مأرب .. انتصار وحرية واستعادة تاريخ
دينا الرميمة
على قدمٍ وساقٍ تمضي الأرض اليمنية الواقعة قسراً تحت سيطرة الاحتلال في العودة إلى حضن الوطن بعد تجربة مضنية مع المحتلّ كان ثمنها باهظاً من حريتها وأمنها والكثير من أبنائها الذين ذهبت أرواحهم فداءً للمحتلّ، لكن ومع انكشاف حقيقته المغلفة بوعود زائفة ظاهرها التحرير والبناء والتطوير وباطنها نوايا سيئة واستعمارية لليمن واليمنيين.
ها هم أبناء هذه المدن والمناطق وبكل جدية يداً بيد مع رجال الجيش واللجان الشعبيّة يسعون لتطهير أنفسهم من رجس التبعية وكتكفير عن ذنوبهم بحق اليمن نراهم يسابقون الزمن لخلع ثوب الارتهان عن مدنهم، ثوب ألبسها إياه بعض أبنائها المرتزِقة ممن باعوا كرامتهم ووطنهم في سوق الارتزاق الرخيص، رغبة في زيادة أرصدتهم البنكية وطمعاً في مناصب الحكم والدولة.
تناسى هؤلاء بأن المحتلّ لن يأتي حاملاً بيده شتلة الحرية ليغرسها في الأرض المغتصبة وأن كُـلّ ما سيأتي به هو قدره اللعين على هذه المدن، سيأتي حاملاً معه الموت والإذلال وكل ما من شأنه أن يمكنه من الحكم والسيادة!
كانت مأرب هي أحد المدن اليمنية التي أصابتها لعنة الاحتلال، مع بداية عاصفة العدوان على اليمن، وكانت هي وجهتهم الأولى؛ كونها مدينة نفطية وغازية ولها موقعها الجغرافي الهام الرابط بين الشمال والجنوب، ومنها اتخذ قاعدة عسكرية ينفذ كُـلّ خططه الاستعمارية وهجماته العسكرية على بقية المدن اليمنية بعد أن استحدث فيها معسكرات ضخمة لتجنيد المرتزِقة من اليمن ومن اشتراهم من بقية دول العالم، وأصبحت ثرواتها النفطية بيد الخونة من حزب الإصلاح الذين فتحوا أبواب مأرب للغزاة وجعلوها مكباً لنفايات اليمن وخونتها بما فيهم القاعدة وداعش الذين انضموا للقتال في صفهم ومولوهم بمختلف الأسلحة لتنفيذ عمليات إرهابية في حق الشعب اليمني الذي استطاع أن يكشف للعالم حقيقة أمريكا الزاعمة أنها تحارب الإرهاب بينما هي من صنعته ومولته وأطلقته كوحش كاسر في وجه الأُمَّــة الإسلامية والإسلام!!
وبعد صبر استراتيجي للقيادة السياسية وَلرجال الجيش اليمني وحرصاً على عدم تعريض أبناء مأرب ونفطها لغضب العدوان الذي لن يتورع عن قصفهم وقصف محطات ومواقع النفط والغاز، ظلت مأرب بعيدة عن علميات الجيش في محاولة لتحريرها دون قتال وللدخول مع أبنائها في مفاوضات تحرّر مأرب وتمكّنهم من البقاء فيها كرماء أعزاء وتخلصها وتخلصهم من عبث المحتلّ، لكن بعض المتنفذين فيها أبوا إلا أن يكونوا عبيداً تحت رحمة السعوديّ والإماراتي رافضين العودة إلى صف الوطن، فما كان على الجيش اليمني إلَّا شد رحالهم نحو مدينة مأرب منفذين وعدهم لشعبهم بتحرير كُـلّ شبر من أرض اليمن.
في أحد بياناته الصحفية قال العميد يحي سريع: إنه ومع إحيَاء اليمنيين الذكرى الخامسة لثورة الواحد والعشرين من سبتمبر كان رجال الله يعقدون بيعتهم مع ربهم لتحرير مأرب وتطهيرها من دنس الغزاة والمحتلّين والمتاجرين بدماء اليمنيين باسم الدين والشريعة، ومع انطلاق أولى خطواتهم لمأرب بدأت حفلات البكاء لأمريكا ودول العدوان للمطالبة بإيقاف عملية التحرير، متخذين من النازحين والإنسانية ذريعة لحملتهم ضد تحرير مأرب، تناسى هؤلاء أنهم من تسببوا في صناعة المأساة بكافة أشكالها في كُـلّ اليمن!! وأن ما وراء نحيبهم وبكائهم ليس إلَّا تخوفٌ من هزيمة وشيكة تكاد تفقدهم كُـلّ أحلامهم في اليمن، خَاصَّة وهم يرون المدن تتساقط من أيديهم واحدة تلو الأُخرى بعد أن سئمت قذارة المحتلّ كمدينة البيضاء التي هي الأُخرى كانت على موعد مع التحرير والخلاص من عبء داعش والقاعدة الثقيل الجاثم على صدور أبنائها لأكثر من عشرين سنة!! وبدءًا من عملية النصر المبين بمرحلتيها الأولى والثانية وَالتي جاءت بعد تحرير مدينة قيفة ويكلا إلى البأس الشديد وإعلان فجر الحرية وليس انتهاءً بربيع النصر.
خلال هذه العمليات تحرّرت البيضاء بالكامل وأصبح رجال اليمن ببأسهم الشديد على مشارف مدينة مأرب، أضف إلى تحرير مديريات بيحان وَعسيلان والعين في شبوة إلى حريب مأرب والعبدية القلعة التي لطالما تغنى بها المرتزِقة (يا العبدية يا قلعة الشدادي) مسقط رأس قائدهم الهالك الشدادي، مطلقين له العهود بأنها لن تسقط من أيديهم لكنهم جهلوا معنى غضب الأرض عندما تثور على العابثين بها وبحريتها فلن يوقفها شيء لمعانقة حريتها ورغماً عن أنوفهم ورغماً عن حملاتهم الزائفة حول حصار العبدية تحرّرت وكانت على موعد للقاء مديريتي الجوبة وجبل مراد اللتان هما أَيْـضاً بكل شغف عادتا إلى حضن اليمن!!ملحقة هزيمة بالمرتزِقة وأربابهم ما جعلهم يتبادلون الاتّهامات بالخيانة والخذلان في مراسيم عزاء ضخمة على قنواتهم الإعلامية.
اليوم وبعد تحرير اثنتي عشرة مديرية من أصل أربع عشرة مديرية تابعة لمحافظة مأرب تكون مدينة مأرب بين خيارين إما العودة إلى يمنيتها دون قتال والقبول بمبادرة السيد القائد وإلا فعليهم أن يحصدوا تبعات ما سيجري من غضب الأرض الملتهبة شوقاً لتحرير نفسها من الاحتلال والارتزاق!! وعناق أبناء الجيش اليمني بحفاوة استقبال أبناء العبدية وعسيلان، وبترحيب حريب وبيحان الأراضي التي ملت كُـلّ أكاذيب ووعود المحتلّ حول استعادة شرعية كانت سبباً في قتل وحصار شعب بأكمله وتشريدهم وجعلهم هدفاً مستباحاً للعدو والموت يتلذذ بقتلهم ويضمر في خلجاته الكثير من الحقد والكراهية لشعب عرف منذ القدم بأنه شعب يأبى الذل ويعشق الحرية على أرضه التي لطالما كانت عصية على كُـلّ محتلّ.