمختلف فئاته بعدم الركون والاعتماد على الأمم المتحدة أَو غيرها في وقف مظلوميته والانتصاف له أَو حتى الثقة بشعاراتها المنمقة وزعمها الحرص على تحقيق السلام في اليمن”، مؤكّـداً أن على أحرار اليمن مسؤوليةَ رفعِ الظلم عن أنفسهم بأنفسهم وينتصفوا لمظلوميتهم بأيديهم، وهذا حق كفلته الشرائع والدساتير والقوانين والفطرة الإنسانية.

محاولة فاشلة لمحو آثار الجرائم من أيادي المجرمين:

من جانبه، يشير الكاتب والمحلل الصحفي أنس القاضي، إلى أن الطرف الوطني له ملاحظاتٌ على تقارير لجنة الخبراء، إلا أن هذه الفريقَ هو الوحيدُ الذي لتقاريره صبغة رسمية في أروقة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي؛ باعتبَاره فريقاً تابعاً للأمم المتحدة، وليس تابعاً لطرف القوى الوطنية في صنعاء أَو طرف تحالف العدوان.

ويوضح القاضي في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن “هذا الوضع القانوني المميز لفريق لجنة الخبراء جعله عُرضةً للضغوط السعوديّة الأمريكية، فرغم أن تقاريرَه تذكر القوى الوطنية وتتهمها بانتهاكات حقوق الإنسان وتعتمد على مصادرَ إعلاميةٍ لا ميدانية إلا أن تقارير هذا الفريق تذكر بصورة واضحة جرائم كُـلّ من السعوديّة والإمارات وتذكر اسم محمد بن سلمان ومحمد بن زايد، وهذا هو سبب رفض التمديد له”.

ويؤكّـد أن رفضَ التمديد له هو نتاجُ ضغطِ تحالف العدوان، وبصورة مباشرة ضغطِ كُـلٍّ من القادة السعوديّة والإماراتية، التي تلطخت أيديها بالدم اليمني، فرغم أمريكية العدوان إلا أن الأدوات المباشرة لأمريكا والأطراف التي تتحمل المسؤولية الجنائية والقانونية على الجرائم في اليمن هي كُـلٌّ من الإمارات والسعوديّة ومحمد بن زايد ومحمد بن سلمان.

 

صحيفة المسيرة

 

قد يعجبك ايضا