إصرار أمريكي على التصعيد: العدوان مستمر حتى آخر “ريال” سعودي!
|| صحافة ||
جدّدت الولاياتُ المتحدةُ الأمريكيةُ تأكيدَ إصرارها على مواصَلةِ العدوان والحصار والتمسك بخيار الحرب، من خلال إبرام صفقة عسكرية جديدة مع النظام السعوديّ، والتلويحِ بفرض “عقوبات” إضافية على صنعاء، الأمر الذي يبرهن مجدّدًا على زيف كُـلّ دعايات ومزاعم “السلام” التي يرفعها البيت الأبيض، كما يثبت إفلاس دول العدوان ورعاتها، وصوابية الموقف السياسي والعسكري لصنعاء.
وفي خطوةٍ تنسِفُ وبشكل فاضح إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن، عن “وقف الدعم العسكري للسعوديّة”، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، قبلَ أَيَّـام، إقرارَ أول صفقة أسلحة كبرى للرياض، تتضمن صواريخ جو – جو، وقاذفات صواريخ ومعدات أُخرى، بقيمة 650 مليون دولار.
ويأتي ذلك بعدَ أسابيعَ قليلةٍ من إعلان الإدارة الأمريكية عن إقرار صفقة دعم عسكري للسعوديّة بقيمة 500 مليون دولار، وهي صفقة قالت صحيفة “الغارديان” البريطانية إنها تناقِضُ بوضوح تعهدات بايدن، وتفضح خدعة التفريق بين “الدعم الهجومي والدفاعي” التي استخدمها البيت الأبيض “لخلق فسحة لاستمرار التعاون العسكري” والتهرب من المسؤولية المباشرة عن استمرار الهجمات العدوانية على اليمن.
وجاءت هذه الخطوة تزامناً مع تهديدات جديدة أطلقها البيت الأبيض على لسان مبعوثه إلى اليمن، تيم ليندركينغ، الذي قال لصحيفة الشرق الأوسط إن بلاده “تواصل النظر في تصنيف المزيد من الكيانات والأفراد في صنعاء في قوائم الإرهاب”.
وكرّر ليندركينغ اتّهامَه لصنعاء بـ”عرقلة السلام”، كما كرّر ترديد أكاذيب “استهداف المدنيين” في مأربَ من قبل قوات الجيش واللجان الشعبيّة، ومزاعم “تلاعب صنعاء بتخزين وأسعار الوقود”، وهي الأكاذيبُ والمزاعم التي تستخدمها الولايات المتحدة كمبرّرات لاستمرار العدوان والحصار.
وتمثّل صفقةُ السلاح وتصريحات ليندركينغ الأخيرةُ دلائلَ واضحةً على تمسك واشنطن بخيار التصعيد العدواني، واستخفافها بالرأي العام الذي تريد إقناعه بأنها “وسيط سلام” في اليمن، وهذا ما يؤكّـدُه أَيْـضاً تصريحٌ عجيبٌ للمتحدث باسم الخارجية الأمريكية، جاء فيه أن “صفقة السلاح تتماشى تماماً مع تعهد الإدارة بالشروع في دبلوماسية لإنهاء الصراع في اليمن!” بحسب ما نقلت وكالة رويترز.
ولم تفاجئ هذه الخطواتُ صنعاءَ التي أكّـدت أن ما يفعله الأمريكيون يأتي في إطار قيادتهم المباشرة للعدوان، والتي تزداد وضوحاً؛ بفعل هذا التصعيد الذي يضع المجتمع الدولي مجدّدًا أمام الأسباب الحقيقية لاستمرار الحرب والمعاناة في اليمن، وينسف كُـلّ التضليلات التي تحاول الرياض وواشنطن فرضها كرواية بديلة عن الحقيقة.
وقال نائب وزير الخارجية بحكومة الإنقاذ، حسين العزي: إن “تصريحات المبعوث الأمريكي عكست إصرارَ البيت الأبيض على مواصلة تضليل الرأي العام الأمريكي والعالمي، وهي لا شك محاولة فاشلة لإخفاء حقيقة موقف واشنطن المعيق للسلام”
وأضاف: “لا أستبعدُ أن تكونَ هذه التصريحاتُ نتاجاً لصفقات أجرتها واشنطن مع دول العدوان لقاء تراجع بايدن عن وعوده الانتخابية بشأن اليمن” في إشارة إلى صفقة السلاح.
وكانت وكالة “رويترز” قد سرّبت قبل أَيَّـام أنباءً تحدثت عن مطالبة الرياض لواشنطن بالمزيد من الأسلحة، وربط الحصول على هذه الأسلحة بـ”فتح ميناء الحديدة ومطار صنعاء”، وهو ما اعتبره عضوُ الوفد الوطني، عبد الملك العجري، “ذريعة” لعقد صفقات سلاح جديدة.
وأكّـد عضو المجلس السياسي الأعلى، محمد علي الحوثي، أن صفقةَ السلاح تمثل “تناقُضًا فاضحًا بين (مزاعم) التزام بايدن بالسلام في اليمن ودعم العدوان، ودليلاً على أنه لا جدية ولا مصداقية لدى بايدن وإدارته في إيقاف الحرب”.
وَأَضَـافَ الحوثي أن الصفقةَ “تعني الاستمرارَ في تجويع الشعب والإجرام بحقه”، وهو ما يؤكّـده بوضوح تلويح المبعوث الأمريكي بفرض “عقوبات” على صنعاء.
ويأتي هذا التصعيدُ الأمريكي بعد ثبوت فشل محاولات “الضغط” على صنعاء لإيقاف تقدم قوات الجيش واللجان الشعبيّة في محافظة مأرب، حَيثُ كان النظامُ السعوديّ يعوّل كَثيراً على الضغوط الدولية لإبقاء المحافظة تحت سيطرته، لكن تلك الآمال تلاشت الآن بالكامل.
ومع ذلك فَـإنَّ صفقة السلاح، و”العقوبات” تكشفُ في الواقع عن إفلاس كبير في الخيارات، فمن الناحية العسكرية، أصبح عجز النظام السعوديّ عن حماية نفسه من الضربات الصاروخية والجوية اليمنية أمراً ثابتاً لن تغيِّرَه أيةُ صفقة عسكرية، وليست هذه المرة الأولى التي تحاول فيها المملكة شراءَ “حِماية” غربية.
وقد أصبح ثابتاً أَيْـضاً أن تأثيرَ الحصار والضغوط والعقوبات الاقتصادية لا يصلُ إلى قدرات وتحَرّكات صنعاء العسكرية، بل يتركز على حياة المواطنين، بما يضاعف معاناتهم الإنسانية، وهو أمر قد ترى فيه واشنطن والسعوديّة “انتصاراً” ما، إلا أنه في الحقيقة يرتد عكسيًّا عليهما من خلال تصاعد مستوى “الردع” الذي تعجزان عن مواجهته والتحكم به.
وبعبارة أُخرى: إن تمسك واشنطن بخيار مواصلة العدوان والحصار، لا يعني بالضرورة أن لديها “حلًّا سحريًّا” يمكن أن تعتمد عليه الرياض، ووفقاً للمؤشرات الراهنة فإن الموقف الأمريكي يتعلق في جزء كبير منه باستمرار “حلب” المملكة، والتضحية بها في مغامرات غير مضمونة.
ويؤكّـد التصعيدُ الأمريكي بوضوح على صوابية موقف صنعاء من السلام وواقعية المحدّدات الرئيسية المعلَنة لهذا الموقف والمتمثلة بـ “إنهاء العدوان والحصار وإخراج قوات الاحتلال ودفع التعويضات ومعالجة آثار الحرب”، وهي الأمور التي ستصطدم بها السعوديّة والولاياتُ المتحدة الأمريكية دائماً، عند كُـلّ محاولة لخداع صنعاء أَو المجتمع الدولي بـ”سلام” مزيف.
صحيفة المسيرة