العدوان والحصار الأمريكي السعودي.. جرحٌ إضافي لمرضى القلب باليمن

|| صحافة ||

يقفُ المواطنُ مهدي مثنى الدروبي، مع عشرات المرضى في طابور طويل أمام مركز القلب بالعاصمة صنعاء، منتظراً حصته من الأدوية التي يقدمها لهم المركز، والتي تمت بعد معاناة ومتابعة طويلة.

وَيعتبر الدروبي واحداً من بين الآلاف من المرضى الذين تقطعت بهم السبل، ووجدوا مصاعبَ للسفر إلى الخارج لتلقي العلاج، والذين يواجهون كذلك عدةَ مشاكلَ جراء انعدام بعض الأدوية؛ بسَببِ الحصار الذي يفرضه العدوان الأمريكي السعوديّ على بلادنا للعام السابع على التوالي.

ويقول الدروبي بأسىً لـصحيفة “المسيرة” بأن والدتَه الطاعنة في السن تعاني من مرض القلب منذ عشر سنوات، لكن حالتها اشتدت بعد العدوان والحصار، ولم تستطِع الأسرة السفر بها إلى الخارج لتلقي العالج؛ لأَنَّ مطار صنعاء الدولي مغلق من قبل العدوان الأمريكي السعوديّ المجرم، مواصلاً حديثَه بغُصَّةٍ: لم نجد حيلة ولم نجد من خيار آخر سوى البحث عن طوق نجاة يطيل بعمرها أياماً أَو شهوراً، مع استمرارِنا في ملاحقة الأدوية التي تقدم لنا من قبل المركز في المستشفى العسكري، والتي لم نعد قادرين على شرائها إن وجدت في الصيدليات، أَو انعدم غالبيتها منذ أكثرَ من عام.

ويضيف الدروبي قائلاً: كنا نتابع باهتمام الأخبار التي تتحدث عن قرب فتح مطار صنعاء الدولي عبر القنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي وعن جهود ومساعي المبعوث الأممي والأمم المتحدة في رفع الحصار المفروض علينا، وكنا نطير فرحاً، ونستبشر خيراً بهذه الأخبار، لكن للأسف الشديد لم نلمسْ أيةَ جدية من قبل الأمم المتحدة والمبعوثين السابقين في هذا الجانب، وباتت كُـلّ الأخبار مُجَـرّد أكاذيب لا تتقبلها عقولنا، والآن لم نعد نهتم بأية أخبار، واليأس بلغ ذروته.

ويتساءلُ الدروبي وفي حَلْقِه غُصَّةً: “ماذا تتوقعُ من عالم لا يلتفت إلى شعب يقتل منذ سبعة أعوام.. هل تريد منهم أن يكون لديهم قلوبٌ يستشعرون بها معاناة شعبنا اليمني المسفوك دمه ودم أطفاله في الليل والنهار، وهل تريد من الأمم المتحدة التي تديرها وتسيطر على قراراتها قوى الاستكبار العالمي، أن تساهم في إدخَال الأدوية والمستلزمات الطبية الخَاصَّة بمرضى القلب، أَو غيره من الأمراض! هؤلاء يتاجرون بمعاناة الشعوب ويستثمرونها ويعملون على إطالتها واستدامتها ليستمر دخلهم وابتزازَهم وتنمو أرصدة موظفيهم، وهؤلاء تبخرت قلوبهم من الإنسانية، فظهرت قسوتهم وغلظتهم وإجرامهم ووحشيتهم بحق شعبنا اليمني وغيره من الشعوب”.

ويحمل الدروبي وغيره من المواطنين اليمنيين المعانين من مرضى القلب والأوعية الدموية العدوان الأمريكي السعوديّ والأمم المتحدة ومبعوثها الجديد مسؤولية حياة مرضاهم، مؤكّـداً أن الأمم المتحدة شريكٌ أَسَاسيٌّ في قتل الشعب اليمني ومنع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية بالأمراض المزمنة.

 

معاناةٌ مضاعفة

ويقول الأطباء: برغم أن أمراض القلب والأوعية الدموية تعد من الأسباب الرئيسية للوفاة وَالعجز، إلا أن الرعاية الصحية والطب الحديث قادر على تدارك وعلاج ومنع تطور حالتها على مستوى العالم، ما عدا في اليمن الذي يواجه عدواناً وحصاراً للعام السابع على التوالي، والذي كان من نتائجه منع دخول بعض الأدوية والمستلزمات الطبية وكل ما يحتاج له مرضى القلب في اليمن.

ويقول الطبيب محمد علي، الذي يعمل كصيدلي في مركز القلب: إن هناك الكثيرَ من الأدوية لم تعد موجودة في السوق، وأن العدوان الأمريكي السعوديّ عمل على منع دخولها، مؤكّـداً أنه لم يعد لديهم سوى بعض من المنتجات اليمنية وقليل من الأدوية الخارجية التي تضاعفت أسعارها بشكل جنوني، ولم يعد بمقدور بعض أهالي المرضى شراؤها.

من جانبه، يشير وزير الصحة، الدكتور طه المتوكل، إلى أن “اليمن يعاني من شحة المعدات والدعامات القلبية نتيجة استمرار دول العدوان في منع دخول هذه الأجهزة القلبية إلى البلد”.

وتشير التقارير الطبية إلى وفاة 300 طفل يمني سنوياً بأمراض القلب الخَلقية و5000 طفل؛ بسَببِ أمراض القلب المكتسبة، مرجعة سببَ ذلك إلى غياب مراكز القلب الكافية وقلة الكوادر المتخصصة.

وعلى الرغم من وجود مركز القلب بمستشفى الثورة بصنعاء وغيره من المشافي الخَاصَّة إلا أنها غير كافية، ويضاعف إغلاق مطار صنعاء الدولي ومنع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية ذات العلاقة بمرضى القلب معاناة مرضى القلب، وتجعلهم يرقبون الموت من كُـلّ مكان وفي كُـلّ زمان فمن لم تقتله غارات الطائرات الأمريكية والسعوديّة على اليمن منذ سبع سنوات بقنابلها المحرمة وصواريخها المدمّـرة قتلته الأمراض المزمنة التي منع العدوان دخول أدويتها إلى اليمن، وأغلق المطار في وجه الحالات المتطلبة لإجراء عمليات في الخارج.

ويؤكّـد مدير مستشفى الثورة النموذجي بصنعاء، الدكتور عبد الملك جحاف، أن الحصارَ الأمريكي السعوديّ على بلادنا أثّر على مختلف الخدمات الطبية ومنها مرضى القلب، الذين يعانون من نقص الأدوية التي منع العدوان استيرادها، لافتاً إلى أن هناك بعض المستلزمات في القسطرة وبعض التجهيزات يجدون صعوبة كبيرة في إيجادها نتيجة لتحالف العدوان الذي يمنع استيرادها”.

وَيستقبل مستشفى الثورة عشرات الحالات يوميًّا التي تعاني من مرض القلب، ولم يعد باستطاعته استقبال كُـلّ الحالات خَاصَّة بعد العدوان والحصار، فقد تضاعف عدد المرضى بالقلب عشرات الأضعاف عما كانوا عليه قبل ذلك، لأسباب عديدة جُلُّها مرتبطة بالعدوان والحصار وجرائمه بحق شعبنا اليمني، وانقطاع الراتب وغلاء المعيشة، حتى وصل الحال بأن هناك شريحة واسعة من الأطفال يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية والكلام للدكتور جحاف.

ويتابع جحاف في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” بقوله: “ناشدنا الأمم المتحدة ومنظماتها ذات العلاقة مرات عديدة، ولم نجد آذاناً صاغية، بل عند كُـلّ مناشدة نجد أن العدوان الأمريكي السعوديّ يمنع المزيد من أصناف الأدوية والمستلزمات الطبية والأجهزة التشخيصية والدعامات والقسطرة وغيرها، بشكل ممنهج ومدروس يؤدي لقتل فئة الأمراض المزمنة وإشغال الشعب اليمني بمشاكل جانبية عن انشغاله بمواجهة العدوان والحصار”.

من جهته، يقول استشاري جراحة القلب والأوعية الدموية، الدكتور نبيل المضواحي: “إن العدوان والحصار الأمريكي السعوديّ على اليمن سبب معاناة لليمنيين وعلى رأس ذلك انعدام الأدوية، كما أن هذا العدوان يتواصل في ظل صمت دولي وأممي فاضح”.

ويؤكّـد استشاري أمراض وزراعة الكلى، الدكتور نجيب أبو إصبع، أنه وفي ظل العدوان والحصار على شعبنا اليمني يعاني القطاع الصحي بشكل عام من نقص الأدوية، مؤكّـداً أن “مرضى القلب يعانون كَثيراً جراء استمرار العدوان والحصار”.

 

صحيفة المسيرة

قد يعجبك ايضا