عندما نتخلى عن مسؤوليتنا الكبرى نصبح أسوأ من اليهود والنصارى
موقع أنصار الله | من هدي القرآن |
لكن أن تسـأل: هل يجب علينا؟ هل هنـاك ما يوجب علينا أن نقول كذا؟ قـد يقول لك: لا. فتقول في الأخير: [ها شفتوا ما بلاّ فلان، هو ذا العالم الفلاني قال ما هو واجب علينا والآخر قال ما هو واجب علينا].
هناك من العلماء من لا يتابع الأحداث، هناك من العلماء من يتمسك بقواعد يعتبر نفسه معذورًا أمام الله باعتباره غير متمكن أن يعمل شيئًا، وهناك من العلماء وهم كثير من إذا ما انطلق الناس في أعمال أيدوهم ودعوا لهم. ونحن جربنا هذا.. في الماضي كان كثير من علمائنا بما فيهم سيدي إبراهيم الشهاري (رحمة الله عليه) وسيدي محمد حسين شريف وغيرهم من العلماء (رحمة الله عليهم) ممن قد ماتوا وممن لا زالوا موجودين كانوا يدعون لنا، ويؤيدونا، ويدعمونا بأموال أيام كنا نتحرك في عام 1993م وأيام أعمال لـ(حزب الحق).
وهم كانوا يرون أن حركتنا تعتبر حركة ترضي الله سبحانه وتعالى، وأن تأييدهم لأعمالنا يعتبر مما يرفع عنهم العهدة أمام الله، أي أنهم أصبحوا يدعمون عملًا هو أمر بمعروف ونهي عن منكر، هو عمل لإعلاء كلمة الله، هو عمل يرضي الله سبحانه وتعالى؛ لأن أي عالم زيدي مرتبط بالقرآن وبأهل البيت يجد في نفسه كثيرًا من الإحراجات الداخلية أنه لا يأمر بالمعروف لا ينهى عن المنكر لا يجاهد.
هو يعود إلى مسألة أن هناك عذر له أمام الله، هو أن الناس لا يستجيبون، أن الناس لا يقبلون، أن الناس لا يتحركون، فماذا يعمل، إذًا سيبقى في بيته، لكن متى ما رأى من تحرك ارتاح هو، وانطلق هو لدعم من يتحرك من أجل أن يشارك ولو بتأييده، أن يشارك في عمل يرضي الله سبحانه وتعالى. ويعتبر من الأعمال التي يرى في نفسه حرجًا أنه لا يقوم بها. عندما يقوم بعمل كهذا، أو يؤيد ناس يعملون أعمالًا كهذه يعتبر نفسه يؤدي ما يريد الله منه.
فنحن نريد أن نقول للناس: يمكن أن تسأل عالم أو تسأل علماء آخرين: [هل يجب علينا قالوا إن احنا لازم نقول كذا؟]. قد يقول لك: لا. لكن ارجع إلى القرآن الكريم أو اسأل بطريقة صحيحة: اسأل: نحن نريد أن نحارب أمريكا وإسرائيل، نحن نريد أن نواجه أعداء الله، نحن نراهم يتحركون داخل البلاد الإسلامية ووصلوا إلى بلادنا وإلى سواحل بلادنا، نريد أن يكون لنا موقف ضدهم، هل هذا عمل يرضي الله؟ مَنْ مِن العلماء الذي يمكن أن يقول لك: لا؟ اسأل على هذا النحو وستجد الإجابة الصحيحة.
أما أن تسأل: [هل يجب.. قالوا لازم نسوي كذا، قالوا، وقالوا..] وأشياء من هذه، قد يقول لك: لا يجب. وربما لو تأمل هو، وتفهم القضية أكثـر لأفتـاك بأنه يجب.
وخلاصة المسـألة هـو: أننا كمسلمين، أن نقـارن بين أنفسنا – وهذا كما قال الإمام علي (عليه السلام): ((متى اعترض الريب فيَّ حتى صِرت أُقْرَن بهذه النظائر)) – نحن الآن يجب أن نقرن أنفسنا باليهود، فإذا ما وجدنا أن اليهود هم أكثر اهتمامًا بقضاياهم، أكثر اهتمامًا بشؤونهم، أكثر اهتمامًا بديانتهم فإن هذا سيكشف بأننا أسوأ من اليهود.
ولنعرف بأننا في واقعنا في واقع مظلم أسوأ من واقع اليهود أننا نرى أن اليهود والنصارى هم من يستذلوننا، أليس كذلك؟ أليس المسلمون الآن، أليس العرب الآن تحت أقدام اليهود والنصارى حكومات وشعوب؟ ألم يقل الله عن اليهود والنصارى أنه قد ضرب عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله؟ هل رفعت الذلة والمسكنة عنهم؟ لا لم تُرفع، ما يزالون، لكنا نحن من أصبحنا أذلّ منهم، من ضُربت علينا ذلة ومسكنة أسوأ مما ضربت على بني إسرائيل. هل تفهموا هذا؟
لماذا؟ لأننا أضعنا مسؤولية كبرى؛ لأننا نبذنا كتاب الله خلف ظهورنا؛ لأننا لم نعد نهتم بشيء من أمر ديننا على الإطلاق؛ ولم نعد نحمل لا غضبًا لله، ولا إباءً وشهامةً عربية.
فعندما ترى أن الأمة العربية والأمة الإسلامية أصبحت تحت أقدام اليهود والنصارى، وأن اليهود والنصارى حكى الله عنهم بأنه ضرب عليهم الذلة والمسكنة، وأنهم قد باءوا بغضب منه، وترانا نحن المسلمين، نحن العرب تحت رحمة اليهود والنصارى، أليس كذلك؟ ماذا يعني هذا؟ يعني هذا أننا في واقعنا، في تقصير ٍأمام الله أسوأ مما اليهود والنصارى، أن تقصيرنا أمام الله أشد مما يعمله اليهود والنصارى. لماذا؟ لأن الله بعث رسولًا عربيًا منا، وكان تكريمًا عظيمًا لنا، ومِنَّة عظيمةً على العرب أن بعث منهم رسولًا جعله سيد الرسل وخاتم الرسل {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} (آل عمران: الآية164) {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ} (الجمعة: الآية2) هؤلاء الأميين الذين لم يكونوا شيئًا، لم يكونوا رقمًا – كما يقول البعض – لم يكونوا يشكلون أي رقم في الساحة العالمية، بعث الله منهم رسولًا عربيًا تكريمًا لهم، ونعمةً عليهم، وتشريفًا لهم، أنزل أفضل كتبه وأعظم كتبه بلغتهم القرآن الكريم، كتابًا جعله أفضل كتبه ومهيمنًا على كل كتبه السماوية السابقة، ألم يقل هكذا عن القرآن الكريم؟
بلغتهم نزل القرآن الكريم، أراد لهم أن يكونوا خير أمة، تتحرك هي تحت لواء هذه الرسالة، وتحمل هذه الرسالة فتصل بنورها إلى كل بقاع الدنيا فيكونوا هم سادة هذا العالم، يكونوا هم الأمة المسيطرة والمهيمنة على هذا العالم بكتابه المهيمن، برسوله المهيمن، بموقعهم الجغرافي المهيمن، حتى الموقع الجغرافي للأمة العربية هو الموقع المهم في الدنيا كلها، والخيرات، البترول تواجده في البلاد العربية أكثر من أي منطقة أخرى.
العرب ضيعوا كل هذا فكان ما يحصل في الدنيا هذه من فسادٍ العربُ مسؤولون عنه، ما يحصل في الدنيا من فساد على أيدي اليهود والنصارى الذين أراد الله لو استجبنا وعرفنا الشرف الذي منحنا إياه، والوسام العظيم الذي قلدنا به: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (آل عمران: من الآية110) لو تحركنا على هذا الأساس، لكان العرب هم الأمة المهيمنة على الأمم كلها، ولاستطاعوا أن يصلوا بنور الإسلام إلى الدنيا كلها.
لأنه أين بُعث محمد (صلوات الله عليه وعلى آله)؟ ألم يبعث في مكة في قرية داخل البلاد العربية؟ وهو رسول لمن؟ أليس رسولًا للعالمين جميعًا للبشرية كلها؟ إذًا فمن هو المكلف بأن يحمل رسالته للآخرين؟ أليس هم العرب؟ هذا القرآن أين نزل؟ نزل في مكة وفي المدينة داخل البلاد العربية. وهو يقول عنه أنه للناس جميعًا، كتاب للناس جميعًا.
إذًا فالعرب هم من كان يُراد منهم أن يتحملوا مسؤوليتهم التي هي شرف عظيم لهم كما قال الله في القرآن الكريم: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} شرف عظيم لك و لقومك {وَسَوْفَ تُسْأَلونَ} (الزخرف:44) سوف تسألون عن هذا الشرف الذي قلدناكم إياه ثم أضعتموه.. عندما أضاع العرب مسؤوليتهم تمكن اليهود. هل تفهموا هذا؟
الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) ضرب اليهود في كل المناطق التي كانوا متواجدين فيها في الجزيرة العربية بني قريضة، بني النضير، وقينقاع، وخيبر، وغيرها من المناطق، منهم من طردهم ومنهم من قتلهم، قضى على اليهود، وتحدث القرآن عن خطورة اليهود وأنهم يسعون في الأرض فسادًا، وأنهم يصدون عن دين الله، وأنهم يريدون أن يضلوا الناس، وأنهم يريدون أن يحولوا الناس إلى كفار، وأنهم، وأنهم.. الخ.
إذًا فمن الذي يتحمل مسؤولية أن يوقف اليهود عند حدودهم حتى لا يملأوا الأرض بالفساد؟ هم المسلمون هم العرب، العرب بالذات هم الذين كان يُراد منهم أن لا يفسحوا المجال أمام اليهود ليفسدوا البشرية كلها، أن يسبقوا هم بنور الإسلام إلى بقاع الدنيا قبل أن يسبق اليهود بفسادهم في الدنيا كلها، إذًا فكل فساد جاء من قِبَل اليهود في الدنيا كلها العرب شركاء معهم فيه؛ لأنهم قصروا، وهم مَن أفسحوا المجال بتفريطهم في مسؤوليتهم بالنهوض بدين الله حتى تمكن اليهود من أن يسيطروا في العالم ويفسدوا العالم، ثم يهيمنوا على المسلمين، ثم يستذلون المسلمين ثم يستذلون العرب. وهكذا وجدنا أنفسنا تحت أقدام اليهود والنصارى.
الكثير الذين لا يعرفون وضعيتنا هذه، ولا يعرفون أين موقعنا أمام الله سبحانه وتعالى، إنه موقع تحت موقع اليهود والنصارى، إن كنتم تفهمون هذه، تحت اليهود والنصارى؛ لأننا أضعنا، والزيدية بالذات تقع المسؤولية الكبرى عليهم أكثر من غيرهم، هؤلاء الذين نتحدث معهم ثم يستغربون كل ما نقول، الذين نتحدث معهم ثم يروننا نتحدث عن شيء لا أساس له؛ لأننا أصبحنا الآن نعيش في حالة من التّيه كما عاش بنو إسرائيل، بنو إسرائيل عاشوا بعد أن قال لهم نبيهم موسى: {ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} (المائدة:21) فرفضوا، قالوا في الأخير: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} (المائدة: من الآية24) {قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ} (المائدة:26).
عندما ترى نفسك أنك لا تتعقل ما يقال لك، أنك لا تهتم بما يُطرح أمامك، أنه لا تثيرك الأشياء هذه التي تشاهدها في الساحة العالمية فاعلم بأنك تائه، أنت واحد من التائهين، أنت واحد ممن ضربت عليهم الذلة والمسكنة.
الله عندما ضرب الذلة والمسكنة على بني إسرائيل، بنو إسرائيل هم اختارهم الله ألم يختارهم هو، ألم يصطفيهم هو؟ ألم يقل: {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} (البقرة: من الآية47)؟ ألم يقل موسى لهم: {وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} (المائدة: من الآية20) ألم يقل الله عنهم: {وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} (الدخان:32).
ألم يقل هكذا؟ ثم لماذا ضرب عليهم الذلة والمسكنة؟ {ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} (البقرة: من الآية61) كانوا يقتلون الأنبياء يكذبون بآيات الله فقال: {ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}.
فمَن عصى مَن اعتدى ستضرب عليه الذلة والمسكنة، فمن فرط في المسؤولية.. نحن عندما فرطنا في مسؤوليتنا كعرب، ونحن عندما فرطنا في مسؤوليتنا كزيود أصبحت جريمتنا أكبر من جريمة اليهود والنصارى. ومن العجيب أن الكثير منا يظنون أننا نتجه إلى الجنة وليس صحيحًا، ليس صحيحًا أننا نتجه إلى الجنة. العالم منا يقول: هي دنيا وهي أيام وإن شاء الله نموت وندخل الجنة. والآخرين يقولون ما هي الا دنيا وكيف نسوي وهي كذا… وندخل الجنة بعد أيام.. لا.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن
لا عذر للجميع أمام الله
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ: 21/12/1422ه
اليمن – صعدة