الحالة التي يمكن أن يغضب الله تعالى علينا أكثر من غضبه على بني إسرائيل!!!
موقع أنصار الله | من هدي القرآن |
يجب على الناس أن يلتفتوا بجدية إلى واقعهم، وأن ينظروا إلى ما حكاه الله عن بني إسرائيل، بنو إسرائيل اختارهم الله، واصطفاهم، وفضلهم، ولكنهم عندما فرطوا في المسئولية وعندما قصروا وتوانوا، وعندما انطلق منهم العصيان والاعتداء ضرب عليهم الذلة والمسكنة.
وعندما يقول الله لـك في الـقرآن الكـريم: {ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} هو ليقول لك وللآخرين بأنك وأنت إذا ما عصيت واعتديت، إذا ما قصرت في مسؤوليتك، ستُعَرض نفسك لأن تضرب عليك الذلة والمسكنة، وأن تَـتِيه كما تاه بنو إسرائيل من قبلك.
الشيء الواضح أمامنا جميعًا هو أن إسرائيل مهيمنة على العرب، أليس كذلك؟ هو أن اليهود والنصارى يستذلون المسلمين، أليس كذلك؟ أليس واضحًا؟ نرجع إلى القرآن الكريم، ألم يقل الله عن اليهود والنصارى بأنه {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ}؟ (آل عمران: من الآية112) ألم يقل هكذا عنهم في آيتين في القرآن الكريم أنه ضرب عليهم الذلة والمسكنة، إذًا فلماذا نحن أذلاء تحت من ضُربت عليهم الذلة، ونحن مساكين تحت رحمة من ضُربت عليهم المسكنة؟! ونحن أيضًا في غذائنا في كل شؤوننا تحت رحمة من قد باءوا بغضب من الله.
ما السبب في ذلك؟ هو أننا فرطنا تفريطًا خطيرًا، وقصرنا تقصيرًا كبيرًا، جعلنا جديرين بأن نكون كذلك وإلا لما كان اليهود يمتلكون هذه الهيمنة، ولما كانوا قد ملأوا الدنيا فسادًا. ألم يملأ اليهود الدنيا فسادًا؟ ألم يصل فسادهم إلى داخل كل البلاد الإسلامية، إلى كل قرية، إلى كل بيت تقريبًا؟ فسادهم الثقافي، فسادهم الأخلاقي، فسادهم السياسي، فسادهم الاقتصادي.
الربا أليس من المعروف أن بني إسرائيل هم كانوا من المشهورين بالتعامل بالربا؟ التعامل بالربا الآن أصبح طبيعيًا وأصبح تعاملًا اقتصاديًا طبيعيًا داخل البلدان العربية كلها، البنوك في البلدان العربية تتعامل بالربا بالمكشوف، والشركات تتعامل بالربا بالمكشوف. ألم يُفسِد بنو إسرائيل حتى العربَ أنفسَهم؟ وحتى جعلوا الربا الذي قال الله في القرآن الكريم وهو يحذر من الربا: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (البقرة الآية 278 – 279) يتهدد بحرب من جهته وبحرب من جهة رسوله لمن يتعاملون بالربا، ثم يصبح الربا شيئًا طبيعيًا.
السفور في النساء، تجد النساء في القاهرة وفي معظم العواصم العربية، وبدأ في صنعاء بشكل كل سنة أسوأ من السنة الماضية، أصبح شيئًا طبيعيًا، لا تفرق بين المرأة المسلمة وبين المرأة اليهودية، لا تفرق بينهن شكلهن واحد، ثقافتهن واحدة، زيهن واحد، أليس هذا من إفساد اليهود؟
ثم إذا وجدنا أنفسنا على هذا النحو فإن معنى ذلك بأن مَن هم في الدنيا أذلاء تحت من باءوا بغضب من الله أي أنه قد غضب على هؤلاء أكثر مما غضب على أولئك.
فإذا كان هؤلاء ينتظرون الجنة وهم من غضب عليهم في الدنيا، والغضب من الله لا يأتي هكذا حالة لا أحد يعلمها، آثارها تظهر، الغضب من الله، السخط من الله على عباده على أحد من عباده تظهر آثاره في حياته تظهر آثاره؛ لأن الله قال: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (طـه:124).
أليس وضع الأمة العربية وضعًا سيئًا جدًا في حياتهم المعيشية، في كل شؤونهم؟ أصبح العربي لا يفتخر بأنه عربي، من هو ذلك الذي يفتخر بأنه عربي؟ هل أحد أصبح إلى درجة أن يفتخر بأنه عربي؟ أصبح العربي الذي تجنس بجنسية أمريكية أو بريطانية يفتخر بأنه استطاع أن يتجنس أن يأخذ الجنسية الأمريكية أنه عربي أمريكي، لكن العربي الأصيل العربي الذي لا يزال عربيًا أصبح لا يرى بأن هناك بين يديه ولا في واقع حياته ما يجعله يفتخر بأنه عربي.
لأنهم ابتعدوا عن الشرف الذي قال الله: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} يقول المفسرون بأن معناها: وإنه لشرف لك وشرف لقومك أن يكونوا هم من يتحملون هذه الرسالة العظيمة.. أي أن الله أعطى العرب أعظم مما أعطى بني إسرائيل، أن الله منح العرب من النعمة ومنحهم من المقام أعظم مما منح بني إسرائيل في تاريخهم، ولكن العرب أضاعوه سريعًا. ومن بعد ما مات الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) بدأت إضاعتهم لهذه الرسالة التي هي شرف عظيم لهم.
ثم نحن هكذا جيلًا بعد جيل بعد جيل إلى الآن، وفي هذا الزمن تجلى بشكل كبير تجلى بشكل واضح آثار تقصيرنا مع الله سبحانه وتعالى، آثار إهمالنا لديننا، آثار عدم استشعارنا للمسئولية أمام الله، ظهرت آثاره على هذا الشكل المؤسف الذي أصبحنا إلى درجة لا نكاد أن نعي ما يقال لنا.
ارجع إلى القرآن الكريم ثم ارجع إلى الأخبار فانظر أين موقعك؟ من الذي احتل موقعك في العالم؟ هم الألمان والفرنسيون والأمريكيون والبريطانيون والكنديون والأسبانيون وغيرهم، هم من ملأوا البحر من حولك، وملأوا الخليج من حولك، هم من أخذوا مواقع داخل بلادك، هم من أخذوا قواعد عسكرية في أرض الحجاز وفي غيرها! هذه هي مواقعك أنت أيها العربي، أين مواقعك هناك؟ كان أنت الذي يجب أن تملأ البحار قواعدك، وأن تملأ البر في أوروبا وأمريكا قواعدك العسكرية لو كنت متمسكًا بدينك، لو كنت تعرف الشرف العظيم الذي وهبك الله إياه.. فلما فرطنا أصبحنا إلى هذا الحال.
أريد أن أقول هذا وأنا على ثقة أن هذا هو الواقع الذي نحن عليه؛ ليفهم أولئك الذين يرون أنه ليس هناك أي شيء، أنه ليس هناك وضعية خطيرة. نحن في وضعية خطيرة مع الله، نحن في وضعية خطيرة جدًا مع الله، ونحن في وضعية خطيرة جدًا أمام أعدائنا، ونحن في وضعية خطيرة في تفكيرنا وثقافتنا، نحن تحت الصفر، ولا أدلّ على ذلك من أننا نرى أنفسنا جميعًا – بما فينا زعماؤنا – لا أحد منهم يجرؤ على أن يقول كلمة قوية في مواجهة اليهود! أليس يعني هذا أننا تحت الصفر.
الزعماء هؤلاء الكبار الذين يبدون كبارًا أمامنا، ويبدون جبارين علينا، ويبدون عظماء أمامنا، ألست أنت تراهم صغارًا جدًا أمام إسرائيل؟ تراهم صغارًا جدًا في مؤتمرات القمة عندما يجتمعون؟ ترى كيف أن الآخرين يستصغرونهم ويحتقرونهم، رئيس أمريكا أي مسؤول في بريطانيا أو فرنسا، رئيس وزراء إسرائيل عندما يجتمع زعماء المسلمين جميعًا – إذا كان أحد منكم يتابع اجتماع زعماء المسلمين في (الدوحة)، اجتماع (القمة الإسلامية) في الدوحة – واليهود يضربون الفلسطينيين، لم يتوقفوا ولم يخافوا، اليهود يضربونهم كما يضربونهم أمس وقبل أمس وبكل برودة أعصاب، ولا يفكرون في هؤلاء الذين يجتمعون في الدوحة الخمسين زعيمًا.
الآن في هذه الأيام قد تحصل قمة في بيروت لزعماء العرب الضعف بارز عليها من الآن، ويتحدثون عنها من الآن كيف قد تكون، والإسرائيليون ما يزالون شغالين يضربون الفلسطينيين، وأمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وكل هذه الدول ما زالت تتحرك بقطعها العسكرية، وكل مرة يوصلون جنودًا في أفغانستان أوهناك أو هنا وفي جمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقًا باعتبارها بلدانًا إسلامية، أي أنهم يحتقروننا جميعًا، يستذلوننا حتى زعماؤنا، هؤلاء الذين يبدون عظماء، ويبدون جبارين، ويبدون كبارًا وصورهم تملأ الشوارع هم لا يساوون عند أولئك شيئًا.
فنحن نريد أن نفهم من هذا أننا إذا لم نتدارك أنفسنا مع الله أولًا، أنه غير صحيح أننا نسير في طريق الجنة، وإن كنت تتركّع في اليوم والليلة ألف ركعة، هذه الصلاة إذا لم تكن صلاة تدفعك إلى أن ترتبط بالله أكثر وأكثر وأن تنطلق للاستجابة له في كل المواقع التي أمرك بأن تتحرك فيها فإنها لا تنفع.
الدين دين متكامل، دين مترابط، الله ذكر عن بني إسرائيل هكذا أنهم كانوا على ما نحن عليه: يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض، والتوراة بين أظهرهم، والتوراة يقرؤونها ويطبعونها ويكتبونها، هل اليهودي كفر بشيء من التوراة بأنه ليس من التوراة؟ التوراة كلها هم مؤمنون بأنها كتاب الله، التوراة شأنها عندهم كالقرآن عندنا. عندما يقول الله عنهم بأنهم يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض لا يعني بأنهم هذا الإصحاح أو هذه المقطوعة من التوراة يكفرون بها أي يلغونها وليست من كتاب الله يصفرون عليها ليس هكذا إنما لأنهم يتركون العمل به ويرفضون العمل والالتزام بأشياء في التوراة، الأمر الذي نحن عليه، نترك العمل بل نرفض.
واقع الرفض ليس فقط واقع من يجهل ثم إذا ما علم التزم وعمل، بل واقع الرفض الذي لا يريد أن يعمل.. هذا هو الكفر، هذا هو الكفر كما قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} (آل عمران: من الآية97) أي من رفض وهو مستطيع فلم يحج ورفض لم يهتم بالموضوع، ليس مستعدًا أن يحج، كفر.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن
لا عذر للجميع أمام الله
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ: 21/12/1422ه
اليمن – صعدة